يشكل تراجع أسعار
الغاز عالميا صدمة لسوق الغاز
المصري الوليد، إذ حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من تداعيات انخفاض أسعار الغاز العالمية، بالتزامن مع بدء ضخ الغاز
الإسرائيلي لمصر على خطط مصر في تصدير الغاز، ومن ثم في إيرادات الغاز بالعملة الصعبة، وتوفير أخرى لتلبية واردات الغاز الإسرائيلية.
بدأت مصر باستقبال الغاز الإسرائيلي منتصف الشهر الجاري، بموجب اتفاق
تجاري هو الأكبر بين الدولتين منذ توقيع اتفاق السلام في عام 1979 تبلغ قيمته 19.5
مليار دولار من حقول إسرائيلية على مدى 15
عاما.
وقال الحساب التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية على موقع تويتر "إسرائيل
بالعربية"، إن "الغاز الطبيعي الإسرائيلي، الذي سيبدأ بالتدفق من حقل ليفياثان
(في شرق البحر المتوسط) مُخصص للاستخدام في السوق المحلي المصري".
وقالت صحيفة "البورصة" المصرية إن الشركة القابضة للغازات الطبيعية
"إيغاس"، خفضت إنتاج شركة "إيني" الإيطالية من حقل ظهر نحو 600
مليون قدم مكعب إلى نحو 2.4 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا؛ بسبب ارتفاع ضغوط الشبكة
القومية للغازات وتراجع الاستهلاك محليا.
وتستورد مصر الآن حوالي 200 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي الإسرائيلي،
على أن تزيد الكمية تدريجيا إلى حوالي 550 مليون قدم مكعب يوميا، وفق وزير البترول
المصري.
ولدى مصر الآن مخزون كبير من الغاز الطبيعي مع تراجع الطلب المحلي، وبدء
استقبال الغاز من إسرائيل، ما أدى إلى الزيادة في المعروض.
تراجع أسعار الغاز
وشكك محللون في تقرير نشره موقع "ستاندراد آند بورز بلاتس"
في قدرة مصر على بيع شحنات الغاز الطبيعي المسال بسعر 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية
بموجب عقود طويلة الأجل، في إطار تحولها إلى مركز إقليمي للطاقة.
وصرح وزير البترول المصري، الأسبوع الماضي، بأن مصر ستقوم بخفض كمية الغاز
المسال الذي تبيعه عبر العقود قصيرة الأجل، وتتفاوض من أجل إبرام عقود طويلة الأجل
لبيعه بسعر 5 دولار لكل مليون وحدة حرارية؛ بسبب هبوط أسعار الغاز.
ووفق التقرير، احتسب العقود الآجلة في مؤشر "جيه كيه إم" سعر
الغاز المسال عند 4.41 دولار و 3.49 دولار وفق توقعات "بلاتس أناليتكس" لكل
مليون وحدة حرارية بريطانية، وكلا السعرين أقل بكثير من السعر الذي تستهدفه مصر.
تداعيات استيراد الغاز وضعف تصديره
من جهته قال الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، إن مصر "تعاني من
عجز مزمن في الميزان التجاري وسببه ضعف العجلة الإنتاجية، حيث تبلغ قيمة الوارادت
65 مليار دولار صادرات بقيمة مقابل 28 مليار دولار، هذا العجز هو أحد أدوات الضغط على
قيمة الجنيه مقابل الدولار؛ لذلك فإن عجز الميزان التجاري وعجز الموازنة يدفعان الدولة
للاقترض الداخلي والخارجي".
وأضاف: "ومن ثم استيراد الغاز من إسرائيل سيزيد من فاتورة الوارادت
المصرية بنحو 1.9 مليار دولار سنويا، بالأمس كان هناك تصريح مهم لوزير البترول بشأن
إبرام عقود طويلة الأجل، وهذا يدل على حقيقة مهمة؛ أن مصر لم توقع أي عقود لتصدير الغاز
القادم من إسرائيل بعد إعادة تسييله في محطاتها حتى الآن".
وأوضح أن "معظم التقارير الدولية تؤكد انخفاض أسعار الغاز؛ ومن ثم فإن أسعار الغاز القادم من إسرائيل، إذا أضيف لها تكاليف النقل والتسييل ثم إعادة
الفك في المحطات الأوروبية، لن يكون ذا جدوى اقتصادية للدول المستوردة"، مشيرا
إلى أنه من المرجح أن "تتحمل مصر فاتورة واردات الغاز دون صادرات تذكر، وسيشكل
ضغطا على قيمة الجنيه المصري".
واختتم ذكرالله حديثه بالقول: "سيتم تعويض هذا الضغط من خلال الاقتراض
الأجنبي لمحاولة تثبيت الجنيه، لكن السؤال: إلى متى سيثبت هذا الوضع، وإلى متى ستستمر
عملية الاقتراض، وإلى متى سيقبل الدائنون بإقراض الدولة المصرية، وإلى متى ستستطيع
الدولة تحمل أقساط وفوائد هذه الديون؟".
استنزاف الاقتصاد المصري
وحذر المحلل السياسي والاقتصادي المصري، محمد السيد، من مغبة "استيراد
غاز من الكيان الصهيوني"، وقال إنه "يعد خطرا يمس الأمن القومي المصري والمصالح المصرية، ويتحكم في القرار
السياسي والمصالح الاقتصادية للبلاد".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن تحول مصر من بلد منتج ومصدر للغاز
إلى مستورد، "يعني استنزافا للعملة الأجنبية، وسينعكس على الجنيه المصري؛ بسبب ارتفاع
فاتورة الواردات في الوقت الذي تعاني منه البلاد من شُح في الموارد؛ نتيجة السياسات
الخاطئة المتبعة في تبديد موارد البلاد المحدودة
في مشاريع لا جدوى منها".
مشيرا إلى أن ديون مصر الخارجية "ارتفعت إلى 109 مليار دولار، ومن ثم سيزداد عجز الموارنة وينعكس ذلك على قطاعات الدولة كافة، على عكس ما صرح به السيسي عقب
توقيع العقد وقال: "المصريين جابوا جول"، واتضح أن الصهاينة هم من حققوا أكثر
من جول".
اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي يستعرض مكاسب تصدير الغاز إلى مصر والأردن