هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
صناعة الإشاعة والفكر التضليلي في جميع الأوقات هي جريمة بحق المجتمعات وانسجامها، لكنها في زمن الأوبئة، كما هو حال شعوب المعمورة اليوم مع فيروس كورونا، هي من الكبائر بتوصيف لجنة الفتوى الدينية في الجزائر، كونها تتجاوز أهداف الإثارة والتحريض والمناورة، إلى نشر الهلع والخوف وتدمير القدرة المناعية للشعوب في مواجهة الفيروس القاتل.
لذلك يقال، إن كنت تصدق كل ما تقرأ فمن الأفضل ألا تقرأ، غير أن الإشكال في زمن التطور التكنولوجي والإعلامي، أن الإشاعة والفكر التضليلي أخذأ أشكالا مختلفة ومبتكرة من قبيل "الفكرة الزاحفة" (البطيئة)، و"الفكرة الطائرة" (السريعة) عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، التي تزداد خطورتها بشكل كبير، في زمن الحروب والأوبئة، أي يكون الناس على استعداد لتلقي أكبر قدر من المعلومات، وهنا يتدخل أصحاب الفكر التضليلي وصناع الإشاعة بهدف خلق الفوضى وتشويش الفكر، بما يفضي إلى شعور المتلقي بالخوف والرعب الناجم عن توقع الموت أو الشر أو الكارثة.
ولم يقتصر أمر الإشاعة المغرضة، والفكر التضليلي، على البسطاء في زمن كورونا، إنما دخل المعمعة كتاب وفنانون وأدعياء الفكر والثقافة والدين والإعلام والسياسة والصحة، وكما شاهدنا صورا مفبركة، وفيديوهات قديمة يعاد نشرها على أنها جديدة، شاهدنا أيضا من استخدم فن الخطابة والبلاغة و"الديماغوجية"، عبر وسائل دعائية مختلفة مكتوبة ومرئية وشبكات (الأنترنت)، بهدف السيطرة الكلامية التلبيسية، عبر التحريف في الكلام والمعلومات والإحصائيات، وممارسة أساليب الاجتذاب والتضليل والسيطرة بالكلام والإيحاء على الفكر والذهن، عبر تزييف الواقع وإعادة تشكيله من خلال إعادة تشكيل الأفكار والمفاهيم والتصورات في ذهن المتلقي على أنها حقيقة، ومن ثم السيطرة على توجهات الرأي العام.
إننا في زمن تراجعت فيه أسلحة الدمار الشامل التقليدية، من طائرات وصواريخ بل وأسلحة نووية، لتفسح المجال أمام أسلحة أكثر فتكا، هي الفكرة التي أداتها الكلمة، والأوبئة المصنعة التي أداتها الفيروسات المستجدة.
كالنار في الهشيم
لا يمكن فهم ازدهار تجارة التضليل وتسويق الإشاعة في الجزائر، باعتبارها من أكثر الدول العربية تعرضا لهذه الموجات، اليوم مع انتشار وباء كورونا، إلا بربطها بالقلاقل التي رافقت أكثر من عام من عمر الحراك الشعبي، الذي شهد بدوره كمّا هائلا من الترويج للمعلومة الكاذبة، كون الحراك حالة أشبه بالحرب السلمية، لا يطلق فيها الرصاص لكن تطلق فيها الشعارات والشائعات.
ومع تفشي فيروس كوفيد ـ 19، تحول تجار السياسة إلى تجارة الأوبئة، لتشهد البلاد كمّا هائلا من الإشاعات، بدأت بإشاعة إصابة عدد من وزراء الحكومة بفيروس كورونا، ووفاة والي ولاية معسكر، بينما هو أصيب فقط ولم يتوف، ولم تنته عند إشاعة غلق محطات الوقود، التي أحدثت أزمة كبيرة مباشرة بعد إطلاقها، حيث شهدت محطات الوقود طوابير هائلة من السيارات، بعد أن صدق السائقون الإشاعة، وهذا على الرغم من تدخل المسؤولين في وزارة الطاقة وتكذيبهم الإشاعة، وتمكن السلطات من إلقاء القبض على مروج الإشاعة.
