هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل مؤشرات على قرب إرسال تركيا قوات لدعم حكومة الوفاق الليبية، أجرى اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، زيارة مفاجئة وغير معلنة إلى القاهرة، مساء الأحد، للقاء حليفه، رئيس نظام الانقلاب بمصر، عبد الفتاح السيسي، وسط أنباء عن توجهه بعد ذلك إلى اليونان.
وتأتي الجولة بعد تعثر واضح لإعلان حفتر الأخير عن "هجوم حاسم"، في إطار حملة مستمرة منذ تسعة أشهر، للسيطرة على العاصمة طرابلس، والإطاحة بحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بدعم واضح من مصر وأطراف أخرى.
ويرى مراقبون أن اللواء الليبي المتقاعد يبحث عن إنقاذ لمشروعه ودعم جديد بعد، وهو ما يطرح تساؤلات عن خيارات مصر واليونان بهذا الخصوص، لا سيما بعد إجراء الأخيرتين حراكا دبلوماسيا مكثفا خلال الأيام القليلة الماضية، شملت اتصالات مع زعماء الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وإيطاليا، وغيرها.
"احتضار" وبحث عن الخطة "ب"
وفي حديث لـ"عربي21"، قال المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق، محمد قنونو: "نظرا للظروف العصيبة التي يمر بها حفتر وقواته وحالة الاحتضار لمشروعه في حكم البلاد ذهب لقائده الأعلى وحليفه المصري السيسي للبحث عن مخرج".
وأضاف أن "الظروف الميدانية في محيط طرابلس تؤكد نهاية وشيكة لحفتر، لكن أعتقد أنه يفكر الآن فيما بعد العاصمة أو كيف يستطيع الخروج محتفظا بماء وجهه، ليكون طرفا على طاولة الحوار الليبي، المزمع عقده في برلين أو غيرها، وهذا أمر يناقشه الساسة".
وتابع: "موازين المعركة بدأت تتغير فعلا، وليس خافيا أن حلفاءه الرئيسيين تراجعوا خطوة للخلف، ولو فعّلت ليبيا تحالفاتها كما هو منتظر مع الجانب التركي بعد أيام قليلة، فقد ينعدم تأثير هؤلاء الحلفاء الإقليميين، ما يعني نهاية حفتر سياسيا وعسكريا".
ولفت قنونو إلى أن تصريحات السيسي الأخيرة تظهر "أن الأمور خرجت عن السيطرة وأن حفتر يلعب في الوقت الضائع، وربما زيارته للقاهرة الآن تأتي في إطار البحث عن خطة بديلة، قد يكتفي فيها من الغنيمة بالسلامة".
اقرأ أيضا: ماذا وراء غياب واشنطن عن الأزمة الليبية؟
بدورها، قالت البرلمانية الليبية، السيدة اليعقوبي، إن زيارة حفتر المفاجئة للقاهرة تأتي في إطار بحثه عن مخرج، موضحة أن "وضع حفتر وكل داعميه في الداخل والخارج أنفسهم في ورطة استراتيجية، فقد كانوا يعتقدون أن السيطرة على العاصمة استراحة شاي"، مشيرة إلى أنه "لم يكن في حسبان بطل الهزائم (حفتر) أن يجر أذيال الهزيمة ويتمنى العودة والقبول باجتماع غدامس (برعاية الأمم المتحدة)".
وأضافت في حديث لـ"عربي21": "السحر انقلب على الساحر، وأعتقد أن القاهرة الآن هي من تبحث عن حل عن طريق حفتر بسبب توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين أنقرة وطرابلس التي فضحت المستور في تنازل السيسي عن المنطقة الاقتصادية الخاصة بمصر لكل من إسرائيل واليونان وقبرص".
وتابعت: "إزاء صمت الأمم المتحدة وقبولها وجود جنود مصريين وإماراتيين وجنجاويد وقوات فاغنر تقاتل مع حفتر جاء الاتفاق الليبي– التركي مبددا أحلام السيطرة وعسكرة الدولة والحيلولة دون تنفيذ أطماعهم في ليبيا، لذلك يسارع حفتر وداعموه لإيجاد حل قبل اجتماع برلين المزمع عقده في كانون الثاني (يناير) القادم".
وتوقعت اليعقوبي أن "تتسع طاولة المفاوضات حول ليبيا لتشمل تونس والمغرب والجزائر وقطر، وهذا يعد عائقا أمام مصر والإمارات ويسعيان لإبطاله وعدم تحققه، وسيقدمون الدعم المطلق لمحاولة حفتر إعلان ساعة صفر سادسة وفاشله للسيطرة على طرابلس قبل اجتماع برلين".
