هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن "إسرائيل" تحولت لقوة تنفيذية لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية بسوريا، في حين منح اعتراف واشنطن "شرعية" للتواجد الروسي في سوريا، وهو ما يمنح موسكو "شرعية" التمركز في ساحات جديدة مثل ليبيا.
وعرض المبعوث الخاص للولايات المتحدة في سوريا، جيمس جيفري، في بداية أيار/مايو الماضي، ملخص السياسة الأمريكية في سوريا، وذكر أن "الولايات المتحدة تؤيد جهود إسرائيل من أجل الحفاظ على أمنها، لأنها مهددة بخطر دائم من إيران، ولها الحق في استخدام كل الوسائل المطلوبة ضد هذا التهديد، وإسرائيل هكذا تعمل، وبناء على ذلك نحن نواصل دعمنا لها بكل الطرق الممكنة".
وردا على سؤال ما هو نوع المساعدات الأمريكية لإسرائيل، وهل عبر قاعدة التنف التي توجد على الحدود بين العراق وسوريا، أجاب جيفري: "نحن نعطيها كل المساعدات المطلوبة كي تستطيع بكل الوسائل الضرورية الدفاع عن نفسها"، بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس" في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل.
وأكدت الصحيفة أن "الهجمات المتواصلة في الأسابيع الأخيرة تتساوق تماما مع الاستراتيجية الأمريكية التي أوضحها جيفري، فسياسته تتركز على ضرورة إبعاد كل القوات الإيرانية من سوريا، مع القوات العسكرية الأجنبية الأخرى التي دخلت لسوريا بعد 2011، وهذا يشمل الولايات المتحدة وإسرائيل، في حال صحت تقارير نشاط قواتها الجوية".
ونبهت أن "إسرائيل وبحسب ما ترى الولايات المتحدة، تحولت إلى القوة التنفيذية لسياسة الولايات المتحدة في سوريا"، منوهة أنه "لا حاجة إلى البحث عن منطق أو ثبات في سياسة الولايات المتحدة في سوريا، أو حتى في الشرق الأوسط بشكل عام".
وأشارت إلى أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بسحب القوات الامريكية من سوريا، "تحول إلى ذكرى باهتة، وغياب سياسة أمريكية راسخة منح روسيا المفتاح الذهبي للدخول إلى سوريا في عهد باراك أوباما، وفي عهد ترامب حظيت روسيا باعتراف كامل بحقها في البقاء في سوريا وإدارة جيشها والخطوات السياسية التي يمكن أن تؤدي لحل سياسي".
وشرح جيفري، أن "التوق لإخراج جميع القوات الأجنبية، لا يشمل روسيا، لأن القوات الروسية كانت موجودة في سوريا حتى قبل بداية الحرب"، مضيفة: "أي أنه يكفي أن تمكث قوة أجنبية فترة كافية من الزمن في دولة أخرى من أجل اعطاء شرعية أمريكية لوجودها، دون صلة مع حجم القوات وطبيعة نشاطاتها".
وبينت أن "القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، أقيمت في السبعينيات، لكنها تحولت من قاعدة تموين وصيانة للسفن الروسية لقاعدة عسكرية كبيرة، ومعقل بحري مهم في البحر المتوسط، وقاعدة سلاح الجو الروسية في حميميم أقيمت في 2015، وحظيت بمكانة قاعدة دائمة في عام 2017".
كما أن "قاعدة "تي 4" وقاعدة "شيراك" تخدم سلاح الجو الروسي، والقوات البرية الروسية تعمل إلى جانب القوات التركية على طول الحدود في شمال سوريا، والشرطة العسكرية الروسية تنتشر في محافظات كثيرة في سوريا، وفي الأسبوع الماضي تم الإبلاغ عن اقتراب خطير بين القوات الأمريكية والروسية".
وبحسب الولايات المتحدة، "هذا ليس ذريعة للمطالبة بخروج القوات الروسية، كما أن واشنطن تعترف بمحدودية قوتها السياسية، وهذه المحدودية خلقتها هي نفسها عندما قررت أن سوريا ليست ساحة مواجهة مناسبة باستثناء محاربة داعش، وأما بالنسبة لإسرائيل، السياسة الأمريكية تعطيها حرية عمل، ويوجد لها شرعية روسية للعمل كما تشاء، طالما أنها لا تمس بنظام الأسد وتركز على الأهداف الإيرانية".
ورأت الصحيفة أن "اعتراف واشنطن بشرعية التواجد الروسي في سوريا، يمنحها الشرعية للتمركز حتى في ساحات جديدة مثل ليبيا، وهي تعمل هناك إلى جانب القائد الانفصالي خليفة حفتر"، منوهة أن واشنطن "ستضطر إلى الموافقة على الوقائع المنتهية التي تحددها روسيا مع مصر والامارات وفرنسا، التي تؤيد حفتر ضد التحالف التركي - القطري الذي يساعد عسكريا وسياسيا الحكومة المعترف بها دوليا".
وقدرت أن "واشنطن ستجد صعوبة في المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا، بعد أن خلقت سابقة في سوريا، وكما يبدو، أن الاعتراف بالواقع الجديد الذي يبنى في الشرق الأوسط، وفيه يوجد للولايات المتحدة دور آخذ في التضاؤل، هو مقاربة واقعية تناسب استراتيجية الانفصال الأمريكية عن المنطقة، ولكن هذا الأمر منسوب بصورة مضللة لسياسة منظمة تم وضعها بصورة حكيمة وموضوعية".
ونبهت "هآرتس"، أن "هذا خيار لا مناص منه، جرت الولايات المتحدة نفسها إليه حتى قبل الإدارة الحالية، وهي تنجر خلفه بتسارع آخذ في التزايد تحت إدارة ترامب".