هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواجه السودان عقبات جديدة في مسألة رفع اسمه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، بعد رفض نواب بمجلسي الشيوخ والنواب، الحصانة التي طلبتها الخرطوم، لإتمام التسوية بهذا الصدد، وذلك بعد أيام قليلة من تلميحات بربط واشنطن هذه المسألة بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
لكن مجلة أمريكية كشفت الجمعة، أن
وزير الخارجية مايك بومبيو يسعى لإزالة السودان من قائمة "الإرهاب"، قبل
الانتخابات الأمريكية المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد تعهد الخرطوم بدفع
تعويضات لضحايا العمليات "الإرهابية".
واستدركت مجلة "فورين
بوليسي" في تقرير ترجمته "عربي21"، بقولها إن "المشكلة تتمثل
في الخلاف بين أسر ضحايا هذه العمليات، فبعضهم يدعم هذه الصفقة، بينما تعارض
عائلات أخرى بشدة مثل هذه الخطوة"، معللين ذلك بأن الصفقة تمنح العائلات
الأمريكية التي لقي أبناؤها حفتهم بالهجمات، أموالا أكثر بكثير من العائلات غير
الأمريكية.
فرصة لا تتكرر
ولفتت المجلة إلى أن "بومبيو
يحث المشرعين على دعم رفع السودان من قائمة الإرهاب"، موضحة أنه "كتب في
رسائل منفصلة إلى كل من السناتور ميتشل ماكونيل، زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ،
وكريس كونز، العضو الديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: لدى الولايات
المتحدة فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، لضمان تقديم تعويض أخيرا لضحايا
الهجمات في السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا".
وحول فرص مغادرة الخرطوم من قائمة
"الإرهاب"، يقول المحلل السياسي السوداني خالد الإعيسر إن "دور
اللوبيات اليهودية على دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، ساهم في التراجع
الأمريكي عن الوعود السابقة، التي منحتها لرئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك
بهذا الشأن".
ويؤكد الإعيسر في حديثه
لـ"عربي21" أن "الحكومة الانتقالية قربت وجهات النظر مع إدارة
البيت الأبيض، واستجابت لكافة الشروط الأمريكية من أجل إزالة السودان من قائمة
الدول الراعية للإرهاب"، مضيفا أن "الكثير من الشروط تحققت بعد سقوط
حكومة عمر البشير، بما في ذلك تحقيق السلام مع الحركات المسلحة".
اقرأ أيضا: ترامب يعتمد رسميا أول سفير سوداني منذ 23 عاما
ويشدد الإعيسر على أن "الولايات
المتحدة تصطنع بنودا جديدة لإبقاء السودان في هذه القائمة، بهدف دفع صناع القرار
السوداني إلى خطوات خطيرة في سياق العلاقات الدولية"، معتقدا أن "واشنطن
أردات استخدام ورقة التطبيع بين تل أبيب والخرطوم، لتحقيق أهداف انتخابية
داخلية".
وفي سياق متصل، يشير المحلل السياسي
السوداني عثمان الميرغني إلى أن "هناك حسابات أخرى، قد تدفع الولايات المتحدة
لإخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحديدا في اللحظات الأخيرة التي
تسبق الانتخابات الأمريكية".
ويوضح الميرغني في حديثه
لـ"عربي21": "ربما تحدث مفاجأة في الفترة المقبلة، خصوصا أن
الأوضاع بالسودان تمر بأزمة كبيرة جدا، وربما تهدد عملية الانتقال والوصول إلى
انتخابات، لإقامة حكومة ديمقراطية بالسودان، وهذا ما تخشاه الولايات
المتحدة".
الطريق السياسي
ويتابع قائلا: "باعتبار أن ذلك قد
يعيد السودان للأوضاع السابقة، وقد يضع البلاد في حكم نظام البشير مرة أخرى"،
مؤكدا أن قضية رفع السودان من قائمة "الإرهاب" تمثل أولوية قصوى بالنسبة
للحكومة السودانية.
وينوه الميرغني إلى أن "هناك
حوارا مع الإدارة الأمريكية بهذا الصدد، انتهى إلى ضرورة دفع تسويات إلى أهالي
ضحايا تفجيرات سفارتي كينيا وتنزانيا، ويبدو أن هذه التسوية سارت بمسارها، قبل أن
تعترضها عراقيل كبيرة، ومنها طلب السودان أن يكون هناك حصانة بعدم رفع المزيد من
القضايا".
ويبيّن أن "هذه الحصانة تعطلت
مؤخرا في الكونغرس، لأن هناك اعتراضات من بعض النواب الديمقراطيين وخلافات كبيرة،
ما قد يعطل هذه الصفقة، لأن إضافة أي ضحايا آخرين وخاصة من تفجيرات سبتمبر، سيكون
كارثة بالنسبة للسودان، ولن يستطيع التعامل معها، وسيصبح بعد ذلك قد خسر تماما
إمكانية الخروج من هذه القائمة"، وفق تقديره.
وبحسب الميرغني، فإن السودان يحاول حاليا أن يسلك الطريق السياسي، لإيجاد نوع من المعالجة من جانب الإدارة الأمريكية لهذه القضية، مستدركا: "لكن يبدو أن نتائج زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للخرطوم، والتي طالب فيها السودان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وما رشح من رفض الحكومة الانتقالية، قد يضعف حماس الإدارة الأمريكية لمواصلة هذا المسار".
ويؤكد أنه بشكل رسمي لا يعد التطبيع
مع إسرائيل من ضمن الشروط المطلوبة والمعلنة بشكل واضح، لإزالة السودان من قائمة
الدول الراعية للإرهاب، لكن المعلومات السودانية أكدت هذا الأمر، وبالتالي فإدارة
ترامب لن تسعى لإخراج اسم السودان من هذه القائمة، إذا لم يلحق بالإمارات والبحرين
بمسار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت مصادر دبلوماسية سودانية كشفت
أن حكومة حمدوك، حصلت على قرض مالي من بنك التنمية الأفريقي، لدفع أموال تسوية أسر
ضحايا سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام، والبارجة الأمريكية باليمن، وباتت
أكثر تفاعلا بشطبها من قائمة "الإرهاب".