غير أن أخطر الإشاعات على الإطلاق، هو التشكيك في الأرقام الرسمية حول عدد المصابين بالفيروس وعدد الوفيات، وقد انخرط للأسف في هذه العملية حتى بعض الأطباء، بعضهم عن حسن نية، وبعضهم عن سوء نية مسبقة، عندما تحدثوا عن أعداد لا تحصى من الوفيات في مستشفيات الجزائر العاصمة والبليدة التي تخضع لحجر صحي كامل، وقد شاهدوهم بأم أعينهم، وأن السلطات تتحفظ على الاعتراف بها.
ورغم أن عدد المصابين يمكن بالفعل أن يكون أكبر، بحكم عدم القدرة على الكشف عن الجميع، إلا أن الحديث عن أعداد كبيرة من الموتى إشاعة لا أساس لها، بحكم أن الناس يحصون موتاهم في كل مدينة، ويعلمون بالضبط عدد الجنائز، كما تتكفل السلطات بإلاعلان عن عدد المتوفين في كل ولاية.
كما أدت قناة فرنسية تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، بعد استضافتها أحد الضيوف، دورا واضحا في نشر إشاعة توجيه المساعدات الطبية الصينية إلى القطاع العسكري بدل توجيهها إلى المدنيين، وهي الإشاعة التي رددها للأسف معارضون للسطلة دون تمحيص، حتى اضطرت وزارة الخارجية الجزائرية إلى استدعاء السفير الفرنسي بالجزائر للاحتجاج.
ولا يمكن هنا حصر الإشاعات والمعلومات التضليلية التي انتشرت كالنار في الهشيم، لكن نكتفي بذكر أهمها، مثل إشاعة مغادرة أشخاص للحجر الصحي على مستوى مركب الأندلسيات بوهران، أطلقتها امرأة تم القبض عليها، وإشاعة صور الطوابير من أجل اقتناء الطحين، وإشاعة أن منظمة الصحة العالمية تؤكد انتقال فيروس كورونا عبر الهواء، وإشاعة الطفل الذي نشرت صورته إحدى الجرائد وتوفي بالفيروس على أنه جزائري بينما هو عراقي توفي بشلل دماغي، وإشاعة إعلان وزارة التربية عن السنة البيضاء وغيرها من الإشاعات التي تتواصل إلى غاية كتابة هذا التقرير.
الفتوى الدينية في مواجهة إشاعات كورونا
أمام هذا الوضع غير الطبيعي، من انتشار فكر التضليل، كان لزاما للفتوى الدينية أن تسند الجانب الأمني والسياسي والإعلامي في عملية التصدي، حيث دعت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية، المواطنين إلى التعامل مع الإشاعة بكل ما ينبغي من حيطة وحذر وصرامة، خاصة في هذه الأيام التي ينتشر فيها الوباء، مذكرة بتحريم صناعة الإشاعات ونشرها وتداولها، لما في ذلك من الكذب الذي يعد من كبائر الإثم والمعاصي.
وأفتت لجنة وزارية جزائرية بتحريم نشر الإشاعات المتعلقة بوباء كورونا المستجد، وجاء في بيان لجنة الفتوى الجزائرية؛ أن الجميع يتفق على أضرار الإشاعة التي تلحق بالفرد والمجتمع، ومن ذلك إثارة القلق والاضطراب والإرجاف والخوف بين الآمنين، والتلاعب بالصحة النفسية للمواطنين وإضعاف الثقة بالنفس والتشكيك في جهود ومقدرات الأمة والتأثير على منظومة القيم والأخلاق، وغير ذلك من الآثار التي تسبب الفتنة في المجتمع، والله تعالى يقول "والفتنة أكبر من القتل"، "والفتنة أشد من القتل".
واعتبرت اللجنة الإشاعة من الإرجاف الذي حذر منه الله تعالى، مع ضرورة أن تؤخذ المعلومات من مصادرها المؤكدة، ولا يجوز أخذها من المصادر المشبوهة الأخرى"، كما "لا يجوز نقل المعلومة إلا بعد التأكد من صحة صدورها من جهة مختصة موثوقة، حرصا على عدم المساهمة في انتشار الإشاعة"، داعية "من ليس من أهل الاختصاص في ميدان ما هو، أن يسكت ويكف شره وأذاه".
ومعروف أن الإسلام له موقف من مطلقي الشائعات وسماهم القرآن الكريم بالمرجفين، وقد حرم الإسلام الإرجاف والتسبب في الاضطرابات الشديدة، والخوض في الأخبار السيئة، كما تعامل بشدة في هذا الموضوع: يقول تعالى (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إلا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا)، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ))(لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ): لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ؛ فَلَتَسْتَأصِلَنَّهُمْ بِالْقَتْلِ.
وَتذكر كتب السيرة أن رَسُولَ اللهِ قد بلغه أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ؛ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا عَلَيْهِمُ الْبَيْتَ، فَفَعَلَ طَلْحَةُ ذَلِكَ .
منع تداول الأخبار غير الرسمية المتعلقة بكورونا
ويرى الإعلامي الجزائري سعيد مقدم، أن الإشاعة خاصة تلك المرتبطة بالوباء، هي سلاح مدمر لمواجهة الأنظمة السياسية واستمالة الشعوب عن طريق التنويم والتغليط، ومحاولة إقناعهم بأن الدولة (المقصود بها السلطة) أصبحت عاجزة عن حماية المواطن، ومن ثَمّ فقد تخلت عن إحدى وظائفها التقليدية، لذلك رأينا في الجزائر على سبيل المثال أن أول قرار اتخذته السلطة السياسية مع بداية انتشار الجائحة، هو تقنين قوانين تمنع تداول الأخبار المتعلقة بكورونا في جميع وسائل الإعلام على اختلافها، إلا إذا كان مصدر الخبر هو وزارة الاتصال أو رئاسة الجمهورية أو وكالة الأنباء الرسمية.
ويضيف سعيد مقدم أنه رغم المساعي الحثيثة لكثير من الدول، ومنها الجزائر، من أجل بسط هيمنة الإعلام الرسمي الذي يتسم بنوع من "التوازن المهني" في تغطية ونشر أخبار الوباء، إلا أن الإشاعات وجدت لها فضاء واسعا على شبكات التواصل التي تحولت إلى سوق ناقلة لسلعة موبوءة من الأخبار الكاذبة والأراجيف، سواء عن قصد أو عن جهل.
غير أن الثابت في حالتي "القصد والجهل"، بحسب الإعلامي سعيد مقدم، هو توسع دائرة الشائعات بخصوص الوباء لعديد المقاصد، وربما أيضا لاعتبارات سياسية، وكذلك لخلفيات ثقافية وأيديولوجية أيضا، وكل ذلك تنجر عنه تداعيات خطيرة، منها نفسية بالدرجة الأولى بالنظر للثقل الذي تؤديه وسائل التواصل الاجتماعي مع فلتانها من المراقبة، كأن نجد أشخاصا بهويات مزيفة، وبمستويات ثقافية محدودة، يسوقون لمعطيات علمية خطيرة دون تمحيص، مما يساهم بشكل فعال في تحطيم معنويات الفرد والجماعة على حد سواء، وهنا تتحول الشائعة إلى أداة من أدوات الحرب النفسية، بغض النظر عن أسلوب استخدامها، وهذا النوع من الشائعات باعتقادي، يُسوق تحت مسوغات ثقافية وحتى دينية.
في المقابل، يعترف سعيد مقدم في ختام حديثه لـ "عربي21"، أن الإشاعة أحيانا تُستعمل من جهات متحكمة، وبطرق مدروسة لجس النبض وتحضير الأفراد والجماعات لقرارات لاحقة، وربما لدراسة تحولات المجتمعات، وفي هذه الحالة تأخذ الشائعة غطاء سياسيا، كأن نقرأ مقالات منسوبة لأكاديميين، يذهبون إلى أن وباء كورونا، هو نتيجة مؤامرة للحد من النمو الديمغرافي، خاصة في المجتمعات الأوروبية التي (شاخت، وأصبح جل ساكنيها عبئا ثقيلا على المنظومة الاجتماعية، أي إنهم يستهلكون ولا ينتجون).
عندما تكون الحقيقة إشاعة
من جانبه لا يتردد الإعلامي عمار بن جدة، في اعتبار أن الإشاعة أخطر من الوباء نفسه، فالإشاعة مصدر للفتنة، والفتنة أشد من القتل، فما تسببه الإشاعة من خطر على المجتمع قد يؤدي إلى انهياره وانهيار مؤسساته في ظل تراجع وسائل الاتصال التقليدية، وبروز وسائل التواصل الاجتماعي بقوة، إلى درجة سيطرت فيه على المشهد من خلال سرعتها في نقل المعلومات والأخبار. يقابل كل ذلك قلة في الوعي وعدم قدرة على تأكيد المعلومة لعدم توفر الوسائل وغياب التكوين، مع اهتزاز الثقة والمصداقية بين المجتمع والأنظمة غير الديمقراطية، الأمر الذي يزيد من التشكيك في المعلومات والأخبار التي تقدمها الجهات الرسمية.
ويرجع الإعلامي عمار جدة في حديثه لـ "عربي21"، إلى الحالة الجزائرية، ليشير إلى رفض جهات حراكية كثيرة في البداية، تصديق وجود وباء كورونا في البلاد، وربطوا ذلك طبعا عن طريق الإشاعة أن النظام يريد إنهاء الحراك الشعبي، وقد رأينا كيف خرج البعض يرفع شعار (الكورونا والحراك خاوة خاوة)، ولكن بعد ما خلفه هذا الوباء من ضحايا وبطريقة تراجيدية، جعل الإشاعة في الجزائر تراجع تأثيرها بعد أن أصبح الوباء حقيقة ماثلة، وليس إشاعة رسمية.
وينظر إلى الإشاعة والترويج للفكر التضليلي بهدف إثارة الخوف والهلع في نفوس الناس خلال الأزمات والحروب بحسب الدكتور علي محمد ربيج، أستاذ المدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر، على أنها واحدة من الوسائل السيكولوجية الأكثر تأثيرا في إدارة الأزمات والحروب، يهدف أصحابها إلى المضي نحو تحقيق مكاسب مادية أو دينية أو أيديولوجية أو سياسية، عن طريق استغلال حالة الضغط وتأثير الأزمات على نفسية المواطن وصناع القرار، للنفاذ نحو التشويش على العملية الاتصالية والتشكيك المستمر في القرارات السياسيات المنتهجة للخروج من الأزمات، وهذا لتحقيق أهداف وطموحات سياسية دون مراعاة أدنى شعور إنساني نحو الضحايا أو أعداد القتلى، أو الخسائر التي تلحق بممتلكات الناس ومؤسسات الدولة.
ويشرح الدكتور علي محمد ربيج لـ "عربي21"، أن أساليب المواجهة تطورت بتطور وسائل الإعلام وقدرة الأنظمة السياسية على بسط نفوذها على تدفق المعلومة وتوجيهها، من خلال تسخير السيطرة المباشرة على وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة، وهذا بنص قوانين وإجراءات الحالات الاستثنائية وحالات الطوارئ في وقت مضى، لكن بسبب ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تراجعت قدرة الدول على السيطرة أو حتى مراقبة محتوى هذه الوسائل، مما سمح بسرعة انتشار الإشاعة والفكر التضليلي، ومع ذلك تسعى الدول إلى مواكبة هذا التطور من خلال:
1 ـ تطوير مجالات البحث المعرفي والعلمي لمواجهة هذا الاستعمال السلبي والهدام لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة، في إطار مكافحة تهديدات الأمن المجتمعي وأشكال الفعل الإجرامي الممنهج.
