هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع"المونيتور"
تقريرا تناول فيه تأثير الأزمة الليبية المتصاعدة على تونس.
وقال الموقع في
التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن الرئيس التونسي قيس سعيد سيجتمع مع
نظيرة الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الأليزيه الاثنين وأن الصراع في الجارة ليبيا
سيكون في قمة جدول الأعمال.
وسوف يراقب
التونسيون زيارة سعيد الأولى لفرنسا، التي كانت تحتل تونس سابقا وهي شريك اقتصادي
مهم اليوم، حيث أدت الحرب في الجارة ليبيا إلى استقطاب في الساحة السياسية وتعرض
الائتلاف الحاكم الهش للخطر.
وليبيا التي أصبحت
آخر ساحة للتنافس بين تركيا والإمارات تتسبب بامتداد آثار الحرب فيها إلى تونس،
التي يشاد بها على أنها الديمقراطية الوحيدة التي تمخضت عنها ثورات الربيع العربي.
وتعتبر فرنسا –بالإضافة
للإمارات ومصر وروسيا– مؤيدة لحفتر، اللواء
المتقاعد الذي يسوق نفسه على أنه علماني حداثي ويريد إنقاذ البلد من مخالب السراج
الصديق للإخوان المسلمين الذي تدعمه كل من تركيا وقطر.
ويؤيد راشد الغنوشي،
زعيم النهضة، وائتلاف الكرامة السراج. بينما تؤيد المعارضة بقيادة الحزب الدستوري
الحر، الذي أنشأه مؤيدو الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، حفتر.
ويقول يوسف شريف،
المحلل المقيم في تونس ورئيس مراكز كولومبيا غلوبال، إن "الصراع في ليبيا عمق
الانقسام الذي كان موجودا أصلا، وبنى عليه، ولكن يتم صياغته بلغة مختلفة حيث
النهضة لا تقدم خطابا إسلاميا والحزب الدستوري الحر وحلفاؤه يركزون على موضوع
السيادة بدلا من الحديث عن دولة علمانية تكافح الإرهاب".
وكانت الأمور تسير
بشكل سيء للواء مؤخرا. فالتدخل التركي العسكري القوي بفرقاطات على السواحل وطائرات
مسيرة والعديد من الضباط الأتراك وآلاف المرتزقة السوريين في شهر نيسان/ ابريل قلب
المعادلة لصالح حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السراج.
والآن وبعد سنوات من
الخمود، بدأت واشنطن تشكو من التمدد الروسي إلى جانب حفتر، والذي بدأ بنشر مرتزقة
مجموعة واغنر ثم تم التصعيد بنشر طائرات ميغ-29 و اس يو-24 المقاتلة دعما لقوات
حفتر.
وقد شجبت القيادة
العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" ذلك في سلسلة من التغريدات.
وقال الجنرال
برادفورغيرنغ، مدير عمليات "أفريكوم" في بيان صحفي: "إن تدخل روسيا
المستمر في ليبيا يزيد من العنف ويؤخر حلا سياسيا"، واتهم روسيا بـ
"الدفع نحو ايجاد موطئ قدم لها في الجناح الجنوبي لحلف الناتو على حساب أرواح
الأبرياء الليبيين".
وعندما ظهرت الأخبار
بأن البنتاغون سيرسل مدربين عسكريين إلى تونس، زادت التخمينات بأن أمريكا تخطط
لإنشاء قاعدة عسكرية.
ولإغلاق الطريق على
الشائعات صرح وزير الدفاع التونسي، عماد الحزقي قائلا: "نحن لا نسمح لأي قوات
أجنبية أن تتواجد في بلدنا".
وتلعب أمريكا دورا
مهما في مساعدة تونس على تأمين حدودها مع ليبيا ضد اختراق المقاتلين، فقد كانت
البلد هدفا لسلسلة من الهجمات الدموية من عناصر مرتبطين بتنظيم الدولة والقاعدة،
عبر العديد منهم من ليبيا.
ويرصد المحلل سيف
الدين الطرابلسي الصراع الليبي، ويعتقد أن نجاح حكومة الوفاق يساعد على استقرار
الحدود. والأهم من ذلك هو أنه ليس من الغريب أن تتأثر تونس بالأحداث التي تتكشف في
الجارة الشرقية الكبيرة وليس للأيديولوجية دور مهم في ذلك.
وليبيا هي أكبر
الشركاء التجاريين لتونس وأكبر سوق لها.
وبحسب إحصائيات
البنك الدولي فإن 24% من التراجع العام في نمو إجمالي الناتج المحلي بين عامي 2011
و2015 كان مرتبطا بشكل مباشر بالصراع في ليبيا.
