هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الجمعة، عن حصولها على وثائق ورسائل هاتفية، تثبت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حاول جلب ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري إلى داخل المملكة، عبر منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".
وأوضحت
الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن إحدى رسائل ولي العهد السعودي إلى
الجبري، تقول له إنه "لا توجد دولة في العالم سترفض تسليمك"، مؤكدة أن الإنتربول اعتبر قضية الجبري سياسية، فحذف اسمه من قوائم الملاحقة.
وأشارت
الصحيفة إلى أن الإنتربول شكك في التزام السعودية بالإجراءات القانونية، بشأن
التحقيقات بقضايا الفساد، مبينة أن الوثائق تدلل إلى أي حد يمكن أن يذهب إليه ولي
العهد السعودي، بممارسة الضغط على معارضيه.
ولفتت
الصحيفة إلى أن ابن سلمان يحاول دون جدوى إعادة الجبري إلى السعودية منذ
"هروبه" عام 2017، موضحة أنه عرض عليه في البداية الحصول على وظيفة
جديدة، ومن ثم حاول إعادته بتهمة الفساد عبر الإنتربول، بحسب الوثائق القانونية
التي حصلت عليها الصحيفة الأمريكية.
اقرأ أيضا: هل يمهّد إسقاط الجبري لصراع علني بين ابن سلمان وابن نايف؟
وذكرت
أن السلطات السعودية احتجزت خلال العام الجاري اثنين من أطفال الجبري، ما أثار جدلا
بالولايات المتحدة ومطالبات من أعضاء مجلس الشيوخ بسعي إدارة الرئيس دونالد ترامب،
للإفراج عن نجلي ضابط الاستخبارات سعد الجبري.
ونوهت
الصحيفة إلى أن الكشف عن تفاصيل هذه الوثائق، يتزامن مع مخاوف بشأن صحة العاهل
السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وما يمكن لوفاته أن تجعل محمد بن سلمان مسؤولا
عن المملكة لعقود، مشيرة إلى أن ابن سلمان منذ توليه منصبه عام 2015، سيطر على
السياسات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب استهدافه لمعارضيه وفرض
الاعتقال وحظر السفر عليهم.
ورأت
أن "هذه الأساليب الاستبدادية المتزايدة، لفتت الانتباه العالمي إلى جريمة
قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018"، مشددة
على أن التحركات السعودية الأخيرة ضد الجبري، أثارت الجدل بواشنطن، نظرا لاعتباره
"شريكا استخباراتيا قيما".
وبحسب
تقدير "نيويورك تايمز"، فإن الرسائل النصية التي وصلتها من شركة محاماة
تعمل مع الجبري، تؤكد أن الأمر مرتبط بالتنافس بين ابن سلمان وولي العهد السابق
محمد بن نايف، لافتة إلى أن الجبري نال في الماضي دورا مهما في التعامل مع الأمن
ومكافحة الإرهاب، ما جعله على اتصال منتظم بالدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولين
بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وذكرت
الصحيفة الأمريكية أن الجبري تم فصله من منصبه كمستشار لولي العهد عام 2015، بعد
استبدال محمد بن نايف بـ"ابن سلمان"، مؤكدة أن مغادرة الجبري للسعودية
جاءت نتيجة خشيته من استهدافه من السلطات عام 2017.
وتاليا نص التقرير كاملا
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن رجل الأمن السعودي سعد الجبري المقيم في الخارج تعرض لتهديدات ومحاولات إعادته إلى السعودية.
وفي تقرير أعده بن هبارد مراسل الصحيفة في بيروت قال
فيه إن الجبري شعر بعدما وطد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سلطته وهمش منافسيه أنه سيكون من اهدافه ولهذا خرج من
البلاد.
ويحاول محمد
بن سلمان إجباره على العودة منذ ذلك الوقت طالبا أولا من المسؤول السابق العودة
لتولي منصب جديد وبعد ذلك ترحيله عبر
انتربول بتهم مخالفات فساد. وقالت الصحيفة إنها شاهدت رسائل نصية ووثائق بهذا
الشأن. ومنها رسالة كتبها ولي العهد في إيلول/سبتمبر 2017 " أنت متورط في
قضية فساد كبيرة وثبتت عليك" و "لا توجد دولة ترفض تسليمك". ولكن
الشرطة الدولية – انتربول التي تساءلت عن العملية القانونية والتزام السعودية
بحقوق الإنسان وطريقة معالجتها لقضايا الفساد اعتبرت الطلب السعودي سياسيا وخرقا
لقواعد المنظمة حسب وثائق رسمية تعود إليها. ولهذا حذفت اسم الجبري من نظامها.
