هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قرر الاحتلال الإسرائيلي تجاهل طلب السلطة الفلسطينية إجراء الانتخابات في القدس،
الأمر الذي يُعَقد مسار إتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية في الأراضي
الفلسطينية، والتي مضى على انعقادها آخر مرة 13 عاما.
صحيفة
"يديعوت أحرنوت" التي نشرت خبر "التجاهل"، رجحت أنه في ضوء القرار "سيتم تأجيل الانتخابات مرة
أخرى إلى موعد غير معروف".
وقدرت أن
"الشرط الفلسطيني للانتخابات بمشاركة سكان القدس الشرقية فقط، يهدف إلى تزويد
السلطة الفلسطينية بسُلم لإسقاط القرار في حال وجود خطر من فوز حماس مرة أخرى
بمعظم المقاعد في البرلمان".
ودون
أن يوضح الخطوات العملية التي ستتخذها السلطة بعد قرار "التجاهل"، علق
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عزام الأحمد، "إنه من المبكر الحديث عن
خطوات فلسطينية للرد على القرار، مشددا على أن "قرار إسرائيل لا يحمل
جديدا".
اقرأ أيضا: قرار إسرائيلي بتجاهل طلب السلطة إجراء انتخابات بالقدس
وسبق القرار
الإسرائيلي بساعات، تصريح من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب
عريقات، أكد فيه "لا انتخابات دون القدس وأن إصدار مرسوم رئاسي قبل التأكد من
إمكانية إجراء الانتخابات في العاصمة المحتلة سيؤدي في النهاية إلى إلغاء المرسوم
حال منعت إسرائيل إجراءها وهو أمر كارثي".
وكشف عريقات أن
"عددا من الدول الأوروبية رفضت إصدار ورقة ضمان بعدم
عرقلة "إسرائيل" لإجراء الانتخابات في القدس".
وقال، محمود
العالول، نائب رئيس حركة "فتح"، خلال كلمة له باحتفال انطلاقة حركة فتح
الـ55 في رام الله، الثلاثاء، إن "الانتخابات ستجرى في غزة والضفة وداخل
القدس المحتلة".
وأكد العالول، على
ضرورة "الذهاب باتجاه الديمقراطية"، وشدد على أن "الانتخابات مسألة
حاسمة".
من جانبها تصر
قيادة السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" برئاسة، محمود عباس، على ضرورة
انعقاد الانتخابات في القدس، وربطت إصدار مرسوم رئاسي يحدد تاريخ انعقاد
الانتخابات بالموافقة الإسرائيلية، فيما اتهمت حركة "حماس" حركة
"فتح" بـ"المماطلة في إجراء الانتخابات".
وفي ذات البيان، نُشر
في الـ18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أكدت "حماس" على أنه "لا انتخابات
بدون القدس (...) وأن فرض إجرائها في
القدس يجب أن يكون معركتنا جميعا، وألا نترك ذلك لحسن نوايا الاحتلال، وحماس لديها
الإرادة والقرار والجهوزية التامة لخوض هذه المعركة وبكل قوة".
اللقاء الوطني يحدد
الآليات
وفي تصريح خاص
بـ"عربي21"، اعتبر المتحدث باسم حركة "حماس"، حازم قاسم،
"قرار التجاهل محاولة من الاحتلال للاستفادة من الموقف السلبي للسلطة بموضوع
الانتخابات، والموقف المتردد من رئيس السلطة بإصدار المرسوم الرئاسي".
وأوضح قاسم أن
"صيغة التجاهل" جاءت بهدف "أن يعفي الاحتلال نفسه أمام الرأي
الإعلامي الدولي والعالمي أنه لا يعطل الانتخابات بل فقط يتجاهل القرار"، مضيفا
"عباس عمليا لم يتخذ أي خطوة باتجاه انعقاد الانتخابات".
وعند سؤاله حول
خيارات "حماس" لعقد الانتخابات في القدس عقب القرار الإسرائيلي، أجاب
قاسم: "العملية النضالية التي نقول بأنه يجب خوضها لإشراك القدس بالانتخابات
يجب أن تكون واحدة من مخرجات لقاء وطني جاد ومسؤول يمثل الجميع الفلسطيني، ويحدد
اللقاء آليات النضال وأهدافه وطريقة التحرك السياسي والشعبي والميداني".
