هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أفرجت السلطات الجزائرية مؤخرا، عن ناشط حراكي بارز، أثار بعض التفاؤل لدى نشطاء بالإفراج عن معتقلي الحراك المعلقين بسبب عدم توجيه اتهامات لهم ومحاكماتهم حتى الآن.
ويأمل الناشط المفرج عنه سمير بلعربي، أن يكون حكم البراءة الذي ناله، بعد خمسة أشهر من الحبس المؤقت بسبب نشاطه في الحراك الشعبي، منعرجا في مسار العدالة الجزائرية من أجل تحررها نهائيا من ضغط السلطة التنفيذية، وفق قوله.
وقال بلعربي في حديث مع "عربي21"، عقب الإفراج عنه الاثنين الماضي، إن حكم البراءة الذي ناله يعدّ سابقة في قضايا النشطاء السياسيين الذين اعتقلوا خلال شهر أيلول/سبتمبر، في إطار سعي السلطة لتمرير الانتخابات الرئاسية.
وسبق أن أعلن الرئيس الجزائري أمس الخميس، عفوا رئاسيا عن الآلاف من المساجين والمعتقلين، إلا أن الكثيرين من معتقلي الحراك لم يفرج عنهم بعد، وذلك بسبب أن من صدر عفو عنهم ليسوا أصحاب أحكام نهائية، بل لم يحاكموا بعد.
وأبرز بلعربي وهو أحد الفاعلين في مظاهرات الحراك الشعبي، أن "الحكم يشير إلى أن هناك محاولة من القضاة لتحكيم القانون في مثل هذه القضايا السياسية بامتياز، بعد سلسلة المتابعات بحق النشطاء، التي شابها الكثير من الانتهاكات القانونية"، وفق قوله.
وأضاف: "الحكم بالبراءة أيضا، هو اعتراف ضمني من قضاة الحكم، بالخطأ الذي ارتكبه قضاة التحقيق عند الأمر بإيداعنا الحبس المؤقت، فقد كنا ضحايا لتعليمات صدرت من القيادة بإبعادنا عن الحراك الشعبي، وقد تم وضع تهم مطاطة لنا لهذه الغاية، حتى إني فوجئت بتوجيه تهمتي المساس بالوحدة الوطنية ونشر منشورات تضر بالمصلحة الوطنية، قبل بدء التحقيق معي".
لكن بلعربي الذي عرف بنضاله ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة منذ سنة 2014، يبقى متحفظا حول ما يمكن أن يجري لباقي الشخصيات السياسية الموجودة في السجن، إذ لا يمكن الحكم، حسبه، إلا بعد النظر في كيفية تصرف القضاة معهم.
ويبني الناشط تخوفه، من كون القضاة أصدروا في السابق أحكاما متناقضة في قضايا واحدة، فهناك محاكم برّأت المتابعين في قضايا حمل الراية الأمازيغية وأخرى أدانتهم، رغم أن الكل يفترض أنه يخضع لقانون العقوبات نفسه ومواده.
وقال إنه يجب الانتظار قليلا لمعرفة ما إذا حكم البراءة الصادر في حقه، "شجاعة من قاضي حكّم ضميره، أم هو اتجاه نحو تحرير القضاء من الضغوط وإخضاعه فقط لسلطان القانون والضمير".
ويوجد إلى اليوم في سجن الحراش شديد التحصين بالضاحية الجنوبية للعاصمة، وفق بلعربي، ستة سجناء معتقلين بسبب نشاطهم في الحراك الشعبي، وهم متابعون بالتهمتين اللتين سبق توجيههما له.
ويتعلق الأمر بالكاتب والصحفي فضيل بومالة الذي عرف بخطبه الحماسية في المظاهرات، ورئيس جمعية "راج" عبد الوهاب فرساوي الذي كان تنظيمه منخرطا بقوة في الحراك، بالإضافة إلى أربعة شباب تم اعتقالهم بسبب المشاركة في المظاهرات.
