هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم إقراض صندوق النقد الدولي لمصر في عهد رئيس الانقلاب
عبدالفتاح السيسي، عدة مرات، بمبالغ مليارية، إلا أن المؤسسة الدولية اعترفت أخيرا بأنها قامت بإقراض مصر "استثنائيا"؛ لمنع انهيار وشيك لها.
وعرض
الصندوق الدولي، في تقرير له الثلاثاء، تفصيلا عن الوضع الاقتصادي المصري بعد جائحة
كورونا، مبينا الأسباب التي دفعته لإقراض مصر؛ حيث طلبت الحكومة المصرية 5.2 مليار
دولار من الصندوق في أيار/ مايو 2020، لمواجهة تبعات جائحة كورونا.
وأكد التقرير، الذي وصفه الخبير الاقتصادي المصري محمود
وهبة، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، بأنه الأطول والأهم عن مصر، أنه ومن دون هذا
الإقراض، فإن صندوق النقد والبنك الدولي والاقتصاد المصري بخطر عاجل لا يمكن
تجنبه.
وحذّر الصندوق من خطورة وتأثير القروض، وكذلك الركود
الاقتصادي وضعف الاستثمار، على مؤشرات النمو، ومعدلات الفقر والبطالة، وعدم الاستقرار
بمصر.
وقال التقرير إن "الاستقرار الاقتصادي الكلي الذي
حققته مصر بشق الأنفس، خلال الترتيب الذي استمر 3 سنوات بموجب تسهيل الصندوق
الممدد (EFF)،
يواجه الآن اضطرابا كبيرا بسبب جائحة COVID-19.
وأضاف أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو بالعام المالي
2019/ 2020 والسنة المالية 2021/ 2020، مع توقف السياحة وتقلص النشاط المحلي، مشيرا إلى تعرض الحسابات الخارجية لضغوط؛ بسبب تدفقات رأس المال الخارجة، وصدمة السياحة
والتحويلات.
وحسب الصندوق، فإن المخاطر التي يواجهها الاقتصاد المصري، خاصة في ظل "تجدد تفشي وباء كورونا، تتمثل بتفاقم الضغط على المالية العامة، ما يؤدي لزيادة احتياجات التمويل، وزيادة الدين العام، وزيادة المخاطر على القدرة
على تحمل الديون".
وأشار إلى أن "خسائر الإنتاج الإضافية قد تؤدي
لارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفقر، وعدم المساواة، ومخاطر الاستقرار المالي،
وقد يؤدي ذلك لتقويض الدعم الاجتماعي لجهود الإصلاح الحكومية، كما أن التشديد
بالأوضاع المالية العالمية يؤدي لزيادة الضغط على تدفقات رأس المال، وتكاليف
الاقتراض الحكومية".
"قروض لم تصنع نهضة"
وفي قراءته الاقتصادية للتقرير الهام والأشمل الذي
أصدرته المؤسسة الدولية حول مصر، يعتقد الخبير الاقتصادي المصري، علي عبدالعزيز، أن
"التقرير يُعبّر عن حقيقة الوضع الاقتصادي المصري السيئ، الذي تسبب فيه
السيسي ونظامه العسكري".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى "سياسات
النظام بالتوسع بالقروض الخارجية لأجل مشاريع غير مجدية، وثانية ليس هذا وقتها،
وثالثة لا يجب الإنفاق عليها من القروض".
وأضاف الأكاديمي المصري: "وخير مثال العاصمة
الأمنية الجديدة، المسماة بالإدارية، التي تبلغ إنفاقاتها نحو 45 مليار دولار،
وأيضا تفريعة قناة السويس، التي بلغت إنفاقاتها 8 مليارات دولار".
وتابع: "ولا ننسى الإنفاق غير المجدي على شراء
السلاح من الدول الحامية للسيسي ونظامه، بما يقارب 50 مليار دولار، وغير ذلك من
مليارات أنفقت على محطات الكهرباء، وتحلية المياه، ومحطة الضبعة النووية".
اقرأ أيضا: هكذا لعب الإعلام المصري دورا "خطيرا" في شيطنة "رابعة"
وقال إن "120 مليار دولار، دين خارجي لم تصنع نهضة
حقيقة ومشروعات ذات عائد سريع يغطي فجوة التمويل الدولاري بالأوضاع الطبيعية أو
الاستثنائية مثل تسبب جائحة كورونا بانخفاض الدخل الدولاري من التحويلات الخارجية
والسياحة والصادرات، مع زيادة تخارج الاستثمارات الخارجية".
