سياسة دولية

هكذا تحدث دبلوماسي تركي عن أزمة هونغ كونغ بين الغرب والصين

رندا: تعتقد تعتقد  الصين أن المظاهرات التي بدأت في الربيع الماضي في هونغ كونغ تحركها "قوى الشر" في الغرب- جيتي
رندا: تعتقد تعتقد الصين أن المظاهرات التي بدأت في الربيع الماضي في هونغ كونغ تحركها "قوى الشر" في الغرب- جيتي

نشرت صحيفة "دنيا" التركية حوارًا مع السفير التركي المتقاعد مدحت رندا تحدث فيه عن هونغ كونغ من خلال الإجابة عن خمسة أسئلة.

وقالت الصحيفة، في هذا الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن هونغ كونغ استقلت عن المملكة المتحدة في سنة 1997 وأصبحت منطقة إدارية خاصة تابعة للصين وذلك في إطار دولة واحدة ونظامان، لكنها أصبحت الآن مركز التوتر بين الولايات المتحدة والصين. ويرى رندا أن هونغ كونغ التي تتمتع باقتصاد السوق الحر عالقة حاليا في نزاع قوامه التوترات الجيوسياسية نتيجة جائحة كوفيد-19.

توضيحا لما حدث لهونغ كونغ حتى وصلت إلى هذا الوضع، قال السفير التركي المتقاعد إن رحلته الأولى إلى هونغ كونغ كانت عام 1976 مع وفد تجاري. ثم زارها مرة أخرى سنة 1997 عندما كان مستشارا في سفارة لندن، حيث تعرف خلال دعوة رسمية على الحاكم الأخير لهونغ كونغ كريس باتن، مؤلف كتاب "الشرق والغرب". في تلك الفترة، تنازلت إنجلترا عن هونغ كونغ التي كانت مستعمرتها طيلة 150 عامًا إلى الصين بتوقيع إعلان مشترك وقع عليه كلا البلدين وتم تسجيله في الأمم المتحدة.

أضاف السفير التركي المتقاعد أنه منذ ذلك الحين، أصبحت إدارة هونغ كونغ تعمل تحت شعار "دولة واحدة ونظامين"، ويقول البعض إنها تحولت إلى مدينة شبه مستقلة من الناحية السياسية والقانونية، بينما يعتقد البعض الآخر أنها أصبحت تحظى باستقلالية واسعة.

 

وينص الإعلان المبرم في الأمم المتحدة على استمرارية الفترة الانتقالية المشتركة لمدة 50 عامًا لتنتهي عام 2047. بعد ذلك، سوف يظل اقتصاد السوق الحر قائما على سيادة القانون في هونغ كونغ ومستقلا عن الصين، مع تمكين المستثمرين البريطانيين والأمريكيين من مواصلة أنشطتهم. وبعبارة أخرى، يمكن القول إن البريطانيين تصرفوا بدهاء عند التفريط في مستعمرتهم لأنها كانوا قبل ذلك قد ضمنوا تأسيس نظام إداري يخدم مصالحهم.

أما فيما يتعلق بأهمية هذا النظام بالنسبة للولايات المتحدة ودول الغرب، يقول السفير المتقاعد إن هونغ كونغ من أضخم مراكز التجارة والتمويل وإعادة التصدير في العالم. فهي تعيد تصدير المنتجات من العديد من دول العالم، خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والصين ودول الشرق الأقصى الأخرى. وتعتبر هونغ كونغ مقر العديد من الشركات الأمريكية والبريطانية. وقد بلغ الفائض التجاري للولايات المتحدة مع هونغ كونغ 297 مليار دولار ما بين 2009 إلى 2018، بتواجد حوالي 1300 شركة أمريكية تنشط في مجالات مختلفة من الاستثمار والإنتاج إلى الصناعة والعقارات.

وفي حديثه عن مدى تأثر تركيا بهذه الأوضاع، أوضح رندا أن ما يحدث حاليًا من تحول الأزمة بين الصين والولايات المتحدة وتراشق التهم بشكل مستمر في خضم جائحة كوفيد-19، الذي حول التوتر إلى حرب باردة بين البلدين، لن يفيد تركيا أو أيًا من البلدان النامية الأخرى. فقد أدت الحرب التجارية بينهما إلى تراجع التجارة الدولية وتوقف سلسلة الإمدادات وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وهذا بدوره يؤثر بشكلٍ سلبي على جميع الاقتصادات في العالم الذي وصل إلى طريقٍ مسدود بسبب الأزمة التي تسببت فيها الجائحة.

