هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الحديث عن أن الولايات المتحدة الأمريكية، تدرس إقامة تحالف مع السعودية بديلا لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، التي تقودها الرياض من الناحية العملية، تساؤلات عديدة حول فرص تنفيذ ذلك على أرض الواقع.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة إن كبار المسؤولين الأمريكيين قد نحوا جانبا في الوقت الحالي مقترحا لإقامة تحالف مع السعودية من أجل إدارة سوق النفط العالمية، في فكرة وصفها أحد المصادر بأنها من بنات أفكار مستشاري الأمن القومي بالبيت الأبيض.
لكن مجرد خضوع الفكر للبحث على مستويات رفيعة يسلط الضوء على عمق الأزمة التي تواجه صناعة النفط العالمية وتنامي أهميتها بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. فقبل أسابيع قليلة فحسب، كانت مقترحات بأن تعمل واشنطن مع منتجي النفط لكبح المعروض في السوق العالمية لن تلقى إلا عدم اكتراث باعتبارها تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية.
لكن أسعار النفط هوت لأدنى مستوياتها في 18 عاما بسبب الضربة المزدوجة المتمثلة في تقلص الطلب على الطاقة من جراء جائحة فيروس كورونا وحرب أسعار بين المنتجين الكبيرين السعودية وروسيا، ما يهدد المنتجين الأمريكيين والعالميين ذوي التكلفة المرتفعة بالإفلاس.
اقرأ أيضا: أرامكو تستعد للإنتاج بطاقتها القصوى.. أسعار النفط إلى أين؟
وقال أحد المصادر، التي اشترطت جميعها عدم كشف هويتها، إن فكرة بديل أمريكي سعودي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول، التي تُعتبر السعودية قائدا لها من الناحية العملية، "جرى طرحها لكن ليس على مستوى شيء تجري دراسته بجدية".
وقال المصدران الآخران إن وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الطاقة دان برويليت بحثا فكرة التحالف مع روبرت أوبريان مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب، لكن شيئا لم يتقرر.
وقال مصدر إن مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض طلب من وزارة الطاقة صياغة وثيقة نقاط أساسية قبل إمكانية بحث تحالف أمريكي سعودي في مجال النفط.
لكن من غير الواضح فحوى النقاط التي خضعت للنقاش. فقد أوردت صحيفة وول ستريت جورنال في آذار/مارس أن تحالفا قد يشمل دعم أسعار النفط عن طريق استخدام الاحتياطيات الوطنية والتحفيز الاقتصادي وتعويض السعودية عن تحركات سوق الخام، وهي نقاط لم يؤكدها أي مسؤول أمريكي لرويترز.
وقالت وزارة الطاقة إن برويليت وآخرين في الوزارة منخرطون مع مسؤولين أمريكيين آخرين ومع السعودية وحلفاء آخرين بشأن أسواق النفط، لكنها لم تؤكد فحوى تقارير رويترز أو وول ستريت جورنال.
وكان برويليت، المقرب من بومبيو، أبلغ تلفزيون بلومبيرغ الأسبوع الماضي بأن تحالفا مع الرياض هو أحد "أفكار عديدة عديدة" قيد النقاش، لكن قرارا لم يتخذ.
وسبق أن وجه ترامب انتقادات لمنظمة ترامب، حيث وصفها بمحتكر يدفع أسعار النفط "للارتفاع على نحو مصطنع" عن طريق خفض الإنتاج، ولطالما حثها على زيادة الإنتاج.
ورغم ذلك، فقد عمل ترامب على رعاية العلاقة مع السعودية، مشددا على شرائها أسلحة أمريكية بمئات المليارات من الدولارات ومساعدتها في تعويض فاقد شحنات الخام من إيران عضو أوبك بعد أن أعاد فرض عقوبات عليها في 2018.
وظلت الولايات المتحدة لعقود مستوردا صافيا للبترول لكن طفرة النفط الصخري حولتها إلى أكبر منتج للخام في العالم. أعطى ذلك ترامب حرية انتهاج نهج مختلف في الشرق الأوسط عن الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين كانوا أكثر اعتمادا على واردات النفط من المنطقة.
اقرأ أيضا: محللون: النفط سيظل دون الـ40 دولارا في 2020 لهذه الأسباب
كوكب مختلف
تزداد صعوبة أن تنسق الولايات المتحدة خفضا إنتاجيا مع بلد آخر لأن شركات النفط الأمريكية ليست مملوكة للدولة. لكن مع سعي واشنطن المحموم لكبح صدمة الأسعار التي تهدد بإفلاس الشركات وتسريح الآلاف من عمال النفط والغاز قبيل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، يصبح من المرجح أن يستمر حوار التحالف.
وقال دانييل يرجين، نائب رئيس آي.أتش.أس ماركت، الذي يسدي النصح أحيانا للمسؤولين الأمريكيين في مسائل الطاقة، "الأمر كما لو أننا على كوكب مختلف عما كنا عليه قبل شهر.. إنه يجبر الجميع على إعادة التفكير في ما هو ممكن، وما هو غير ممكن."
ثمة مؤشرات أيضا على أن الهيئة المنظمة لقطاع النفط والغاز في تكساس، وهي منتج كبير للنفط، قد ترحب بإدارة للسوق على طريقة أوبك.
فقد قال رايان سيتون المفوض بلجنة سكك حديد تكساس الأسبوع الماضي إنه تحدث إلى محمد باركندو الأمين العام لمنظمة أوبك بشأن اتفاق يكفل الاستقرار الاقتصادي، لكنه لا يدعو إلى تخفيضات بعد.
في غضون ذلك، تتواصل الجهود الدبلوماسية لرفع سوق النفط. فوزارة الطاقة الأمريكية سترسل فيكتوريا كوتس، مستشارة البيت الأبيض السابقة لشؤون الشرق الأوسط، إلى السعودية كموفدة خاصة.
وتحدث ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين، وكلفا وزيريهما للطاقة بالتباحث - في خطوة غير مسبوقة تسلط الضوء بدرجة أكبر على مدى إلحاح وضع أسعار النفط المنخفضة بالنسبة لكلا البلدين.
ولا تظهر السعودية بادرة تراجع عن تعزيز الإنتاج للفوز بالحصص السوقية، مستهدفة تصدير 10.6 مليون برميل يوميا بسبب تراجع الاستهلاك المحلي.
وطلبت أرامكو السعودية من شركات خدمات الطاقة دعم خططها للإنتاج بطاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يوميا من أول نيسان/أبريل "للمدى المنظور".