هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "المونيتور" مقالا للبروفيسور في جامعة الشهيد بهشتي، حامد رضا عزيزي، يقول فيه إن العملية المتواصلة لقوات النظام السوري في شمال غرب سوريا أدت إلى إنجازات استراتيجية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ففي 28 كانون الثاني/ يناير سيطرت قواته على المدينة الاستراتيجية معرة النعمان، القريبة من إدلب.
ويشير عزيزي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "نظر إلى هذه العملية على أنها خطوة مهمة للسيطرة على طريق (أم فايف) الذي يربط دمشق مع حلب، وكما هو الحال في عمليات سابقة للنظام السوري فلم يكن التقدم نحو معرة النعمان ممكنا دون دعم من الطيران الروسي، لكن ما هو جديد في الوضع الحالي هو وجود قوات إيرانية ومليشيات تدعمها إيران على الجبهة".
ويلفت الكاتب إلى أن صحيفة "ديلي تلغراف" نشرت في 26 كانون الثاني/ يناير تسريبات من اتصالات بين المقاتلين الأفغان من لواء الفاطميين كشفوا فيها عن وجودهم على الجبهة، وقالت الصحيفة إن عدد الأفغان يتراوح ما بين 400- 800 مقاتل، مشيرا إلى أن تقارير صدرت في بداية كانون الثاني/ يناير استندت على معلومات استخباراتية تركية، تحدثت عن وجود جماعات شيعية تدعمها إيران تم نشرها على جبهة حلب وإدلب.
ويفيد عزيزي بأن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو انتقد في 27 كانون الثاني/ يناير، "القوات الروسية والنظام الإيراني وحزب الله ونظام الأسد" لقيامها بهجوم كاسح على إدلب وغرب محافظة حلب.
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم دعمها لنظام الأسد، إلا أن طهران تجنبت دعمه في الحملات السابقة في شمال غرب البلاد، وبناء عليه فإن قرار إيران دعم قوات الأسد في العملية الأخيرة يعد تطورا مهما، ويبدو أن القرار مرتبط باغتيال الجنرال قاسم سليماني في 3 كانون الثاني/ يناير، فتصفية سليماني، الذي يعد العقل المدبر وراء استراتيجية إيران الإقليمية، أثار تكهنات حول خسارة إيران تأثيرها في سوريا، واحتمال كهذا أثار مخاوف حتى لنظام بشار الأسد ذاته، الذي قرر وعلى جناح السرعة إرسال مدير مخابراته علي مملوك إلى طهران للحديث مع المسؤولين للتفاوض بشأن التنسيق في هذه المرحلة".
ويجد عزيزي أنه "يمكن النظر إلى التدخل الإيراني في إدلب على أنه محاولة لإرسال رسالة لمنافسيها بأن قوتها وتأثيرها في سوريا لم يتغيرا، وفي الوقت ذاته طمأنة الأسد بأنه يستطيع التعويل على حماية طهران وطلب المساعدة التي يريدها".
وينوه الكاتب إلى أن "هذا بدا واضحا من تقرير نشر في وكالة (فارس) للأنباء التابعة للحرس الثوري، في 26 كانون الأول/ يناير، أشارت فيه إلى الدور الذي أداه فيلق القدس الذي كان يقوده سليماني في منع سقوط نظام الأسد، وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها وكالة شبه رسمية تقريرا عن دور فيلق القدس في سوريا قبل صعود تنظيم الدولة 2013".
ويقول عزيزي إن "هناك عاملا آخر أسهم في تغير الموقف الإيراني من إدلب، وهو تغير أولويات تركيا في سوريا والمنطقة، فمنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، كان السبب الرئيسي الوحيد لتردد طهران في التدخل في شمال غرب سوريا؛ لأنها كانت تخشى من خسارة أنقرة بصفتها شريكة في محاولاتها التحايل على العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها، وعارضت تركيا الحملة السورية في الشمال، ودعمت جماعات المعارضة فيها".
ويستدرك الكاتب بأن "إشارات بدت من الجانب التركي تتعلق بتغير أولوياتها من سوريا إلى ليبيا، فتم نقل آلاف المقاتلين السوريين إلى ليبيا لمساعدة قوات الحكومة الشرعية التي تكافح لرد الحصار الذي فرضه خليفة حفتر عليها".
ويشير عزيزي إلى أن مدير المخابرات التركية حقان فيدان التقى بنظيره علي مملوك، لأول مرة، في 13 كانون الثاني/ يناير في موسكو، ونظر لهذا اللقاء على أنه نقطة بداية للتقارب التركي نحو سوريا، لافتا إلى أن المواجهات الأخيرة، التي أدت إلى مقتل 8 جنود أتراك، تظهر أن التقارب بين البلدين لا يزال بعيدا.
ويجد الكاتب أنه "مع ذلك فإن التدخل الإيراني في إدلب مبني على حسابات بأن تركيا لم تعد قادرة، أو ليست مستعدة، للحفاظ على بقاء طويل في المنطقة".
ويقول عزيزي: "ربما كان الضغط الأمريكي الإسرائيلي المتزايد على طهران في سوريا سببا في تغير موقفها من المعركة على إدلب، ففي السنوات الماضية كان التمركز الجغرافي الإيراني في سوريا في المنطقة الواقعة ما بين درعا في جنوب غرب البلاد إلى دير الزور في الجنوب الشرقي، لكن زيادة الضربات الإسرائيلية على المصالح الإيرانية في هذه المنطقة، بالإضافة إلى التوتر المتزايد بين طهران وواشنطن في أعقاب اغتيال قاسم سليماني، قادا إلى تغيير الحسابات الإيرانية وطبيعة تشكيلاتها العسكرية في سوريا، فلحرف النظر الأمريكي والإسرائيلي عن المصالح الإيرانية ربما قررت طهران إرسال وحداتها العسكرية بعيدا إلى مناطق مثل إدلب، وبهذه الطريقة تستطيع خلق عقبات أمام الولايات المتحدة وإسرائيل عبر بناء قاعدة تأثير لها داخل إدلب".
ويؤكد الكاتب أنه "لا يمكن فصل الدور الإيراني الجديد في شمال سوريا عن الخطة الإيرانية التي رسمها سليماني والهادفة لإخراج الأمريكيين من المنطقة، ويتركز الوجود الأمريكي في شرق الفرات، ولهذا السبب تريد إيران إنهاء الحملة على إدلب بسرعة حتى يبدأ النظام الخطوة المقبلة لاستعادة السيطرة على (كل شبر) من البلاد".
ويلفت عزيزي إلى أن المستشار البارز لآية الله علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، قال في مؤتمر صحافي، يوم 30 كانون الثاني/ يناير: "ستنتقل الحكومة السورية وحلفاؤها من جبهة المقاومة من إدلب إلى شرق الفرات لطرد الأمريكيين".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هذا كله يؤشر إلى نهج إيران الجديد، وهو الوجود المتفرق في سوريا، والتكيف مع الوضع المتغير بشكل مستمر، ولهذا فإن المشاركة الإيرانية في معركة إدلب تعد تحولا استراتيجيا قي الأزمة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)