وتشير الصحيفة إلى أن الرسائل النصية والوثائق التي
راجعتها الصحيفة لم يتم نشرها من قبل وتلقي الضوء على المدى الذي ذهب إليه محمد بن
سلمان لإعادة الجبري إلى السعودية.
وقالت إن
الأمير صعد في المعركة عندما قام في آذار/مارس باحتجاز ولدي الجبري وشقيقه في
محاولة لإجباره على العودة. وهو ما دفع أقارب المسؤول الأمني السابق للبحث عن
مساعدة المسؤولين الأمريكيين للإفراج عنهم. وفي الأسبوع الماضي تناولت الصحافة
التي تسيطر عليها الدولة مقالا في صحيفة "وول ستريت جورنال" استند على
مسؤولين سعوديين اتهموا الجبري بسرقة مليارات الدولارات من خزينة الدولة وأثرى
نفسه وأقاربه. ونشرت صحيفة سعودية صورة عليها كلمة مطلوب للجبري في محاولات لتشويه
سمعته في المملكة.
وتأتي المعلومات الجديدة وسط المخاوف على صحة الملك
سلمان، الذي قد تدفع وفاته بولي العهد لتولي العرش في بلاده. ويبلغ الملك من العمر
84 عاما ونقل إلى المستشفى وأجريت له عملية مرارة حسبما قالت الصحافة السعودية.
ومنذ أن أصبح والده ملكا عام 2015 سيطر محمد بن سلمان، 34 عاما على الجيش
والإقتصاد والسياسات الإجتماعية واستهدف الناقدين والأعداء بالإعتقال والمحاكمات
والمنع من السفر. وظهرت أساليبه الديكتاتورية في عملية قتل الصحافي جمال خاشقجي
بقنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018. وتعلق الصحيفة أن التحرك السعودي ضد الجبري
أثارت انتباه واشنطن حيث يعتبر الكثير من المسؤولين الأمنيين هناك الجبري شريكا
يوثق به. وفي رسالة بعثها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ هذا الشهر إلى الرئيس دونالد
ترامب أشاروا للجبري "كحليف قريب للولايات المتحدة وصديق" وأن على
الولايات المتحدة "واجبا أخلاقيا لعمل ما يمكن عمله لمساعدته وتأمين الإفراج
عن ولديه". ولم يرد المسؤولون في سفارة الرياض بواشنطن للتعليق على الرسائل
النصية بين محمد بن سلمان والجبري وطلبه من الإنتربول ترحيل المسؤول الأمني بتهم
الفساد.
وقالت
الصحيفة إنها راجعت عددا من الرسائل النصية بين الرجلين حصلت عليها من شركة
المحاماة التي تعمل لصالح الجبري وهي نورتون روز فولبرايت كندا وكذا وثائق
الإنتربول التي أعلمت الجبري عن قرارها بشأن الطلب السعودي ضده. وارتبط صعود
الجبري وسقوطه برئيسه الامير محمد بن نايف الذي اطاح به محمد بن سلمان عام 2015.
ووضعت خبرة الجبري كخبير لغوي وحاصل على دكتوراة في الذكاء الإصطناعي في مركز
مرموق بوزارة الداخلية وأهلته لكي يتولى ملفات مكافحة الإرهاب حيث أصبح على اتصال
مع الدبلوماسيين الأمريكيين ورجال سي آي إيه الذين كالوا له المديح. وقال دوغلاس
لندن، المسؤول السابق في سي آي إيه "الجبري ذكي جدا ولديه معرفة
موسوعية" و"وفي بوعده ولم يكن يفرط بالوعود وكان يفعل ما يقول".
وفي عام 2017 بدأ الجبري يخشى من نوايا محمد بن سلمان لتنحية رئيسه محمد بن نايف
ولهذا غادر المملكة إلى تركيا.
وفي حزيران/يونيو من ذلك العام أرسل محمد بن سلمان رسالة نصية إلى الجبري طالبا من العودة إلى المملكة ومساعدته في حل موضوع لم يكشف عنه مع محمد بن نايف. وجاء في الرسالة "أريد أن اشرح لك ما حدث قبل فترة ونتوصل لاتفاق معك حول استراتيجية حل كل المصاعب".
