هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث محللون لـ"عربي21"، عن الوعود الأمريكية لأكراد سوريا بقرب منحهم حكما ذاتيا، شمالي شرق البلاد.
وقال محللون إنه يمكن إدراج هذه الوعود التي قطعها مسؤول أمريكي، في إطار التصور الأمريكي الشامل للحل في سوريا، وهي الأنباء التي كشفتها وسائل إعلام تركية.
وكانت صحيفة "خبر ترك" التركية، قد أكدت نقلا عن مصادر أن الممثل الخاص الأمريكي إلى سوريا، جيمس جيفري، وعد الأكراد بالدعم المالي والحكم الذاتي، خلال زيارته الأخيرة لشمال شرق سوريا.
ولا تبدو المهمة الأمريكية سهلة، نظرا إلى رفض كل الأطراف السورية المحلية (المعارضة والنظام)، والخارجية (تركيا، روسيا)، منح الأكراد حكما ذاتيا، إلى جانب التوزيع الديموغرافي المتداخل في المناطق التي تعتزم الولايات المتحدة تأسيس حكم ذاتي "كردي" فيها، بحسب محللين.
وما يبدو واضحا لمراقبين، أن الولايات المتحدة تسعى إلى استقطاب العشائر العربية، بوعود تتضمن المشاركة في الحكم وتقاسم الثروات، وذلك في سبيل الحصول على قبول شعبي لمشروع "الحكم الذاتي".
وبموازاة ذلك، تحاول الولايات المتحدة التخفيف من مخاوف أنقرة، الناجمة عن الارتباط بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وبين حزب "العمال الكردستاني"، حيث تسعى واشنطن إلى زيادة الضغط على "قسد" لفك الارتباط مع "العمال الكردستاني"، المصنف على لوائح الإرهاب التركية والدولية، وكذلك تعمل على إشراك الأطراف الكردية التي تعتبر مقبولة لدى أنقرة (المجلس الوطني الكردي) في الحكم.
من جانبه، قال الباحث بالشأن السياسي السوري، طالب دغيم، خلال حديثه لـ"عربي21"، إن منطقة شرق الفرات هي محط أنظار كل الدول الفاعلة بالشأن السوري، على اعتبارها منطقة غنية بالثروات (النفط، الزراعة).
وأضاف أن "التنافس الأمريكي- الروسي على أشده في تلك المنطقة، والثقل الواضح للولايات المتحدة صاحبة توجه الحكم الذاتي، ما يقوي من حظوظ إقامة مثل هذه المنطقة".
وحسب دغيم، فإن الأرجح أن تدعم الولايات المتحدة فكرة حكم لا مركزي في تلك المنطقة، بعد تليين المواقف الروسية والتركية الرافضة للحكم الذاتي.
اقرأ أيضا: مرجعية سياسية واحدة لأكراد سوريا.. هذه مهامها
حسابات معقدة
وفي قراءة مختلفة، يرى مدير مركز "فكر للدراسات"، غياث دك، أن كل الأطراف المحلية والدولية تنظر إلى منح حكم ذاتي للأكراد في سوريا، على أنه خطوة أولى نحو التقسيم، وتهديد حقيقي لوحدة سوريا.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن منح الأكراد حكما ذاتيا، يعني زيادة التوتر في سوريا والمنطقة، وهو ما يتعارض مع مصلحة كل الأطراف المنخرطة بالشأن السوري، وفي مقدمتها "تركيا"، إذ تعتبر أنقرة ذلك تهديدا لأمنها القومي، وكل ذلك يعني أن هناك حسابات معقدة أمام المهمة الأمريكية.
وأضاف دك، أن المواقف التركية والروسية متطابقة في رفض أي تحرك يهدد وحدة الأراضي السورية، ما يعني من وجهة نظره أن تحقيق ذلك، يتطلب موافقة تركيا، وكذلك روسيا.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد قال خلال المقابلة التي أجرتها معه قناة "العربية"، والتي نشرها موقع الخارجية الروسية، الاثنين: "في منطقة شرق الفرات، تنشط القوات الأمريكية في المنطقة بصور غير قانونية مع القوات الانفصالية، ويلعبون مع الأكراد بطريقة غير مسؤولة"، وهو تأكيد روسي واضح لرفض مشروع الحكم الذاتي.
رفض عربي محلي
من جانب آخر، أشار دك إلى التنوع السكاني في منطقة شرق الفرات، مؤكدا في هذا الصدد أن "الأكراد لا يتمتعون بثقل سكاني إلا في مناطق محددة من الحسكة، حيث يشكل العرب أكثرية سكانية مطلقة في محافظتي الرقة ودير الزور، فيما تسجل المناطق التي تقطنها غالبية كردية تواجداً للمكونات العربية والآشورية والسريانية".
وقال إن "الاستقرار الذي تريده الولايات المتحدة لهذه المنطقة، لا يأتي من قوة السلاح، كما هو الحال الآن، فالمليشيات اليوم أخضعت السكان بقوة السلاح الأمريكي، ما يجعل سلطتها هشة، وهذا ما شاهدناه مؤخراً في ريف دير الزور الشرقي، فهناك استطاع أبناء العشائر في غضون ساعات طرد قوات "قسد" من مناطق عدة".
وأضاف دك أن "قوة السلاح لن تضمن لـ"قسد" السيطرة إلى ما لا نهاية، سيما وأن سياساتها العدائية تجاه أبناء المناطق من المكونات الأخرى، تجعل الأوضاع على صفيح ساخن".
وعلى المنوال ذاته، أكدت دراسة صادرة عن مركز "حرمون للدراسات" في منتصف آب/أغسطس الماضي، بعنوان "مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات"، أن الوضع الديموغرافي في شمال شرق سوريا، لا يساعد الأكراد على تأسيس منطقة حكم ذاتي.
وأوضحت الدراسة التي رصدتها "عربي21" أنه "لا توجد منطقة كردية خالصة في شمال شرق سوريا، وكذلك تتناثر التجمعات الكردية ما بين التجمعات للعرب والمكونات الأخرى، وكذلك تنقطع التجمعات الكردية عن بعضها البعض لمسافات طويلة".
وحسب مصادر عدة، فإن النظام السوري وعد "وحدات الحماية" الكردية بمنحهم حكما ذاتيا، وذلك مقابل قمع الحراك المناهض له في شمال شرق سوريا، وأمدهم بالسلاح لهذا الغرض، وذلك مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
لكن هل يعني ذلك، أن النظام لن يعارض منح الأكراد حكما ذاتيا؟ تجيب الدراسة: "النظام يراوغ، وتحقيق مطالب الأكراد بحكم ذاتي، يتطلب وجودا عسكريا أمريكيا دائما، وهو ما يتعارض مع التوجه للإدارة الأمريكية الحالية، الذي يفضل الانسحاب من سوريا".
اقرأ أيضا: WP: هل سيصحح بايدن أخطاء أوباما في سوريا؟