هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اتهمت
صحيفة "واشنطن بوست" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومؤيديه بنشر كم كبير
من الفيديوهات المزيفة والمضللة خلال الأسبوع الماضي.
وقالت
الصحيفة في تقرير لها، ترجمته "عربي21" إنه في 30 آب/ أغسطس قام ترامب بإعادة
نشر فيديو يظهر رجلا أسود يدفع بعنف امرأة بيضاء داخل محطة قطار أنفاق تحت عنوان
"حياة السود مهمة / أنتيفا (حركة يسارية ضد الفاشية)"، لكن الرجل لا ينتمي إلى
أي منهما وتاريخ الفيديو يعود إلى تشرين أول/ أكتوبر العام الماضي.
وقام
مدير الإعلام الاجتماعي في البيت الأبيض دان سكافينو بمشاركة فيديو كاذب لجو بايدن
يبدو وكأنه يغفو خلال مقابلة تلفزيونية وبعنوان تلفزيوني كاذب.
وقام
النائب ستيف سكالايس من لويزيانا، الذي يأتي ترتيبه الثاني بين أعضاء الحزب الجمهوري
في مجلس النواب، بنشر فيديو يربط فيه نصوصا من الناشط اندي باركان –الذي يعاني من مرض
لوغيهريغ ويستخدم مساعدة الكمبيوتر في كلامه– ليظهر وكأنه أقنع بايدن بتخفيض ميزانيات
الشرطة.
وحسب
التقرير فإنه بالنسبة للرئيس وكبار مؤيديه، فإن حملة الانتخابات مليئة بالمعلومات المضللة؛ ونشر الكذب والتعتيم بوتيرة عالية من خلال استخدام فيديوهات تمت منتجتها وتغريدات خادعة
وبيانات كاذبة.
وبدت
كمية التغريدات والفيديوهات المفبركة والمضللة متميزة جدا عن مقاربة بايدن، نائب الرئيس
السابق، الذي تعهد عام 2019 بألا يشارك في نشر المعلومات المضللة على مواقع التواصل
الاجتماعي بما في ذلك استخدام فيديوهات "التزوير العميق" (استخدام تقنيات
الكمبيوتر والذكاء الصناعي بالذات لتزوير لقطات فيديو).
وتتهم
الصحيفة ترامب بأنه بنى حياته السياسية على التزوير حيث صدر عنه أكثر من 20 ألف تصريح
كاذب أو مضلل خلال الثلاث سنوات ونيف من رئاسته. ولكن الكثير من الخبراء يقولون إن
هجمة التضليل في الأسابيع الأخيرة تجعل التضليل من الصعب مكافحته ناهيك عن خطورته على
المؤسسات الديمقراطية في البلد.
وقالت
ويتني فيليبس، الأستاذة المساعدة المختصة بالتواصل والدراسات البلاغية في جامعة سيراكوس:
"عندما يكون هناك مثل هذه المعلومات الكاذبة وتبثها في أحد جوانب الغابة يمكنها
الانتقال عبر العديد من المجتمعات وفعل العديد من الأشياء غير المقصودة قبل أن تتمكن من محاولة التأكد من صحتها.. بإمكانها تعكير المياه لدرجة أن تذبل الديمقراطية على عروقها".
ومع
نهاية آب/ أغسطس، جاءت الخدع تباعا، تقول الصحيفة. فبالإضافة لفيديو قطار الأنفاق المضلل،
كرر ترامب ادعاءات كاذبة بأن 6% فقط من الوفيات في أمريكا خلال الجائحة هي بسبب فيروس
كورونا نفسه، كجزء من محاولته تصوير الفيروس على أنه أقل خطورة وانتشارا مما هو في
الحقيقة.
وقامت
حملة ترامب بمشاركة فيديوهات قصيرة في 31 آب/ أغسطس يقول بايدن فيها: "لن تكونوا
آمنين في أمريكا جو بايدن". ولكن فشلت لقطة الفيديو في شرح السياق لكلام بايدن
حيث استخدم ذلك لادعاء العكس، وهو أن الأمريكان يعانون من العنف والاضطرابات في أمريكا
ترامب.
