هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر اقتصاديون وبرلمانيون مصريون، من خطورة الاتفاق الذي تم توقيعه بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع، وصندوق مصر السيادي، تحت مزاعم إعادة هيكلة بعض شركات الجيش واستغلالها استثماريًا بالشراكة بين الجهاز والقطاع الخاص.
وحسب خبراء تحدثوا لـ "عربي21"، فإن الهدف من الاتفاقية، نقل الحصانة القانونية التي يتمتع بها الصندوق السيادي، لكل العمليات الاقتصادية التي ستخضع لها شركات جهاز الخدمة الوطنية، خاصة وأن الصندوق السيادي ليس له خبرة أو سابقة أعمال في إعادة هيكلة مثل هذه الشركات أو غيرها.
وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة الصندوق السيادي، هالة السعيد، أكدت أن الجهاز سيقوم وبالاشتراك مع صندوق مصر السيادي بانتقاء بعض الشركات والأصول ذات الجدوى الاقتصادية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة والتي ستوضع في محفظة للأصول المتاحة للترويج والاستثمار.
وحسب الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، أيمن سليمان، فإن الخطة قد تشمل تخارج القوات المسلحة بنسبة 100 بالمئة من بعض الشركات، لافتاً إلى أن الصندوق سيشرف على إعداد الدراسات الاستثمارية بالتعاون مع مستشارين لتحديد آلية الاستغلال الاستثماري الأمثل للأصول المتفق عليها مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والتي قد يصل الاستثمار بها من مستثمرين من القطاع الخاص إلى 100 بالمئة.
غياب الشفافية
ويؤكد الخبير الاقتصادي المصري، ومدير مركز نظرة للازمات بشيكاغو، محمد كمال عقدة، لـ"عربي21"، أن الصورة التي نشرتها وسائل الإعلام المصرية حول حفل توقيع الاتفاقية بين الصندوق السيادي ، وجهاز الخدمة الوطنية، توحي بأن الصندوق السيادي يتم التعامل معه باعتباره دولة داخل الدولة.
ويشير عقدة إلى أن غياب الشفافية التي تحيط بالصندوق، وغياب الشفافية التي تحيط بشركات الجيش، يدفع في اتجاه واحد، وهو أن هناك حاجة لمنح شركات الجيش حصانة خاصة، من خلال نقل تبعيتها للصندوق السيادي، وهو ما يؤكد كل الاتهامات بالفساد التي تم توجيهها لمشروعات الجيش، والتي لا تخضع لأي رقابة ومحاسبة.
وحسب عقدة، فإن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الجهاز والصندوق، نص على انتقاء بعض الشركات الرابحة، لبيعها للقطاع الخاص، وفقا لضوابط يضعها الجهاز، وهو ما يعني وجود مخطط لبيع هذه الشركات لمستثمرين تابعين لنظام الإنقلاب برئاسة السيسي، أو لدول بعينها مثل الإمارات والسعودية، في إطار خطة أشمل لبيع كل الأصول والشركات العامة المملوكة للدولة أو للقوات المسلحة، في تكرار واضح للتجربة الروسية.
ويوضح الخبير الاقتصادي، أنه في حالة وجود شفافية لأعمال الصندوق، وفي حالة معرفة خبرائه ومستشاريه، فإنه ليس مهما عمر الصندوق في هذا المجال، لأنه يتعامل من خلال خبراء معروفين في الداخل والخارج، ولديهم تجارب ناجحة في إدارة الصناديق السيادية، كما حدث مع الصندوق السيادي السنغافوري، الذي استعان بخبراء دوليين لإدارة مشروعاته في الداخل والخارج.
ووفقا لعقدة الذي شارك في أعمال الصندوق السيادي السنغافوري، فإن الحالة المصرية مختلفة بشكل كبير، نتيجة غياب الشفافية التي تغلف أعمال الصندوق، والحصانة المشوهة الممنوحة له، والتي يبدو أن الهدف منها تحصين الفاسدين في المؤسسة العسكرية، وغيرها من مؤسسات الدولة الاقتصادية.
ويضيف عقدة قائلا: "ما يحدث هو نقل متقن لكل الثروات العامة المصرية لجيوب خاصة، وهو أمر سيكون من الصعب الرجوع عنه بالمستقبل، سواء من خلال القوانين أو لجان التحكيم الدولية، وفي حالة نجاح تجربة شركات جهاز الخدمة الوطنية، فإن الدور سيأتي على شركات أخري تدخل تحت مسمي الهيئات الاستراتيجية مثل هيئة السكك الحديدية ومجموعة مصر للطيران وغيرهم".
خداع للشعب
ويؤكد عضو لجنة الصناعة السابق بمجلس الشوري المصري، طارق مرسي لـ"عربي21"، أن جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، يمتلك أهم 32 شركة تسيطر على السوق المصري، في مجالات الطرق والعقارات، وأسواق بيع الجملة والقطاعي، والتعدين، والأغذية، والتشغيل، والأمن، والكيماويات ومحطات بيع المشتقات البترولية، والمحاجر والمناجم، ونقلها للصندوق السيادي يثير الشكوك حول جدوى بيعها وهي رابحة، بينما شركات القطاع العام والشركات الخاصة المتعثرة لا يتم الالتفات إليها.
ويشير مرسي الذي كان نقابيا بارزا بشركات الإنتاج الحربي، إلى أن الخطة الآن لم تعد قاصرة على السيطرة الاقتصادية للجيش، وإنما في محاولة خداع الشعب، بأن الهدف هو إعادة هيكلة هذه الشركات، بينما في الواقع أن شركات الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية والهيئة العربية للتصنيع وشركات الإنتاج الحربي، لا تخضع لموازنات الدولة، وبالتالي فلا أحد يعرف القيمة السوقية لهذه الشركات، أو هل تم بيعها بالمكسب أم الخسارة.
ويتحدث البرلماني المصري، عن قضية أخرى يعتبرها تمثل خطرا على الأمن القومي، وهي وضع شركات الإنتاج الحربي، والتي تعرف بالمصانع الحربية، تحت سيطرة الصندوق السيادي، تمهيدا لبيعها هي الأخرى بمبرر إعادة الهيكلة، ما يعني أن الشركات التي تمثل عصب اقتصاد المؤسسة العسكرية، سيتم بيعها، من تحت عباءة الصندوق السيادي.
اقرأ أيضا: "مراسلون بلا حدود" تدعو للإفراج عن 3 صحفيين معتقلين بمصر