هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتواصل الاحتجاجات
بالولايات المتحدة الأمريكية على مقتل جورج فلويد لليوم السادس على التوالي، وسط
تصاعد للعنف بين الشرطة والمتظاهرين.
وتوسعت رقعتها لتشمل
جميع الولايات الأمريكية تقريبا، حيث أخلت الشرطة المئات من المحتجين بالقوة من
محيط البيت الأبيض، الليلة الماضية.
وساند عدد من المشاهير
الأمريكيين سواء من السياسيين أو من قطاعات أخرى، هذه الاحتجاجات وكان آخرهم الرئيس
الأمريكي الأسبق باراك أوباما، حيث طالب المتظاهرين في البلاد بتوجيه غضبهم
انتخابيا، عبر اختيار مسؤولين "يستجيبون لمطالبنا".
وفي مقال نشره عبر
منصات تواصل اجتماعي، دعا أول رئيس للولايات المتحدة من أصول أفريقية المتظاهرين
الغاضبين من العنصرية، إلى "توجيه غضبنا المبرر إلى عمل سلمي ومستدام
وفعال".
تأثير ضبابي
وأثارت دعوة أوباما
المتظاهرين لتوجيه غضبهم انتخابيا تساؤلات حول تأثير حادثة مقتل الأمريكي جورج
فلويد والاحتجاجات التي أعقبتها، على نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة، فهل
تُسقط هذه المظاهرات ترامب؟
ويرى المحلل السياسي
والمختص بالشأن الأمريكي الدكتور جو معكرون، أنه من الصعب معرفة تأثير هذه
الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية، مستدركا بالقول: "ولكن من الواضح أن
ترامب يستغلها لتحشيد قاعدته الانتخابية وصرف الأنظار عن التحديات التي تواجه
إدارته في ظل تراجع شعبيته بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين".
وتابع معكرون في حديث
لـ"عربي21": "لكن قد يكون تعامله مع فيروس كورونا، ومع هذه
الاحتجاجات من العوامل الحاسمة للانتخابات الرئاسية المقبلة".
وأوضح أن "تنامي
التيار المتشدد على اليسار واليمين يخدم مصالح ترامب ضمن محاولته لإضعاف التيار
الوسطي في الحزب الديمقراطي".
وأضاف معكرون:
"لكن ترامب قد يكون ذهب بعيدا هذه المرة في اللعب على وتر الانقسامات العرقية
بحيث اصبح من اكثر الرؤساء اشكالية في التاريخ الاميركي الحديث".
من جهته يرى أستاذ
الإدارة والسياسات العامة الدكتور صلاح الحنيني، أن "نتائج الانتخابات
الأمريكية القادمة لن تتأثر بالاحتجاجات الأخيرة فقط، بل أيضا بفشل إدارة ترامب
بعدة ملفات، منها ملف كورونا حيث لم يكن هناك استجابة فورية من قبل الإدارة
الأمريكية لانتشار هذا المرض وخاصة الإغلاق".
وتابع الحنيني في حديث
لـ"عربي21": "ولكن بالطبع سيكون للاحتجاجات الأخيرة تأثير كبير على
نتيجة الانتخابات وقد تؤدي لهزيمة ترامب، لأنه يأخذ منحى تصعيديا في مواجهة هذه
الاحتجاجات، وأيضا غابت سياسة العقل في خطابه وكلك جعل الحرس الوطني على أهبة
الاستعداد للدخول لعدة ولايات".
وأكد أن "رد
فعل ترامب على الاحتجاجات إضافة لفشله في إدارة الملفات المتشابكة والتي تتضمن
كورونا حيث يوجد 100 ألف ضحية لها، والملف الاقتصادي حيث يوجد الان 40 مليون
أمريكي عاطل عن العمل، كل هذه الأمور مجتمعة ستضعف فرصه بالفوز".
اقرأ أيضا: الشهيد الحلاق ليس الأول.. "فلويد الفلسطيني" تاريخ من الإعدامات
وأضاف: "وأكاد أجزم أنها ستساهم بشكل كبير في خسارته،
خاصة أن الانتخابات اصبحت وشيكة فهي ستُجرى تقريبا بعد 6 أشهر، وبالتالي فإن عامل
الوقت ليس في صالحه".