وقال الطرابلسي:
"البلدان مرتبطان جغرافيا وسكانيا. فتونس امتداد لليبيا وبالعكس. فما يحصل في
ليبيا يؤثر بشكل مباشر على تونس وما يهم تونس في ليبيا هو ما يحصل في الغرب لأن
هناك تماس. وتصبح الأرض واحدة"، وأضاف أن قوتين آسيويتين، روسيا وتركيا، هما
اللتان سيكون لهما الكلمة الفصل في ما يحصل في ليبيا.
وكان سقوط قاعدة
الوطية الاستراتيجية الذي أعلن عنه في 18 أيار/ مايو هو نقطة التحول والذي اضطر
حفتر أن يوقف حملته للسيطرة على طرابلس والتي استمرت عاما كاملا وأن تقوم قواته
بانسحاب مهين. وقام الغنوشي، الذي هو رئيس البرلمان بالاتصال بالسراج لتهنئته
بالنصر، فقامت الدنيا ولم تقعد.
وأعرب سعيد عن
استيائه من التدخل في السياسة الخارجية. فبحسب الدستور التونسي فإن الدبلوماسية هي
شأن الرئيس. وقال في خطاب تهنئة بعيد الفطر: "يجب على الجميع أن يدرك أن هناك
تونس واحدة ورئيس واحد على مستوى الوطن والخارج".
وقام الاتحاد العام
التونسي للشغل، والذي تصل عضويته إلى نصف مليون شخص، بالتظاهر ضد التدخل التركي في
ليبيا وضد أي زيادة في التواجد الأمريكي، ولكن المتظاهرين لم يقولوا أي شيء عن
التدخل الإماراتي.
ودعت زعيمة الحزب
الدستوري الحر المعادية للإسلاميين، عبير موسي، إلى عقد دورة استثنائية للبرلمان
للتصويت على قانون يرفض كل تدخل أجنبي في ليبيا ويرفض استخدام تونس كنقطة انطلاق
للعمليات العسكرية هناك.
وتم رفض القانون
خلال دورة ماراثونية استمرت 20 ساعة في 3 حزيران/ يونيو، قامت خلالها المرأة
البالغة من العمر 45 عامابالضغط من خلال أسئلتها على رئيس البرلمان السبعيني بتهمة
تبعيته لتركيا وقطر.
وكان الغنوشي قد
سافر إلى تركيا في كانون ثاني/ يناير والتقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وكان من الواضح أن
تلك الزيارة كانت للتعويض عن عدم مقابلته لأردوغان عندما قام بزيارة غير مخطط لها
في كانون أول/ ديسمبر والتي جاءت بحسب التقارير ليطلب من الرئيس التونسي أن تكون
تونس نقطة انطلاق للتدخل العسكري التركي في ليبيا، حيث تم رفض الطلب.
وهناك توقعات بأن
سعيد منع لقاء بين أردوغان والغنوشي في تونس. حيث العلاقة بين الغنوشي وسعيد ليست
جيدة. وحاول الغنوشي ابتداء كسب سعيد. فقد ساعدت قاعدة النهضة سعيد على الفوز في
الانتخابات الرئاسية العام الماضي. ولكن يقول شريف "إن سعيد رفض ذلك وسعى
للحصول على حلفاء آخرين. والآن يحاول الغنوشي تهميش سعيد بلعب السياسة الخارجية
الخاصة به".
ولا بد أن المكاسب
الكبيرة التي حققها السراج وتركيا في ساحة القتال قوت موقف الغنوشي مع قاعدته
الشعبية.
ولكن في البرلمان
بدت النتيجة كأنها انتصار للمعارضة. حيث تمكنت موسي التي لا تملك سوى 16 مقعدا في
البرلمان أن تحشد 94 صوتا لصالح مقترحها، وكانت تحتاج فقط إلى 15 صوت آخر كي تمرر
ذلك المقترح. والأسوأ من ذلك أن أعضاء حركة الشعب وتحيا تونس من الائتلاف الحاكم
بقيادة وزير المالية السابق، إلياس الفخفاخ، صوتوا لصالح المعارضة. وهذا جعل
الغنوشي يدعو لإجراء تعديلات في الحكومة. وكونه اختار أن يعلن عن هذا عبر تلفزيون
نسمة الذي يملكه خصمه والمرشح السابق للرئاسة عن حزب قلب تونس، نبيل قروي، يفسر
على أنه دعوة للملياردير الشعبوي للانضمام للحكومة.
اقرأ أيضا: سعيّد يزور فرنسا.. أزمة ليبيا على رأس مباحثاته مع ماكرون
ويحظى حزب قلب تونس
بثاني أكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وقال الغنوشي إن "مشهدا برلمانيا
تعارض فيه الأحزاب الحاكمة بعضها بعضا ليس طبيعيا ولا يمكن أن يستمر لفترة
طويلة"، ودعا إلى "حكومة وفاق مفتوحة لكل من يرغبون المشاركة
فيها".
