هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الكتاب: العمل الصهيوني في فلسطين
المؤلف: إسرائيل كوهين
ترجمة: محمد بن عودة المحيميد
الناشر: مركز البحوث والتواصل المعرفي ـ الرياض، ط1، 2019.
أولت الحركة الصهيونية، أهميةً كبيرةً لموضوع تهجيراليهود من بقاع الأرض كافة باتجاه فلسطين، وذلك لتأمين المادة البشرية التي تلزم لتنفيذ حلقات المشروع الصهيوني المتصلة والممرحلة، فالهدف هو الاستيطان في فلسطين، والعمل على تغيير الواقع على الأرض، وفرضه على السكان؛ لإنشاء الكيان الصهيوني.
بين يدي الكتاب
في هذا الإطار اختار إسرائيل كوهين (Israel Cohen) 1879 ـ 1961، أحد قادة الحركة الصهيونية، مجموعة من المقالات المنشورة في الصحيفة الرسمية للمنظمة الصهيونية "دي فيلت" (تعني العالَم)، الألمانية، من عددها الخاص بفلسطين، الذي صدر في الخريف 1910. وترجمها إلى اللغة الإنجليزية، ونُشرها في كتاب (Zionist Work In Palestine)، نيويورك، 1912. وقدم له رئيس المنظمة الصهيونية، ديفيد وولفسون، بقوله: "هذه المجموعة المنوَّعة هي الأولى من نوعها في الإنجليزية، وقد سعينا أن تحوى خلاصة وافية من المعلومات عن العمل الصهيوني في فلسطين، ونقدّمها إلى الناطقين بالإنجليزية عمومًا، وإلى الجزء اليهودي من ذلك العالم خصوصًا" (ص 19). قام محمد بن عودة المحيميد، بترجمته إلى العربية تحت عنوان "العمل الصهيوني في فلسطين"، مركز البحوث والتواصل المعرفي ـ الرياض، ط1، 2019.
ولعله من المهم قبل البدء في عرض أهم ما جاء في هذا الكتاب، الإشارة إلى تأكيد المترجم في مقدمته أن موضوعات الكتاب تناولَتْ كل ما له صلة بالاستيطان، مثل اختيار فلسطين، والظروف المحيطة بذلك الاختيار، ودراسة سكّانها، وجمع المال، وتوظيفه فيها، واستثماره، والاستيطان والبناء على الأرض، وعمل المرأة، ودراسة التربة والمياه والنباتات، وبناء المدارس والمؤسسات التعليمية، وإنشاء المكتبات، وإحياء اللغة العبرية، ودراسة الأمراض والصحة وإنشاء مؤسسات لها، وما يتعلق بالزراعة والبستنة، مع تسليط الضوء على المنظمات اليهودية وتطورها وأعمالها، وما إلى ذلك.
في هذا الكتاب، أشار كوهين، إلى عاملين رئيسيين لتقدم الصهيونية؛ "الدعم الممنوح لها من اليهود، والموقف الذي تبنته الحكومة العثمانية. إنّ العلاقة بين هذين العاملين أقرب مما قد تبدو في الوهلة الأولى وأكثر انسجامًا؛ فالدعم اليهودي مرهون بالتأثير الإنساني، وموقف الحكومة العثمانية يتأثر بالحجة العقلانية" (ص 16).
يقع الكتاب في 260 صفحة من الحجم المتوسط، ويتألف من مقدمة المترجم، ونبذة عن المحرر، ومقدمة كتبها المحرر، وتقديم رئيس المنظمة الصهيونية ديفيد وولفسون، تتلو ذلك تسع عشرة مقالة، كتبها عدد من الرواد الصهاينة، وختمت بملاحق.
1 ـ البرنامج الصهيوني والعمل التطبيقي في فلسطين
يلخص د. أو. ثون، التطور التاريخي للاهتمام بفلسطين بقوله: "لم يكن سبب اهتمام اليهود الأوروبيين بفلسطين. قبل نصف قرن تقريبًا، أي عاطفة تاريخية أو سياسية بنّاءة(...) اتسمت المرحلة الثانية، بتصوّر عميق، وأهداف واسعة الرؤية، وقد انطلقت على يد أحباء صهيون(...) أما المرحلة الثالثة، فهي بإشراف هرتزل(...) أصبحت فلسطين هدف حركة سياسية قومية" (ص 24 ـ 25).