وأشار السفير المتقاعد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين أظهرا أنهما شريكان تجاريان جيدان خلال السنوات الماضية، حيث باتت الصين مركزًا للعديد من الشركات الأمريكية والأوروبية مع تحقيق فائض تجاري بقيمة 500 مليار دولار. وبالعودة إلى تركيا، فمن المتوقع أن تتأثر بمبادرة "حزام واحد طريق واحد" الصينية.

وشدد السفير المتقاعد على أهمية حفاظ تركيا على علاقاتها التجارية والاقتصادية والسياسية مع دول الغرب والصين نظرا لأن هذه العلاقات مكملة لبعضها وليست بدائل عن بعضها، مع النأي بنفسها عن النزاعات الثنائية. من الناحية المالية، تحتاج تركيا حاليًا إلى تمويل خارجي من المنتظر أن يأتيها من الغرب. وقد سمعنا أنه أجريت مفاوضات حول الدعم المالي من كل من بريطانيا واليابان ولم تذكر الصين في هذا السياق.

ويتوقع السفير التركي الحرب الباردة بين الدولتين بسبب لجوء الإدارة الأمريكية إلى سياسة الضغط على الصين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي تتعرض لها أقلية الأويغور، الذين يعتقلون بشكل قسري في معسكرات إعادة التأهيل.

تعليقا على قانون الأمن القومي التي أقرته الصين مؤخرا، أفاد رندا بأن البرلمان الصيني مرّر هذا القانون متجاوزًا المجلس التشريعي في هونغ كونغ لأول مرة. وقد وصل هذا الخبر للصحافة الأجنبية في غضون ساعات قليلة. ردا على ذلك، أدان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان له هذا القانون مؤكدا أن لهونغ كونغ مجلسها التشريعي وأن هذا القرار يتعارض مع رغبات شعبها.

حسب رندا فإنه يمكن للولايات المتحدة أن تشير إلى عدم توافق هذا القانون مع ما ينص عليه الإعلان المشترك المبرم مع الصين بشأن هونغ كونغ، وأن الصين لا تفي بالتزاماتها. وتبرر الصين إقرار هذا القانون بحاجتها إلى تشريع يحميها من الأنشطة الإرهابية والتدخل الأجنبي والحركات الانفصالية ويمكنها من حشد الجيش وتكثيف أنشطة المخابرات؛ خاصة أنها تعتقد أن المظاهرات التي بدأت في الربيع الماضي تحركها "قوى الشر" في الغرب.

فيما يتعلق بإمكانية تحول التوتر بين الولايات المتحدة والصين إلى حرب باردة، يرى السفير التركي المتقاعد أن الولايات المتحدة تمنح هونغ كونغ امتيازات في قضايا معينة بموجب قوانين خاصة، فمثلا لا ينطبق على هونغ كونغ التعريفات الجمركية وبعض القيود المفروضة على الصين. إلى جانب ذلك، قد يستغل ترامب قضية هونغ كونغ لتعزيز حظوظه في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.

وأضاف رندا أن ترامب كان في البداية يحتاج إلى دوافع قوية تجعل المواطنين الأمريكيين يصوتون له مرة أخرى، وجاءت جائحة كورونا وتفاقم التوتر في العلاقات الثنائية بين البلدين ليعطيه العديد من الأسباب التي تدعم موقفه ضد الصين. لعل أولها أن القوة الأمريكية لا تنبع من القوة العسكرية فقط بل من كون الدولار الأمريكي عملة احتياطية عالمية، لذلك تحاول الصين التي تعتبر دولة صاعدة اقتصاديا إضعاف الدولار. كما تتهم الولايات المتحدة الصين باستخدامها المفرط للأسلحة والتجسس عليها تكنولوجيًا، لذلك تطالب حلفاءها بعدم استخدام التكنولوجيا الصينية واتباع سياسة الاحتواء والضغط.

 

اقرأ أيضا: ما أهمية هونغ كونغ الاقتصادية لأمريكا والصين.. وما مصيرها؟

التعليقات (0)