هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يقول ناشطون سوريون، إن الثورةالسورية دخلت عامها العاشر وهي مثقلة بالأحزان، بعد عمليات التهجير القسري للمدنيين والثائرين، وسقوط معاقل الثورة البارزة وخزاناتها البشرية في حمص والغوطة وريف حماة وحلب وادلب واللاذقية والقلمون ودرعا.
وأكدوا في حديثهم لـ"عربي21"، أن "الثائرين والرافضين لمنظومة القهر والاستبداد، أصبحوا ينحصرون في حيز مكاني ضيق تتقاذفهم الهموم، وتعصف بهم الخلافات".
ووصفوا وضعها الحالي، بأنه في قمة التعثر، لكنه لن يطول، فهو بحسب الناشطين "تعثر وليس موتا لها، وستستمر رغم أنها تقاتل منفردة، وتخلى عنها الجميع عدا تركيا".
اقرأ أيضا: بعامها العاشر.. لاجئو الأردن ولبنان: الثورة السورية حية بقلوبنا
من جهته، قال مؤسس "الجيش السوري الحر" العقيد رياض الأسعد، لـ"عربي21"، إن "العام العاشر سيكون منعطفا هاما بالنسبة للثورة، حيث ستتحول من ثورة حرية وكرامة ضد عصابة حاكمة والمطالبة بإسقاط منظومة الاستبداد، إلى ثورة ضد المحتلين الروس والإيرانيين".
وقال: "ما النظام إلا من عشرات المليشيات التي تقودها روسيا لقتل الشعب السوري، وتدمير سوريا أرضا وشعبا وثقافة".
وأكد أن "الثورة تراجعت كثيرا سياسيا وعسكريا، وما حدث من تراجعات وهزائم يأتي في إطار التفاهمات والاتفاقات التي قامت بها المعارضة السياسية والعسكرية، فقد قبلت أن يكون القاتل روسيا ضامنا، وتتفاخر عند اللقاء به، وهو في اللحظات ذاتها التي تأخذ الصور معه، طائراته تقتل الأطفال والنساء، وتدمر المشافي والمدارس فوق رؤوس المدنيين".
أسباب التعثر
وقال العقيد الأسعد في حديث لـ"عربي21"، إن "تعثر الثورة سببه يقع علينا كشعب ثائر خرج ضد أقوى قوة مستبدة في هذا العصر، وحطم عنجهيتها بإمكانياته البسيطة وقوة وحدته وتكاتفه، لكن صمته على ثلة انتهازية تسلقت المشهد وكونت وتجذرت وساومت وتاجرت بدماء أهلها، واستغلت صمودهم وتضحياتهم دون أن تقيم وزنا لها".
وأوضح أن "تعثر الثورة كان له عدة أسباب، أهمها تصدر المشهد السياسي والعسكري معارضة تسلقت الثورة، بالإضافة إلى الفصائلية المقيتة بكل مسمياتها وأيديولوجياتها والتدخلات الخارجية والدعم المسيس والتحكم بالقرار".
واعتبر أن "قرار الثورة كان صائبا، فهي قضية حق وليس لتعثرها أو خسارتها دخل في أساس فكرة أنها صواب أو خطأ، بل تؤكد أنها كانت على صواب ولابد من دفع الضريبة وماحدث من أخطاء فيها حالة طبيعية كما كافة الثورات عبر التاريخ تعرضت لانتكاسات وخسارات".
اقرأ أيضا: "عربي21" تحاور رئيس "الائتلاف" المعارض بذكرى الثورة السورية
وفي هذا السياق، اعتبر الصحفي والباحث محمد نور كروان، أنّ "الثورة في عامها العاشر ما زالت تراوح مكانها، إذ لم يستطع الثوار بلورة أي شكلٍ من أشكال نظام حكم مستقبلي، كان من المفترض به أن يحل محل النظام الحالي، لكنّهم في المقابل تمكّنوا من تطبيق نماذج لمجالس حكم محلّي رأيناها سابقاً في درعا والغوطة وحمص".
ولفت إلى أن "تعاون الثوّار مع تركيا قد أنتج لنا نماذج أكثر تماسكاً في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، وهناك بوادر للحكم المركزي أيضا في إدلب، رغم تحفظاتنا على حكومة الإنقاذ وعلى أدائها".
وحول مسار الثورة بعد الهزائم الأخيرة، قال الباحث: "الثورة الآن يتنازعها تيّاران؛ الأول يؤكّد باستمراريّتها مهما كانت الظروف، والثاني يقول إنّها ميّتة بالفعل، ويمكن القول إن الثورة الآن في حالة مخاض حقيقي من شأنه أن يولّد لنا قيادات شابة ووجوها جديدة تحل محل القيادات القديمة، التي أثبتت فشلها خلال الفترة الماضية".
