كتاب عربي 21

أداء الاقتصاد المصري حسب توقعات صندوق النقد

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
توقع صندوق النقد الدولي استمرار تأثر الاقتصاد المصري سلبا بتداعيات فيروس كورونا خلال العام المالي الحالي، والذي بدأ أول تموز/ يوليو الماضي ويستمر حتى نهاية حزيران/ يونيو المقبل، بانخفاض موارد النقد الأجنبي خلاله إلى 72 مليار دولار، بالمقارنة بالعام المالي السابق والذي انخفضت موارد النقد الأجنبى خلاله إلى 86 مليار دولار، أيضا بالمقارنة بالعام المالي الأسبق الذي بلغت خلاله 92 مليار دولار.

حيث توقع الصندوق استمرار انخفاض إيرادات الصادرات السلعية والخدمية، وتحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر، كما توقع استمرار العجز في الموازنة، واستمرار تزايد الدين الحكومي العام المحلي والأجنبي، خلال العام المالي الحالي وخلال السنوات المالية الأربعة المقبلة وبمعدلات نمو مرتفعة، الأمر الذي يعني تأخر شعور غالبية المواطنين المصريين بثمار الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ عام 2016، حيث تم وعد المصريين بجني ثماره في نهاية حزيران/ يونيو الماضي. وها هو رئيس الوزراء المصري يعد بالشعور بتلك الثمار بعد تسعة أشهر من الآن، إلا أن استمرار آثار فيروس كورونا محليا وعالميا سيؤخر ذلك الأمر، خاصة وأنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى علاج حاسم له.

وكان الصندوق قد أصدر تقريرا لتوقعاته حول أداء الاقتصاد المصري في العاشر من آب/ أغسطس الماضي، ثم عدل غالبية أرقام تلك التوقعات في تقرير جديد صدر ببداية الشهر الحالي.

وها هو صندوق النقد يتوقع بلوغ قيمة الصادرات السلعية المصرية في العام المالي الحالي 24 مليار دولار، مقابل 26 مليار في العام المالي السابق، وبعد أن كانت قد بلغت 28.5 مليار دولار في العام المالي الأسبق، مما يعني استمرار تأثر قطاعات النشاط الصناعي والزراعي والعمالة بها.

إنفاق محدود لسياح شرق أوروبا

ونفس الأمر بالنسبة لتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي تساهم في توفير نفقات ملايين من الأسر المصرية، حيث توقع الصندوق بلوغها في العام المالي الحالي أقل من 22 مليار دولار، بعد أن كانت قد بلغت أكثر من 26 مليار دولار قبل ثلاث سنوات. ورغم توقع الصندوق حدوث تحسن جزئي في تلك التحويلات الخاصة في السنوات المقبلة، إلا أنها حسب توقعاته لن تصل إلى إيرداتها في العام المالي 2017/2018 قبل عامين، خلال السنوات المالية الأربع المقبلة.

وها هو قطاع السياحة الذي تعول عليه عددا من المحافظات المصرية، خاصة في جنوب سيناء والأقصر وأسوان ومطروح والجيزة وغيرها، توقع الصندوق بلوغ إيراداته في العام المالي الحالي 3.1 مليار دولار، مقابل 10.2 مليار دولار في العام المالي السابق، وبعد أن كانت قد بلغت 12.6 مليار دولار قبل عامين.

وربما لا تتحقق تلك الإيرادات في ضوء ما تم إعلانه من بلوغ عدد السياح الواصلين لمصر، خلال شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس (حتى الخامس والعشرين منه)، نحو 126 ألف سائح، حيث تتركز السياحة الواصلة في دول شرق أوروبا، في حين ما زالت مصر خارج قائمة الاتحاد الأوروبي للدول المسموح بالسفر إليها، بينما كان عدد السياح الواصلين لمصر في تموز/ يوليو من عام 2018 نحو مليون و101 ألف سائح، وفي شهر آب/ أغسطس من نفس العام مليونا و96 ألف سائح.