وفي
وقت لاحق من ذلك اليوم، وفي مقابلة مع لورا إنغراهام على فوكس نيوز، طرح الرئيس نظريات
المؤامرة حيث ادعى –دون أي دليل– بأن هناك أشخاصا في الظلام يحركون بايدن وأن طائرات
مليئة برجال العصابات الذين يلبسون زيا موحدا يهبطون في المدن بهدف خلق العنف والفرقة.
وخلال
زيارته يوم الثلاثاء لكنوشا في ويسكونسين والتي كانت مشهدا للاضطرابات بعد أن قام شرطي
بإطلاق النار على رجل أسود، أخذ ترامب صورا كانت أسوأ مما جعلها تبدو. فقد التقى بمالك
متجر رودس للكاميرات، والذي تم تدميره خلال أحداث الشغب والحرائق هناك، حيث ادعى أن
الرجل هو صاحب المتجر. والواقع أنه صاحب البناية وليس المتجر.
أما
صاحب المتجر فرفض اللقاء مع ترامب ووصف زيارته بأنها سيرك يتسبب بالشقاق.
وفي
وقت لاحق من يوم الخميس قام ترامب بنشر تغريدات تبدو وكأنها تشجع الناس على التصويت مرتين
مما جعل شركة "تويتر" تنبه إلى أن التغريدة تنتهك "سياسة النزاهة المدنية"
لـ"تويتر". وفي نفس اليوم وردا على تقرير في مجلة "ذي أتلانتك"
عن الإهانات التي وجهها ترامب للجيش ومن خدموا في الحرب، ادعى ترامب على "تويتر"
كذبا بأنه لم يصف جون ماكين أبدا بأنه "خاسر"، بالرغم من أنه قال ذلك علنا
في 2015 بعد إعلانه الترشح للرئاسة بفترة قصيرة.
أما
قضية فيديو "باركان" فقام النائب الجمهوري المناصر لترامب سكالايس بتحديث
اللقطة بعد أن أثارت ضجة.
وفي
مقال له في واشنطن بوست حذر اندي باركان من "الدروس الخطيرة" التي تعلمها
من التجربة: "إمكانية استخدام التكنولوجيا ليس فقط للخير ولكن أيضا للتضليل والتلاعب،
واستعداد من لديهم أجندات سياسية للجوء إلى مثل ذلك التضليل والدعاية. كما أن الطريقة
التي انقسمت فيها أمريكا إلى عالمين إعلاميين، حيث يقوم عالم الإعلام المحافظ بتضخيم
الأكاذيب التي تتجذر بعد ذلك".
وقامت
بعض منصات التواصل الاجتماعي بحذف أو الإشارة إلى بعض المحتوى المضلل أو المتلاعب به.
وزعمت حملة ترامب أن الفيديو الذي ادعى أن الناخبين لن يكونوا آمنين في "أمريكا
بايدن" كان مجرد مزحة، ووبخت "كل الصحفيين الذين أثارهم (الفيديو) والذين
لم يستطيعوا أن يتحملوا مزحة حول مرشحهم".
ورفض
المتحدث باسم البيت الأبيض جاد ديري فكرة أن يكون الرئيس يشجع بث المعلومات الكاذبة،
وقال إنه "ليس على الأمريكيين أن يتساءلوا ماذا يخطر على بال الرئيس أو ما هي
مشاعره تجاه موضوع ما.. (ولكن) الإعلام يقوم بالتلاعب بكلمات الرئيس ويخرجون الكلام
عن سياقه، ولكن ذلك لن يوقفه أبدا عن فضحه لتقاريرهم المتحيزة وإثارة أسئلة مهمة أو
أن يقترح أفكارا منطقية لحل المشاكل".
ولكن
الديمقراطيين يقولون إن الرسائل التي يبثها ترامب وحلفاؤه تذهب أبعد من الخداع السياسي.
وقالت
ليلي آدمز، كبيرة المستشارين لفريق الرد على ترامب التابع للجنة القومية للحزب الديمقراطي:
"أصبحت عملية النسج أمرا يتوقعه الناس الذين يعملون في السياسة، ولكن (نحن أمام)
اختراع واقع جديد تماما.. ولأنهم لا يستطيعون الاعتماد على الواقع الذي يراه كل أمريكي
فإنهم يقومون باختراع واقع جديد".