وبشأن مدى خطورة الوضع المصري في ظل تفاقم أزمة الديون؛
يرى الأستاذ المساعد بكلية التجارة بجامعة الأزهر، أن "وتيرة الانهيار
الاقتصادي المصري قد تتزايد مع النصف الثاني من 2021 وبدايات 2022، كاستجابة
طبيعية لحجم التخريب الذي مارسه السيسي ونظامه المجرم بحق الاقتصاد".
وأشار إلى أنه "وفي مقابل بناء قلعة وهمية من
المشروعات والتسليح؛ كانت عمليات تجفيف جيوب الشعب من المال تجري على قدم وساق،
وانخفضت القوة الشرائية للجنيه، وستنخفض أكثر مع ارتفاع فجوة التمويل لأضعاف ما
جرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016".
وحول معالم المستقبل الذي ينتظر مصر والمصريين في هذا
الإطار، توقع الخبير المصري، أن "يعاني المصريون نقص الغذاء والدواء
والمستلزمات الحياتية الأخرى والتي سترتفع أسعارها لأكثر من 4 أضعاف خلال عامين
قادمين".
وختم عبدالعزيز بالقول: "وكأن ضريبة فشل السيسي
ونظامه لا يتحملها إلا الشعب؛ وتظل مليارات السيسي وعصابته العسكرية في مأمن
ببلدان الملاذات الآمنة".
"ذرائع حكومية"
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، إن
"صندوق النقد لم يصرح بهذه الصورة المباشرة عن الاقتصاد المصري، وإنما يستخدم
طرق اللف والدوران ولكن كلامه العام يدل على هذا السياق".
الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن
"الاقتصاد المصري كان ومازال يعاني أزمات كبيرة زادها انتشار فيروس كورونا،
وتمثلت الأزمات في عجز الموازين العامة للاقتصاد، وبالميزان التجاري بلغت واردات
مصر 75 مليار دولار وصادراتها أقل من 30 مليار دولار، بعجز يقارب 45 مليار
دولار" .
وأشار إلى "عجز الموازنة العامة للدولة، وفقدان
مصادر للدخل الأجنبي، بينها 4 مليار دولار إيرادات سياحية بعد إغلاق 4 شهور من 13
مليارا سنويا، بجانب خسائر قطاع الطيران، وتراجع إيرادات قناة السويس".
رئيس قسم الدراسات الاقتصادية، بأكاديمية العلاقات
الدولية، بتركيا، أوضح أن "هذه العوامل أدت للاقتراض من الصندوق الذي يرى أن
مصر نموذجا ناجحا لتطبيق برنامج الإصلاح، ورغم أن الصندوق أتى على ذكر زيادة الفقر
وتأثر الطبقة المتوسطة التي انتهت تماما، إلا أنه يرى ضرورة مساندة مصر".
ويعتقد ذكر الله، أن "فشل مصر في المرور من هذه
الصعاب كان سيوجه النقد إلى الصندوق الذي توجه له أصابع الاتهام كونه من العوامل
الهامة التي تزيد من معاناة الفقراء ولا تؤدي برامجها إلى إصلاح اقتصادي".
ولفت إلى أن "مصر لجأت لصندوق النقد أيضا تحت وطأة
تراجع ونزوح الأموال الساخنة، والتي كانت قبل كورونا 22 مليار دولار ثم أصبحت 8
مليار دولار فقط، وأيضا تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي لنحو 6 مليار دولار بهذه
الفترة".
وقال أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة في جامعة الأزهر
سابقا: "إذا مجمل المؤشرات تقول إن الاقتصاد المصري يعاني ويجب التدخل
وللأسباب السابقة تدخل صندوق النقد الدولي للحاق بالاقتصاد المصري قبل
السقوط".
وأوضح أن "مصر اقترضت مؤخرا على عدة مستويات،
الأول: من صندوق النقد بقرض 8 مليار دولار وآخر 5 مليار دولار بطرح سندات بالأسواق
الدولية، ثم 3.5 مليار دولار من البنك الأفريقي القرض الذي لم يأخذ نصيبه
الإعلامي، وسط توقعات بطرح آخر لسندات دولية (السندات الخضراء)".
وأكد
ذكر الله، أن "الاقتصاد المصري يسير بحلقة مفرغة من الاقتراض الخارجي وتحت
ذرائع حكومية تتمثل في كورونا، ولكن الأمر نتيجة للخلل الهيكلي الذي يعانيه الاقتصاد
ومازال ولم تستطع الحكومة تحويله لاقتصاد إنتاجي يستطيع خدمة الدين عبر
موارده".