اقتصاد عربي

هل يدفع عمال مصر ثمن انفجار قنبلة العمالة السائبة بالخليج؟

يُطلق على العمالة غير الشرعية مصطلح "العمالة السائبة"- أ ف ب
يُطلق على العمالة غير الشرعية مصطلح "العمالة السائبة"- أ ف ب

تصاعدت أزمة العمالة المصرية، غير الرسمية، العالقة في بعض دول الخليج، وعلى رأسها دولة الكويت، بعد حملة شعبية طالبت بترحيلهم من البلاد، وإلقاء اللوم عليهم وعلى تجار الإقامات من المواطنين في نشر فيروس كورونا المستجد (كوفيد–19)، والضغط على القطاع الصحي، والخدمي، والسلعي.

ويُطلق على العمالة غير الشرعية مصطلح "العمالة السائبة"، والذي تعرفهم بعض القوانين الخليجية بأنهم "المخالفون للنظام والعاملون لحسابهم الخاص في الشوارع والميادين"، ويصفهم آخرون بأنهم "عمالة التأشيرات الحرة".

وأكدت دراسة حديثة للأمم المتحدة أن تفشي فيروس كورونا المستجد، والتدابير الصارمة المفروضة لاحتواء الوباء، ستخفض في الفصل الثاني من العام 2020 ساعات العمل عالميا بنسبة 6.7 بالمئة، أي ما يعادل 195 مليون عامل بدوام كامل.

وقالت الدراسة، إن هذه التدابير الصارمة لاحتواء انتشار الوباء تُهدد معيشة نحو 1.25 مليار عامل، مُحذرة من "أسوأ أزمة عالمية" منذ الحرب العالمية الثانية.

وحذرت منظمة "أسكوا"، في تقرير لها، من أن الناتج المحلي الإجمالي العربي سيتراجع بنحو 42 مليار دولار بنهاية 2020، وأنه من المرجّح أن تخسر المنطقة أكثر من 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، مع ارتفاع معدل البطالة بمقدار 1.2 نقطة مئوية.

وأشارت إلى أنه من المتوقع أن تتأثر فرص العمل في جميع القطاعات، لافتة إلى أن قطاع الخدمات، المصدر الرئيسي لفرص العمل في المنطقة العربية، سيكون أكثر القطاعات تعرّضا لآثار التباعد الاجتماعي، حيث تشير التقديرات إلى انخفاض نشاط هذا القطاع بمعدّل النصف. 

 

اقرأ أيضا: لماذا خالفت مصر التسعير التلقائي للوقود؟.. "صدمة البنزين"

"تقشف خليجي"

ولجأت غالبة دول الخليج إلى تقليص النفقات، ووقف بعض المشروعات، حيث كشفت وثيقة رسمية، أن دائرة المالية في إمارة دبي الإماراتية أبلغت جميع الهيئات الحكومية بخفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل.

وذكرت وكالة "رويترز" أن الوثيقة تضمنت "تقليص النفقات الإدارية والعامة بما لا يقل عن 20%، ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر".

فيما قررت السعودية تخفيض بعض بنود موازنة 2020، وقال وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف، محمد الجدعان، إن القرار يأتي نظرا للظروف الاقتصادية والعالمية الناتجة عن تبعات تفشي كورونا، والانخفاض الحاد في توقعات نمو الاقتصاد العالمي وما تبعها من انعكاس سلبي على أسواق النفط.

"كيف وقعت الأزمة؟"

ألقى نائب رئيس شعبة التوظيف بالخارج وخبير التوظيف الدولي وفرص العمل بمصر، عبد الرحيم إبراهيم، اللوم على تجار الإقامات في الكويت وسماسرة التأشيرات الحرة في مصر غير المرخصين، قائلا: "الكويت تسمح بجلب عمالة مصرية خارج مكاتب توظيف العمالة المسجلة رسميا في مصر من خلال تأشيرات حرة تمنحها لصاحب العمل الكويتي يقوم ببيعها لسماسرة في مصر لعدم حاجته لها".

وأكد لـ"عربي21": "هذا النمط من أسلوب السفر للعمل في الخليج سيئ جدا ويتسبب في مشاكل للعمالة، وهي التي رأينها اليوم، فهؤلاء لا يملكون إقامات ولا يملكون المال لتجديدها، ووضعهم غير قانوني، لأنه سافر بشكل غير قانوني في حين نحن كشركات إلحاق عمالة رسمية نقوم بتوفير فرص عمل موثقة من الخارج".

وأوضح إبراهيم أنه "نتيجة الضغط على الخدمات الصحية ومرافق الدولة في الكويت فقد قررت الدولة إعادتهم بأي ثمن وإعفاءهم من غرامات الإقامة، وتكفلت بسفرهم، لكن هذا وحده لا يكفي؛ لأنه يمثل مشكلة كبيرة لمصر، فحجم العدد الذي يمكن أن يعود كبير في ظل وجود 10 ملايين مصري بالخارج، ما يعني أنك بحاجة لدولة لاستيعاب أي أعداد محتملة، وتوفر لهم حجرا صحيا وأماكن إقامة وفحوصات طبية".

لكن خبير التوظيف الدولي طالب "الدولة بمساعدة من ليس لهم إقامات ولا ترغب الدولة المضيفة فيهم، لكن مَن يوجد هناك ولديه إقامة ويرغب في العودة فإن عليه أن ينتظر لحين تتحسن الأمور، لكن من ليس لديهم إقامات فإنهم هم من يجب الاهتمام بهم في المرحلة الحالية". 

"تكفل الدولة بالعمالة"

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، سارة العطيفي، قالت إن "العمالة المصرية وقعت بين نارين، بين أزمة البطالة في مصر؛ حيث لا توجد آلية اقتصادية تحتوي هذه العمالة في مصر، ولهذا هاجروا وسافروا بحثا عن فرص للعمل بأي ثمن وأي وضع".

وأضافت لـ"عربي21" أن "العمالة المصرية هي من أهم مصادر العملة الصعبة في مصر، ولكنها مهددة الآن بترحيلها أو إنهاء عملها، بعد انتشار وباء فيروس كورونا، وأصبحت غير مرغوب بها في الدول الخليجية، لأنها تمثل عبئا على مرافق وخدمات الدولة المضيفة".

وأكدت العطيفي أن "أي مواطن يحمل الجنسية المصرية له الحق في العودة إلى بلاده، وعلى الدولة تحمل نفقات عودتها، وأيضا عمل التحاليل اللازمة للعائدين للتأكد من خلوهم من الفيروس، ووضعهم في الحجر على نفقتها وليست على نفقتهم، وهذا حق وليس منّة مَن الدولة"، مشيرة إلى أنه "يجب تخصيص جزء من موازنة مجابهة كورونا البالغة 100 مليار جنيه للتكفل بعودتهم".

التعليقات (0)