والأهم من عدد السياح هي الإيرادات المتحققة من السياحة، والتي كشفها إلغاء بعض الشركات السياحية رحلاتها لمصر عند اشتراط اجراء اختبار الخلو من الفيروس قبل دخول البلاد بداية من أول الشهر الحالي، حيث ذكرت تلك الشركات أن تكلفة إجراء الاختبار الطبي تصل إلى 200 دولار، بينما تصل تكلفة قضاء أسبوع بمصر ما بين 150 إلى 200 دولار.

عجز مستمر بالحساب الجاري

وهكذا توقع صندوق النقد الدولي تحقيق ميزان الحساب الجاري عجزا مستمرا خلال العام المالي الحالي، وكذلك في السنوات المالية الأربعة المقبلة، وهو الحساب الذي يتضمن الفرق بين إيرادات الصادرات السلعية والخدمية، وفوائد الاستثمارات والودائع في الخارج وتحويلات المصريين بالخارج والمعونات الدولية، وبين مدفوعات الواردات السلعية والخدمية، وفوائد استثمارات الأجانب وودائعهم في مصر، وتحويلات العمالة الأجنبية الموجودة في مصر للخارج، حيث توقع الصندوق بلغ قيمة العجز بالحساب الجاري 16.2 مليار دولار في العام المالي الحالي، واستمرار رقم العجز السنوي فيه حول العشرة مليارات من الدولارات في السنوات الأربع المقبلة، الأمر الذي أثر على الميزان الكلي للمدفوعات، والذي يتضمن أيضا الحساب الرأسمالي والمالي، والذي يحتوى على إيردات ونفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وغير المباشر في شكل محافظ مالية وكذلك القروض والودائع الخارجية.

ليتوقع صندوق النقد الدولي تحقيق الميزان الكلي للمدفوعات عجزا بأكثر من سبعة مليارات دولار في العام المالي الحالي، كفرق بين الموارد البالغة 72 مليار دولار والمدفوعات البالغة 79 مليار دولار، والتي تمثل الواردات السلعية والخدمية معظمها، إلى جانب مدفوعات فوائد استثمارات وودائع الأجانب، والتي توقع الصندوق زيادتها عن 15 مليار دولار في العام المالي الحالي.

وعادة ما يتم تعويض العجز في الميزان الكلي للمدفوعات من أرصدة الاحتياطيات من النقد الأجنبي في البنك المركزي، ولهذا توقع الصندوق انخفاض تلك الاحتياطيات لأقل من 32 مليار دولار في نهاية العام المالي الحالي، بعد أن كانت قد بلغت 45.5 مليار دولار في شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين، قبل ظهور فيروس كورونا، وهو الرقم الذي توقع الصندوق عدم العودة إليه إلا في العام المالي 20124/2025.

20 مليار دولار لتكلفة الدين الخارجي

الأمر الذي يدفع السلطات المصرية إلى المزيد من الاقتراض الخارجي لتعزيز موقف الاحتياطيات، للدفاع عن سعر صرف الجنيه المصري، وللحصول على شروط تجارية أفضل خلال عمليات الاستيراد السلعي الحكومي.

وتوقع الصندوق بلوغ الدين الخارجي حوالي 118 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي، مقابل 115 مليار دولار في العام المالي الأخير، كما توقع بلوغ تكلفة الدين الخارجي من أقساط وفوائد في العام المالي الحالي بـ14.7 مليار دولار، لترتفع لأكثر من 20 مليار دولار في العام المالي المقبل، ثم لأكثر من 25 مليار دولار في العام المالي 2022/2023.

وفي ما يخص الموازنة الحكومية والتي تتصل بحياة المصريين اليومية، من خلال ما توفره من أجور للعاملين في الحكومة، ومن دعم لبعض السلع الغذائية، واستثمارات حكومية بالمرافق والبنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية. فقد توقع الصندوق استمرار العجز المزمن في الموازنة ليصل العجز الكلي إلى 496 مليار جنيه، بزيادة 20 مليار جنيه عن العجز الكلي في العام المالي السابق.

وبمقارنة توقعات الصندوق بأرقام موازنة العام المالي الحالي المعلنة من قبل وزارة المالية المصرية، فقد توقع الصندوق عدم تحقق الإيرادات الضريبية التي جاءت في الموازنة الحكومية، بنقص 95 مليار جنيه، كما توقع عدم تحقق قيمة الاستثمارات الحكومية الواردة في الموازنة الحكومية، بنقص 35 مليار جنيه.