وتقول المعارضة إنه
ليس الغنوشي ولكن الفخفاخ هو من يقرر إن كان سيقيل أعضاء من الحكومة أم لا. وقال عضو البرلمان عن حركة الشعب، خالد كريشي
في مقابلة مع راديو (شمس اف ام): "حركة الشعب لن تترك الحكومة. ورئيس الوزراء
فقط هو الذي يقرر إن كنا سنبقى أم لا، وليست حركة النهضة".
ولكن الفخفاخ، الذي
برز كمرشح حل وسط بعد أشهر من محاولات التوصل إلى ائتلاف داخل برلمان تونس
المنقسم، "ضعيف جدا"، بحسب شريف. ومع أنه حديثا أنشأ حزبا خاصا به
"إلا أنه يفتقر إلى الشرعية السياسية.. وبسبب الانقسام السياسي الآن .. يخاطر
بخسارة وزرائه"، وعلى أي حال فليس من الواضح إن كان الغنوشي أو القروي
سيستفيدان من الفوضى التي ستنتج.
وبينما كان القروي
يلمح إلى استعداده الشراكة مع الغنوشي فإن الرجلان سيواجهان صعوبة كبيرة في تشكيل
ائتلاف كهذا ولن يسهل سعيد لهما ذلك.
ويعاني اقتصاد تونس
المترنح من آثار جائحة كورونا. وتخطط البلد، التي أشيد بتعاملها مع الأزمة، أن
تعيد فتح أبوابها للسياح في 27 حزيران/ يونيو. ومع ذلك يتوقع للاقتصاد أن يتقلص
بنسبة 7% ويتوقع للبطالة أن تصل إلى 21%، كثير منها بين الشباب. وفي الغالب سيعاقب
الناخبون النهضة إن ظهرت على أنها سببا في أزمة حكومة ينتج عنها انتخابات مبكرة.
ولا تزال حركة النهضة هي الأكثر شعبية والأكثر تنظيما ولكن شعبيتها تتراجع بانتظام
منذ وصولها للسلطة بعد ثورة الياسمين.
وقال جلال حرشاوي،
الخبير الليبي والزميل في معهد كلنجدايل في لاهاي: "حقيقة أن كل الشعب مضطر
لدخول نقاش حول السياسة الخارجية وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة يعني أن هناك فشل
في التجربة الديمقراطية".
وأضاف: "هذا لا
يعني أنها نهايتها، ولكنها أمر يجب بالتأكيد أن يدق ناقوس الخطر. ما يحصل في ليبيا
أزمة عسكرية ويتم حلها بشكل أساسي عسكريا، وهو ما يعني فعلا أنه مهما ناقشها
التونسيون فلن يؤثر ذلك على ما يحصل هناك بأي شكل مهم. ويجب ألا يشغل هذا الموضوع
الحوار السياسي التونسي".
وقال حرشاوي:
"الأطراف الأساسية في هذه الحرب الايديولوجية هي الإمارات وتركيا وهو ما يعني أن الدول الأخرى ستختار جانب
أحدهما.. فمثلا فرنسا تتعاطف مع الإمارات وقطر مع تركيا. وكل هذه الدول تؤثر على
القرارات الاقتصادية الضرورية لتقرير حزمات اقتصادية تنقذ تونس".
وتصب كل من تركيا
وقطر والإمارات الزيت على النار من خلال شبكات الإعلام بلغات متعددة والتي تسيطر
عليها، بما في ذلك من تونس. وزعمت الصحف الموالية للحكومة في تركيا أن الإمارات
تخطط لانقلاب يطيح بالغنوشي. بينما قام الإعلام المدعوم من الإمارات بنشر ادعاءات
دون دليل بأن الغنوشي فاسد.
وفي مقابلة هاتفية
مع موقع المونيتور قال رفيق عبدالسلام، عضو المجلس الإداري للنهضة ووزير الخارجية
السابق، أنه يتفق بأن ليبيا أحدثت استقطابا في تونس، "ولكن الاستقطاب جزء من
الحياة الديمقراطية.. وإن كان هناك صراع سياسي فمن الأفضل أن يتم في
البرلمان"، ويتفق مع رئيسه بأنه من غير المناسب للأحزاب الحاكمة أن
"تتماشى مع المعارضة". وقال إن "تغييرا طفيفا في الحكومة" قد
يحصل ويمكن أن يدخل حزب قلب تونس إليها.
أما بالنسبة لمكالمة
الغنوشي الهاتفية مع السراج فقال إنها "عادية"، فقد كان السراج أول زعيم
أجنبي يزور تونس بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام الماضي "وحكومة
الوفاق الوطني معترف بها دوليا.. ولدينا علاقات جيدة مع تركيا لأنها دعمت ثورتنا.
ونحن نصادق أي بلد يدعم ثورتنا"، وليست الإمارات ولا السعودية في نظره من بين
تلك الدول، وقال إنهما "تحاولان هزيمة الديمقراطية الوليدة في تونس. ورفض أن
يعلق عندما سئل عن استبداد أردوغان في بلاده".