هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية من أن الصدع داخل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس يهدد السلام الهش، كما وصفته.
وسلطت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، الضوء على تعليق رئيس وزراء حكومة الوفاق، فائز السراج، عم وزير الداخلية، فتحي باشاغا، في آب/ أغسطس الماضي.
وقالت الصحيفة إن باشاغا عاد بعد يومين من قرار السراج إلى طرابلس، قادما من تركيا، حيث كان يجري مباحثات رسمية، واستقلبته ما وصفها التقرير بـ"المليشيات" استقبال الأبطال، وسارت في مواكب بالشوارع.
وبضغط من الأمم المتحدة وتركيا والقوى الأخرى الداعمة للحكومة، دفن السراج وباشاغا خلافاتهما، وأعيد الأخير إلى عمله، لكن الخلاف العام والمظاهر المسلحة بين الطرفين في الشوارع كشفت عن هشاشة التحالف الذي تقوم عليه حكومة الوفاق.
ويهدد ذلك بالتالي جهود بناء السلام في أكبر مصدر للنفط في شمال أفريقيا.
وتنقسم ليبيا بشكل عام، وفق الصحيفة، إلى إدارتين متنافستين: حكومة الوفاق التي تدير الغرب الليبي، والشرق الذي يديره البرلمان فيها، ويتحالف مع الجنرال خليفة حفتر الذي يريد السيطرة على كل البلاد.
وتعتمد الإدارتان على مليشيات استفادت من الفوضى التي تعيشها البلاد منذ عقد، وملأت الفراغ، وفق "فايننشال تايمز".
ومع أنها ساعدت في طرابلس على حماية العاصمة بعد محاولة حفتر السيطرة عليها في نيسان/ أبريل 2019، لكن المليشيات فيها ظلت وطوال سنوات تتقاتل فيما بينها.
وتنافست تلك المليشيات، وفق التقرير البريطاني، على استغلال المال، ونهب مقدرات الدولة، لكنها استطاعت في حزيران/ يونيو، بدعم من الطائرات المسيرة التركية، هزيمة حفتر وحصاره، الذي استمر 14 شهرا.
ووحدت الحملة التي قام بها حفتر كل الفصائل المسلحة في غرب ليبيا، خاصة المليشيات القوية من مصراتة، التي ينتمي إليها باشاغا، وتمثل قاعدة قوة عسكرية وسياسية بنفسها.
اقرأ أيضا: تعيينات وقرارات بالجملة.. هل ينجح السراج باحتواء الحراك ومصراتة؟
وعندما تراجع الخطر عادت الخلافات، بحسب الصحيفة، التي نقلت عن دبلوماسي غربي قوله: "هذا هو الوقت الخطأ لكي تبدأ حكومة الوفاق الاقتتال الداخلي.. لكنه متوقع أن يحدث. وكان يتوقع أن تبدأ المليشيات إطلاق النار على بعضها؛ لأنهم فقدوا العدو الخارجي".
وأعلنت حكومة الوفاق الوطني عن وقف إطلاق النار في 21 آب/ أغسطس، وهو ما رحبت به الأمم المتحدة والحكومات الغربية، ودعا في اليوم ذاته عقيلة صالح المتحالف مع حفتر إلى وقف إطلاق النار، وهو ما زاد من آمال تسوية سياسية.
لكن الاقتتال داخل حكومة الوفاق أو انشقاق باشاغا عنها قد يفقد الحكومة حلفاءها الأقوياء في مصراتة.
وقال دبلوماسي، لم تسمه الصحيفة: "الخطر هو خسارة السراج المصداقية في الداخل والخارج".
وسيزيد انهيار حكومة الوفاق أو جولة جديدة من الاقتتال من تعقيد الحرب، التي تحولت إلى حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية والدولية، وفق الصحيفة.
وفي الوقت الذي أدت إعادة باشاغا لردم الشرخ، إلا أن "ولفرام لاتشر"، الزميل في المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، قال إن الخلافات قد تتفجر من جديد.
وأضاف: "هذه معركة حول التعيينات الوزارية والسيطرة على الغنائم في المشهد الأمني بطرابلس. وكانت موجودة قبل هجوم حفتر عليها، عندما كان باشاغا في خلاف مع المليشيات".
وقال: "ابتعد الاثنان الآن عن الهاوية، ومنعا مواجهة، لكنهما يحضّران لأخرى".
وقال دبلوماسي غربي، لم تسمه الصحيفة: "حفتر رجل خطير، ولا يحب هذا الجو الحالي، حالة لا حرب أو لا سلم.. هو يبحث عن أمر ليحدث؛ لأنه يعرف أنه سيحدث مع الحشد العسكري في المنطقة. وفي هذه الحالة سيعود إلى جبهة القتال من جديد".