2 ـ تحديث المسطرة القانونية وتكييفها مع هذا النوع من السلوكات المعادية لوحدة الدولة واستقرارها، وليس النظام السياسي فقط.
3 ـ تدريب وتكوين أعوان الأجهزة الأمنية المختصة في مجال الجريمة الإلكترونية، لتمكينها من تعقب وشل حركة هذه المنصات الإلكترونية، المروجة للفكر التضليلي والإشاعة في وقت الأزمات.
4 ـ اعتماد وتبني عملية اتصالية رسمية شفافة تعتمد على تزويد المواطن بكل الحقائق، دون تزييف أو كذب.
توظيف الوباء لأهداف سياسية
ويرى الدكتور علي محمد ربيج أن الأحزاب السياسية والجماعات الدينية والعرقية والإثنية، من أكثر الأطراف التي تستعمل أسلوب نشر الإشاعة والتشويش على العقل الجمعي، وهذا بهدف نشر الشعور بانعدام الراحة والطمأنينة وحالة من الهلع، تسمح في الأخير بالثورة على صانع القرار واتهامه بالفشل في إدارة الأزمة والحرب، والدعوة إلى التغيير السلمي عن طريق الذهاب إلى انتخابات مسبقة.
إن الأزمة التي تمر بها الجزائر حسب الدكتور ربيج، خير مثال على التوظيف الواضح من قبل بعض المجموعات التي يبدو أنها تتجه بشكل واضح لتصعيد عملية توظيف الأزمة الصحية/ جائحة كورونا، لتصفية حساباتها السياسية الأيديولوجية مع النظام السياسي، مستغلة في ذلك موجة الحراك السياسي، التي ترى أنها قد تستفيد سياسيا لو أن مؤسسات الدولة تفشل في إدارة الأزمة الوبائية.
وتعتمد هذه المجموعات المعارضة في بث الإشاعات برأي الدكتور ربيج على نشر الأخبار الكاذبة، والحرب النفسية التي تدور حول أن الدولة لا تملك الإمكانيات التقنية والصحية من أطباء وعتاد ومستلزمات طبية لمواجهة الوباء، وأن البلد يسير نحو تسجيل أعداد كبيرة من المصابين، وأننا سنفقد أعدادا معتبرة من الموتى، بالإضافة إلى النقص في المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والحليب، وهو ما أحدث نوعا من الارتباك والهلع في نفوس المواطنين، وجعل الدولة ومؤسساتها في بداية الأزمة في حالة من تخبط، وتفقد الكثير من القطاعات التوازن والقدرة على إدارة الأزمة، بسبب موجة وقوة نفاذ وسرعة الإشاعات، ولكن بمرور الوقت وبشكل سريع استعادت مؤسسات الدولة السيطرة على الوضع في ضوء الإمكانيات المتاحة؛ خاصة بعد التوظيف المعاكس والإيجابي الذي أدته الكثير من منصات التواصل الاجتماعي التي اتجهت نحو تكذيب هذه الإشاعات، عبر نشر مادة إعلامية متنوعة تعطي رسائل تطمينية للمواطن وتعمل على تهدئة الأوضاع.
ويخلص الدكتور علي محمد ربيج، إلى أن الجزائر تجاوزت هذه المرحلة الصعبة والحرجة، في عملية التصدي للإشاعات والأفكار الهدامة، في زمن انتشار الوباء، من خلال اعتماد نشر معلومات وأخبار ومادة إعلامية ذات مغزى وبعد ديني، توصي بضرورة الوحدة والتعاون واللحمة في وقت الأزمات، ونبذ كل توظيف سياسى للأزمة، وعزل وكشف الأطراف المروجة للإشاعات، عن طريق الاعتماد على المصادر الرسمية، والتحقق من الأخبار والفيديوهات المفبركة.