هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "أوبزيرفر" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، يناقش فيه الوجهة الانعزالية للولايات المتحدة، قائلا إنها تضع الشرق الأوسط على حافة الهاوية مع بداية عقد جديد من القرن الحادي والعشرين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قانونا ثابتا ظل يحكم الشرق الأوسط في تاريخه الحديث، وهو أن الولايات المتحدة تملك أوراق النفوذ من أجل الدفاع عن مصالح حلفائها، لافتا إلى أن هذا القانون ظل ثابتا مع ظهور الأيديولوجيات ونهايتها، وثبات ملكيات الخليج وإسرائيل والدول الوطنية القمعية.
ويستدرك شولوف بأن القانون انتهى في عهد دونالد ترامب في عامه الثالث من الحكم، وفي وقت باتت فيه النزعة للعزلة واضحة من رئيس ينظر للمصالح الإقليمية عبر منظور ضيق، مشيرا إلى أن "الأُثر سيكون عميقا، وفي عام 2020 سيظل حلفاء الولايات المتحدة التقليديون يعيدون ترتيب مواقفهم دون حليف قوي يدعمهم ويفهمون أجندته".
وتلفت الصحيفة إلى أن حلفاء مثل السعودية والحلفاء الآخرين اشتروا السلاح والرعاية من الولايات المتحدة، التي عولوا عليها للدفاع عنهم عندما تحين ساعة الحاجة لها، وقد جاءت تلك الساعة عندما تعرضت السعودية في أيلول/ سبتمبر لهجوم اتهمت إيران بالقيام به، إلا أن واشنطن لم ترد.
ويفيد التقرير بأن السعوديين اعتقدوا أن أمريكا قد تستند على المعاهدة الدفاعية غير الرسمية وترد نيابة عنهم، لكن ترامب تردد تاركا المملكة المحرجة معرضة لهجمات جديدة.
وينوه الكاتب إلى أن رد السعودية جاء بعد أيام، فحاولت الرياض البحث عن تواصل مع إيران من خلال حليفها العراق، مشيرا إلى أن الطرفين، اللذين فرق اليمن وسوريا بينهما بالإضافة إلى خلافات قديمة، يتقاربان.
وتقول الصحيفة إن هناك شعورا في منطقة الشرق الأوسط كلها بأن الحرس القديم قد تغير، مشيرة إلى قول مسؤول عراقي: "لو أراد الأمريكيون تحويل الأمر إلى مسألة تعاقدية، فهذا جيد.. سنشتري دماهم ونبيع أفكارهم، لكننا لم نحبهم أبدا".
ويشير التقرير إلى أنه بعد أقل من شهر على الهجوم على السعودية، قرر ترامب التخلي عن الأكراد، الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأمريكية لمحاربة تنظيم الدولة، لافتا إلى أن هذا التحرك جاء في وقت كانت تركيا تخطط فيه لغزو المناطق الكردية في شمال سوريا.
ويفيد شولوف بأن "القرار السعودي البحث عن طرق للتواصل مع إيران كان مفاجئا لأصدقاء واشنطن، لكن خيانة أمريكا للأكراد صدمتهم، وحتى إسرائيل، صديقة الأكراد والمستفيد الأكبر من ترامب في المنطقة، شعرت بالخوف، فإذا كان الرئيس قادرا على القيام بهذه الخطوات بناء على نزوة من نزواته، فهل يستطيع التخلي عن معالم السياسة الخارجية التي نفذها كل رئيس أمريكي قبله؟".
وتقول الصحيفة إن الجواب هو لا؛ لإنه سيغضب قاعدته الانتخابية، ويهدد فرصه بالفوز مرة ثانية، مستدركة بأن قرار عدم الرد على الهجمات ضد السعودية، والتخلي عن الأكراد، هزا حلفاء أمريكا أكثر مما كانوا يتوقعون في ظل رئيس تحدث في سنته الأولى عن قوة العلاقات الثنائية.
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي يعيد فيه ترامب النظر في علاقة أمريكا في المنطقة ويبتعد عنها، بعدما اقتنع ألا منفعة على المدى البعيد منها، وبأن رؤية أسلافه من الرؤساء كانت غير صحيحة، فإن الأعلام الروسية اليوم ترتفع فوق القواعد الأمريكية التي تركها الجنود على عجل، مشيرا إلى أن الرياض استقبلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميا، فيما يتحرك مسؤولوه في الرياض وبغداد وأربيل بعد تثبيت نفوذهم في دمشق.
وينقل الكاتب عن رجل أعمال سوري، لديه علاقة قوية مع الكرملين، قوله عن التغير في المزاج في الشرق الأوسط: "يقول لي أصدقائي السعوديون كلهم: (إن الخطط والاتصالات كلها، التي تخبروننا عنها منذ 16 عاما، نفذوها الآن، فأنتم أيها الرجال (الروس) المستقبل، غادر الأمريكيون)".
وتبين الصحيفة أنه مع حالة الضعف التي أصابت الحلفاء والأصدقاء بسبب السياسة الأمريكية، فإن الدولة الوحيدة التي تريد الولايات إضعافها، وهي إيران، ظهرت قوية وجريئة، فـ"أٌقصى ضغط" هو مصطلح استخدمه ترامب لوصف نظام العقوبات على إيران الذي أعاد ترامب فرضه وتشديده لشل اقتصادها وإجبارها على التفاوض حول اتفاقية جديدة.
وينوه التقرير إلى أن الضغوطات نجحت، لكنها استطاعت وخز الدب الأمريكي الذي وجدته نائما، فيما لدى إيران اليوم مساحة للمناورة في المنطقة.
ويقول شولوف إن الأثر الذي تركه تردد أمريكا لمعاقبة إيران يعني أن عمل حرب شن على واحد من حلفائها مر دون عقاب، وهو ما دفع دولة حليفة للحديث مع عدو تريد أمريكا تركيعه.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع ذلك، فإن إيران تواجه اليوم تهديدا من ثلاثة جوانب لجهة تأثيرها، ففي الداخل يقوم المتظاهرون بمواجهة الحكومة، بالإضافة إلى لبنان والعراق، ومن هنا فإن مخاطر انهيار الأمن حقيقية، ولا يظهر إن كان ترامب جاهزا لتحمل نتائج أفعاله، التي ساعدت إدارته في التحرك نحو تنفيذها.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)