ورد الجبري أنه "مستعد لقبول أي أمر". وقال محمد بن سلمان إنه يريد أن يلتقي ثلاثتهم "للتصالح وعودة الأمور لما كانت عليه". وفي 20 حزيران/يونيو قال الجبري إنه لا يستطيع العودة إلى السعودية حالا نظرا لتلقيه العلاج. ولكن الأمير محمد رد قائلا إنه طلب عوده "لحاجته الماسة لمساعدته".
وفي اليوم التالي أطاح محمد بن سلمان بابن عمه محمد بن نايف الذي وضع تحت الإقامة الجبرية منع ابن الجبري عمر الذي كان 17 عاما وسارة التي كانت 18 عاما من مغادرة السعودية. وكتب الجبري مبايعا محمد بن سلمان كولي للعهد وشجعه للعودة وعرض عليه وظيفة مهمة و "عندما تعود سالما سأشرح لك خلفية المشكلة". و "أريدك أن تتعامل مع أي شخص يحاول خلق الفوضة والنزاع".
ورد الجبري إن كانت هناك إمكانية لرفع الحظر عن سفر ابنه وابنته. وبعد ثلاثة أشهر طلب من رفع الحظر و "السماح لهما بمغادرة البلاد لإكمال دراستهما". ورد "عندما أراك سأشرح لك الظروف" ولكن الجبري كرر طلبه وكان الرد "عندما أراك سأشرح لك الظروف".
وبعد أيام طلب محمد بن سلمان من الجبري العودة إلى السعودية حيث ربط بين عودته والسماح لولديه المغادرة "أريد حل مشكلة ابنك وابنتك، وهذا ملف حساس جدا" حيث ربطه بملف محمد بن نايف وقال "أريد رأيك حوله وكذا معلومات تتعلق به، وأريد التوصل لتفاهم معك حول وضعك في المستقبل وما هي التفاصيل". وبعد فترة أرسل محمد بن سلمان رسالة نصية مهددا باعتقال الجبري في الخارج.
وهو ما دفعه لمغادرة تركيا إلى كندا حسبما قال ابنه المتخصص في أمراض القلب خالد الجبري. ومن أجل فرض عودته قامت السعودية بإرسال طلب إلى الشرطة الدولية للمساعدة في ترحيله. ولكن بدلا من إصدار بلاغ أحمر والذي سيكون بمثابة أمر اعتقال دولي قدم السعوديون منشورا اعتبرته الشرطة طريقة غير رسمية لها لكي تطلب مساعدة الدول الأعضاء. وأكد الجبري ان اسمه كان على قوائم الإنتربول في كانون الاول/ديسمبر 2017 عندما منعت زوجته وبقية أقاربه من مغادرة تركيا إلى كندا لأن أحد المرافقين كان اسمه عد الجبري، وهو حفيده.
واستطاعت العائلة الوصول إلى كندا عبر الولايات المتحدة واستأنفت ضد وضع اسم الجبري على قوائم الإنتربول وفازت في عام 2018 حسب وثيقة تؤكد القرار. ولكن الوثيقة لم تذكر الإتهامات التي وجهتها السعودية له ولا الأدلة التي قدمتها لتبرر وضع اسمه. ولكن رفض الطلب السعودي تضمن نقدا لطريقة تعامل المملكة مع حالات فساد أخرى و"غياب الإجراءات القانونية وضمانات حقوق الإنسان".
وأشارت لجنة رفض الطلب السعودي لحملة اعتقال المسؤولين السعوديين ورجال الأعمال والأمراء عام 2017. وقالت إن اللجنة التي كلفت بمعالجة الفساد هي "جزء من استراتيجية سياسية لمحمد بن سلمان واستهداف أي منافس سياسي أو معارض". ونظرا لعدم وجود أي طريقة للضغط على الجبري وإعادته لجأت في آذار/مارس إلى اعتقال ابنه وابنته وشقيقه.
وقال السناتور باتريك ليهي عن ولاية فيرمونت في تغريدة "تقوم السلطات السعودية باحتجاز سارة وعمر كرهائن". وكتب في هذا الشهر رسالة مع ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ إلى ترامب جاء فيه "استخدام حكومة أساليب كهذه امر بغيض ويجب الإفراج عنهما حالا".