وينتظر أن يمثل الكاتب فضيل بومالة، يوم 9 شباط/ فبراير أمام محكمة الدار البيضاء في العاصمة، لمحاكمته أمام قاض سيكون تحت ضغط كبير، خصوصا بعد الإفراج عن سمير بلعربي الذي كان يقاسمه التهم ذاتها والزنزانة ذاتها أيضا.
وقال نور الدين بن يسعد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن الإفراج عما تبقى من المعتقلين سيكون حدثا سعيدا في الجزائر، لأن المتابعات القانونية في حقهم لم تكن مؤسسة، بل خاضعة لاعتبارات أخرى.
وأوضح ابن يسعد في تصريح لـ"عربي21"، أن العدالة عندما تخضع فقط للقوانين وتتمسك بالإجراءات، تصدر عنها أحكام عادلة، وهو ما حدث مع بلعربي وننتظر أن يتحقق مع بقية سجناء الحراك الشعبي مثل بومالة وفرساوي وطابو وغيرهم.
ملف كريم طابو
كما يتطلع أنصار السياسي كريم طابو، إلى إنهاء معاناته مع السجن المؤقت قريبا، خصوصا أنه موجود في سجن آخر تابع لمحافظة تيبازة غربي الجزائر العاصمة، في زنزانة انفرادية أثّرت كثيرا على وضعه النفسي.
وفي 12 من الشهر الجاري، سيُعرف إن كان ملف كريم طابو القضائي، ستتم إحالته على محكمة الجنح لبرمجة تاريخ للمحاكمة، أو سيظل في الحبس المؤقت إلى إشعار آخر.
وكان قاضي التحقيق المكلف بملف طابو قد أحال قضيته للمحكمة من أجل البرمجة، لكن وكيل الجمهورية استأنف هذا القرار وطالب بتحقيق تكميلي، مما تطلب انتظار فصل غرفة الاتهام على مستوى المجلس القضائي لتيبازة في القرار النهائي.
ويعد طابو الذي يقود حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي –قيد التأسيس- من أبرز المعتقلين السياسيين حاليا. وقد عُرفت عنه مواقفه الحازمة من السلطة الحالية ومن قيادة الجيش، حيث عارض توجهها السياسي بعد الحراك الشعبي لحلّ الأزمة.
وترى بعض القراءات أن السلطة حاولت تعطيل مسار الإفراج عن معتقلي الرأي، من أجل تمرير الذكرى الأولى للحراك الشعبي في 22 شباط/ فبراير المقبل، حتى تتفادى عودة المظاهرات إلى وهجها الأول.
ويقول بلعربي في هذا الشأن، إنه على عكس هذه القراءة، فإن مشاركة معتقلي الرأي في الذكرى الأولى لانطلاق الحراك، ستكون نقطة تحسب للسلطة، لأن الاحتفال بهذا اليوم التاريخي هو حق لكل الجزائريين سواء الذين شاركوا في الانتخابات أو رفضوا تنظيمها.
ولوحظ في الأسابيع الأخيرة، خلال أيام التظاهر بالجمعة والثلاثاء، توجه للتضييق على المسيرات، من خلال رفض استمرارها فوق الساعة الرابعة مساء بالعاصمة واعتقال بعض النشطاء الذين يرفضون الخضوع لهذه القيود.
لكن غشير، يقول من جانب آخر، إن هناك ما يشبه الإيعاز غير المباشر من أصحاب القرار لإطلاق سراح المعتقلين، وذلك عبر ترك القضاة يعالجون ملفاتهم بطريقة عادلة، وهو ما يفضي حتما للبراءة.
ويتوقع المتحدث بناء على ذلك، أن تستمر أحكام البراءة في حق سجناء آخرين تشبه وضعيتهم حالة سمير بلعربي، بالنظر إلى أن ملفاتهم فارغة ولا تحتوي أي وقائع بإمكانها إدانتهم بالمادتين 79 و96 من قانون العقوبات، التي تتحدثان عن المساس بالوحدة الوطنية والإضرار بالمصلحة الوطنية.