وحول ما إذا كانت
انجازات ترامب الاقتصادية في بداية فترته الأولى ستجعل الناس تغض الطرف عن حادثة
مقتل فلويد والاحتجاجات التي أعقبتها قال الحنيني: "ما أنجزته إدارة ترامب في
المجال الاقتصادي من إعادة بعض الصناعات الأمريكية إلى الداخل ورفع الناتج القومي
خسرته في آخر ستة أشهر نتيجة الركود وتفشي كورونا، بالتالي فإن الملف الاقتصادي لن
يدعم حظوظه الانتخابية كثيرا".
ثقل الأقليات
الانتخابي
ويبقى السؤال الأهم: هل
للأمريكيين من أصل أفريقي ثقل انتخابي قد يساهم في خسارة ترامب الانتخابات
القادمة؟
يرد الحنيني بالقول:
"الأمر لا يعتمد عليهم فقط، فهناك أقليات أخرى أيضا متضررة من تصاعد العنصرية
ضدها نتيجة لخطاب ترامب المتشدد، ومنها الأقلية اللاتينية والأمريكيين من أصول شرق
اوسطية، واعتقد بأن قضية مقتل جورج فلويد وآخرين قبله من أصول أفريقية والاحتجاجات
الأخيرة ستدفع هذه الأقليات لتكثيف حضورها الانتخابي ضد ترامب".
وأشار إلى أن
"هذه الاقليات تشعر بما يشعر به الأمريكي من أصل أفريقي من تمييز في الوظائف
وغيرها من القضايا الحياتية الأخرى، وحاليا ما يهم الأمريكيين هو حقوق الانسان
والقضايا الاجتماعية والتركيز على العدالة الاجتماعية والتي يندرج تحت بنودها
الأمان الوظيفي والشخصي أيضا، فمثلا الأمريكي من أصل أفريقي أصبح يرى أن حياته
مهددة نتيجة ممارسات بعض الشرطة الأمريكية وزيادة نبرة التشدد في المجتمع الأمريكي".
هل يقتنص الديمقراطيون
الفرصة؟
ولكن مع اتساع رقعة
هذه الاحتجاجات يبرز تساؤل حول امكانية استخدام الحزب الديمقراطي لها واستغلالها
في حصد أصوات انتخابية خاصة المتشككة والتي لم تحسم أمرها بعد.
يؤكد المحلل السياسي
جو معكرون أن "استراتيجية ترامب هي ضمان أعلى نسبة إقبال بين مناصريه
مقابل خفض هذه النسبة بين مناصري الحزب الديمقراطي، لكن غياب بايدن عن الساحة قد
لا يضمن استغلال الديمقراطيين لأخطاء ترامب المتكررة".
وأضاف: " التحدي
الكبير بين الديمقراطيين هو غياب مرشح يواكب هذه التطورات المتسارعة من فيروس
كورونا الى الاحتجاجات الشعبية بعد مقتل فلويد، لا سيما أن السلطات المحلية في
مدينة مينيابوليس وفي ولاية مينيسوتا هي من الحزب الديمقراطي وهي أيضا فشلت في
التعامل مع قتل فلويد وتداعياتها، ما ترك الساحة لترامب كي يستغل هذا الفراغ في
القيادة، وأداء الحزب الديمقراطي في المرحلة الاخيرة لم يرق الى مستوى
التحديات".
وخلص بالقول:
"فشل إدارة ترامب في عدة ملفات ومنها مقتل فلويد أيضا يقابله فشل ديمقراطي في
القضية الأخيرة، بالتالي أعود وأؤكد أنه من الصعب التوقع والجزم بأن ترامب
سيخسر أو سيفوز بالانتخابات القادمة".
بدوره علق أستاذ
السياسات العامة صلاح الحنيني على رأي معكرون بأن الديمقراطيين فشلوا أيضا في
إدارة قضية فلويد، بالقول: "توقعي أن خسارة ترامب ليست نابعة فقط من ادارته
الفاشلة لملف الاحتجاجات الأخيرة، بل أيضا بسبب خطابه المتعالي والموجه للجمهور
الأمريكي، حيث دائما ما يستخدم لغة استعلائية".
إضافة إلى أنه لم يكن
خطابه معبرا عن زعيم أمة، بل كان كخطاب زعيم لفئة محددة ما ساهم في انتشار
الاحتجاجات في 37 ولاية أمريكية وليس فقط مينيسوتا، وبالتالي فإن فشل الديمقراطيين في
هذه الولاية لا يعني أن تأثيره على حظوظهم في الانتخابات سيكون سيئا بالنسبة
لهم".