هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عُقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور القمة الإسلامية بدعوة من رئيس وزرائها مهاتير محمد، في الفترة من (18- 21 كانون الأول/ ديسمبر 2019)، وضمت العديد من الدول الإسلامية بالإضافة إلى ماليزيا وكل من تركيا وقطر وإيران وباكستان وإندونيسيا، وبحضور 400 عالم ومفكر من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وجاءت فكرة عقد هذه القمة، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في دورتها الـ47 بأيلول/ سبتمبر 2019، خلال لقاء عُقد بين رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء باكستان عمران خان.
وتشكل الدول المشاركة في القمّة، قوة كبرى في العالم، من حيث عدد سكانها، ومساحتها الجغرافية التي تمتد بين قارتي أوروبا وآسيا، كما تحتل هذه الدول مراكز متقدمة ضمن أكبر 50 دولة من حيث الناتج المحلي خلال العام 2018.
أهداف عقد القمة
تعقد هذه القمة تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، وتبحث عن أفضل الحلول الفعّالة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع للمشكلات التي تواجهها الأمة الإسلامية، في إطار فهم معاصر وشامل لتحقيق أعلى قيم الإسلام وسيادة الأمة، وتسعى إلى تحقيق عدة أهداف أبرزها: استعادة أمجاد الحضارة الإسلامية، والتباحث للوصول إلى حلول قابلة للتنفيذ لمشاكل العالم الإسلامي، والمساهمة في تحسين العلاقات بين المسلمين وبين الدول الإسلامية فيما بينها، وتشكيل شبكة تواصل فعّالة بين القادة والعلماء والمفكرين في العالم الإسلامي.
وتركز القمة في محاورها الرئيسة على قضايا: "التنمية والسيادة" و"السلام والأمن والدفاع" و"الاستقامة والحكم الرشيد" و"العدالة والحرية" و"الثقافة والهوية" و"التكنولوجيا وحاكمية الإنترنت" و"التجارة والاستثمار" لدى الدول الإسلامية.
لماذا غابت مصر والسعودية عن القمة؟
من الملاحظ غياب العديد من الدول الإسلامية عن هذه القمة، على رأسها مصر والمملكة العربية السعودية، وهذا الغياب للأسف تبلور نتيجة أن هذه الدول تسير في فلك لا يخدم القضايا الإسلامية، بل إن المتابع لمجريات الأمور في المنطقة يجد أن هذه الدول تحاول بكل السبل الانسلاخ من أصولها الإسلامية، وتسعى بكل أسف لعلمنة الدولة، وخدمة الأجندة الصهيوأمريكية في المنطقة.
فبعد أن كانت مصر محورًا مهمًا في الدفاع عن القضايا الإسلامية، وخصوصًا قضية فلسطين نجد أن الأمور تغيّرت والأحوال تبدّلت، وتم تقزيم دورها، وخصوصًا بعد الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي على المسار الديمقراطي. ويسعي نظام السيسي بكل السبل لخنق الفلسطينيين خدمةً للكيان الصهيوني الذي لا يزال يُقدِّم له الخدمة تلو الأخرى!
ولا يختلف حال المملكة العربية السعودية عن مصر، فنجد أنها تلهث بطرق مستفزة لإرضاء الصهاينة من جانب، والأمريكان من جانب آخر، مع التفريط الواضح في الثوابت الدينية التي قامت عليها السعودية، والمحاولات المستمرة لتغيير شكل ونمط حياة السعوديين؛ من خلال هيئة الترفيه التي يرأسها تركي آل الشيخ، ويقوم بتغريب المجتمع السعودي، وتغيير العادات والتقاليد التي تعوّد عليها هذا المجتمع بشكل مبالغ فيه، ومستفز لكل من يتابع الشأن السعودي. ناهيكم عن تكميم أفواه العلماء والمصلحين المعتدلين، وسجنهم وتوجيه التهم الجزافية لهم، وتعقّب كل من يعترض على سياسات محمد بن سلمان!
ولا يخفى على كل ذي عقل ما قام به محمد بن سلمان من تقليل مستوى التمثيل لبلدين مهمين في القمة، وهما إندونيسيا وباكستان، من أجل التأثير على مخرجات القمة، وإضعافها.
طموحات نتمناها من هذه القمة
لا شك أن أمام هذه القمة العديد من المهام والمسؤوليات تجاه العالم الإسلامي، وقضاياه المختلفة، ولا ريب في أن هذه الدول تحاول قدر المستطاع الدفاع عن هذه القضايا، وحل المشاكل ومواجهة التحديات، وأتصور أن من أهم القضايا التي يجب أن تنال اهتمام ومتابعة هذه القمة الأمور الآتية:
أولًا: نصرة قضية فلسطين: هذه القضية التي لا تزال تمثل المحور الأساس والعادل في المنطقة العربية، وبقدر السعي الجاد لحلها وردّ الحقوق إلى أصحابها، بقدر انفراج معظم المشاكل التي تقابل العالمين العربي والإسلامي، وكلما همّشنا حق الفلسطينيين في استرداد حقوقهم؛ وعدم العودة العودة إلى ديارهم، لتكوين دولتهم، وإطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية، كلما ازدادت الأمور تعقيدًا، واستمرت المعاناة للشعب الفلسطيني.
ومن ثمّ يجب على تلك الدول السعي الحثيث لحل تلك المشاكل، والبحث عن وسائل للضغط على المجتمع الدولي لرد الحقوق إلى أصحابها، وتحرير المسجد الأقصى من دنس اليهود.
بعد أن كانت مصر محورًا مهمًا في الدفاع عن القضايا الإسلامية، وخصوصًا قضية فلسطين نجد أن الأمور تغيّرت والأحوال تبدّلت، وتم تقزيم دورها، وخصوصًا بعد الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي
ولن تكفي العواطف في استمرار هذا التكتل لجذب دول إسلامية أخرى للمجموعة، ولكن لا بد من وجود مصالح مشتركة، يتم استهداف رفع قيمتها وتوسيع حجمها، وأن يكون الجميع مستفيدًا من المصالح المتحققة. ولعل التجارب القائمة في الاتحاد الأوروبي، أو تجمع البريكس أو الآسيان، تفيد المجموعة في اقتفاء أثرها، والسير نحو تحقيق حالة من النجاح المميز.
وليكن شعار هذه القمة الدائم قول الله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ).