هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالا للمعلق جوش روغين، يدعو فيه الأمريكيين للاهتمام بما يحدث في سوريا.
ويبدأ روغين مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن "الوضع في سوريا كارثي، حيث يقوم الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون بضرب جيب المعارضة في إدلب، ويواصلون عملية الذبح الجماعي للمدنيين".
ويشير الكاتب إلى أن تركيا جرت إلى النزاع بسبب الفوضى على حدودها، وأصبحت بالتالي في حالة حرب مع دمشق، وبشكل أوسع مع روسيا، وتوجه آلاف السوريين من جديد نحو أوروبا بشكل سيؤدي إلى زعزعة الوضع هناك".
ويستدرك روغين بأنه "رغم مرور تسعة أعوام على الحرب، إلا أن الولايات المتحدة مصممة على ما يبدو لمواصلة تجاهلها ما يحدث في سوريا، رغم المحفزات القوية، الاستراتيجية والأخلاقية، للتحرك".
ويحذر المعلق من مواجهة باتت قريبة بين تركيا، عضو الناتو وروسيا، في وقت فر فيه الكثير من السكان من إدلب خلال الأشهر الماضية، أكثر مما هرب من المسلمين الروهينغا في ميانمار خلال السنوات الخمس الماضية.
ويلفت روغين إلى أن مئات الآلاف من المدنيين يعيشون في ظروف الجوع وتحت الأشجار ويواجهون البرد، مشيرا إلى أن أوروبا وأمريكا لم تستجيبا لطلب تركيا المساعدة.
ويقول الكاتب إن الهجوم الذي شنه بشار الأسد، بمساعدة الطيران الروسي والمليشيات التي تدعمها إيران، دفع المدنيين في إدلب إلى منطقة ضيقة، و"هي مثل جهنم".
وينقل روغين عن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون أولترمان، قوله: "احتشد الآن 3 ملايين سوري، يعانون من البرد ودون مياه للشرب أو مرافق صحية، ولا مساعدة طبية"، وأضاف أولترمان، الذي تحدث في مناسبة الأسبوع الماضي، أن "هذا يحدث بعيدا عن اهتمام الرأي العام، ليس لأنه لا يعلم عنه بل لعدم اهتمامه" بما يحدث.
ويفيد الكاتب بأن "رد إدارة دونالد ترامب كان هو الشجب العلني للجرائم وتقديم الدعم الكلامي لتركيا ليس أكثر، وسافرت سفيرة الولايات المتحدة كيلي كرافت مع المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري لالتقاط صور مع قوات الدفاع المدني المعروفة بالخوذ البيضاء، وأعلنت الولايات المتحدة عن تخصيص 108 ملايين دولار للمساعدات الإنسانية الجديدة، وهذا تحرك جيد، مع أن معظمها سيذهب عبر الأمم المتحدة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام".
ويقول روغين: "حتى هذه اللحظة لم تقدم الإدارة أي دعم عسكري طلبته تركيا، ويتراوح من بطاريات باتريوت إلى التعاون الأمني والدعم اللوجيستي للمهمة وحماية الجنود الأتراك والمدنيين في سوريا".
وتذكر الصحيفة أن جيفري أخبر الصحافيين أن الولايات المتحدة ستقدم للأتراك الذخائر، لكن مسؤولا في الخارجية أوضح لاحقا بأن هذا الأمر ليس جديدا، وأكد أن الطلب التركي قيد الدراسة.
ويرى الكاتب أنه "رغم اتفاق الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لن يستمر، خاصة أن الدينامية على الأرض لم تتغير، وكما فعلوا من قبل فسيعود نظام الأسد، وبدعم من الروس، لضرب المدنيين من جديد وخرق الاتفاق، وسيتواصل الذبح ويدفع بموجات جديدة للاجئين، ويؤدي بالكثير منهم نحو التطرف".
وينوه روغين إلى أن "ترامب قال إنه لا يرى في سوريا سوى (رمال وموت)، وقد يتوصل لنتيجة بأن الأمريكيين لا يهمهم الأمر، لكن عليهم الاهتمام لهذه الأسباب، فالنقاش الاستراتيجي واضح، وهو أن ما يحدث في سوريا لا يبقى فيها، فموجات جديدة من اللاجئين تعني نشر الفوضى وعدم الاستقرار في أوروبا، وستتعرض المصالح الأمريكية في المنطقة للضرر بسبب تزايد الفوضى، وسيكون هذا بمثابة الفرضة لتنظيم الدولة الذي ينتعش في الفراغ والفوضى للعودة من جديد، وعندما يستعيد قوته فإن الهدف الأول له سيكون هو الأمريكيين أينما كانوا".
ويشير الكاتب إلى أن "هناك من يناقش بأن على الأمريكيين عدم الوقوف في طريق الأسد المصمم على استعادة إدلب، والمشكلة أن تصميمه لا يتوقف عند هذه المحافظة، فالهدف التالي سيكون منطقة شمال شرق سوريا، حيث ينتشر أعداد من الجنود الأمريكيين. ولو سحبنا هذه القوات فسنخسر النفوذ الذي يمنحنا دورا في الحل السياسي، وسيكون المستفيد الأول من هذا الفراغ هو تنظيم الدولة".
ويقول روغين إنه "كما هو الحال في العراق وأفغانستان، فإن هناك الكثير من الأمريكيين يريدون خروج بلادهم من الشرق الأوسط، لكن سوريا ليست العراق، ففي ظل وجود مئات من الجنود الأمريكيين فإن هناك فرصة لحماية أرواح الملايين من وحشية الأسد وحكمه، ولو سمحنا لهذه المذبحة بالحدوث فإن مذابح جديدة ستحدث، وهناك واجب أخلاقي علينا لمنع حدوث ذلك".
ويورد الكاتب نقلا عن وزير الخارجية البريطاني السابق ومدير لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، قوله: "الحرب في سوريا ليست كارثة فقط.. الحرب في سوريا ستصبح وبشكل خطير سابقة لوحشية جديدة ونزاع مقسم ومعد".
ويجد روغين أنه "لو لم يقتنع الأمريكيون بهذا النقاش الاستراتيجي والأخلاقي فإن عليهم التفكير بهذا: هناك على الأقل ستة مواطنين أمريكيين يعتقلهم نظام الأسد الآن، وكرست إدارة ترامب نفسها لإعادة الرهائن الأمريكيين، ولو قررنا مغادرة سوريا ولم نؤكد دور لنا في المستقبل فلا فرصة لدينا لمتابعة المفاوضات والإفراج عنهم".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "رغم تسعة أعوام من السياسة الفاشلة، فإن الولايات المتحدة لديها مسؤولية وقدرة لاستخدام قوتها والدفاع عن الكرامة الإنسانية، وحماية مصالحنا القومية، ووقف ذبح السوريين هو واجب أخلاقي وطريقة لحماية بلدنا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)