هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثير عودة الاعتقالات، في صفوف نشطاء الحراك الشعبي بالجزائر، الاستغراب خصوصا من حيث التوقيت، الذي يُحاول فيه الرئيس الجديد، اكتساب شرعية سياسية عبر الدفع نحو إطلاق سراح سجناء الرأي.
ولجأت قوات الأمن الجمعة إلى توقيف
نحو 20 ناشطا ومشاركا في المسيرات بالعاصمة، قبل أن يتم إخلاء سبيل عدد منهم في
وقت لاحق، من بينهم الرئيس الساق لجمعية "راج" حكيم عداد الذي أفرج عنه
قبل أسبوعين فقط بعد أن أمضى 4 أشهر في السجن.
وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن
المعتقلين، سيتم عرض 15 موقوفا على مستوى الأمن الحضري، أمام وكيل الجمهورية
بمحكمة سيدي محمد بقلب العاصمة الجزائرية السبت، وهو أكبر عدد من الموقوفين يتم
تسجيله في يوم واحد، في الفترة التي أعقبت إجراء الانتخابات الرئاسية في 12 كانون
الأول/ ديسمبر الماضي.
اقرأ أيضا: تواصل الحراك الاحتجاجي بالجزائر في الجمعة الـ 48
ويُوجد من بين الموقوفين، أسماء
معروفة بنشاطها في المجتمع المدني، مثل مصطفى عطوي رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة
الفساد، والدكتور جمال الدين عولمان المعروف بحضوره الدائم في مسيرات الحراك
الشعبي، إضافة إلى سجناء رأي سابقين تم إطلاق سراحهم في حملة الإفراج عن المعتقلين
الأخيرة مثل رضا بوعيسة.
وبإمكان هذه الحملة الأخيرة، أن
تُعقد مسألة معتقلي الرأي، إذ في وقت كان من المنتظر الإفراج عنهم جميعا، سيتم سجن
آخرين بسبب نشاطهم في الحراك الشعبي، وهو ما يخالف الوعود الرسمية بتنفيذ إجراءات
التهدئة التي تسمح بإعادة الثقة بين السلطة والشعب.
"ازدواجية في التعامل"
ويرى نور الدين بن يسعد رئيس الرابطة
الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن هناك ازدواجية في التعامل مع سجناء الحراك،
فمن جهة يتم إطلاق سراح بعض المعتقلين ومن جهة أخرى يتم وضع آخرين في السجون.
وأوضح بن يسعد في حديث لـ"عربي21"،
أن هذا الواقع، قد يعطي انطباعا سيئا عن السلطة، ويظهر بأن ثمة مراكز قرار مختلفة،
وهو ما يتناقض تماما مع شعار "الجزائر الجديدة" الذي رفعه الرئيس الجديد
عبد المجيد تبون.
وأبرز بن يسعد أن هذا التخبط، أنتج
جوا سياسيا ملوثا تصعب معه إعادة الثقة للجزائريين، مشيرا إلى ضرورة تدارك ذلك
بسرعة، من خلال الإفراج عن كل معتقلي الرأي، وتفعيل إجراءات التهدئة.
ولم تقدم السلطات القضائية حتى الآن،
أي رواية بخصوص المعتقلين الجدد، إلا أن الملاحظ لدى المراقبين وجود تحول في
التعامل الأمني مع الحراك، ابتداء من الجمعة ما قبل الأخيرة.
وباتت قوات الأمن، وفق معاينة
ميدانية، تلجأ إلى استعمال الصافرات لتفريق المتظاهرين، بعد الساعة الرابعة مساء،
وتلجأ إلى القوة أحيانا مع الرافضين لمغادرة شوارع العاصمة الرئيسية، خاصة ديدوش
مراد وحسيبة بن بوعلي.
"محاولة تقليص الحراك"
ويقرأ سعيد صالحي الحقوقي والقيادي
بائتلاف المجتمع المدني، في هذه التطورات الأمنية الأخيرة وتحديدا في الاعتقالات
أو تفريق المتظاهرين، وجود نية لوضع حد لمسيرات الحراك الشعبي.
وقال صالحي في تصريح لـ"عربي21"،
إن خطة السلطة على الأرض، تتمثل في تقليص وقت المسيرة بين الساعة الثانية إلى
الرابعة مساء، إذ أن كل الاعتقالات تتم قبل أو بعد هذا الوقت.
اقرأ أيضا: أحزاب الأغلبية زمن بوتفليقة.. هل تتحول للمعارضة مع تبون؟
وأضاف صالحي أن السلطة من خلال ذلك،
تريد اللعب على الصورة، من خلال إظهار عدد قليل في المسيرات وعزلها في شوارع
معينة، وتسويق ذلك في الإعلام على أنه نفور للجزائريين من الحراك.
وعلى مستوى الرئاسة، لم يدل الناطق
الرسمي لحد الآن بأي تصريح، حول موضوع إجراءات التهدئة وسجناء الحراك، لعدم الظهور
بمظهر المتدخل في عمل الجهاز القضائي.
لكن السياسيين الذين يلتقون بالرئيس
عبد المجيد تبون، في إطار المشاورات الجارية حاليا، ينقلون عنه أنه يتابع موضوع
السجناء عن كثب ويأمل في إطلاق سراحهم قريبا.
"خطاب رسمي مطمئن"
وفي بيان له، ذكر جيلالي سفيان، أول
رئيس حزب (جيل جديد) يلتقي تبون، أن الرئيس قال له إنه "يتابع قضايا سجناء الحراك عن كثب وأن العملية
القضائية الجارية ستسمح بالإفراج السريع، عن كل من اعتقل بسبب آرائه".
وقال حبيب براهمية، مسؤول الإعلام في
حزب جيل جديد، إن "ما نقله جيلالي سفيان هو ما سمعه فقط من الرئيس تبون، لكن
حزبه لا يستطيع أن يضمن تطبيق إجراءات التهدئة فعليا، فهي بيد أصحاب القرار".
وأوضح براهمية في تصريح لـ"عربي21"،
أن حزبه متمسك بإطلاق سراح سجناء الرأي ويعتقد بضرورة اتخاذ إجراءات التهدئة من
أجل بناء جسور للثقة بين السلطة والمواطنين، لافتا إلى أن عدد السجناء الجمعة حوالي
40 شخصا موزعين على كل الولايات.
وأوضح القيادي في ائتلاف منظمات
المجتمع المدني، أنه من الصعوبة بمكان ضبط قوائم كل السجناء بسبب غياب المعلومة
الرسمية، إلا أن هناك عددا كبيرا خرج من السجون سواء بسبب استنفاذ عقوباتهم أو
الإفراج المؤقت عنهم لحين محاكمتهم.
وكانت الرابط الجزائرية للدفاع عن
حقوق الإنسان، ذكرت أن عدد السجناء خلال الشهر الماضي، تجاوز المائة، خصوصا بعد
حملة الاعتقالات التي رافقت الحملة الانتخابية للرئاسيات.