سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على ظروف المهاجرين غير
الشرعيين الذين تعتقلهم
السعودية وتضعهم في مراكز للترحيل.
وتحدثت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" عن إبراهيم
الصومالي، 40 عاما، الذي اعتقل في أول أسبوع عمل له بسوق جدة، ونقل إلى مركز
الشميسي، حيث قال: "نعامل كالحيوانات وننام على أسرة بدون فراش ونشرب الماء
من المرحاض، ومن لديه المال يشتري الماء الصحي أما أنا فلا مال عندي ولهذا فإن علي أن أشرب الماء الوسخ".
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات السعودية تقوم باحتجاز العمال الذي يشتغلون
في الأسواق السعودية بدون إذن أو تأشيرات وتنقلهم إلى مجمع الشميسي حيث ينتظرون
أشهرا حتى يتم ترحيلهم.
وصمم المجمع لاستيعاب 32,000 شخص وهو مكون من أربعة أجنحة رمادية مخصصة
للذكور، واثنين مخصصين للإناث وواحد للأطفال.
ويوضع المحتجزون في قاعات مزدحمة حيث يحتجز في كل واحدة منها 80 شخصا
ينامون على أسرة من طبقات. وعند وصول المعتقلين تتم مصادرة هواتفهم الذكية حتى لا
يوثقوا الظروف التي يعيشون فيها.
وقالت الصحيفة إن انتشار فيروس كورونا جلب معه مخاوف جديدة، ويشعر
المحتجزون بالخوف من الإصابة بكوفيد-19 نظرا للازدحام وظروف الحياة غير النظيفة.
يقول إبراهيم إن بعض الأشخاص في غرفته مرضى ولا أحد يعرف إن كان مرضهم بسبب
فيروس كورونا أم لا نظرا لعدم توفر العناية الصحية. وقال رفيقه تحليل، 30 عاما:
"هنا أشخاص مرضى يتقيأون ويسعلون ولا أحد يعتني بهم"، و"يمكن أن يكونوا
مصابين بكوفيد-19"، إلا أن المستشفى مغلق في المجمع.
وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" قد دعت في نيسان/ إبريل دول
الخليج إلى تقديم أماكن احتجاز بديلة للمرحلين في أثناء فترة كوفيد-19 نظرا
للمخاطر العالية من انتشاره في الأماكن المزدحمة.
وفي السعودية لا يعرف المعتقلون المدة التي سيظلون فيها في الحجز ولا الاتهامات
الموجهة إليهم.
ونقلت الصحيفة عن آدم كوغل، نائب مدير الشرق الأوسط في "هيومان رايتس ووتش"
قوله إنه "رغم الازدحام الشديد وغياب النظافة وعدم توفر العناية الصحية والانتهاك
الجسدي في مراكز احتجاز المهاجرين في السعودية إلا أن المملكة لم تفعل إلا القليل
لتحسين الظروف، ولم تتخذ الخطوات لمعاملة المحتجزين بكرامة". وأضاف: "في
وقت تزداد فيه المخاطر من كوفيد-19 فإن على السعودية أن تتحرك بعيدا عن سياسة الإفراج
عن أعداد قليلة من المعتقلين وتتخذ الخطوات لإعادة إصلاح وتأهيل مراكز الاحتجاز،
وإعادة النظر بسياسة الترحيل الجماعية".
وتم اعتقال تحليل، وهو من الصومال عندما كان يعمل راعيا للجمال، وتمت
مصادرة راتبه ولا يعرف ما إن كان سيحصل عليه أم لا. ويقول إن المعتقلين لا يحصلون على
الطعام الكافي: "يقدم لنا الخبز وقليل من الأرز، الأرز الجاف بدون بروتين.
والطعام المقدم لنا رديء، فلا ليمون أو خضروات".
وقال إبراهيم وتحليل إن الشرطة طلبت منهم رشوة عندما اعتقلا ليتم الإفراج
عنهما. ويقول إبراهيم: "لو دفعت المال أو الرشوة فلن يأخذك أحد إلى
السجن". وقالا إنهما سافرا إلى السعودية هربا من تفجيرات حركة الشباب في
بلادهما والأعمال الإرهابية والبحث عن حياة أحسن.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة يسافر كل عام أكثر من 138,000 مهاجر من شرق
أفريقيا في رحلة خطيرة عبر خليج عدن إلى اليمن ومنها إلى السعودية. هو ما يجعل
خليج عدن من أكثر المناطق البحرية ازدحاما في الكرة الأرضية ومن ينجو من الرحلة البحرية ويواصل الرحلة شمالا لا
يعرف الوضع في اليمن والحرب الأهلية التي يعيشها.
وحذرت المنظمة الدولية للهجرة من أن العمال المهاجرين يتعرضون للاختطاف
والتعذيب وطلب الفدية والاستغلال والمتاجرة بهم. وعندما يصلون إلى السعودية
فحياتهم تظل في خطر وينظرون إلى الخلف خوفا من اعتقالهم.
وعاشت فوزية، 51 عاما، بطريقة غير قانونية في جدة ما بين 1990 و2018 حيث
رحلت إلى الصومال، وخلال الفترة التي قضتها في السعودية عملت خادمة في منزل وأنجبت
خمسة أطفال في البيت دون عناية صحية. ولم يكن لدى أولادها الأوراق الرسمية وظلوا
في البيت ولم يذهبوا إلى المدرسة. وقالت
في رسالة عبر واتساب: "كنا محظوظين أننا بقينا طوال هذا الوقت بدون أن يقبض
علينا وكان علينا الاختباء كلما جاءت السلطة إلى الحي تبحث عن مهاجرين غير
شرعيين"، وأضافت: "في ليلة هربنا من البيت خوفا".
وقبل عامين عندما بدأت الحكومة السعودية بملاحقة المهاجرين غير الشرعيين
قررت فوزية تسليم نفسها وأولادها للترحيل خشية أن يوصموا بالجريمة. ودفعت رشوة حتى
لا تبقى وعائلتها في مركز الترحيل حيث تم نقلهم بالطائرة إلى مقديشو بعد أسبوع.
وقالت: "قالوا لي إنه يجب أن تدفعي الرشوة لو أردت العودة بسلام إلى الصومال،
وطلب مني ألا أخبر أحدا". و"طلبت الشرطة 500 دولار لتأمين الترحيل
ووافقوا على 125 دولارا لتسهيل الترحيل وتأمينه".
وتقول الصحيفة إن مركز الاتصالات الدولية السعودي لم يرد على طلب منها
للتعليق.