نشرت صحيفة "
أتلايار" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن
القطاعات الأكثر تضررا في المملكة
السعودية بسبب وباء
كورونا وانهيار أسعار النفط،
حيث إن المهن المرتبطة بالخدمات والنفط ستكون هي الأكثر تضررا، وبسبب الخسائر
المالية التي تكبدتها الشركات، اضطرت المملكة لتسريح عدد كبير من العمالة الوافدة،
ومزيد الاعتماد على سياسة السعودة، إلى جانب برامج الدعم الاجتماعي للعاطلين عن
العمل.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن آخر
تقرير نشرته مؤسسة جدوى للخدمات الاستثمارية كشف عن توجه السعودية لتسريح 1.2
مليون عامل أجنبي سوف يغادرون البلاد بنهاية هذا العام، وهو ما يعني 9 بالمئة من
إجمالي العمالة الوافدة. وفي خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، كان نحو 300
ألف موظف أجنبي قد غادروا المملكة، منهم 178 ألفا عادوا لبلدانهم خلال فترة تفشي
فيروس كورونا بين 22 نيسان/ أبريل و3 حزيران/ يونيو.
وأشارت الصحيفة إلى أن حوالي 10 ملايين عامل أجنبي يعملون حاليا في
السعودية، أغلبهم من آسيا ودول الشرق الأوسط. وهؤلاء يمثلون جزءا هاما من
مجموع سكان المملكة البالغ 43.5 مليون نسمة. ولذلك فإن الخبير
الاقتصادي سكوت
ليفمور من مؤسسة "أوكسفورد بزنس جروب" للأبحاث والاستشارات حذر من أن
"المملكة سوف تشهد انخفاضا في عدد سكانها بنسبة 4 بالمئة خلال هذا
العام".
وتشير الصحيفة إلى أن القطاعات الأكثر تضررا ستكون النقل والبيع
بالجملة والتجزئة، إلى جانب الفنادق والمطاعم والمنشآت الصناعية غير النفطية،
وقطاع الترفيه. إضافة إلى ذلك، فإن التعليم والإدارة والخدمات العامة والفلاحة سوف
تواجه أيضا بعض الصعوبات خلال الفترة المقبلة، حيث إن بعض المؤسسات الصغرى
والمتوسطة في القطاعات المذكورة قد لا تعاود نشاطها خلال الفترة المقبلة.
وتقول الصحيفة إن صناعة النفط في السعودية، التي تعد المحرك
الرئيسي للاقتصاد، سوف تشهد خفضا في العمالة الأجنبية؛ إذ إن شركة أرامكو المملوكة
للدولة، التي تم تصنيفها على أنها الأكثر ربحية في العالم في 2019، بدأت فعلا في
تسريح المئات من الموظفين، وهي تسعى لخفض النفقات بعد انهيار أسعار الطاقة.
وتشير الصحيفة إلى أن أرامكو تعمل حاليا على تسريح الموظفين
الأجانب في عدة أقسام، وقد تم إعلام هؤلاء بالقرار في بداية هذا الأسبوع. وجاء في
بيان أرامكو أن "الشركة تحاول التأقلم مع بيئة اقتصادية معقدة وسريعة التغير،
وكل قراراتها تهدف لإكسابها الصلابة والمرونة والقدرة التنافسية التي تحتاجها، مع
التركيز على تحقيق النمو على المدى الطويل".
وترى الصحيفة أن العدد المنتظر للمغادرين، الذي يبلغ 1.2 مليون
عامل، سيمثل تحديا بالنسبة للرياض، بما أنه يمثل ارتفاعا بأكثر من الضعف مقارنة بـ2019. في وقت عانى فيه اقتصاد المملكة من متاعب كبيرة بسبب ظهور وباء كورونا، ولكن
ما فاقم من معاناته هو حرب الأسعار في سوق النفط. ولذلك يتوقع الخبراء أن المملكة
ستمر بأكبر ركود اقتصادي منذ عقدين من الزمن.
وأشارت الصحيفة إلى التقرير الذي نشرته مؤسسة كارنيجي الدولية
للسلام، حول السيناريوهات والضغوط الاستثنائية التي يتعرض لها هذا البلد، الذي
جاء فيه: "في آذار/ مارس، انهارت الأصول الأجنبية في المملكة بواقع 27 مليار
دولار، لتصل قيمتها إلى 464 مليار دولار، في أدنى مستوى منذ 19 سنة. كما أن وزارة
المالية رفعت من سقف التداين من 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 50
بالمئة. أما شركة أرامكو، فقد صرحت بحدوث انخفاض بنسبة 25 بالمئة في دخلها الصافي
خلال الربع الأول من العام.
وأوضحت الصحيفة أن المملكة من أجل تخفيف آثار هذه الأزمة
الاقتصادية وتبعات فيروس كورونا، صرحت لشركات القطاع الخاص بخفض الأجور بنسب تصل
إلى 40 بالمئة، إضافة إلى إنهاء بعض التعاقدات.
ولكن رغم كل هذه التطورات والخسائر، فإن مؤسسة جودة تتوقع أن نسب
البطالة في المملكة سوف تبقى عند مستوى 12 بالمئة حتى نهاية العام، وذلك بفضل
الجهود التي قامت بها السلطات من خلال عدة برامج، مثل برنامج "ساند للتأمين
ضد التعطل عن العمل"، الذي تم إطلاقه في 2014، ويؤمن تغطية 60 بالمئة من
الأجور في القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر.
كما أن الحكومة السعودية عملت أيضا على تكثيف جهودها لتعويض العمال
الأجانب بسعوديين، وذلك من خلال قوانين السعودة. وتقول فيفيان نيرين من وكالة
بلومبيرغ: "إن الحاجة الاقتصادية والتغيرات في السوق دفعت أعدادا متزايدة من
السعوديين إلى وظائف كانت في الماضي حكرا على الأجانب. وقد أصبح المواطنون اليوم أكثر
حضورا في الفنادق وخدمات التوصيل والاستقبال."
وتضيف فيفيان أن "مغادرة العمالة الوافدة، إلى جانب الدعم
الحكومي للشركات، سوف يوفران فرصا جديدة للعمال السعوديين في هذه الفترة، بعد أن
كان أغلبهم في الماضي يشغلون وظائف حكومية".