وبحسب كراكوف، "إن هدفنا هو وطن للشعب اليهودي، وليس استيطانًا فرديًّا، أو مدرسة فردية، أو مشروعًا صناعيًا فرديًا، أو محطة تجارب فردية، أو كثيرًا من مثل هذه الأشياء" (ص 27). و"إن شعبًا يهوديًا بلا صهيونية لن يمتلك التلاحم المنشود، ولن يكون في وسعه أن يتحلّى بقوىً ظاهرة قادرة على المقاومة والبقاء" (ص 31).
2 ـ فلسطين وبلدان أخرى:
يحدثنا إم. يوسيستشكين عن انفتاح الأفق أمام اليهود للبحث عن أرض، "وانهمرت عروض الأرض في: أوغندا، والكونغو، وجنوب المغرب، وشحات، وبلاد الرافدين، والمكسيك وأستراليا. وهي أسماء رفعت الأمل والحماسة بين الجماهير اليهودية، ثم كانت آخر المراحل، غالفستون" (ص 34). يري يوسيستشكين أن "أي بقعة على وجه الأرض عوض من أرض الميعاد (يقصد فلسطين)، وأي رطانة بديلة عن اللغة العبرية، ستكون موتًا قوميًّا" (ص 37).
3 ـ الصندوق القومي اليهودي
يتناول د. إم. آي. بودنهيمر، تشكيل الصندوق القومي اليهودي، وأن غرضه هو "الحصول على أرض للشعب اليهودي في فلسطين" (ص 39). فالسمة المييزة للصندوق القومي، بحسب بودنهيمر، هي "أنه ينمو ويتقدم بجهود مستمرة من الآلاف من إخوتنا في العرق، وهذه الحماسة والتفاني يأخذان شكلاً واضحاً لكل فرد من أصدقائنا الساعين إلى نمو الصندوق. ومن ثم فإن قلب الشعب اليهودي مرتبط بهذا الصندوق" (ص 42).
4 ـ السكان اليهود في فلسطين:
يقدم د. لازار جرونهوت، وصفاً عن السكان اليهود في فلسطين، يقول: "ينبغي ألاّ يتوقع القارئ صورة موحَّدة"، ويفرق بين "الإشكناز والسفارد".
5 ـ النباتات في فلسطين:
يتناول البروفسور أو. ووربيرج، أوضاع حياة النبات، ومناخ البلد، ويلقي نظرة على نباتات المنطقة، التي تمثل فلسطين جزءًا منها. وبحسب المؤلف، "نحن قادرون بفضل دعايتنا، أن نُدخل إلى البلد أناسًا مع رأس مال؛ وبمساعدة رأس المال، يمكن لزراعة البساتين أن تنمو بشكل هائل خلال سنوات قليلة، إذا كان البلد والسكان مزودين برأس مال. كلا هذين الأمرين يمثل القضية في فلسطين إلى حد كبير" (ص 72).
6 ـ جامعة القدس:
طالب إسرائيل أبراهامز بضرورة "إنشاء جامعة يهودية(...) فليس ثمة مركز أنسب لها من القدس" (ص 75). فـ"ثمة آلاف لديهم معرفة عميقة بالأدب اليهودي، ولكنهم في حاجة إلى توجيه وتدريب علمي. (ومن أجل إحياء للغة العبرية) فإن إيجاد جامعة يهودية أمر ضروري بلا ريب؛ فاللغة العبرية في الوقت الحاضر في وضع خطر(...) جامعة القدس وحدها هي التي ستكون لها القوة والسلطة لكبح هذا الخطر، وتحديد المبادئ التي سنحفظ نقاء اللغة من خلالها، ونفرض قواعد منهج موحد لتحدث العبرية وكتابتها" (ص 76 ـ 77).
7 ـ أكاديمية بتسلئيل:
يحدثنا البروفسور بوريس شاتس عن نظرته إلى الفن بالقول: "نظرت إلى الفن باعتباره معبدًا، ونظرت إلى الفنانين وكأنهم كهنته. وحلمت بأنني ينبغي عليّ أن أصبح كاهنًا أعظم في خدمة الفن المقدس، وأن أعلّم الإنسان مثالية العظمة والجمال، وحب الخير وكره السوء" (ص 81). ومن ثم كان لدى شاتس حلم جديد، في فلسطين، هو إنشاء مدرسة للفن اليهودي، يقول: ومن أجل ذلك "اتجهت إلى تيودور هرتزل(...)، سألني قائلًا: ما الاسم الذي ستطلقه على مدرستك؟ فأجبته قائلاً: بتسلئيل، على اسم أول فنان يهودي بنى لنا معبدًا في القفار" (ص 85).
