هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أطلقت
الأحزاب الجزائرية المعارضة إشارات إيجابية إزاء دعوة الرئيس الجزائري الجديد عبد
المجيد تبون الفاعلين في الحراك والطبقة السياسية للحوار، والتشاور حول كيفية
الخروج من الأزمة السياسية.
في أول إطلالة صحفية له كرئيس للبلاد
بعد الإعلان عن النتائج يوم الخميس، قال عبد المجيد تبون إنه مستعد للحوار مباشرة
مع من يتم اختيارهم من الحراك، ومع كل من يرغب في الحوار في
الساحة السياسية؛ حتى يتم رفع اللبس حول المسائل العالقة، حسبه.
وأوضح تبون أنه يريد إبداء حسن النية، والتأكيد بأن رئاسته للبلاد ليست امتدادا للعهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز
بوتفليقة، مشيرا إلى أنه سيعمل كل ما في وسعه لإعادة الثقة للجزائريين مع مسؤوليهم.
وفي وقت إعلان فوزه بالرئاسيات، كانت مظاهرات
عارمة تجتاح الجزائر العاصمة، تُعلن رفض نتائج الانتخابات الرئاسية، وتصف تبون
بالرئيس الذي عيّنته المؤسسة العسكرية، وأنه لم يأت بإرادة شعبية.
لكن تبون رغم ذلك، بدا أن خطابه لقي
بعض القبول لدى عدد من الأحزاب، تريد أن تختبر نواياه الحقيقية، وإلى أي مدى يمكنه
الوصول في تحقيق المطالب التي ينادي بها الحراك الشعبي منذ 9 أشهر.
شروط المعارضة
وسارع حزب جبهة القوى الاشتراكية إلى
إصدار موقف حول الحوار، طارحا مجموعة من الشروط؛ لتجنب ما قال إنه "الحوار
المزيف الذي يكون تحت رعاية السلطة في مؤتمر غير سيادي، يكون الهدف منه المصادقة
على خريطة الطريق المحددة سلفا".
وبحسب هذا الحزب الأقدم في تاريخ
المعارضة الجزائرية، فإنه لا بد من توفير 5 شروط للذهاب إلى الحوار، هي "إشاعة جو من التهدئة موات للتشاور والحوار، لا سيما
إطلاق سراح معتقلي وسجناء الرأي واحترام حريات التعبير والتظاهر والاجتماع، وكذلك
التبني المشترك لجدول الأعمال، واختيار المشاركين، والاحتفاظ بالطبيعة السيادية
والشفافة للحوار، واعتماد برنامج مُجمع عليه للخروج من الأزمة، والتزام كل الأطراف
بتنفيذه في المواعيد المحددة".
اقرأ أيضا: هذا ما قاله قائد الأركان الجزائري بعد انتخاب "تبون"
أما حزب جبهة العدالة والتنمية غير المشارك في الانتخابات
الرئاسية، فقد دعا السلطة إلى القيام بمجموعة من الخطوات، منها "تنظيم حوار
سيد وشامل حول الإصلاحات اللازمة والشروط المختلفة التي تحمي إرادة الشعب، واعتماد
خريطة مستعجلة ومتدرجة في الاستجابة لمطالب الشعب، وتحافظ على الوحدة الوطنية، وتحّيد
وتعزل كل الفاسدين".
وطالب الحزب كبوادر حسن نية
بـ"إطلاق سراح جميع المعتقلين بسبب آرائهم ومساندتهم أو مشاركتهم في الثورة
الشعبية السلمية"، وفتح "وسائل الإعلام المختلفة أمام الجميع دون تمييز
ولا مفاضلة"، و"عدم التضييق على الحراك الشعبي، والابتعاد عن سياسة
الاعتقالات والمتابعات".
بدوره، ظل حزب العمال وفيّا
لأدبياته، فقد طالب بالذهاب إلى مجلس تأسيسي، الذي يكفل -بحسبه- تحقيق مطالب الثورة
الشعبية، لكن ليس قبل إطلاق سراح السجناء السياسيين، وفي مقدمتهم زعيمته لويزة
حنون.