زيارة لتسخين الأجواء
وصف عضو لجنة العلاقات الخارجية السابق في البرلمان المصري، عادل راشد، زيارة حفتر للقاهرة "بأنها محاولة لتسخين الأجواء"، قائلا: "حفتر بالقاهرة بعد فشل هجومه العسكري ليطلب من السيسى التدخل المباشر لدعمه بالقوات، وكذلك التوسط لدى الإمارات لعدم رفع يدها عنه، بل وزيادة الدعم لحسم معركة لن يحسمها".
وأضاف لـ"عربي21": "حفتر يحاول تسخين الأجواء ورد فشله إلى التدخل التركي باعتباره العدو اللدود لدولة الإمارات ومصر لعل ذلك أن يكون سببا في منحه المزيد من الدعم، مع الوعد بوضع خيرات ليبيا وثرواتها ومخزونها الكبير من الطاقة بين أيديهم".
وأشار إلى وجود تململ لدى الجانب الإماراتي من تأخر حسم حفتر للعمليات العسكرية المفتوحة على جميع الجبهات، قائلا: "يبدو أن الإمارات أدركت أن رهانها على حفتر كان خاطئا رغم ما قدمته له من أموال وإمدادات عسكرية، وجهود دبلوماسية".
وأكد البرلماني المصري السابق: "أن هذا الرهان الخاطئ يأتي ضمن فشلها فى كافة معاركها فى المنطقة، وخياراتها الخاطئة التى تجر عليها من الخسائر والمصائب أكثر بكثير مما كانت ترجوه من نتائج سواء فى حربها المعلنة والسرية على ثورات الربيع العربي أو اخفاقاتها العسكرية فيما يسمى بالتحالف العربي والذي تورط في مستنقع اليمن".
اقرأ أيضا: تركيا تحاول إقناع روسيا بالتخلي عن "حفتر".. هل تستطيع؟
"استدعاء ومراهنة خاطئة"
وصف عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد، من جانبه، الزيارة بأنها "استدعاء" من قبل السيسي، معتبرا أن موقف حفتر أمام الدول التي راهنت عليه ودعمته وعلى رأسها مصر قد أصبح ضعيفا لفشله في معركة طرابلس، لما ترتب على "مغامرته بارتكاب جرائم حرب تورطت فيها بالضرورة الدول التي ساندته"، بحسبه.
ورأى "صهد" في تصريح لـ"عربي21" أن السيسي صاغ حساباته بموجب "مراهنة خاطئة منذ البداية، ومضى بها رغم اتضاح ما ترتب عليها من فظائع وإساءات للعلاقات التاريخية بين ليبيا ومصر، وهذه الحسابات مدفوعة بأطماع لا يزال السيسي يعتقد أن في إمكان حروب حفتر أن تحققها له، ومسنودة من الإمارات".
وأضاف: "لقاء القاهرة يدخل في خانة البحث عن مخرج ذو بعدين إما تصعيدي يحمل مزيدا من التورط المصري في مستنقع حفتر مع احتمال نشوء حلف مع دولة اليونان، أو أن السيسي سيعمل على بحث كيفية فك التماس من على حدود العاصمة مع مواصلة السعي لإبقاء حفتر في المشهد".
لكن عضو الهيئة العليا لحزب تحالف القوى الوطنية الليبي، عاطف شقلوف، أكد أن "النظام المصري سيدعم المشير حفتر خاصة بعد التواجد التركي في ليبيا، ولن يطالبه الرئيس المصري بأي تراجع للوراء أو الاستسلام بل سيدعمه".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن الزيارة المفاجئة للقاهرة الآن قد تدل أيضا علي صعوبة اجتياح "حفتر" لطرابلس وأن الوضع هناك أصبح خطيرا يتطلب الوصول إلى حل، كما أن زيارته لليونان يهدف لطلب مساعدتها له من أجل وقف التقدم العثماني ضده"، بحسب رأيه.
"لقاء روتيني"
من جانبه، أشار المحلل السياسي من الشرق الليبي، عيسى رشوان إلى أن "دولة مصر تدعم مشروعات الاستقرار في الشرق الأوسط أجمع وليس في ليبيا فقط، لذا فإن زيارة المشير إلى القاهرة هي زيارة روتينية لمتابعة آخر المستجدات والتطورات في الملف الليبي".
واستدرك قائلا: "وتناقش أيضا ماذا بعد 2020، أما فكرة التخلي عن المشروع أو قضية محاربة الإرهاب فهي غير واردة عند الدولة المصرية، كون مصر تتبع استراتيجيات بعيدة المدى على المدى الطويل، وليس وقفات أو مشروعات صغرى، فمن يمتلك الرؤية والبصيرة لا يتوقف".