هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز"
تقريرا لمراسلها في مدينة حيفا أوضح فيه جهود الأطباء العرب في إسرائيل بمكافحة
فيروس كورونا المنتشر هناك وذلك على الرغم من التمييز الذي يجري ضدهم.
وقال التقرير الذي ترجمته
"عربي21" إن زاهي سعيد كان يقود سيارته إلى عيادته التي يديرها في مدينة حيفا
عندما رن هاتفه: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد رؤيتك.
وكان نتنياهو قد شاهد الطبيب العربي
على التلفاز وهو يناقش ماذا على الحكومة أن تفعل لتوصل رسالتها حول مخاطر فيروس
كورونا إلى العرب داخل الخط الأخضر، فأراد أن يحصل على بعض النصائح.
وقال سعيد، الذي يقدم الاستشارات أيضا
لمقدمي الرعاية الصحية في الشؤون العربية، للصحيفة إنه أدار سيارته وقادها باتجاه
سكن نتنياهو الرسمي في القدس المحتلة. ومنذ ذلك الحين ظهر سعيد على التلفزيون يوميا
تقريبا، لتلقي الأسئلة من المتحدثين بالعربية لدحض الخرافات حول الفيروس وليرجوهم أن
يبقوا في بيوتهم لكسر سلسلة العدوى.
ولكن عندما سئل سعيد إن كان يمكن
للمجتمع العربي أن يتلقى نفس الفرصة في الحصول على الرعاية الطبية كالأغلبية
اليهودية، أجاب سعيد بدبلوماسية.
وقال للفايننشال تايمز: "نحن
نعرف وهو ليس سرا أن الموارد في هذا البلد لا توزع بالتساوي، ولكن علي أن أنظر إلى
النصف المليء من الكأس.. على الأقل عندما أذهب لمقابلة نتنياهو، فهو على الأقل
يستمع لنا".
ومنذ أن جاء نتنياهو للسلطة عام 1996 عمل
على تشويه سمعة السياسيين العرب وأنهم مجموعة من داعمي الإرهاب، كما نزع عن اللغة
العربية صفتها كلغة رسمية، وسن العام الماضي قانونا يمنح اليهود فقط حق تقرير
المصير في دولة إسرائيل. والآن خلال حربه على كوفيد-19 هو بحاجة لمساعدتهم، يقول
مراسل الصحيفة في مدينة حيفا.
ورغم أنهم يشكلون خمس سكان إسرائيل، إلا
أنهم يمثلون نصف صيادلة البلد وربع الممرضين وأقل بقليل من خمس الأطباء، بحسب مكتب
الإحصاءات المركزية. ويرأس الأطباء العرب أقساما في بعض أكبر المستشفيات
الإسرائيلية. وأكبر مختص بالفيروسات هو عربي.
ويقول الأطباء العرب بأن تمثيل العرب
في المهن الصحية بنسبة أكثر من نسبتهم في المجتمع ناتج عن كون الحصول على مؤهلات
كانت دائما وسيلة لمقاومة التهميش السياسي.
كثير منهم درسوا في الأردن بعد أن وقع
البلدان اتفاقية سلمية عام 1994 ولا يزال المجتمع العربي الإسرائيلي ينظر بعين
الاحترام للعاملين في المجال الطبي.
وقال سعيد مازحا: "إن الأم
البولندية كانت تريد لابنها أن يكون طبيبا ولكنها الآن تريده أن يحصل على عمل في
التكنولوجيا.. أما الأم العربية فلا تزال تريد لأبنائها دخول مجال الطب".
في كفر قرع، وهي بلدة عربية جنوب حيفا
فيها عدد كبير من العاملين في المجال الطبي حتى أن سكانها يسمونها مدينة الأطباء،
كان الدكتور جميل محسن أكثر مباشرة في نقده.
وقال، بينما كان يزيل طبقات من
الملابس الواقية بعد أن جهز عنبرا لكوفيد-19 في مركز هليل يافا الطبي حيث يعمل
كرئيس للأمراض المعدية: "كعرب، الوظائف الأخرى مغلقة لنا، لذلك أصبحنا
أطباء".
وجاء اعتماد إسرائيل على الأطباء
العرب في وقت يتفشى المرض فيه بأسرع شكل داخل المجتمع اليهودي الأورثودوكسي
المتطرف. وبالمقابل فإنه بالرغم من ادعاءات نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون بأن العرب
لا يستجيبون للتوجيهات الصحية، إلا أنه لم يحصل أي تفش كبير في المدن ذات الأكثرية
العربية ولا حتى في أحياء شرقي القدس المكتظة.
ولكن أسامة طنوس، طبيب أطفال، يبلغ من
العمر 34 عاما ويعتبر الكاتبة الهندية اليسارية ارونداتي روي مصدر إلهام، يستشهد
بأقوال أخصائي علم الأمراض الألماني في القرن التاسع عشر ردولف فيرتشو في
تحليلاته، فيرى أن تمجيد الأطباء العرب على أنهم منقذون قوميون لن يؤدي إلى عهد
جديد من المساواة للمجتمعات العربية. وقال إنها ستستخدم بدلا من ذلك لتبرير
الاستمرار في التمييز.
وقال مشيرا إلى عدد من المقالات التي
نشرت في الصحف الإسرائيلية والتي تشيد بالأطباء العرب: "إن لإسرائيل طريقة
للاحتفاء بالأطباء العرب الجيدين، بينما تقوم بالتمييز ضد العرب الآخرين، حتى أن
الأطباء يصبحون كأنهم سفراء لهذا النظام الإسرائيلي الجميل القائم على التعايش..
وتجعل الأمر بأنه كون الأطباء العرب ينقذون الأرواح اليهودية ويساعدون إسرائيل في
لحظة أزمة قومية لذلك حان الوقت للتوقف عن العنصرية ضدهم، وهذا مفهوم خطير".
وقال هاني داود، رئيس اتحاد الصيادلة
الذي يمثل حوالي 300 صيدلية في شمال إسرائيل وهي مناطق ذات أكثرية عربية إن عمل
العاملين في الصحة العرب لم يعد بالتأكيد على مجتمعاتهم بأي منافع مباشرة.
اقرأ أيضا: هآرتس: حاخامات تتعمد كسر تعليمات الوقاية من كورونا
وقال إن زملاءه كانوا أوائل الذين
واجهوا الفيروس عندما اندفع الناس إلى الصيدليات لشراء الأدوية والكمامات ومعقمات
الأيدي. وقال: "إن الحكومة لم تحذرنا،
وكان علينا مواجهة حالة الذعر بأنفسنا"، مشيرا إلى الكمامات التي لم تكن كافية
في الأسابيع الأولى.
وفي مركز صحة زيف قال جلال ترابية،
رئيس السيطرة على العدوى والمستشار لدى وزارة الصحة، إن وتيرة العمل كانت محمومة
لدرجة أنه هو وزملاؤه العرب لم يكن لديهم الوقت للتفكير في سياسة الوضع الذي
يعيشونه.
وقال: "نحن فخورون بأن نكون في
الصف الأول، ولنترك السياسة جانبا، نحن نريد فقط أن ننقذ الأرواح".
ولكن بالنسبة لطنوس، أخصائي الأطفال،
فإن أي تفاعل بين العرب والإسرائيليين فهو دائما سياسي: "إنه مجرد مستوى آخر
من محاولاتنا لإثبات أنفسنا.. إثبات أن بإمكاننا الالتحاق بكلية الطب وإثبات أن
بإمكاننا أن نكون جزءا من المجهود القومي لمكافحة الوباء، فقط لنحصل على المساواة
من محتلينا".