أما من جانب أحزاب السلطة
القديمة، فقد ثمّن التحالف الوطني الجمهوري ما وصفه باليد الممدودة للرئيس
المنتخب إزاء الحراك الشعبي، من أجل حوار جاد واقعي وبنّاء.
ووجّه هذا الحزب نقدا للحراك
الشعبي، الذي قال إن عليه أن يُغير موقعه وينتقل من عقل الشارع إلى عقل النخبة، أو
الانتقال من قوة رفض في الشارع إلى قوة اقتراح مشاركة في دوائر صناعة القرار، وفق
بيانه.
تياران في الساحة
ويظهر هذا التفاعل الكثيف مع
تصريحات تبون وجود تيارين في الساحة؛ الأول يريد الحوار مع الرئيس الجديد،
والثاني يرفض تماما هذه الفكرة، على اعتبار أن تبون يمثل واجهة فقط في نظام تقوده
المؤسسة العسكرية.
وقال عثمان معزوز، الناطق باسم
التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إن رئيس الدولة الحالي "لا يملك أي
شرعية، لأن الملايين الذين خرجوا للشارع لا يعترفون به، ومن ثم فلا أحد يريد أن
يقبل بواجهة فقط تريد فرضها قيادة الجيش على الجزائريين".
وأبرز معزوز في تصريحه
لـ"عربي21" أن الجزائريين يدعون إلى انتقال ديمقراطي "بعيدا عن
هؤلاء الذي يمثلون نظاما دمّر مستقبل بلد بأكمله، منهم عبد المجيد تبون".
وتابع معزوز وهو نائب في
البرلمان عن حزبه: "الجزائريون يريدون وجوها جديدة من أجل جزائر جديدة
وديمقراطية، بينما تبون هو ابن النظام الذي سيظل يخدم من صادروا السيادة
الشعبية".
عكس هذا الرأي، هناك من يرى
فرصا لنجاح عبد المجيد تبون في حال أحسن استغلال هذه الفرصة، وبادر ببعض إجراءات
التهدئة التي تزيل ما في الخواطر من احتقان.
وقال عدة فلاحي، الناشط السياسي
الذي شارك في الحملة الانتخابية، إن الرئيس الجديد بإمكانه النجاح "إذا كان
صادقا وعمليا، وأشرك الفاعلين في الساحة دون ديماغوجية أو تماطل"، حسب تعبيره.
وأوضح فلاحي في تصريح
لـ"عربي21"، أن الرئيس الجديد أمامه تحديات صعبة، وأول خطوة يجب عليه أن
يقوم بها هي "الاجتماع بالمرشحين الأربعة الذين نافسوه، كما وعد بذلك،
والتشاور معهم حول طريقة حل الأزمة، حتى يعطي رسالة بأنه ضد الإقصاء".
وأضاف النائب السابق في
البرلمان، أن الخطوة الثانية هي ضرورة فتح حوار جاد مع ممثلي الحراك، والاستجابة
للمطالب الأول فالأول، حسب الأهمية والسرعة التي تتطلبها المسائل المطروحة
للنقاش، وفي مقدمة ذلك معالجة ملفات المسجونين خلال فترة الحراك، عبر محاكمة عادلة
وشفافة ترفع اللبس لدى الرأي العام.
أما ثالث المسائل التي يجب أن
يقوم بها الرئيس الجديد، حسب المتحدث، فهي وضع الإجراءات العملية لاستعادة الأموال المنهوبة،
خاصة أنه صرّح بأنه يعلم مكان هذه الأموال.
وتابع فلاحي: "أما النقطة
الرابعة، فهي فتح نقاش واسع حول تعديل الدستور وقانون الانتخابات، والذهاب إلى
انتخابات برلمانية ومحلية مسبقة، وقبل ذلك كله تشكيل حكومة وحدة وطنية".
اقرأ أيضا: تبون بأول كلمة له رئيسا للجزائر يهدد "العصابة" ويحدد أولوياته