هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لاراثون" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن
الخبراء الذين أكدوا أنه إذا تخلت إيران عن المعاهدة، فسوف تستغرق ما بين سنة
إلى سنتين لتخصيب ما يكفي من اليورانيوم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن خطر
أن تستأنف إيران تطوير برنامجها النووي وإمكانية استخدامه للأغراض العسكرية أصبح
متوقعا أكثر من أي وقت مضى منذ توقيع الاتفاق النووي لسنة 2015 الذي روج له أوباما
مع إيران وخمس دول أخرى.
يوم الخميس، أعلن الرئيس حسن روحاني أن طهران تقوم بالفعل
بتخصيب المزيد من اليورانيوم بمعدل أكثر من فترة ما قبل التوقيع على الاتفاقية
التاريخية، التي انسحبت منها الولايات المتحدة في سنة 2018، وهو قرار أدى إلى أزمة
خطيرة في الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أنه، في الوقت الحالي، أعربت طهران عن التزامها
بالاستمرار في الاتفاق. كما عبرت بلدان الاتحاد الأوروبي وكذلك روسيا والصين عن
نفس النية. لكن منذ شهر أيار/مايو من السنة الماضية، أعلنت أنها سترفع في مستويات
تخصيب اليورانيوم إلى 4.5 بالمئة. لا أحد يستبعد أن تتخذ إيران الخطوة المخيفة
وتنتهك التزاماتها النووية، خاصة إذا لاحظت أن واشنطن لا تتحرك وتحافظ على
العقوبات الاقتصادية التي تخنق البلاد مرة أخرى.
ونوهت الصحيفة بأن إمكانية أن تصبح إيران قوة نووية، التي طرحت منذ
سنة 2015، أصبحت الآن أمرا محتملا. وفي هذه الحالة، ما هي الخطوات التي يجب على
طهران اتخاذها للوصول إلى هذه النقطة؟ ما المدة التي سيستغرقها نظام آية الله
لإعادة تنشيط عملية تطوير السلاح النووي؟
المكونات الثلاثة للترسانة النووية
حسب المحقق الرئيسي ومدير مركز التحليل السياسي العسكري بمعهد هدسون،
ريتشارد فايتز، لن تكون العملية فورية إذ "يحتاج أي بلد إلى ثلاثة مكونات حتى
يكون لديه ترسانة نووية فعالة، وهي مادة انشطارية مناسبة، ورأس حربي قادر على حمل
شحنة ناسفة نووية في اتجاه الهدف، فضلا عن وسيلة لتوجيه الرأس الحربي إلى
الهدف".
ومن حيث تخصيب اليورانيوم، نقلت الصحيفة عن هذا الخبير أنه "إذا
تخلت إيران عن المعاهدة، فإن تخصيب ما يكفي من اليورانيوم للحصول على المواد
الانشطارية لصنع سلاح نووي سوف يستغرق ما بين سنة وسنتين". وفيما يتعلق
بالرؤوس الحربية، يقول فايتز إن طهران "لديها احتياطي قوي من الصواريخ متوسطة
المدى القادرة على إطلاق رأس حربي ضد هدف في الشرق الأوسط وربما في أوروبا".
وحسب هذا الخبير، يكمن المفتاح في معرفة المدة التي سيستغرقها تصميم
رأس حربي فعال. في هذا الصدد، يشير الخبير إلى أن "هناك دلائل تشير إلى أن
بعض الإيرانيين حاولوا تطوير نموذج في الماضي، ولكن ليس مؤخرا، على الرغم من أن
النماذج قد تكون متاحة أيضًا في كوريا الشمالية ودول أخرى".
وذكرت الصحيفة، نقلا عن الخبير في انتشار الأسلحة النووية في جامعة
سالم ستيت، كانيشكان ساتاسيفام، أن "تصغير رأس نووي يتناسب مع مثل هذه
الصواريخ هو عملية تتطلب تقنيات عالية للغاية، وهناك بعض الخلاف بين الخبراء حول
ما إذا كانت إيران لا تزال تتقن هذه التكنولوجي أم لا. أقدر أنه إذا لم يكن لدى
إيران هذه القدرة بعد، فستتوفر لها قريبا جدا، ربما خلال أشهر بدلا من
سنوات".
اليورانيوم المخصب 19.75 بالمئة
أفادت الصحيفة بأن خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي الاسم التقني
للاتفاق النووي، تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم 235 إلى 3.67 بالمئة فقط. حتى ذلك
الوقت (2015) قامت إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 19.75 بالمئة. وكما أوضح
أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة جنوب كاليفورنيا، محمد ساهيمي، فإن "هذا هو المستوى
الذي تحتاجه لإنتاج الوقود من أجل مفاعلها البحثي، وهو عبارة عن مفاعل صغير في
طهران بقوة خمس ميجاوات، الذي ينتج نظائر طبية لحوالي 800 ألف مريض إيراني في
السنة".
وتجدر الإشارة إلى أن إيران، التي جادلت دائما بأن برنامجها ليس له
غرض عسكري وإنما للاستخدام المدني بشكل صارم، لم تعلن عن رغبتها في استئناف تخصيب
اليورانيوم عند هذا المستوى الذي بلغ حدود 19.75 بالمئة.
وأضاف ساهيمي أنه "إذا بدأت السلطات الإيرانية في تنشيط أجهزة
الطرد المركزي البالغ عددها حوالي 19 ألف جهاز قبل الالتزام بخطة العمل الشاملة
المشتركة، فستستغرق هذه العملية بضعة أشهر لتخصيب 90 بالمئة من اليورانيوم وإنتاج
مواد كافية لصنع قنبلة". ووفقا للخبراء، فإن تخصيب اليورانيوم من 20 إلى 90
بالمئة أسرع بكثير من القيام به من صفر إلى 3.67 بالمئة بسبب طبيعة العملية ذاتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن كانيشكان ساتاسيفام يعتقد أن إيران قد تكون
قوة نووية في غضون أشهر، مشيرا إلى أن "أجهزة الطرد المركزي التي كانت تعمل
بها إيران حتى اتفاق 2015 كانت من جيل سابق وليست قوية للغاية. وهي تلك التي وُضعت
في منشآت نطنز والتي وافقت إيران على تخفيضها تحت الحد الأدنى. لكن منذ اتفاق
2015، تعمل إيران على إنشاء جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي، الذي سيكون أكثر
قوة. وقد كانت إيران قادرة على القيام بهذا العمل التنموي لأن ذلك كان أحد الثغرات
العديدة في المعاهدة النووية".
وأوردت الصحيفة أنه من بين النقاط الرئيسية التي لم ترق للبيت الأبيض
من الاتفاق الذي وقعه أوباما هو أن التزامات إيران كان لها تاريخ انتهاء الصلاحية.
فعلى سبيل المثال، وعدت البلاد بعدم تشغيل أكثر من 5.060 جهاز طرد مركزي من طراز
آي آر1 لليورانيوم خلال العقد القادم. وفي الواقع، كان لديها تسعة آلاف جهاز نشط
وتسعة آلاف آخرين في الاحتياط، وفقا لمبادرة التهديد النووي.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه، بالنسبة لساتاسيفام، لعبت إيران
هذه اللعبة القذرة لأنها تمتلك مرافق خفية. ونوه ساتاسيفام بأنه "كان الهدف
من عمل التخصيب الحقيقي هو أن يتم تنفيذه في منشآت سرية متعددة تمتلكها إيران،
وتأكدت المخابرات الغربية والإسرائيلية من ذلك منذ ذلك الحين. وتخضع هذه المنشآت
لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، لكن إيران أكدت منذ وقت طويل أن منشآتها العسكرية
تقع خارج نطاق اختصاص مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بهذه الطريقة، لعبت
إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتمكنت من عدم الكشف عن منشآت التخصيب
الحقيقية لديها".