8 ـ المعهد الصحي في فلسطين:
كتب د. هانس موهسام، "تقرر إنشاء معهد صحي يحمل اسم ماكس نوردو، احتفاءً للذكرى السادسة عشرة لمولده(...) إن مهمات المعهد الصحي هي الرقي بالصحة العامة، والحفاظ عليها، ودرء احتمال انتقال الأخطار من الخارج، وإصلاح العلاقة بين الفرد والمجتمع تبعًا للحياة الاجتماعية" (ص 87). إن العمل الذي ينبغي أن يقوم به المعهد في فلسطين، هو كما يأتي: "يجب مكافحة الأمراض المستوطنة ومنعها" (ص 88). "سيكون من الضروري إيجاد الموارد المالية لإنشاء المعهد (...) ومن أجل جمع الأموال، شُكلت لجان شرقية في عدد من البلدان" (ص 90). إن "الموقع الذي جرى اختياره للمعهد هو مدينة الميناء؛ حيفا" (ص 93).
9 ـ الظروف الصحية في فلسطين:
يقدم د. آرون ساندلير، ملاحظات رئيسية على الجوانب الصحية لفلسطين ذات الأهمية العملية من وجهة النظر الاستعمارية. "يقدَّم المناخ الفلسطيني فرصًا رائعة لإقامة المصحات، وإنشاء المنتجعات الصحية، التي يجب أن تنافس المنتجعات الصحية المصرية؛ فالمرضى الذين يحتاجون إلى الراحة، ممن هم في طور النقاهة، أو يعانون من فقر الدم، أو المصابين بأمراض عصبية، أو السل، يمكن العناية بهم بصورة فعّالة، في أحضان المنظر الجميل للكرمل ولبنان(...).هناك الينابيع من أصول بركانية؛ فهي حارة وغنية بالأملاح والكبريت" (ص 106). إن العناية بالنظام الصحي في فلسطين، هو، "إعادة تأسيس الثقافة في الأرض المقدسة ستجعلها صحية ودافعة للصحة، وستمكّن عرقًا يهوديًّ مفعمًا بالحيوية من الازدهار في هذا المجال" (ص 107).
10 ـ المدراس اليهودية في فلسطين:
ينسب د. يعقوب ثون، شرف إيجاد المدارس الحديثة الأولى في فلسطين إلى التحالف الإسرائيلي العالمي الذي أنشأها، ويرعى التحالف أكبر مؤسستين، وأهمها للتدريب الفني لأطفال فلسطين، وهما: المدرسة الزراعية، مكفيه يسرائيل، في يافا، والتي تضم أقدم استيطان زراعي يهودي في فلسطين، ومدرسة الحرفيين في القدس" (ص 110). يطالب ثون، بأن "تكون لغة التعليم في المدارس اليهودية في فلسطين اللغة العبرية" (ص 113). وأن التعليم الديني، "عامل إيجابي(...) يعتمد تطبيق هذا العامل على المدرس" (ص 117). فـ"المدرسة ينبغي أن تهتم بالتوظيف العملي للأطفال في البستنة، وفروع الفلاحة الأخرى(...) وإلى جانب التدريب الزراعي، يجب توفير تدريب صناعي" (ص 120). إن "اليهودية في المنفى يجب أن تبني لنفسها مزارات جديدة في فلسطين، من أجل أن تضمن فيها مصدرًا جديدًا للقوة والحيوية" (ص 121).
11 ـ عمل المرأة في فلسطين:
كتبت سارة ثون، "تؤدي المرأة، كما هو معروف جيدًا، جزءًا بارزًا من المنجز الاستعماري لجميع الشعوب (...). إن الطريقة الوحيدة التي يتحقق بها التأثير في النساء هنا، وتحويلهن إلى مستوطنات من النوع السليم، هو أن نمنحهن عملاً وأن نوجد لديهن ذوقًا أعلى" (ص 123). فقد أوجد اتحاد النساء اليهوديات للعمل الزراعي في فلسطين؛ "للفتيات هنا، اللائي يعشن في فقر مدقع ويتزوجن وهن صغيرات جدًا، صناعةً يمكن تعلمها بسرعة، ويمكن أن تمارسها كل امرأة في منزلها. وهذه الصناعة يمكن تكييفها بصورة أفضل من الصناعات الأُخريات كي تؤديها النساء في المنزل؛ لأن الأداة الوحيدة التي تتطلبها هي إبرة بسيطة وخيط(...) يقدم كذلك تدريس اللغة العبرية يوميًّا، وتُمارس الألعاب الرياضية والغناء وتُدرس اللغة العبرية بطريقة تُمكن الأطفال من التحدث، والكتابة، والقراءة، وفهم ما يقرؤون" (ص 128).
وشمل برنامج اتحاد النساء، "مدرسة للاقتصاد المنزلي(...)، ويعتزم الاتحاد تشغيل مزرعة، لا يعمل فيها إلا النساء (...) وسيبني الاتحاد كل حقل يمكن أن تعمل فيه المرأة ويؤدي منفعة" (ص 129).
12 ـ المكتبات في فلسطين:
يحدثنا د. هينريتش لويوي عن ضرورة المكتبات اليهودية، "لغرس ثقافة عبرية قليلة في فلسطين" (ص 134). من الضروري "ألا تقتصر المكتبة القومية اليهودية، في القدس، على كتب اللغة العبرية، أو الكتب ذات الموضوعات اليهودية فحسب؛ لأن المعرفة بشتى أنواعها ضرورية؛ للحفاظ على الشعب اليهودي، عند المستوى العالي من الثقافة(...) يجب أن تحتضن كل مجالات المعرفة الإنسانية وجهودها، مع أن المسار الطبيعي للأشياء، وموقع المكتبة في الوسط الشرقي ليهودا، يجب أن يخصص المكان الأبرز للغة العبرية، والمسائل اليهودية" (ص 136).
ويجب أن تكون المكتبة القومية، "مكتبة للجامعة، والكلية التقنية، والمدرسة الزراعية، وأكاديمية اللغات، وأن تخدم كذلك الكلية التلمودية، والمدرسة الحاخامية. وفي الوقت نفسه يجب أن تكون مركزًا للمكتبات الأخرى في القدس" (ص 138). أن إيجاد "مكتبة قومية يهودية في القدس، تكون نصبًا تذكاريًّا لشرف التاريخ اليهودي، نصبًا للفكر اليهودي غير القابل للتدمير، مؤسسة الثقافة اليهودية، والحياة الفكرية العبرية" (ص 139).
13 ـ محطة التجارب الزراعية اليهودية وبرنامجها:
تعرض آرون آرونسون المشكلات التي ما تزال تعترض الزراعة الفلسطينية، وتشرح معالجة المشكلات، التي تعتزم محطة التجارب التعامل معها، "يجب أن تقوم المحطة بتحقيق شامل في الأنماط الزراعية" (ص 143). و"تدريب خبراء زراعيين، فمن أجل تجنب المفاهيم الخاطئة" (ص 144).
14 ـ الائتمان في فلسطين:
يناقش د. ليفونتين، مدير الشركة الأنجلو ـ فلسطينية، موضوع الائتمان بين المستعمرين، ويشير إلى البارون إدموند دو روتشيلد، وجمعية أحباء صهيون، "فأُنشئت المستعمرات، وقدمت الإعانات للفقراء، ووُطن العمال في الأرض من دون موارد مالية، وليس باسم الإحسان، مع أن من الواضح أنهم لن يتمكنوا أبدًا من دفع ديونهم" (ص 151).
منحت الشركة الأنجلو فلسطينية "قروضًا قصيرة الأجل للمصنعين والتجار، مقابل فواتير عملاء أو بضائع؛ وأدخل الجمعيات التعاونية للمستعمرين، والعمال، وصغار التجار، وفي نهاية المطاف منح جمعيات المزارعين وبناء المنازل ديونًا زراعية طويلة الأجل في حدود ضيقة. وقد مُنحت قروض لمؤسسات يهودية محلية تعليمية، وخيرية قابلة للدفع عند تسلّم إعاناتهم السنوية والإسهامات" (ص 154).
