هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يضع انقطاع التيار الكهربائي الليبيين أمام صيف حار، لا يقل سعيرا عن الحرب التي وضعت أوزارها مؤخرا في العاصمة طرابلس، نتيجة عدوان اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
قبل أيام عاد الشيخ المسن أبو القاسم الككلي إلى
منزله في مشروع الهضبة جنوب طرابلس، بعد توقف المعارك بالمنطقة بين القوات
الموالية لحكومة الوفاق وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وبالرغم من خلو الحي الذي يقطن فيه من مخلفات الحرب والألغام،
تظل فرحة العودة منقوصة، بسبب انقطاع الكهرباء التي تضررت بنيتها كثيرا، كما كل البنى
التحتية الأخرى، بسبب المعارك التي استمرت أكثر من سنة.
ويحرص أبو القاسم على التخفيف والتضامن مع فرق صيانة
الكهرباء، التي تعمل على إصلاح محطة كهرباء تعرضت للقصف ودمرت بالقرب من بيته، فيقطع
سيرا على الأقدام متكئا على عصا عشرات الأمتار التي تفصل المنزل عن المحطة، ويحمل للعمّال
الماء والمشروبات الباردة.
ويقول الككلي لوكالة فرانس برس: "الكهرباء هي الحياة،
ولا يمكن الإقامة في المنزل من دونها، وهؤلاء الشباب جنود حقيقيون يقضون ساعات طويلة
منذ أيام، في محاولة لإنهاء أعمال الصيانة، وإرجاع الكهرباء لمئات المنازل في المنطقة".
اقرأ أيضا: الوفاق: أنظمة روسية بسرت.. ومرتزقة روس يدخلون حقل الشرارة
ويتابع: "عندما انتهت الحرب في طرابلس فرحنا كثيرا،
لكن الفرحة منقوصة مع اكتشافنا سرقة كوابل الأعمدة وتدمير المحطة المجاورة لمنزلي،
وهو كابوس إضافي يثقل علينا ويجعل صيفنا أكثر لهيبا".
ويستعد الشيخ السبعيني لركوب سيارة ابنه الذي جاء لنقله
إلى منزل آخر يقيم فيه مؤقتا. ويقول "منذ أسبوع، يحضرني ولدي خالد كل يوم إلى
منزلي لتفقده"، مضيفا "طلبت من أفراد أسرتي عدم العودة حتى تعود الكهرباء
(...). لا يمكن تأمين الماء ولا تشغيل أجهزة التبريد من دونها".
ويتابع "الصيف حلّ مبكرا وجعل الحرارة في منازلنا
شبيهة بوهج الأفران الحجرية".
ويؤكد مسؤول الصيانة في شركة الكهرباء المهندس عادل المشاي،
أن الفرق تعمل ليلا نهارا من أجل إعادة التيار الكهربائي في أسرع وقت.
ويشرح الصعوبات التي تواجهها قائلا: "حجم الدمار
بفعل الحرب كبير جدا، ونحن نعمل في ظروف صعبة للغاية، مع نقص في بعض المعدات وعدد محدود
من أفراد الصيانة"،
مشيرا إلى أن هناك محطات دمرت بالكامل وبعضها احترق، وبعض الأعمدة اختفت من مواقعها
(..)، وعلى المواطن الصبر، لأن الحمل ثقيل علينا".
وتسببت المعارك التي شهدتها المناطق الواقعة جنوب العاصمة
لنحو 14 شهرا بدمار كلي لعشرات محطات نقل الكهرباء، إلى جانب سرقة آلاف الأمتار من
أسلاك الأعمدة، ما أغرق المنطقة في ظلام تام.
خسائر فادحة
ويرى مسؤول الإعلام بالشركة العامة للكهرباء في ليبيا
محمد التكوري أن أعمال الصيانة التي خلفتها الحرب جنوب طرابلس، تحتاج الى أشهر من العمل،
نظرا لفداحة الأضرار.
اقرأ أيضا: الجيش الليبي يواصل محاولات التقدم بسرت والجفرة (خريطة)
ويقول من داخل مقر الشركة الحكومية في طرابلس:
"العجز في تأمين الطاقة في معظم مدن ليبيا خصوصا خلال الذروة الصيفية، أمر ليس
بجديد، والمتغير الآن هو أن العجز سيكون أكبر في العاصمة تحديدا وبعض المناطق، نظرا
لتسبب الحرب بأضرار جسمية لخطوط نقل الطاقة من محطات الإنتاج شرق وغرب طرابلس".
ويتابع التكوري: "تنتج ليبيا نحو خمسة آلاف ميغاواط
حاليا، والطلب خلال الذروة يرتفع إلى أكثر من سبعة آلاف ميغاواط، وهذا عجز ضخم لا يمكن
تعويضه إلا عبر استكمال المشروعات الكبرى لمحطات الإنتاج الجديدة".
وتجاوزت الخسائر المالية لقطاع الكهرباء خلال السنوات
الست الماضية 1.5 مليار دولار.
ويقول التكوري: "لا يمكن للشركات استئناف أعمالها
في مثل هذه الظروف، ويجب توفير مناخ آمن لتشجيع عودتها، واستكمال مشاريع استراتيجية
لا تغطي العجز والطلب المتنامي على الكهرباء فحسب، بل توفر فائض طاقة يمكن بيعه لدول
مجاورة".
وتشكو شركة الكهرباء من عمليات تخريب تقوم بها عصابات
إجرامية في سرقة أسلاك نقل الطاقة، التي يتم تفكيكها وصهرها وبيع النحاس الموجود في
الأسلاك في السوق السوداء.