كما توقع الصندوق استمرار ارتفاع الدين الحكومي العام (الداخلي والخارجي) بنحو 792 مليار جنيه في العام المالي الحالي، ليصل إلى خمسة تريليونات و780 مليار جنيه، بنسبة نمو 16 في المئة، واستمرار نمو ذلك الدين الحكومي في السنوات المالية الأربع القادمة بنسب تراوحت بين 8 إلى 10 في المئة.

ليستمر ضغط تلك الديون على الموازنة الحكومية، بما تتطلبه من فوائد وأقساط بلغت نسبتها نحو 47 في المئة من الإنفاق العام بموازنة العام المالي الحالي، مما يدفع الحكومية للمزيد من الجباية كما تفعل حاليا بفرض رسوم للتصالح في مخالفات البناء، رغم ظروف الركود بالسوق ونقص السيولة لدى الغالبية من المصريين، كما يدفعها لتقليل الدعم والخصم من أجور العاملين في الحكومة ومخصصات أصحاب المعاشات، مما يزيد من معاناة البسطاء والطبقة الوسطى المصرية.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الإثنين، 07-09-2020 01:44 ص
... خبراء صندوق النقد الدولي وموظفوه لديهم خبرة ومعرفة بتفاصيل أوضاع الاقتصاد المصري لا تتوفر لكبار المسئولين المصريين أنفسهم، كما أنهم متاح لهم اختراق كل مؤسسات الدولة المصرية بما في ذلك تلك المرتبطة بما يسمى بمصالح الدولة العليا وأمنها القومي، ويحصل خبراء الصندوق على كافة المعلومات ممن يجندونهم من قيادات تلك المؤسسات، ولكن الثقة في صحة تقاريرهم ونزاهة وحيادية توصياتهم، والإذعان لها باعتبارها في صالح مصر واقتصادها وشعبها، هو سذاجة لا يصح أن يقع فيها أي مصري عاقل، فضلاً عن أن يكون متخصصاً واسع الاطلاع، فلا يخفى ولا يصعب معرفة أدلة وقرائن تواطؤ صندوق النقد الدولي برعاية قياداته مع العصابة الانقلابية في مصر، فالصندوق هو ذراع للتحالف الصليبي الصهيوني الجديد، الذي أعلن عن قيامه صراحة رئيس اميركا في مطلع القرن، ويعمل الصندوق من خلال سياساته وأدواته، على دفع الحكومة المصرية للغرق في الديون الأجنبية فضلاُ عن المحلية للوصول بها إلى الإفلاس وهاوية الدول الفاشلة لرهن إرادتها على غرار ونمط الدولة اللبنانية، وهم يعلمون أكثر من غيرهم بل ويشجعون الجنرال المنقلب على بعثرة تلك الأموال المقترضة وإهدارها في مشروعات مظهرية فاشلة كمدن الأشباح التي ينشئها، وشبكات الطرق التي تخدمها، وعلى أسلحة تتكدس بها مخازنه دون فائدة ترجى منها لاحتفاظهم بتقنيات تشغيلها وصيانتها، ويُبتز منه التريليونات ثمناُ لها، وقد وصلنا بعد سبع سنوات غرق خلالها الانقلابيون في بحر من الأموال المقترضة إلى نقطة الصفر، فأسواق الاقتراض العالمية قد نضبت، وداعمي الحكم الاستبدادي وشركاء الانقلاب قد وقعوا هم أنفسهم في الديون بعد انهيار اسعار النفط لأقل من ثلث ما كان عليه، والصدام الداخلي قادم لا محالة بين 99 مليون مصري يدفعون دفعاً للغرق في الفقر والفاقة بسياسات الجباية العمياء، وبين مليون من الملتفين حول عرش الانقلاب والمستفيدون منه والناهبين لثروات البلاد بالتواطؤ مع جهات خارجية معروفة، كما أن الصدام الخارجي تظهر بوادره في الأفق القريب، وهو صراع وجود وهوية، " ... وَلَيَنصُرَنَّ ?للَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ?للَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ"