هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روى الصحفي البريطاني، بيتر أوبورن، تفاصيل
رحلته إلى مدينة القدس المحتلة، ومشاهداته خلال عيد الميلاد، الذي يحتفل به
المسيحيون، وسط انتهاكات الاحتلال الطاردة للمسيحيين.
وقال أوبورن في تقرير بموقع "ميدل إيست
البريطاني" ترجمته "عربي21": "أسبوع واحد قبل عيد الميلاد، وأنا اراقب الحجاج في ميدان
المهد ينزلون من الحافلات، ويشقون طريقهم إلى كنيسة المهد، التي بنيت في القرن
الرابع الميلاد، موقع ولادة السيد المسيح، وفقا للتقاليد المسيحية.
وأضاف: "انضممت إلى مجموعة حجاج أسبان، لغناء
الترانيم، لأ أشك في تفاني هؤلاء الحجاج إلى بيت لحم كل عام، وبالنسبة لي كمسيحي
أنجليكاني، التجربة مؤثرة للغاية".
وتابع: "لكن كم يعرف معظم هؤلاء الحجاج عن
المجتمع المسيحي الفلسطيني، الصغير المحاصر ويعيش منذ قرابة ألفي عام".
وقالت: "بيت لحم تقع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وهي
مكان صعب وبها مخيمان للاجئين والمستوطنات تتطور باستمرار، والجدار الفاصل يمثل
ندبة في المدينة، وعلى كل حاج المرور من خلال للوصول إلى ميدان كنيسة المهد"،
متسائلا: "هل يزعجهم وهل يلاحظون".
وأشار إلى أن المسيحية نجت من اضطهاد أوائل
معتنقيها خلال الحكم الروماني، وازدهرت خلال الإمبراطورية البيزنطية، وصمدت خلال
أوائل الخلافة الإسلامية، واستمتعت بإحياء الإمبراطورية العثمانية قبل أن تنتقل
أراضي فلسطين الحديثة إلى السيطرة البريطانية سنة 1917.
مع ذلك، "يشك كل مسيحي فلسطيني تحدثت إليه
فيما إذا سيكون هناك وجود واسع للمسيحية قريبا في الأرض التي ولد فيها مؤسس
المسيحية، وعلى الرغم من وجود استثناءات قليلة، إلا أن الأغلب أخبرني أنهم الجيل
الأخير من المسيحيين الفلسطينيين".
ولذلك قد يكون هناك حاجة ماسة لرعاية الأماكن
المقدسة، وقبل كل ذلك كنيسة القيامة في القدس، والتي يدعى أنها بنيت على كل من
موقع صلب المسيح والقبر الذي بعث منه، وكذلك كنيسة المهد".
ورأى أن هذه المواقع المقدسة، تجذب ملايين الحجاج،
ما يجعلها ثروة بالنسبة للجهات الدينية التي تسيطر عليها، لكن هذه السلطة تتركز في
الخارج وغالبا رجال دين أجانب، بعضهم لا يتحدث العربية.
وقال الكاتب إن أعداد المسيحيين آخذة بالتناقص،
ويقدر عددهم في الضفة الغربية بنحو 40 الفا، وفي القدس 11 ألفا، بحسب الأرقام
الصادرة عن البطريركية اللاتينية، ما يعني أن أنهم 1 بالمئة فقط من إجمال سكان
الأراضي الفلسطينية الضفة الغربية وغزة والقدس.
أعداد المسيحيين
ووفقا لإحصاء المسيحيين القاطنين في الأراضي المحتلة عام 1948 فإن
نسبتهم كانت تبلغ 7.4 بالمئة عام 1947 قبل إنشاء إسرائيل، لكن عدد تراجع إلى 2
بالمئة فقط عانم 2007.
ووفقًا للمعلومات التي نشرها هذا الأسبوع مكتب
الإحصاء المركزي الإسرائيلي ، فإن هناك 177 الف مسيحي يعيشون في إسرائيل ، أو
حوالي 2% من إجمالي سكان البلاد.
وقال إنه وفي محاولة لفهم هذا "التهديد المميت"، قام بزيارة
القدس وغزة والضفة الغربية وأراضي الداخل الفلسطيني مرتين
لفهم هذا التهديد المميت ، زرت غزة والقدس
والضفة الغربية وإسرائيل نفسها على رحلتين ، إحداهما في الصيف الماضي والأخرى خلال
الفترة التي سبقت عيد الميلاد.
وأوضح أنه شارك في قداس بالكنيسة اللوثرية،
ونقل عن القس منذر إسحق قوله: "نشعر أن بيت لحم سجن كبير ، محاط بالمستوطنات
ومقسمة بجدار".
وقال إن الزوار يأتون فقط "لزيارة الكنائس
القديمة والبقاء في فنادق بأسعار معقولة" متسائلا "هل يهتمون حقا
بالفلسطينيين" وتابع بالقول: "بالنسبة لمعظم السياح ، يبدو الأمر كما لو
أن التاريخ توقف في عام 70 بعد الميلاد، يزورون الأرض المقدسة حيث أجرى يسوع
معجزاته، لكنهم يتجاهلون الواقع".
وقال القس: "أشعر بعبء التاريخ، أننا الجيل المسيحي الأخير
للبقاء في هذه الأرض، انظر لجماعتنا، نحن 160 عضوا كثيرا منا أعماره 50 عاما
فأكبر".
ولفت إلى أنه بمراجعة سجلات الكنيسة، فإن الآلاف من أعضائها يعيشون
خارج فلسطين.
وشدد على أن المعظم يهربون من التمييز الذي تمارسه إسرائيل، والذي يقع
على الفلسطينيين جميعهم مسيحيين ومسلمين، عبر الهجرة للحصول على وظائف لا تتوفر في
الضفة الغربية.
أزواج ملاحقون
وروى قصة أمريكية متزوجة من فلسطيني، وكيف واجهت عقبات الاحتلال لمجرد
محاولتها حضور حفل زفاف ابنها في فلسطين.
وتزوجت إيلين من زعبي الزعبي، وهو مسيحي من بيت
لحم، منذ 30 عاما، وقام الاحتلال بفرض قيود قاسية على إقامتها، بتهمة
"الاشتباه بنشاط استيطاني غير قانوني في المنطقة".
تزوجت من زوجها الزعبي الزعبي ، وهو زعيم مسيحي
محترم ، وتعيش معه في بيت لحم منذ حوالي 30 عامًا.
بعد معركة بيروقراطية كابوسية ، حصلت على إذن
من إسرائيل لدخول فلسطين عبر جسر اللنبي - الحدود البرية بين الأردن والضفة
الغربية ، والوسيلة الوحيدة للفلسطينيين من الضفة الغربية للسفر إلى الخارج.
وأكدت قائلة: "منذ زواجنا عام 1990، نطلب
من السلطات الإسرائيلية منح الإقامة الدائمة لي للعيش مع زوجي في بيت لحم"
وتابعت "تم رفض طلباتنا باستمرار ، وبدلاً من ذلك ، وعلى مدار الثلاثين عامًا
الماضية ، كنت أعتمد على سخاء السلطات الإسرائيلية في تمديد تأشيراتي السياحية لكي
أعيش مع زوجي. والآن يبدو أن الهدوء قد نفد ".
وكشفت أن الكثير من الأسر المسيحية، واجهت من
قبل الاحتلال نفس الإجراءات ومنعوا من الحصول على الإقامة الدائمة مع أزواجهم.
مسيحيو غزة
أما على صعيد المسيحيين في غزة، فقد كان يتواجد
فيها قبل 15 عاما قرابة 4 آلاف بحسب الكاتب البريطاني، لكن العدد انخفض بشكل حاد
ليبلغ الآن ألفا فقط.
إقرأ أيضا: مستوطن يهاجم مصلين بكنيسة القيامة في القدس بسكين
وروى مشاهداته خلال زيارة غزة، واصطحابه من قبل
القس الكاثوليكي ماريو دا سيلفا والذي قال إنه وصل إلى غزة قادما من روما بعد مرور
يومين على اندلاع عدوان سنة 2012.
ونقل عن القس ماريو قوله: "كنت أشعر بصدمة
كبيرة، كنت قادمًا من روما، المدينة الجميلة للغاية، وكنت أفكر أن كل شيء تدمر،
ولكن سيتحسن الوضع شيئا فشيئا. بعد ذلك، اكتشفت أن الأمر ازداد سوءا في الوقت
الراهن"، وإلى جانب كنيسة العائلة المقدسة، يوجد مركز تديره راهبات بقيادة
الأم تريزا. وفي الداخل، رأيت السعادة والحب والإخلاص الذين يعاملون به الأطفال من
ذوي الاحتياجات الخاصة.
في هذا الإطار، أضاف الأب ماريو عندما ذهبنا
إلى مكتبه قائلا: "نحن نقدم خدماتنا لقرابة 60- 70 شخصا وفي سنة 2003، كان
هناك 4500 مسيحي في غزة. أما في الوقت الراهن، فلا يوجد سوى 1000 شخص. وعندما وصلت
إلى سنة 2012، كان هناك 170 مسيحيا لهم الحق بالمشاركة في الانتخابات".
وأشار القس إلى أن عدد من يحق لهم الانتخاب
اليوم 117 فقط، ورغم عدد المسيحيين القليل في غزة، إلا أنه يساهمون بشكل كبير في الصحة
والرفاهية والتعليم. وعموما، توفر خمس مدارس مسيحية في غزة التعليم لثلاثة آلاف
طفل، 180 منهم من المسلمين.
وبجانب المستشفى الأنجليكي الأهلي العربي، افتتح مستشفى العيون في القدس فرعه في مدينة غزة، وهناك جمعية شبابية مسيحية مكونة
من 500 شاب تقدم أنشطة رياضية وثقافية واجتماعية.
خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة سنة 2014، فتحت
الكنائس وجمعية الشبان المسيحيين أبوابها لإيواء النازحين، وقدّمت خدمات الإعاشة
والمساعدات الطارئة. وبعد انتهاء الحرب، أعادت المدارس المسيحية فتح أبوابها في
غضون ثلاثة أسابيع. وسواء كنت من المسلمين أو المسيحيين، لكن الحياة تعد أمرا صعبا
بشكل لا يتصوره أحد.
خلال هذه السنة، تعرض المسيحيون هناك لضربة
أخرى عندما أعلنت السلطات الإسرائيلية في 12 كانون الأول/ديسمبر أنه لن يسمح لهم
بزيارة بيت لحم والقدس خلال عيد الميلاد. فضلا عن إعلان إلغاء الحظر في 22 كانون
الأول/ديسمبر. في المقابل، كان الوقت متأخرا للغاية بالنسبة للكثير منهم للتخطيط
من أجل السفر.
المسيحيون في الداخل
وقال الكاتب إنه عدد المسيحيين في إسرائيل هو
الأكبر مقارنة بالضفة وغزة والقدس المحتلة، وجميعهم مواطنون، معتقدا أن المسيحية
هناك ستستمر لفترة أطول مقارنة بباقي المناطق الفلسطينية.
ويتلقى المسيحيون الفلسطينيون في إسرائيل
التعليم والرعاية والخدمات الصحية غير المتاحة للفلسطينيين في الضفة الغربية أو
غزة.
وأشار إلى أن معظم سكان إسرائيل المسيحيين هم
أفراد من أسر فلسطينية، بقوا في الأراضي التي أصبحت الآن إسرائيل بعد النكبة،
عندما فر مئات الآلاف أو طردوا من أراضيهم على أيدي الجماعات شبه العسكرية
اليهودية.
تم إغلاق العديد من الكنائس داخل إسرائيل بأوامر
عسكرية منذ ذلك الحين. ومثل جميع المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل ، فإنهم يعانون
من التمييز وصعوبة العثور على وظائف. ووفقا لقانون إسرائيل فإنه بوضوح يعد العرب الفلسطينيون
ليسوا مواطنين متساوين في بلدهم.
ولفت إلى أنه وبالنسبة للمسيحيين الفلسطينيين
الذين يعيشون في إسرائيل ، يضيف إيمانهم طبقة أخرى من التعقيد إلى قضايا الهوية
الحساسة بالفعل ، سواء المحددة ذاتيا أو كما يفرضها الآخرون.
قال أحد القادة المسيحيين الذين قابلتهم :
"نحن أقلية في أقلية وطيلة الوقت يجب أن أجهد نفسي لأظهر أنني لست إرهابيًا".
وتابع: "أنا مواطن مخلص، هذا لا يعني أن
تكون متعاونًا. كتابنا المقدس هو الحب، أنا أعظ بالحب، لكني أعظ بالعدالة، يحب
الناس سماع الخدمات القومية في الضفة الغربية. لقد أصبحنا أقل قومية".
وقال الكاتب البريطاني أخبرني الكاهن أنه
"تحت ضغوط إسرائيلية للتمييز بين المسيحيين والمسلمين أنت مسيحي، تعالوا
لنمنحك شقة في منطقة يهودية".
ولفت إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول تسعى للتفرقة بين المسيحيين،
وفي عام 2014 ، اعترفت رسمياً بالأقلية الإثنية
من الآراميين، بدلاً من اعتبارهم عربا مسيحيين ومنحوا امتيازات خاصة ويختار
الكثيرون منهم الخدمة في جيش الاحتلال.
أخبرني كيف هاجر جميع إخوته وأخواته أيضًا. هو
أيضاً قال "قد نكون الجيل الأخير من المسيحيين الفلسطينيين".
أخذني الأسقف ريا إلى جبل التطويبات حيث قيل أن
يسوع قد ألقى العظة على الجبل. هناك أخبرني الأسقف قصة مألوفة: "لقد غادر
معظم أفراد عائلتي إلى كندا وأمريكا. طلبوا مني أن أنضم إليهم ولكني لن أترك أرض
الكرسي".
وأضاف "في رأيي ، إذا هاجر جميع المسيحيين
من الأرض المقدسة، فسيكون من السهل على إسرائيل أن تتخلص من بقيتنا، سوف يجعلون
الصراع حربًا دينية بين الإسلام واليهودية، سوف يجلبون الدول المسيحية إلى جانبهم".
أسباب الهجرة
وطرح الكاتب تساؤلات بشأن السبب من وراء هجرة
مسيحيي فلسطين، رغم أن الضغوط التي يتعرضون لها تقع على الفلسطينيين المسلمين.
وقال إنه: "غالبا ما يكون لديهم أسر أصغر
وقد يكون من السهل على المسيحيين مغادرة فلسطين أكثر من المسلمين. لأنهم موضع
ترحيب أكبر من المسلمين في الغرب ويتكلم الكثير منهم اللغة الإنجليزية بشكل أفضل،
ويصبحون من الطبقة الوسطى في الخلفية".
أخبرني أولئك الذين بقوا في الخلف أنهم يشعرون
بالخيانة من زملائهم المسيحيين. سالم منير هو مدير ومؤسس مصالحة ، وهي وزارة تعمل
من أجل المصالحة بين المسيحيين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشار إلى وجود سخط مسيحيي فلسطيني، من
المسيحيين في الخارج، العديد من الوفود الكنسية تأتي من الخارج، ولا أحد يتخذ إجراءات أو يصدر بيانات دعم.
ونقل عنهم قولهم إن إدارة ترامب قطعت تمويل المساعدات للفلسطينيين، في
القدس المحتلة، لكننا لم نسمع الكنائس الأمريكية تصرخ رفضا لهذا الامر، "هناك
خوف من التحرك لأجل الشعب الفلسطيني".
ونقل عن العديد من المسيحيين الفلسطينيين، أنهم
يشعرون بالتهديد من قبل حركات الكنيسة المسيحية الصهيونية، والتي ترحب بها الحكومة
الإسرائيلية.
بالمقابل قال الكاتب إن الصهاينة الإنجيليين يدعون إلى عودة الشعب
اليهودي إلى إسرائيل، من أجل الخروج الثاني للمسيح، وما يجري للفلسطينيين حتى
المسيحيين منهم، إما أنه يتم تجاهله أو ينظر إليه أنه مطلوب لتحقيق هذه النتيجة.
وقال العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم إن
المسيحيين الفلسطينيين الذين يتحدثون ضد الاحتلال يعاقبون.
وقالوا إن هذا يتم من خلال أساليب مثل رفض
تصاريح السفر، ومنع زيارات الأماكن المقدسة في القدس وبيت لحم. لكن في المقابل فإن
بعض القساوسة المزعومين، الذين يتعاونون مع إسرائيل، يحصلون على مكافآت سريعة بسيارات
دبلوماسية وغيرها من الموافقات الرسمية.
وأشار الكاتب إلى أن بعض الإنجيليين، يطلقون ادعاءات أن هرب المسيحيين
من فلسطين يعود إلى المسلمين أنفسهم، وأن هناك اضطهادا لهم من قبل المسلمين، ولدى
"محاولتي مقابلة هذه المجموعة الإنجيلية في مكتبها بالقدس، فإنها لم
توافق".
وبشأن التعايش بين المسلمين والمسيحيين في
فلسطين، قال الكاتب البريطاني، سكان قرية عابود مختلطون، ونقل عن تاجر مسيحي يدعى
رضا قوله إن نص القرية مسلمون والنصف الآخر مسيحيون، والجميع "يعيش كالأخوة في
اعيادنا يأتون إلينا ويهنئوننا، وفي اعيادهم نذهب ونهنئهم.. نحن جميعا بشر".
ونقل عن صاحب متجر مسلم في القرية تأكيد
الحديث، وقال: "نحن نعيش كأخوة ".