وأكد بأن
"اللقاء الوطني جزء من موقفنا السابق، بحيث يضع آليات التعامل مع كل العقبات
التي يمكن أن تعترض العملية الانتخابية ومنها إجراء الانتخابات في القدس".
ونبه قاسم إلى أنه
"على رئيس السلطة أن يبادر في إصدار مرسوم رئاسي يحدد فيه موعد الانتخابات
حتى نبدأ عمليا في الحالة النضالية والاشتباك السياسي والميداني".
وحول المقترحات
الممكنة لعقد الانتخابات بالقدس، تحدث قاسم أنه يجب أن يتوافر فيها عدة معايير
بحيث تكون "وفق القانون الفلسطيني، وألا تنتقص من حق شعبنا في حرية الاختيار
والترشيح والتصويت".
إحجام السلطة
من جانبه، يرى
الكاتب والمحلل السياسي، محمد العيلة، بأن "السلطة الفلسطينية
وفي إطار اتفاق المرحلة الانتقالية بينها
والاحتلال الإسرائيلي تنازلت عن حق الجزء الأكبر من المقدسيين في الإدلاء بأصواتهم
في الانتخابات".
وفي حديثه لـ"عربي21" أوضح العيلة "رغم ذلك، بالكاد وافق الاحتلال
على إجراء الانتخابات في القدس عام 1996، وفرض مزيد من العراقيل والقيود لاحقا في
انتخابات عام 2005 الرئاسية، وعام 2006 التشريعية".
اقرأ أيضا: عباس: لا انتخابات في فلسطين بدون القدس
ويقول العيلة: "لهذا كان من المتوقع رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح
بإجراء الانتخابات في القدس هذه المرة، بعد أن ازدادت سيطرته على المدينة أكثر،
وبعد اعتراف الإدارة الأمريكية بها كعاصمة".
ومن وجهة نظره فإن "السلطة الفلسطينية تعي هذا التقدير جيدا، ولهذا
فإن موقفها يجعل من إرادتها بإجراء الانتخابات موضع شك، بجعل هذا القرار الوطني رهنا
بالموافقة الإسرائيلية".
ويشير إلى أن السلطة لجأت إلى "مناورة سياسية للتراجع عن الانتخابات، ورمي
اللوم على شماعة الاحتلال".
حلول مقترحة
واعتبر العيلة بأن "المشاركة المقدسية في الانتخابات واجبة، ودعوات
تحويل القضية إلى قضية اشتباك وطني واقعية وممكنة، وبإمكان شعبنا إيجاد حلول خلاقة
لتجاوز هذه الأزمة، في إطار المواجهة مع الاحتلال لا الاستسلام له".
ومن الحلول المقترحة التي يمكن الأخذ بها، وفقا للعيلة "فتح مراكز الاقتراع داخل قنصليات أو سفارات صديقة أو مؤسسات دولية، أو فتح مراكز
اقتراع في ضواحي مدينة القدس خارج السيطرة الإسرائيلية، أو من خلال تأسيس نظام تصويت
الكتروني مخصص للمقدسيين فقط".
وعند سؤاله حول انعكاس القرار على موقف الفصائل الفلسطينية من الانتخابات،
أجاب العيلة: "الرفض الإسرائيلي سيدفع الفصائل لممارسة مزيد من الضغط على
حركة فتح للسير في طريق الانتخابات حتى النهاية، لكن استجابة فتح كانت ممكنة لو
أنها رأت في الرفض كتحدي، لكنها ترى فيه فرصة للتراجع عن الاستحقاق وحفظ ماء وجهها".
الاشتباك خيار
"فتح"
وفي حديث
لـ"عربي21" مع القيادي بحركة "فتح"، رأفت عليان، قال:
"لا يجوز أن يُسوق وكأننا ننتظر السماح الإسرائيلي لنا بإجراء انتخابات، هذا
حق مشروع كفلته لنا الشرعية الدولية، وهنالك الاتفاقيات تسمح لنا بإجراء
الانتخابات في القدس أسوة بالضفة وقطاع غزة".
