هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ربما أكون قد قضيت وقتا طويلا، مثل غيري، في السخرية من شركة «وي وورك»، لذا أعتقد أنني، على سبيل التغيير، سوف أكون مدافعا عنها. أصدقكم القول إنني لطالما أحببت نموذج العمل. وهذا النموذج يقوم على استئجار المرء مبنى، يقسمه إلى مكاتب صغيرة كثيرة ومنصات عمل فردية، وتأجير وحدات لعملاء بأسعار أعلى من قيمة إيجار ذلك المبنى. ليس من الجنون أن يعتقد المرء أن هذه الطريقة ستنجح.
ونظرا لأن الإقرارات المالية لشركة «وي
وورك» لم تكن واضحة تماما، لم يكن ضربا من الجنون الاعتقاد في نجاح عملها، وقدرتها
على تحقيق أهدافها في ذلك المجال، حين تعتزم ذلك، رغم أنها لم تحقق أرباحا كبيرة،
لأنها اختارت استثمار كل أموالها من أجل افتتاح مباني جديدة. وقد كتبت، خلال
سبتمبر (أيلول) الماضي، في وقت كان أداء عملية الاكتتاب العام الأولي للشركة سيئا:
«من الممكن أن تمتلك مجموعة (سوفت بنك)، وصندوق
(فيجن فاند) التابع لها، ومستثمرو القطاع الخاص في (وي وورك)، أسهما في أعمال ذات
جودة عالية في ظل اقتصاد وحدات سليم. بالنظر إلى وجود فرصة جذابة في السوق، ربما
يودون ضخ مزيد من الأموال حتى تواصل الشركة نموها السريع. مع ذلك، بدأ المستثمرون
يشكون في مستوى جودة أعمال الشركة، ولن يرغبوا في تمويل عملية نموها، لذا يمكن
لـ(وي وورك) التراجع، والبقاء شركة خاصة، وإبطاء إيقاع نموها، والتركيز على تحقيق
الأرباح، والاكتفاء بتأجير المكاتب الإدارية بأسعار أعلى من أسعار تكلفتها».
بعدما كتبت ذلك، وقعت أحداث ربما تثير في نفسك
بعض الشكوك. على سبيل المثال، بعد الاكتتاب العام الأولي، في أكتوبر (تشرين
الأول)، أصبحت «وي وورك» بحاجة إلى خطة إنقاذ كبرى من «سوفت بنك»، حيث تبين أن
النقود الهائلة التي كان يتم ضخها بشكل مستمر لم تكن طريقة لتعزيز نموها، بل
لاستمرار عمل الشركة في السوق. وجاء بعدها وباء «كورونا»، وامتنع الناس عن الذهاب
إلى العمل، وفقدت مساحات العمل المشتركة جاذبيتها، وبدا أن نموذج عمل «وي وورك»
محكوم عليه بالفشل.
مع ذلك، جاء في صحيفة «ذا فاينانشال تايمز»:
«لا تزال شركة (وي وورك) على الطريق نحو الحصول على تدفق نقدي إيجابي عام 2021، أي
قبل الموعد المحدد بعام، وذلك بعد خفض عدد موظفيها بمقدار يزيد على 8 آلاف موظف،
وإعادة التفاوض في عقود الإيجار، وبيع أصول، بحسب ما ذكره الرئيس التنفيذي للشركة».
وقال مارسيلو كلاوري، في مقابلة، إن الشركة
التي توفر مساحات عمل إدارية، المدعومة من «سوفت بنك»، ترى أن هناك طلبا كبيرا على
مساحات العمل الخاصة بها التي تتسم بالمرونة منذ بداية انتشار فيروس «كورونا».
وقد حدد كلاوري، في فبراير (شباط)، هدفا يتمثل
في الوصول إلى ربحية تشغيلية بحلول العام المقبل، وقال إن «وي وورك» لا تزال في
اتجاهها نحو تحقيق ذلك الهدف، وأضاف: «اعتقد الجميع أن (وي وورك) كانت مهمة
مستحيلة، وأنه لم يكن لدينا أي فرصة للنجاح. لكن بعد مرور عام، سوف يرى الجميع أن
الشركة تدير مشروعا مربحا، وتمتلك مجموعة متنوعة من الأصول الرائعة».