وأضاف الباحث في حديث لـ"عربي21"، أن "تعثّر الثورة السوريّة يقع في الدرجة الأولى على عاتق الثوّار أنفسهم بكل أسف، فغياب النخب المثقّفة الواعية قائدة المجتمع أدّى إلى ما نراه اليوم من تشرذمٍ وضياع، فالفشل الذي عشناه في الفترة الماضية كفيلٌ بإنتاج نخب أو قياداتٍ جديدة يمكنها تحويل مسار الأحداث، هذا إذا كانت تتمتّع بالحنكة والخبرة الكافيتين، وكذلك القدرة على التفاوض سواءً مع الدول الضامنة أو الداعمة أو مع القيادات الداخليّة".
وأوضح أن "النظام في وقتنا الحالي يختلف كثيرا عن النظام قبل عشر سنواتٍ خلت، فالنظام عام 2011 كان قادراً على اتخاذ قراراته المستقلّة بنفسه إلى حدٍّ ما، في حين أنّه الآن عبارة عن مطيّة أو لنقل أداة يتحكّم بها الإيرانيّون والروس كيفما شاءوا وحيثما أرادوا، بل ووصلت الحال بالنظام إلى أنّ الجيش الذي من المفترض أن يحميه غدا بدوره مجموعةً من المليشيات المتنازعة الأهواء والانتماءات المتناحرة فيما بينها".
وحول الإجابة عن سؤال هل سيسقط النظام الآن؟ قال الباحث: "في الواقع بات سقوط النظام في وقتنا الحالي أمرا صعبا. صحيح أنّ النظام بات تابعا لروسيا وإيران، ولا كلمة له على أرض الواقع، إلاّ أنّ محاولات الروس لتسويقه عالميا مستغلة أخطاء الثورة والثوّار، دفع كثيرا من الدول للاعتراف أو لمحاولة الاعتراف به".
وأضاف: "فحينما تخيّر الغرب بين نظامٍ اعتادوا عليه ما يُقارب النصف قرن وبين نظام جديد لا هويّة محددة له بعد سيجنح إلى الخيار الأوّل بكل تأكيد".
الارتهان للمصالح
من جانبه، يرى القيادي في الثورة السورية قحطان الدمشقي، أن "مصالح الدول قضت وقوضت استقلالية الفصائل والتتظيمات طوعا أو كرها لتبقى الثورة رهينة مصالح الدول حتى تتهيأ أسباب تدفع بدماء جديدة تكون قد تعلمت من التجربة القاسية خلال الأعوام التسعة الماضية، التي كانت حصادا مرا لقلة وعي وسطحية فكر من تصدر المشهد الثوري عسكريا وسياسيا، وأنانية وحب (الأنا)".
وقال القيادي في حديث لـ"عربي21": "خسر النظام سيادته وهيبته وقراره على الرغم مما حققه من انتصارات وسيطرة على أهم معاقل الثورة، وقضائه على مراكز التمرد ضده بدعم من حلفاءه الدوليين الذين لم يتخلوا عنه، ولكن ليس بالمجان، بل على حساب قوته وبطشه ونفوذه وسيادته".
وأضاف: "لعل هذا الشكل والحال الهزيل الذي وصل إليه النظام كاف لوحده للقيام بألف ثورة، لما سببه لهذا البلد، حيث تنازل للقاصي والداني ولم يتنازل لشعبه الذي سقاه مر العذاب والتهجير والقتل والتشريد، ليشعل في صدور الأجيال القادمة ثأر كبير سيجدد الثورة ويشعلها من جديد، فأسباب الثورة تعاظمت مع تعاظم القهر والحرمان والبؤس".
وفي هذا السياق، اعتبر الناشط الإعلامي المعارض حسن المختار، أن الثورة بذكراها التاسعة "لا تزال صامدة وهدفها واضح، هو إسقاط النظام، كما أنها واقفة في وجه ثاني أقوى دولة بالعالم وهي روسيا، فهي رغم هزائمها الأخيرة عازمة على الانتقال بسوريا من دولة فاشلة إلى دولة ناجحة تحترم الإنسان".
وقال الناشط في حديث لـ"عربي21": إن "تأخر الثورة وعثراتها تتحمله الفصائل العسكرية التي لم تعرف تدير الموقف، ولم تحددخطط لمواجهة النظام، الذي هو منهار حاليا على كافة الصعد، فلولا روسيا لم يصمد النظام للآن، فثورة سوريا هي ثورة شعب، ولا يمكن أن تفشل مهما طالت المدة".