هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت صحيفة "الغارديان" البريطانية ملف الانتهاكات في مصانع شركة لماركات الملابس الأمريكية داخل الأردن، والتي ينحدر غالبية العاملين فيها من شرق آسيا، وجلهم من النساء.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، تقول "الغارديان" إن هذه المصانع التي تنتج ملابس لماركات شهيرة، لا تراعي ساعات العمل المنصوص عليها بقانون العمل الأردني، وتمارس انتهاكات فظيعة دون أي رادع.
تنقل الصحيفة عن مهدي مهدي، عامل بنغلاديشي قدم إلى الأردن قبل 14 عامًا، وغادرها في كانون أول/ ديسمبر الماضي، قوله إنه لم يستلم رواتبه في آخر ستة شهور، وهو ما دفعه للمغادرة، رغم عدم ضمان وجود عمل له ببلده.
يقول مهدي إنه كان يعمل في مصنع يزود ماركات عالمية شهيرة بالملابس، حيث أنشأت العلامات التجارية الشهيرة "رالف لورين، وأندر آرمور، وأمريكان إيجل" و "نايك"، و"هانيس" مصانع لها بالأردن.
وأضاف مهدي: "كنت أعمل 24 ساعة متواصلة مرتين في الشهر على الأقل"، متابعا أنه تقدم بشكوى لدى المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن لتأخر راتبه، والانتهاكات التي مر بها، إلا أن شركته لم ترتدع، ولذا قرر وقف خسائره والعودة لبلده.
انتهاكات قديمة
في عام 2006، نشرت لجنة العمل الوطنية (NLC) دراسة من 126 صفحة شرحت بالتفصيل حالات الاعتداء الجنسي المتفشي، والإيذاء الجسدي، وساعات العمل المرهقة، والإتجار بالبشر في المصانع الأردنية الكبرى التي تنتج الملابس لشركات "Victoria's Secret" و "Kohl's" و"JCPenney" الأمريكية.
قال تشارلز كيرناغان، المدير التنفيذي لمعهد العمل العالمي وحقوق الإنسان (لجنة العمل الوطنية سابقا)، في تصريحات له بـ2006، إن ظروف العمال في مصانع الملابس الأمريكية بالأردن هي أسوأ ما رآه بحياته.
وتابع في تصريحات لنيويورك تايمز حينها: "أشخاص يعملون 48 ساعة متواصلة. عمال تم تجريدهم من جوازات سفرهم، وليس لديهم إقامات أو تصاريح تسمح لهم بالخروج إلى الشارع، غالبًا ما يتم احتجازهم في ظل ظروف العبودية القسرية".
في 2008، تم إطلاق مبادرة "عمل أفضل بالأردن"، بالشراكة بين منظمة العمل الدولية، ومؤسسة التمويل الدولية، وبدعم من وزارتي العمل الأردنية والأمريكية.
عملت هذه المبادرة من أجل تحسين ظروف العمال في المصانع الأردنية التي تصدر الملابس إلى الولايات المتحدة، لكن مديرها طارق أبو قاعود يقول: "الجزء الأكثر صعوبة هو معرفة كيفية تغيير عقلية بعض أصحاب المصلحة من أجل تحسين ظروف العمل".
وتابع: "هناك بعض المعايير التي كانت سائدة في البلاد منذ سنوات عديدة، وهذا ما نحتاج إلى تغييره".
بحسب "الغارديان"، فإنه وبالرغم من العمل الشاق للمبادرة، إلا أن مشكلات التحرش الجنسي، والعنف الجسدي، والحرمان من الرواتب، وبيئات العمل السيئة لا تزال تعصف بهذا القطاع.
اقرأ أيضا: "هيومن رايتس ووتش": الأردن يستغل كورونا لقمع الحريات
ضحايا بنغلاديشيات
أجرى التحالف العالمي ضد الإتجار بالنساء (GAATW) العام الماضي دراسة حول ظروف عاملات الملابس البنغلاديشيات في الأردن، إذ كشفت مجموعة كبيرة منهن عن تعرضهن لشكل من أشكال الإساءة اللفظية.
تقول الدراسة إن أصحاب المصانع يعتبرون أن العاملات يجب أن يؤدين المهام المطلوبة منهن كأنهن آلات ولسن بشرا.
تقول إحدى العاملات: "ارتكبت مرة خطأ في عملي، قام المشرف بأخذي إلى الطابق الأعلى لتقديم شكوى بحقي، لكنه كان غاضبا مني ولكمني على وجهي، ووجه عبارات عنصرية لي ولبنات جلدتي".
هذه الانتهاكات تؤثر بحسب الدراسة على نفسية العاملين بمصانع الملابس، إذ سجل العام الماضي فقط انتحار أربعة منهم في الأردن.
إضافة إلى ذلك، يقطن عمال الملابس في مساكن مكتظة، وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الصحية، إذ تعج بالحشرات وهو ما يساعد في انتقال الأمراض والأوبئة.
أين الشركات الأم؟
بسؤالهم عن اعتقادهم ما إن كانت الشركات الأم التي يعملون لصالحها في الولايات المتحدة على علم بأوضاعهم، قال أحد عمال الملابس: "أجزم لكم مليون بالمئة أنهم على علم بذلك".
وتابع: "قرأوا تقارير عن أواضاعنا، جاء بعضهم وعاين مساكننا وطعامنا، ولكن شيئا لم يتغير، ما يهمهم فقط هو أن تسير أعمالهم بشكل طبيعي".
في 2017، قام مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان (BHRC) بمساءلة الماركات الأمريكية للملابس في الأردن عن سبل وقف الانتهاكات بحق العمال.
يقول المركز إن ست علامات تجارية فقط من أصل 21 استجابت لها، وهو ما يفسر أن جل هذه الشركات العالمية لا تعبأ بوضع عمالها في دول توجد فيها انتهاكات جسيمة.
تواصلت "الغارديان" مع 12 علامة تجارية أمريكية لها مصانع بالأردن، ردت 3 منهم فقط، وزعموا أنهم وعند سماعهم بوجود مشاكل يسارعون إلى حلها.
تقول الصحيفة نقلا المدافعة عن حقوق المرأة أحلام الطيراوي (أمين سر نقابة الغزل والنسيج بإربد)، إن مكاتب العمل حينما تحضر إلى هذه المصانع، فإن المشرفين يكونون على علم مسبق بالزيارة، ويلقنون العمال ما سيقولونه.
اتفاقية التجارة الحرة
تقول "الغارديان" إن ما يجري في المصانع المزودة للشركات الأمريكية من انتهاكات، يعد مخالفة، وانتكاسة لاتفاقية التجارة الحرة التي وقع عليها الملك عبد الله مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في تشرين أول/ أكتوبر من العام 2000.
وبحسب موقع السفارة الأمريكية، فإن هذه الاتفاقية هي الأولى من نوعها بين أمريكا وبلد عربي، ودخلت حيز التنفيذ بشكل كامل في كانون الثاني/ يناير من عام 2010.
تقول السفارة الأمريكية في عمّان، إن هذه الاتفاقية عزّزت الروابط الثنائية الاقتصادية من خلال إلغاء الرسوم الجمركية والمعوقات التجارية للتبادل الثنائي للبضائع والخدمات الأمريكية والأردنية على حد سواء، كما وفرت حماية عالية المستوى لحقوق الملكية الفكرية، وضمان الشفافية التنظيمية، وإنفاذ فعال للسياسات المتعلقة بالعمالة والشؤون البيئية.
وعملت اتفاقية التجارة الحرة على رفع التبادل التجاري الثنائي بنسبة 800 بالمئة، وهو ما جعل من الولايات المتحدة واحدة من أكبر خمسة شركاء تجاريين للأردن.
هذه الاتفاقية دفعت شركات أمريكية مثل "وول مارت" و"تارجت" إلى إنشاء مصانع لها في منطقة الحسن الصناعية بمحافظة إربد (شمال).
وارتفعت صادرات الملابس الأردنية إلى الولايات المتحدة بمقدار عشرين ضعفًا، لتشكل في النهاية 95 بالمئة من إجمالي صادرات الملابس في البلاد.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
دراسة التحالف العالمي ضد الإتجار بالنساء عن ظروف العاملات البنغلاديشيات بالأردن (هنا)