هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال سياسيون واقتصاديون مصريون، إن المؤتمرات التي شهدتها مصر خلال الفترة من 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وحتى 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، لم يستفد منها على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وإن الهدف منها هو خدمة "الشو الإعلامي"، لرئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي.
وكان السيسي عقد خلال هذه الفترة، أربعة مؤتمرات دولية وإقليمية، الأول مؤتمر ريادة الأعمال في قارة أفريقيا بالعاصمة الإدارية الجديدة، والثاني بعده بأيام تحت عنوان "المؤتمر الاقتصادي العربي الأفريقي" بالقاهرة، ثم منتدى أسوان للسلام بمحافظة أسوان جنوبي القاهرة، وبعد يوم واحد من انتهائه، بدأ منتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ شمال شرقي القاهرة.
واتهم الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21"، النظام المصري بإهدار المال، بعقد هذه المؤتمرات التي لم تحقق قيمة اقتصادية أو سياسية تخدم أهم قضية مصرية مرتبطة بالقارة الأفريقية، وهي قضية سد النهضة، مؤكدين أن تكلفة مؤتمر واحد من مؤتمرات الشباب فقط، كان كفيلا ببناء عشرات المدارس والمستشفيات.
اقرأ أيضا: مصر.. "مؤتمرات الشباب" "كثير من الهدر وقليل من الإنجاز"
من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي لـ "عربي21"، أن عقد المؤتمرات الدولية، له عامل إيجابي لأي دولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولكن النظريات الاقتصادية تقول إن "زيادة الشيء عن حده، يفقده قوة تأثيره وأهميته".
ويوضح الصاوي أن مصر تعاملت مع عقد المؤتمرات الدولية والإقليمية بشكل سيئ وسلبي، لخدمة أهداف نظام الانقلاب وليس من أجل خدمة الاقتصاد المصري، وهو ما يؤكده نوعية المشاركين في المؤتمرات، وهل يمثلون قيمة إضافية للتنمية المستدامة لمصر، أم لا.
وبحسب الصاوي، فإن كل المؤتمرات التي نظمها السيسي لم تقدم أي إفادة للاقتصاد المصري، سواء التي عقدها في بداية رئاسته، بمؤتمر شرم الشيخ الشهير، أو من خلال المؤتمرات الأخيرة، ولذلك يتضح أن الهدف الأساسي منها، هو الترويج للسيسي ونظامه، وهو ما يمثل عبئا على موازنة الدولة، نتيجة تكلفة عقد هذه المؤتمرات، التي يصل عدد المشاركين في بعضها إلى 10 آلاف مشارك، في وقت تعيش فيه الدولة أزمات اقتصادية طاحنة.
ويشير الخبير الاقتصادي، إلى أن تكلفة الفرد الواحد بأي مؤتمر، لا يقل عن 300 دولار، وهو ما يعادل 5000 آلاف جنيه، وهو مبلغ يكفي راتب شهرين لأي شاب مصري عاطل، أما تكلفة المؤتمر الواحد فقد تصل لأكثر من 30 مليون دولار، بما يعادل 4.8 مليار جنيه، وهو مبلغ كفيل ببناء عشرات المدارس والمستشفيات.
ووفق الصاوي فإن هذه المؤتمرات تعد من الأسرار الحربية، حيث لا يحق لأحد أن يحاسب المسؤولين عنها عن الإنجازات والإخفاقات، التي حققوها في المؤتمرات السابقة، وهو ما يجعلها مجرد "مكملة" للنظام المصري، يقدم فيها نظريات عقيمة فشلت في جذب المستثمرين الأجانب لمصر، كما أوضح التقرير الأخير للبنك المركزي المصري.
ويضيف الصاوي قائلا: "من المفترض أن مصر في حالة منافسة مع دول القارة الأفريقية، لجذب الاستثمارات الأجنبية، وبدلا من أن يقوم النظام بعقد مؤتمرات لجذب المستثمرين الأجانب، فإنه يقوم بعقد مؤتمرات لدعم المنافسين لمصر اقتصاديا، وهو ما يدعم فكرة أن الهدف من هذه المؤتمرات، هو الترويج السياسي للسيسي وليس الترويج الاقتصادي أو السياحي لمصر".
ويؤكد رئيس المكتب الإعلامي في المجلس الثوري المصري، د. محمد صلاح حسين لـ "عربي21" أن السيسي عقد خلال ثلاث سنوات ما لا يقل عن 9 مؤتمرات للشباب، من بينها مؤتمران خلال أقل من شهرين، وهي نفس الفترة التي بلغت فيها أعلى معدلات للانتحار بين الشباب تشهدها مصر مؤخرا، بالإضافة لاعتقال الآلاف، وتنفيذ أحكام الإعدام في العشرات منهم.
اقرأ أيضا: حديث السيسي بالإنجليزية يثير سخرية واسعة بمصر (شاهد)
ويوضح حسين، أنه في ما يتعلق بمؤتمرات التنمية المستدامة، فقد عقد السيسي ثلاثة مؤتمرات في أقل من شهر، ورغم ذلك لم يترتب عليها إنشاء مصانع أو توفير فرص عمل للشباب من خلالها، أو حدثت انفراجة سياسية حقيقية بإطلاق سراح آلاف المعتقلين، أو حتى ظهور عشرات المئات من المختفين قسريا، مؤكدا أن هذا لم يحدث منه شيء، لأن الهدف من المؤتمرات هو "الشو الإعلامي والسياسي" للسيسي.
ويشير رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، إلى أن السيسي وسط هذا الزخم في المؤتمرات، لم يعقد مؤتمرا واحد للقوى السياسية والحزبية، حتى لو كانت القوى السياسية والحزبية الشكلية والتابعة له، للبحث عن طريقة للخروج من حالة الاختناق السياسي التي صنعها الانقلاب العسكري، كما لم يعقد أي مؤتمر علمي، أو صناعي، أو اقتصادي حقيقي لانتشال مصر من الكارثة الاقتصادية التي تغرق فيها.
ويضيف حسين قائلا: " ثلاثة من المؤتمرات الأخيرة كانت مرتبطة بأفريقيا، ومنها مؤتمر كان خاصا بالسلام الإقليمي، ورغم ذلك لم تستفيد منها مصر، في دعم موقفها بأزمة سد النهضة، التي لم تكن مدرجة من الأساس على أي جدول أعمال للمؤتمرات التي كلفت خزانة الدولة مليارات الجنيهات.
ويوضح حسين أن هذه المؤتمرات ليست مصنفة دوليا، بينما المؤتمرات الدولية التابعة للأمم المتحدة، أو إحدى هيئاتها، هربت من مصر، نظرا لمكانتها المتقدمة في قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وتعادي الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير.