هل يمكن للسلطة مواجهة مخطط ضم الاحتلال للضفة والأغوار؟

تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الحديث والمطالبات الإسرائيلية، خاصة من الأحزاب اليمينية، بضم الضفة الغربية المحتلة والأغوار إلى سيادة الاحتلال.

ووقع الشهر الماضي، الجنرال بيني غانتس رئيس حزب "أزرق أبيض" مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي وزعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو، اتفاقا لتشكيل "حكومة وحدة وطوارئ"، وشمل الاتفاق، التوجه نحو ضم الضفة ومنطقة الأغوار.

وصرح نتنياهو يوم 26 نيسان/أبريل الماضي، بأنه واثق من ضم مناطق جديدة من الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية"، منوها أن واشنطن ستمنحه موافقتها خلال شهرين للضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة والأغوار المحاذية للأردن، وسبق أن كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن لجنة الضم المشتركة اجتمعت عدة مرات.

وطرحت "عربي21" تساؤلا على محللين فلسطينيين حول تصورهم لإمكانية مواجهة السلطة الفلسطينية لمخططات الضم الاحتلالية. 

المشروع السياسي المقاوم

من جانبه، أكد الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن "الضم موجود على أرض الواقع، ولكن يبقى الإعلان الرسمي من قبل الاحتلال".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "المواجهة الفلسطينية للضم تحتاج لعدة أمور، وفي مقدمتها إبداء نية حقيقية من قبل السلطة تجاه المصالحة الداخلية، وتخليها عن الامتيازات الكبيرة التي تحققت، إضافة إلى العودة إلى المشروع السياسي المبني على المقاومة".

اقرأ أيضا: الفلسطينيون أمام سيناريوهات الضم والمواجهة

وأضاف عواد: "دون ذلك لن نستطيع كفلسطينيين مواجهة مشروع الضم، لوجود حالة من فقدان الثقة بين الشارع الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، والانقسام فلسطيني، فرغم الرفض الفلسطيني لصفقة القرن الأمريكية؛ فإن الإجراءات المتخذة من قبل السلطة في هذا الصدد خجولة، ما أشعر الجمهور الفلسطيني بالإحباط".

ونوه المختص، أن "الأمر يتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، في حال استطعنا داخليا تجسير الهوة بين الطرفين (فتح وحماس)، ونزلت السلطة لرغبة الشارع، بعدها يمكن الانطلاق لتفعيل الإقليم والواقع الدبلوماسي لمواجهة صفقة القرن وقرار الضم الذي بات يلوح في الأفق، وإن كنت أستبعد اتخاذه هذه الصيف".

السلطة بلا خطة

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم: "تحت الظروف الحالية، الواضح أننا لن نواجه عملية الضم، فكما فشلنا في نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، وفشلنا في التصدي للاعتراف بالمستوطنات، سنفشل في هذه أيضا".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "السلطة لا تمتلك خطة لمواجهة القرارات الإسرائيلية، وسنكتفي بإصدار بيانات الإدانة والاستنكار شديدة اللهجة، وسبب ذلك أننا غير مهيئين للدفاع عن أنفسنا أو عن وطننا، بل على العكس، وضعنا الحالي يشجع العدو على المزيد من الاعتداءات على شعبنا".

ونوه قاسم، أنه "لا توجد نية لدى السياسيين في الضفة الغربية (السلطة) بتغيير مسارهم، أو تبني خطط واستراتيجيات يمكن أن تؤدي بنا إلى نتيجة أفضل".

وقال: "الحقيقة أن الاعتداء ليس إسرائيليا فقط، وإنما فلسطيني على فلسطين وشعبها، لأن ارتماء رجالات السلطة في الضفة بأحضان العدو والولايات المتحدة، واستسلامهم وعدم وجود ردود فعل تثأر لكرامة الشعب الفلسطيني حول مختلف الإجراءات الإسرائيلية التي تمت عبر الزمن، هذا شكل اعتداء على شعبنا واستهتارا بحقوقه".

واعتبر الأكاديمي الفلسطيني المقيم في الضفة المحتلة، أن "الاعتداء ليس صهيونيا فقط وإنما فلسطيني أيضا، بسبب حرصهم (رجالات السلطة) على مصالحهم الشخصية، على حساب المصالح الوطنية"، مضيفا: "نحن في الحقيقة، لأننا لسنا أصحاب قرار، عجزنا عبر الزمن عن إنشاء تكتل يمكن أن يغير الأوضاع السياسية القائمة في الضفة، من أجل أن نثأر لشعبنا ونردع عدونا عن الاستمرار في اعتداءاته".

اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: تزامن الضم وكورونا يضغط على السلطة الفلسطينية

وبشأن الوضع في قطاع غزة، رأى أنه "مختلف، فرغم أن غزة محاصرة إلا أن يدها على الزناد، وهي على استعداد لخوض حروب ومنع إسرائيل من تحقيق أي انتصار، ومع ذلك، وضمن الوضع القائم، فإن غزة لن تتمكن من منع الاحتلال وردعه عن ضم الضفة".

وحول الأدوات التي تمتلكها السلطة لمواجهة الضم، ذكر أنه "في حال توفرت لدى السلطة نية حقيقية لمواجهة القرارات الإسرائيلية، فهي لا تمتلك الآليات، أولا لأن البيئة الفلسطينية المختلفة، ليست جاهزة لقرارات مواجهة الاعتداءات الصهيونية".

والأمر الثاني، بحسب القاسم، "ثبت أن المسؤول الفلسطيني ليس مسؤولا، لأنه حريص على رغباته ومصالحه الخاصة، ويكاد لا يعير القضايا العامة انتباها، وهو مستسلم".

ونبه أن رئيس السلطة "يجند أجهزته الأمنية للدفاع عن الأمن الإسرائيلي، وبالتالي لا يمكن لهذه السلطة أن تتخذ القرار بالمواجهة، وأن تضع خططا لهذه المواجهة"، لافتا إلى أن "وجود أبي مازن (عباس) وجماعته، مرتبط بخدمة إسرائيل وليس لمواجهتها".

وقدر قاسم أن "عباس ورجالات السلطة، لن يضحوا بوجودهم السياسي من أجل الشعب الفلسطيني، لأنهم يعتلون هذه المواقع بفضل إسرائيل، ولهذا فإنهم لن يتخذوا قرارا بالمواجهة الحقيقية"، بحسب قوله.