فوجئت الأوساط الاقتصادية
المصرية بصعود كبير لأسعار الأسهم في
البورصة المصرية في بداية تعاملات الأسبوع الماضي،
نتج عنها ارتفاع مؤشر إيجي إكس للأسهم الثلاثين الأكثر تداولا بنسبة 4.6 في المئة خلال
جلسة التعامل. وزادت الحيرة حول أسباب هذا الصعود الكبير، فكل العوامل الاقتصادية
تدفع نحو هبوط البورصة أو على الأقل سيرها في مسار أفقي، بداية من إقرار المسؤولين
بتراجع معدل النمو الاقتصادي بسبب تداعيات كورونا.
كما سبق بدء التعامل بجلسة
البورصة إعلان صندوق النقد الدولي عن قرض جديد لمصر، بخلاف القرض الذي تم الحصول
عليه بشهر أيار/ أيار الماضي، وبيع سندات دولارية بالخارج بنفس الشهر، بما يشير
إلى عمق مشكلة نقص الموارد الدولارية، التي أعادت السوق السوداء للتعامل بالدولار
مرة أخرى.
كما سبق تلك الجلسة شكوى
شركات المقاولات من وقف تراخيص البناء، وعدم السماح بعمليات البناء والصيانة
للتراخيص السابق الحصول عليها، وهو أمر يؤثر سلبيا على عشر شركات مقاولات مقيدة في
البورصة، إلى جانب 32 شركة عقارية مقيدة و15 شركة مقيدة لمواد البناء.
كذلك شهدت الفترة المرافقة
للصعود تعثر مسعى تنشيط السياحة الداخلية، التي كانت تراهن على قضاء العائدين من
الخارج فترة العزل بالفنادق، بعد إلغاء فترة العزل لهؤلاء وتوجهم إلى منازلهم
مباشرة بعد عودتهم، بالإضافة إلى شكوى شركات السياحة من فرض رسوم جديدة عليها
لصالح صندوق للسياحة، وهي أمور، بجانب توقف السياحة الخارجية، تؤثر سلبا على 17
شركة سياحية مقيدة.
اتجاه معاكس للبورصات الأوروبية
والأمريكية
كذلك استمرار الركود
بمبيعات السيارات وغيرها من قطاعات النشاط التي تأثرت بالحظر الكلي والجزئي بما
يؤثر سلبا على أسهمها، وكذلك اعتراض المستشفيات على قائمة الأسعار التي وضعتها
وزارة الصحة لعلاج مصابي كورونا، وتراجع إيراداتها من العيادات الخارجية التي قل
التردد عليها خشية العدوى من الاختلاط، ونقص إيرادات إجراء العمليات الجراحية.
كذلك عدم اتساق اتجاه
البورصة الصعودي بنسبة 2 في المئة خلال الأسبوع الماضي، مع تراجع البورصات الأوروبية
والتي عبّر عنها انخفاض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 5.6 في المئة خلال الأسبوع
الماضي، وتراجع مؤشرات السوق الأمريكية بنفس الأسبوع بنسبة 5.6 في المئة لمؤشر داو
جونز الصناعي، و4.8 في المئة لمؤشر ستاندر أند بور، وبتراجع 2.3 في المئة لمؤشر
ناسداك.
ولهذا بدأ البحث عن أسباب
أخرى غير اقتصادية لهذا الصعود، حيث أشار البعض إلى أنه ارتفاع مصطنع للتغطية على استمرار
تراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية للشهر الثالث على التوالي، أو من أجل
الإيحاء بتحسن الأحوال الاقتصادية إعلاميا.
ولا يحتاج التأكيد على أنه ارتفاع
مصطنع إلى جهد كبير، حيث أشارت تفاصيل تعاملات البورصة خلال ذلك اليوم، الموافق للسابع
من حزيران/ يونيو الذي شهد ارتفاعا بنسبة 4.6 في المئة، إلى أن صافي تعاملات
المصريين وحدهم كانت بالشراء بنحو 1.735 مليار جنيه، بينما اتجهت تعاملات الأجانب
إلى صافي بيع بنحو 1.551 مليار جنيه، وكذلك اتجاه تعاملات العرب إلى صافي بيع بقيمة
183 مليون جنيه. وداخل تعاملات المصريين الذين استحوذوا على نسبة 58 في المئة من
إجمالي قيمة التعاملات، كان صافي شراء المؤسسات المصرية 2.111 مليار جنيه، ليعوض
مبيعات صافي مبيعات الأفراد المصريين البالغة 376 مليون جنيه.
أداء الشركات المقيدة لا
يبرر الصعود
وهذه النتيجة المتمثلة في توجه
المؤسسات المصرية لمساندة الأسعار بالبورصة ليست جديدة، فقد أعلن الجنرال المصري
بنفسه عن توجه المصرف المركزي المصري لشراء أسهم بنحو 20 مليار جنيه لمساندة
البورصة، كما تم الإعلان عن تخصيص مصرفي الأهلي المصري ومصر، أكبر
البنوك الحكومية،
نحو ثلاثة مليارات جنيه لمساندة البورصة. كذلك إعلان نائب رئيس مصرف
الاستثمار
القومي، وهو المصرف الحكومي المتخصص في تمويل مشروعات الخطة، عن تخصيص مبالغ لشراء
أسهم.