15 ـ الشركة الأنجلو فلسطينية:
يشير د. إن. كاتزينيلسون إلى أن "البنك اليهودي الاستعماري، هو الأداة المالية للحركة الصهيونية على الدوتم، وهدفه الرئيس دائمًا هو التنمية الصناعية والتجارية لفلسطين والبلدان المجاورة لها. ومن هنا، فبعد إنشاء البنك اليهودي الاستعماري، اتُخِذَت خطوات لإنشاء الشركة الأنجلو فلسطينية، التي بدأت عملياتها عام 903(...) لقد أصبحت الشركة الأنجلو فلسطينية، أحد العوامل المؤثرة المهمة في الحياة في فلسطين؛ بحيث إن وصف البلد لن يكون مكتملًا إذا لم تُذكر فيه هذه المؤسسة" (ص 158). فالأمر المهم، هو، أن الشركة الأنجلو فلسطينية ، "أسهمت جهدها في تنمية البلاد وتقدمها، وأمدت الناس بحياة جديدة" (ص 166).
16 ـ عودة اليهود إلى الزراعة:
يري د. آرثر روبين، أن "العقبة الرئيسية، فيما يتعلق بتركز اليهود في فلسطين، بالصعوبة الاقتصادية(...) فلسطين، بلاد الزراعة، ثمة قاعدة هي أن المهاجر يمكنه أن يجد معيشةً فقط بهجر مهنتة السابقة، والانخراط في الزراعة؛ وهذا الأمر ليس سهلًا بأي حال من الأحوال" (ص 169). يجب "إيجاد خطة منهجية لتدريب أطفال اليهود في أوروبا، أو في فلسطين، في مدارس زراعية، وفي المَزارع، ثم توطينهم بصفة مستعمرين في فلسطين (...) سيتم إيجاد آلاف المستعمرين، وليس مئات فقط" (ص 170).
17 ـ نهضة اللغة العبرية:
يحكي دافيد يلين إنه "عندما تحيا اللغة العبرية على ألسنتنا، فإنها تذكرنا بعصور مجد شعبنا الماضية، وتقربنا منها، إنها تحفزنا وتلهمنا، وتجعلنا ننسى المنفي، بكل بشاعته؛ فنعيش مع صورة حياة أجدادنا من قبلنا(...) وفي الوقت ذاته نتحدث كذلك لغة التوراة" (ص 179). وفي نهاية المطاف، "يجب علينا على أي حال تعلم هذه اللغة، إذا أردنا ألاّ نقطع كل صلة بالدين والتاريخ" (ص 180).
18 ـ عمل أحباء صهيون (إسهام في تاريخ استعمار فلسطين)
يقول د. إم. جلوكسون، "أن أول جمعية خصصت نفسها للاستعمار الفعلي، هي ما يسمى (لجنة أوديسا)" (ص 191). ويشير إلى اتحاد عده عناصر قومية مختلفة في "جمعيات انضوت تحت اسم (شوفيف زيون / أحباء صهيون)" (ص 195). و"في نوفمبر 1884م، عُقد المؤتمر الرائع في كاتوفيتسه، حيث أقرَّ المرة الأولى ممثلون من جمعيات أحباء صهيون المتبانية عملًا موحدًا لدعم الاستيطان الفلسطيني" (ص 197).
19 ـ المستقبل اليهودي في فلسطين
يقول د.إلياس أويرباش: "فلسطين ليست بلدًا خاويًا، ففيها سكان أصليون من غير اليهود، عددهم 600 ألف نسمة" (ص 211). إذن "تعد فلسطين بلدًا عربيًّا، ومن أجل جعلها بلدًا يهوديًّا يجب على اليهود أن يصبحوا العنصر الرئيس بين السكان" (ص 212). إن "السكان اليهود لديهم الفرصة في أن يصبحوا العنصر المهيمن في البلد من حيث القوة والأعداد، إذا نجحنا في تشكيل فئة من ذوي الأملاك اليهودية الصرفة" (ص 216).
تكمن أهمية الكتاب الذي عرضنا له، ليس فقط لأنه ينقل شهادات من أصحاب المشروع الصهيوني نفسه، وإنما لأنه يكشف وبوضوح طبيعة مشروح الاحتلال الصهيوني المعقدة والمركبة، والتي مكنت له على أرض فلسطين للعام 72 على التوالي.. لكن الأخطر من هذا التاريخ كله، أن مسلسل التمدد والاتساع الصهيوني عربيا مازال مستمرا، وهو يأخذ ظاهريا أشكال تطبيع إعلامي وثقافي لكنه في العمق قد يكون أبعد من ذلك بكثير..