هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد كل التقدم الذي عرفته الإمارات العربية المتحدة، بعد أن أصبحت مَضرب الأمثال في مجال القدرة على إدارة الثروة، واختراق الأسواق العالمية، وتقديم صورة عن قدرات بلد ناشئ في الصعود، ها نحن نرى بعض قادتها اليوم يقعون في المحظور، ويُساقون عبر الاعتراف بالكيان الصهيوني عَلَنا ورسميا إلى حيث سينتهي بهم المطاف إلى مصير، هو النقيض التام للمسار الناصع والرؤية المستقبلية السَّديدة للشيخ زايد رحمه الله…
لماذا هذه الخطوة؟ مَن سمح بها؟ وإلى أي مصير؟ لماذا؟
إن هذه الخطوة هي نهاية مسار، بدأ منذ سنوات من قبل قيادات سياسية وأثرياء كبار، صدّقوا أن الاعتراف بالكيان الصهيوني هو الشهادة التي ستُمكِّنهم من أن يُصبِحوا رسميين ضمن مجموعة الأمم الغربية ودوائر المال العالمية، ولن يُعامَلوا، كشرق مسلم مازال يؤمن بالقدس وبفلسطين وبحق العودة للفلسطينيين، أو كشرق قد يُفكِّر في دعم المقاومة لتحقيق ذلك… إنها الثمن الذي ينبغي أن يُدفَع ليستمر القَبول الغربي بهؤلاء، ويزيل عنهم كل الشكوك… إنها أخيرا وثيقة ضمان عدم العودة إلى المواقف التاريخية السابقة، ووثيقة إعلان الولاء العلني للغرب، وتغيير دائرة الانتماء.
مَن سَمح بهذه الخطوة؟
بلا شك إنها لوبيهات المال والأعمال، التي احتكرت الثروة، وأصبحت لديها أرصدة ضخمة عبر العالم تقدّر بمئات الملايير من الدولارات السائلة، وآلاف الملايير المُستثمَرة، وأصبحت تشعر أنها أقرب إلى الدوائر الاحتكارية المعادية للقضايا العربية، وللإسلام، والشرق، منها إلى هموم الشعوب المضطَهَدة أو المظلومة أو الفقيرة في نموذج الفلسطينيين المقهورين وباقي الشعوب العربية والإسلامية التي لا يقل وضعها سوءاً.
إلى أي مصير؟
لا شك أن الغرب لن يقبل بهذا الاندماج سوى شكليا، وستدخل الإمارات اليوم في مرحلة من الابتزاز لم يسبق أن عرفتها، ولن يكون مصير قادتها أفضل من مصير قادة مصر، وبدل الاستقرار الذي عرفته في العقود السابقة ستبدأ تعرف مرحلة من الاضطرابات… وفق السيناريو المتعارف عليه…
وهكذا سيتم الرفع من نفقات التسلح، وزيادة فاتورة إجراءات الوقاية والأمن، من خلال مزيد من التخويف المنظم. وعندها سيضطر هذا البلد إلى جر آخرين معه إلى ذات المصير، وبدل أن يستمر سهم التقدم لديه في الارتفاع سيُراوح مكانه لسنوات قليلة قادمة، ثم يبدأ مرحلة السقوط.
وهي الغاية النهائية من كل العملية: ينبغي ألا يتقدم أي بلد عربي أو مسلم، وألا يخترق الأسواق المالية، ولا أن يصل إلى الفضاء، ولا أن يعيش حياة هانئة… ويوم يكتشف حقيقة ما ذُبِّر له، سيكون قد فات الأوان… وسيقرأ مندهشا، وبكل وضوح العنون التالي: “حقق الكيان الصهيوني السلام.. وعلى الإمارات السلام”.
(الشروق الجزائرية)