وأوضح أن الطلب
الفلسطيني بهذا الخصوص هو بأن تزيل "إسرائيل" المعوقات أمام إجراء
الانتخابات، مضيفا "لهذا السبب كان هنالك طلب، وذلك لا يعني أننا ننتظر سماح
من الاحتلال".
وأكد بأن "عدم
مشاركة أبناء القدس تعني أننا تخلينا عن حق شعبنا من ممارسة أبسط حقوقه بإجراء هذه
الانتخابات والسماح لهم بممارسة حق الترشح والانتخاب".
ولفت إلى أنه
"حتى هذه اللحظة لم ترد إسرائيل بشكل رسمي بالسماح أو عدم السماح، وتركت
الصحافة الإسرائيلية لتكتب بأنها تتجاهل الرد".
ويعتقد عليان بأن
هذا التجاهل يأتي في إطار "البحث الإسرائيلي عن ثمن لسماحها إن كانت تريد أن
تسمح بهذه الانتخابات، وتعطي للمجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي هامشا للمناورة بهذا
الصدد".
اقرأ أيضا: مستشرق إسرائيلي: موافقة حماس على الانتخابات أحبطت عباس
ويؤكد: "إذا
ما كان الرد سلبيا وباشرت "إسرائيل" بإعلان ذلك بشكل رسمي وفشل المجتمع
الدولي من الضغط على الاحتلال، فدور القيادة والفصائل هو ابتكار أي شيء لتعطي حق
الفلسطينيين بالقدس بالانتخاب، ويجب أن تقام الانتخابات رغم الاحتلال، ونجعل منها مقاومة
شعبية جديدة لرفض الاحتلال".
ونوه إلى أن "الدول
الأوروبية الصديقة والعربية لم ترد على الجانب الفلسطيني بتدخلها للضغط على
الاحتلال بإجراء الانتخابات في القدس"، مضيفا "ننتظر ردا مكتوبا".
ويعتقد عليان بأن "التجاهل
الإسرائيلي مرتبط بالانتخابات الداخلية لديه"، متوقعا بأنهم "لا يريدون
أن تكون هذه ورقة مسلطة على رقابهم في انتخاباتهم القادمة، وهم يحاولون تجاهل
الطلب إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية".
وعند سؤاله عن سبب
تأخر إصدار المرسوم الرئاسي ليُمهد بالدخول في حالة "الاشتباك" مع
الاحتلال، أفاد عليان: "هناك أصوات من داخل حركة فتح ومن الفصائل تريد وتضغط
على الرئيس محمود عباس لإصدار المرسوم وجعل الموضوع أمرا واقعا".
ولفت إلى أن
التخوفات لدى عباس ومن لا يريد إصدار هذا المرسوم إلا بعد الموافقة الإسرائيلية،
هي من أن "تصر إسرائيل على منعها، وأن يُحرم المقدسيون بقوة السلاح من
المشاركة في هذه الانتخابات، وتُعطى إسرائيل على طبق من ذهب سحب السيادة
الفلسطينية من القدس".
وأضاف: "هناك
تروٍ بهذا الخصوص وهناك اتصالات يومية من القيادة الفلسطينية مع الدول للضغط على
الاحتلال".
وبخصوص الحلول
البديلة لانتخاب المقدسيين، يقول عليان: "موقفنا في حركة فتح أن هذا يعطي
إسرائيل ما تريد، وكأن المقدسي ليس صاحب حق وكأنه ضيف..".
وأضاف: "من
حق المقدسيين أن ينتخبوا داخل المدينة، وأن تكون هناك صناديق، وأن تمارس الدعاية
بداخلها، حتى لو اشتبكنا مع الاحتلال ولو كان هناك اعتداءات على المحتشدين، يُمكن
لذلك أن يُسوق أمام العالم بأنه انتهاك جديد ضد الشعب الفلسطيني وضد حقوقه".
ويختتم بالقول: "الموافقة
الرسمية بأن تكون هناك صناديق خارج القدس هو ما تريده إسرائيل، وهو مرفوض لدى حركة
"فتح" وغالبية الفصائل الوطنية الفلسطينية".