حتى الوباء ليس سيئا من جميع الجوانب، فمن
الأمور التي يمكن للمرء ذكرها عن «وي وورك» أنها لا تزال مستمرة في العمل في مجال
إدارة المكاتب، وأنها تتيح للشركات أو المشروعات الصغيرة الناشئة، أو حتى الشركات
متعددة الجنسيات، خدمة التعهيد، بحيث توكل لشركة «وي وورك» مهمة إدارة المكاتب
الخاصة بها.
في الأوقات العادية، سوف ترى بعض الشركات أن
هذا الأمر جذاب مثير للاهتمام، في حين سيقول بعض آخر: «لا، يمكننا إدارة مساحة
العمل الإدارية الخاصة بنا، فهذه ليست بالمهمة الصعبة، أو التي تحتاج إلى مهارات».
ومع ذلك، وفي ظل انتشار وباء كورونا، سيكون العمل في إدارة المكاتب أكثر صعوبة،
ويتطلب مهارات وكفاءة، فإذا قلت: «بوصفنا متخصصين في إدارة المكاتب، تمكنا من
تحقيق معايير السلامة والأمان في المكاتب»، يمكنك الترويج لتلك الخدمة بين الشركات
التي ليس لديها تلك المهارة.
وفي الوقت الذي ربما يعتقد فيه المرء أن عدم
ذهاب أحد إلى العمل أمر سيئ بالنسبة لشركة تؤجر المكاتب، يوجد جانب إيجابي في
الأمر، وهو أنه في حال ذهاب أي موظف إلى المكتب للعمل، سيكون هناك طلب على مساحة
إدارية تتسم بالمرونة، وهو ما توفره شركة «وي وورك».
وفي حين أدى التحول إلى العمل من المنزل إلى
تراجع الطلب على المساحات الإدارية، لجأت بعض الشركات إلى «وي وورك»، لتوفير مكاتب
قريبة من أماكن إقامة موظفيها، ولنشر طاقم عملها بعيدا عن مكاتبها الرئيسية، على
حد قول كلاوري الذي أضاف: «أخبرت شركات مثل (فيسبوك) و(غوغل) و(أمازون) موظفيها
بأنهم يستطيعون العمل حيث يريدون. لدينا كثير من أولئك الموظفين الذين جاءوا إلى
المنشآت التابعة لـ(وي وورك) لاستخدامها لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة، أسبوعيا».
في جميع الأحوال، بعد أن تحسن وضع «وي وورك»،
ينبغي عليها القيام بعمل اكتتاب عام أولي، فهذا هو ما يحتاجه العالم الآن، بل على
«وي وورك» محاولة عمل اكتتاب عام أولي كل عام، فنحن نستحق ذلك.
على الجانب الآخر، توجد كثير من المصارف التي
يتنافس بعضها مع بعض، وتحكم تصرفات كل مصرف رغبتان، هما: الرغبة في عدم خسارة
الأموال، من خلال تقديم قروض معدومة لا يتم استردادها؛ والرغبة في عدم خسارة الحصة
في السوق، من خلال رفض تقديم قروض فرص استردادها جيدة. وكثيرا ما تتنازع تلك
الرغبتان: فإذا لم تقرض المال إلى عميل جيد، سوف يفعل منافسك ذلك، وستخسر حصتك في
السوق، وتشتهر بموقفك الصارم المتشدد، وسيتجه الجميع إلى منافسك.
وقد عطلت الخلافات بين رئيس مصرف الاحتياطي
الفيدرالي ووزير الخزانة، خلال الأشهر القليلة الماضية، تدشين مبادرة إقراض
الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بحسب مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين.
وتركزت الخلافات على كيفية وضع شروط القروض التي يتم تقديمها ضمن برنامج الإقراض
الرئيسي، المخصص له 600 مليار دولار، للمساعدة في دعم الأعمال والشركات خلال
المراحل الأولى من انتشار وباء «كورونا». بوجه عام، يفضل مسؤولو مصرف الاحتياطي
الفيدرالي التساهل في وضع الشروط، مما يؤدي إلى زيادة المخاطرة بخسارة الحكومة
لأموالها، في حين يفضل مسؤولو وزارة الخزانة تبني نهج محافظ بدرجة أكبر، على حد
قول أشخاص مطلعين على الأمر. وقد عارضت وزارة الخزانة التي خصصت نحو 75 مليار
دولار لتغطية الخسائر، التغييرات الأخيرة التي استهدفت تخفيف شروط منح القروض.
(الشرق الأوسط اللندنية)