كما جرت العادة منذ سنوات
على دفع الحكومة المحافظ المالية للجهات الحكومية لمساندة البورصة في أوقات
التراجع، ومنها محافظ هيئة التأمينات الاجتماعية ومحفظة هيئة البريد، إلى جانب المحافظ
المالية وصناديق الاستثمار في المصارف الحكومية.
وهذا السبب هو نفسه الذي
يفسر ارتفاع مؤشر إيجى إكس 30 بنسبة 10 في المئة خلال شهر أبريل نيسان الماضي بعد
إنخفاضه بنسبة 26 في المئة بشهر مارس آذار، حيث دخلت المؤسسات المصرية كمشترية
بقوة خلال الشهر لتحقق صافي شراء 2.424 مليار جنيه، مقابل صافي بيع للمؤسسات
الأجنبية بلغ 3.622 مليار جنيه، وصافي بيع للمؤسسات العربية بلغ 192 مليون جنيه.
وتنوعت المؤسسات المصرية ما بين شركات وبنوك ومحافظ وصناديق استثمار.
وهكذا يتسبب دخول المؤسسات
المصرية خاصة الحكومية بالشراء في البورصة في دفع مؤشر الأسعار للصعود، بصورة لا
تتسق مع واقع أداء الشركات المقيدة في البورصة، والتي عبّرت عنها القوائم المالية
خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث تسببت تداعيات كورونا في تحول شركات من
رابحة في الربع الأول من العام الماضي إلى خاسرة في الربع الأول من العام الحالي.
ومن هذه الشركات: الإسماعيلية
مصر للدواجن، والوطنية لإسكان النقابات المهنية، والعربية لاستصلاح الأراضي، وبرايم
القابضة للاستثمارات المالية، وريكاب للاستثمارات المالية، والإسكندرية للزيوت
المعدنية- أموك، والمالية والصناعية المصرية وشركة صناديق المؤشرات.
استمرار شركات مقيدة
بالخسارة
كما استمرت شركات مقيدة في الخسارة
بالربع الأول من العام الحالي امتدادا لخسارتها في نفس الربع من العام الماضي، مثل
الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، وليسكو مصر التي زادت خسائرها بنمو 164 في المئة، والإسماعيلية
الجديدة للتطوير والتنمية العمرانية، والعروبة للسمسرة في الأوراق المالية والعامة
لصناعة الورق وبلتون المالية القابضة، والنعيم القابضة للاستثمارات، وشارم دريمز
للاستثمار السياحي، والقاهرة للزيوت والصابون، ورواد مصر للاستثمار السياحي.
أيضا تراجعت أرباح شركات
عديدة خلال الربع الأول، بالمقارنة بأرباحها في الربع الأول من العام الماضي، منها
الكابلات الكهربائية المصرية بتراجع 92 في المئة، والحديثة للمواد العازلة بتراجع
81 في المئة، وعبر المحيطات للسياحة 78 في المئة والمجموعة المالية هيرميس القابضة
74 في المئة، والمتحدة للإسكان 63 في المئة والسويدى الكتريك 53 في المئة، والسعودية
المصرية للاستثمار والتمويل 52 في المئة، وأوراسكوم للتنمية مصر 51 في المئة، والدولية
للتأجير التمويلي- أنكوليس 50 في المئة، والجيزة العامة للمقاولات 49 في المئة، وإعمار
مصر للتنمية 48 في المئة، والنصر للأعمال المدنية 47 في المئة، والصعيد العامة
للمقاولات 37 في المئة، وإيديتا للصناعات الغذائية 33.5 في المئة، وثروة كابيتال
القابضة 27 في المئة، وأوراسكوم كونستراكشون 26 في المئة، وإم إم جروب للصناعة 25 في
المئة.
وكذلك كل من المصرية للاتصالات
والاستثمار العقاري العربي أليكو 19 في المئة، وأبو قير للأسمدة 18 في المئة، وسي
آي كابيتال القابضة للاستثمارات المالية 17 في المئة، والألومنيوم العربية 15 في
المئة، والمصرية الدولية للصناعات الدوائية- إبيكو 13 في المئة، والنساجون المصريون
للسجاد 10 في المئة، والإسكندرية للخدمات الطبية 9 في المئة، والنايل سات 5 في
المئة.
ومن بين 13 مصرفا مقيدا في البورصة
فقد تراجعت أرباح تسعة مصارف منها، خلال الربع الأول من العام من بين 12 مصرفا
أعلنت قوائمها.
كما توجد شركات أخرى تراجعت
أرباحها بقوائمها المالية عن الشهور التسعة الممتدة من أول تموز/ يوليو من العام
الماضي وحتى نهاية آذار/ مارس الماضي، وهناك شركات عديدة لم تعلن نتائجها للربع
الأول من العام الحالي بعد، وبما يعني أنه لو كانت البورصة مرآة حقيقية للاقتصاد الذي
يعاني من تداعيات كورونا، ما تحققت تلك الطفرات الصعودية المصطنعة ما بين الحين
والآخر، كلما تدخلت المؤسسات الحكومية بالشراء المكثف.
twitter.com/mamdouh_alwaly