ووصفت
جوان دونوفان، مديرة البحث في جامعة هارفارد، استراتيجية ترامب بأنها "عدم الاتساق
النهائي"، ومحاولة متعمدة "لإغراق النطاق" بالمعلومات المضللة إلى درجة
"أن تجعل من الصعب على الناس فهم أن الرهانات هي بين معلومات (يترتب عليها) الحياة
والموت، كما يحصل في موضوع فيروس كورونا".
وتؤكد
الصحيفة أن ترامب قام مرات عديدة بإعادة تغريدات كاذبة، وفيديوهات كاذبة ومثيرة للجدل
حيث ادعى مساعدوه أحيانا أنه لم يشاهد تلك الفيديوهات أو أنه لا يفهم تماما ما الذي
يشاركه. ورفض فريقه وضع أي نظام يمنع الرئيس من نشر المعلومات الكاذبة.
وقالت
فيليبس: "إن إعادة نشر التغريدات هي استراتيجية الإنكار المعقول. هو يقول الآن: "لم أشاهد الفيديو، قمت فقط بإعادة نشره على تويتر"، وإن لم تكن تلك استراتيجية
"جلسوا واتفقوا عليها" فإنه لا يزال يقوم من خلالها بإيصال أخبث عناصر استراتيجية
تواصله عام 2020".
وهناك
عدد من أمثلة الفيديوهات الخادعة تم عرضها في مؤتمر الحزب الجمهوري الشهر الماضي، عندما
قام ترامب بقبول ترشيح الحزب رسميا. حسب الصحيفة. وفي أحد الحالات عرض منظمو النشاط
فيديو يظهر سكان أحد الإسكانات الفيدرالية في نيويورك يتحدثون حول سجل ترامب في الإسكان
العام، ولكن قال ثلاثة من أربعة أشخاص تمت مقابلتهم للفيديو لاحقا بأنهم لا يؤيدون
ترامب وأنه تم تضليلهم بخصوص الفيديو.
وقام
الرئيس بمراسم منح جنسية في البيت الأبيض ثم استخدم الفيديو لذلك في مؤتمر آخر،
ولكن مرة أخرى قال عدد من المشاركين بأنه لم يكن لديهم علم بأنه سيتم إبراز فيديو المراسم
بهذا الشكل في المؤتمر.
وقال
دانيل إفرون، الأستاذ المساعد للسلوك التنظيمي في جامعة لندن للتجارة، إنه من منظور
سيكولوجي فإن تكرار ادعاءات كاذبة هي استراتيجية فعالة لأنها تجعل الكذبة مألوفة بشكل أكبر.
وتابع إفرون: "ما يقلق هو أننا لسنا فقط في زمن ما بعد الحقيقة من ناحية أنه يمكنك قول
أي شيء والناس يصدقون، ولكن هو أننا في زمن ما بعد الحقيقة بمعنى أن الناس لا يصدقون
شيئا يقوله أي شخص، والأسوأ أنهم لا يهتمون. وهو أننا أصبحنا مخدرين أخلاقيا لكل الكذب
الذي يدور حولنا".
وقال
المتحدث باسم بايدن، تي جي داكلو في بيان إن ترامب يهدف من معلوماته الكاذبة إلى التغطية
على قيادته الضعيفة.
وقال
داكلو: "الجهود المنسقة لحملة دونالد ترامب للترويج لنظريات المؤامرة والتلاعب
بالإعلام لتضليل الأمريكان والكذب حول جو بايدن هي أوضح مؤشر على أنهم يخسرون".
وبالنسبة
لشخص مثل باركان فإن فعل سكالايس وغيره ممن هم حول ترامب ليست زلات، بل هي "بالونات
اختبار (متعمدة) لمعلومات كاذبة يجب أن تجعل كل واحد منا في حالة انتباه".
وكتب
في مقاله: "إن كان بإمكانهم ودون تداعيات أن يجعلوا الأمر يبدو وكأني قلت شيئا
لم أقله.. فماذا يمكنهم أن يفعلوا أيضا؟".
اقرأ أيضا: ترامب ينتقد قيادة البنتاغون: تسعى للاستثمار في الحروب