هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت عدة تقارير صحفية دور
دولة الإمارات في الأزمة الليبية ودعمها للجنرال الليبي، خليفة حفتر، بما "يُقوض خطوات التسوية السياسية هناك"، وفق قولها.
ونوهت وسائل إعلام جزائرية إلى
"آخر الخطوات الإماراتية في المنطقة"، فقد كشفت صحيفة "Patriotique Algérie" الجزائرية مؤخرا عن "سعي حكومة أبوظبي
لإقامة قاعدة ومطار عسكري لها في شمال موريتانيا على مقربة من الحدود الجنوبية
لدولة الجزائر".
ووصفت الصحيفة الخطوة الإماراتية بـ"محاولة
تطويق للجزائر وتهديد لأمنها القومي".
وذكرت أنباء مؤخرا أن وفدا عسكريا
إماراتيا وصل بالفعل إلى موريتانيا للقاء المسؤولين هناك بهدف إنشاء مطار عسكري إماراتي
في الشمال الموريتاني بالقرب من حدود الجزائر.
"تعاون عسكري"
ولم يصدر أي تعليق رسمي من موريتانيا
على هذه الخطوة، إلا أن الوكالة الرسمية هناك نقلت عما أسمته مصدرا مقربا من وزارة
الدفاع بأن "بعض المعلومات مجرد
إشاعات"، وأكد في ذات الوقت أن بلاده "ترتبط بعلاقات وثيقة مع الإمارات"،
وأن هذه العلاقات تقوم على مبدأ "المصالح المشتركة والتعاون في كافة المجالات
بما في ذلك التعاون العسكري"، وفق وكالة الأنباء الموريتانية.
اقرأ أيضا: موريتانيا: لا وجود لقاعدة عسكرية إماراتية على أراضينا
ورأى باحثون أن الخطوة إن صحت
وظهرت للعلن، فتعد "بمثابة ضغط كبير على دولة الجزائر لتغيير موقفها بخصوص الملف
الليبي، وخاصة موقفها من حفتر الحليف الأبرز للإمارات"، وسط تساؤلات عن تداعيات هذه
الخطوة العسكرية الجديدة، ومدى القدرة على تنفيذها الآن.
"تحركات على الأرض"
من جهته، أكد الباحث الجزائري في
العلاقات الدولية، علي منير دوالة، أن "الجزائر ترفض باستمرار فكرة تواجد
قواعد عسكرية أجنبية ليس فقط على أراضيها، وإنما أيضا في دول الجوار مثل ليبيا
وتونس شرقا ومالي والنيجر وموريتانيا جنوبا، لذا موقفها الأخير من خطوات الإمارات،
حال صحت، سيأتي انطلاقا من هذه المبادئ".
وأوضح في تصريحاته
لـ"عربي21" أن "سياسة الجزائر الخارجية ترفض أيضا التدخل الأجنبي
عسكريا مهما كان نوعه، كما ترفض التعاون عسكريا مع دول منخرطة في أحلاف عسكرية أو
توجد بها قواعد عسكرية أجنبية لدول كبرى، كون هذا التواجد سيعطي للجماعات
الإرهابية مبررا للقتال ضد التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة، ما يتسبب في
انتشارا رقعة اللاأمن في منطقة الساحل الأفريقي".
وأضاف: "لذلك تُفضل الجزائر دبلوماسية
الفعل على الأرض عن دبلوماسية التصريحات، في ملفات تتعلق بالأمن الإقليمي ومنه
الأمن الوطني وهي تتحرك دائما وفق هذا الإطار العام في حالات الاستقرار أو حالة
التأزم في العلاقات مع الجوار".
"رفض الجزائر"
الباحث والأكاديمي المغربي، نور
الدين لشهب، أشار إلى أن "الإمارات ليس بمقدورها الضغط على الجزائر الآن كون
الأخيرة لا تزال تعيش مخاضا انتقاليا، بل ولازال الشعب الجزائري يخوض حراكه، ورغم
أن النظام السياسي الجزائري له خلفية عسكرية، إلا أن الجيش هناك جيش وطني وليس مرتزقة
كبعض الجيوش في المشرق التي تعتاش على المساعدات الأمريكية وتهيمن على الاقتصاد".
وأكد في تصريحات
لـ"عربي21" أنه "قد تتقاطع مصالح الإمارات مع الجزائر خاصة
في الملف الليبي، لكن لن تكون الجزائر تابعة لأبوظبي يوما".
وأوضح: "الشخصية الجزائرية في
الدولة والشعب لها خصوصية تميزها عن باقي الشعوب العربية، كما أن الإسلاميين في
الجزائر، الموالين والمعارضين، لهم كراهية للإمارات، والنظام الجزائري الحالي لن
يواجه شعبه مرة أخرى، لأن العشرية الدموية كانت درسا للإسلاميين والنظام معا، ولن
تعاد مرة أخرى".
"سيطرة على شمال أفريقيا"
وبدوره، أكد الضابط الليبي السابق
وعضو مجلس الدولة، إبراهيم صهد، أن "محاولات الإمارات التواجد العسكري في
منطقة الشمال الأفريقي مستمرة منذ أن مكنها حفتر من إقامة قاعدة عسكرية في منطقة "الخروبة" بليبيا، ثم
محاولاتها لإقامة قاعدة في النيجر التي قوبلت بمعارضة شديدة من دول أفريقية".
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: هكذا فرّ حفتر من موسكو بعد انتظاره مقابلة بوتين
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لذا فإن مسعى أبوظبي لإقامة قاعدة عسكرية في موريتانيا هي استمرار
لهذا النهج في السيطرة على شمال أفريقيا، ولابد من ملاحظة أن الإمارات تفتقر إلى
القوة البشرية لإدارة مثل هذه القواعد، وهي تلجأ إلى مؤسسات أمنية أجنبية على غرار
"البلاك ووتر والبلاك شيلد" التي تتكون من مرتزقة أجانب لإدارة مثل هذه القواعد"، وفق معلوماته.
وتابع: "البحث عن الاستراتيجية
وراء ذلك قد يقودنا إلى دول ومؤسسات لها مصلحة في السيطرة على المنطقة وثرواتها
ولذلك فإن المال الإماراتي مع خبرات "المرتزقة" الأجانب توفر الأداة
والغطاء في نفس الوقت".
"تركيا هي الهدف"
لكن أستاذ القانون الدولي، السيد
أبو الخير أوضح أن "تحركات الإمارات في القرن الأفريقي تستهدف تركيا في الأساس،
فهي تحاول وقف المد التركي في المنطقة".
وأضاف: "من المعروف أن نظام أبو
ظبي يتدخل في أي منطقة من أجل تحقيق مصالح القوى الغربية، فهي تنفذ أجندة أجنبية وليس
لها هي ومعظم الدول العربية حق اختيار أو اتخاذ قرارات سياسية مصيرية، عليهم فقط
تنفيذ الأوامر الدولية التي تصدر لهم".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "خطواتها في موريتانيا
محولة منها لإفشال ومواجهة التواجد التركي الذي بات ينشط بشدة في عدة دول أفريقية
محورية كليبيا وتونس والجزائر والصومال وفي موريتانيا أيضا، خاصة أن الإمارات هي
أكبر وأهم داعم للثورات المضادة في المنطقة".