هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت تقارير مختلفة خلال الأيام القليلة الماضية عن عدة مؤشرات لاستعدادات إيرانية حثيثة لمواجهة عسكرية بالمنطقة، قد تشمل مصالح أمريكية وحلفاء واشنطن، رغم تأكيد طهران أن فرص التوصل لمقاربة دبلوماسية لم تنته تماما.
وتأتي تلك التقارير بعد حديث طهران عن تمكنها
من القضاء على "مؤامرة دولية" على نظامها الحاكم، تمثلت
بـ"تحريك" أطراف داخلية لتأجيج حالة غضب شعبي ضد أداء الحكومة.
وكانت إيران قد شددت مرارا على رفضها أن
"تموت بصمت"، جراء تشديد الولايات المتحدة خناق العقوبات الاقتصادية
عليها، لا سيما منذ أيار/ مايو الماضي، بالتزامن مع مرور عام واحد على خروج واشنطن
من اتفاق النووي مع طهران.
كما تعتبر "الجمهورية الإسلامية" أن
أمنها القومي يتعرض للخطر أيضا عبر تهديدات تواجه مصالحها وتحالفاتها بالمنطقة، في
إشارة إلى العراق ولبنان، حيث يتفاقم غضب شعبي من الطبقة الحاكمة في البلدين.
ويحظى البلدان بأهمية كبرى في الحسابات
الجيوسياسية لدى إيران، بحسب مراقبين، إذ يشكلان طريقا لها نحو مياه البحر الأبيض المتوسط،
وحاضنة كبيرة لأبناء الطائفة الشيعية، ونقطة متقدمة في المواجهة مع الولايات
المتحدة بحكم قربهما من إسرائيل.
وتاليا، تستعرض "عربي21" أبرز أربعة مؤشرات، تحدثت عنها تقارير مختلفة على مدار الأيام القليلة الماضية، بشأن استعدادات إيرانية لمواجهة في المنطقة:
1. نشر
صواريخ متطورة في نقاط متقدمة
كشفت تقارير مؤخرا عن تسريع إيران وتيرة
نشر صواريخ متطورة في كل من العراق وسوريا واليمن، وسط محاولات حثيثة من الولايات
المتحدة وإسرائيل، في المقابل، لرصدها وضبطها أو تدميرها.
ففي 4 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، نقلت صحيفة
"نيويورك تايمز" عن مسؤولين في الجيش والاستخبارات بالولايات المتحدة أن
إيران استغلت لحالة الفوضى التي يشهدها العراق منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي،
جراء الاحتجاجات الشعبية، لتعزيز ترسانتها الصاروخية على أراضيه.
وأفادت مصادر الصحيفة بأن طهران نشرت صواريخ
باليستية قصيرة المدى على الأراضي العراقية، ما من شأنه تهديد كل من السعودية
وإسرائيل، فضلا عن مصالح أمريكية مختلفة بالمنطقة، وهو ما اعتبروه فشلا لمساعي
إدارة الرئيس دونالد ترامب تقليص سطوة إيران على الطبقة الحاكمة ببغداد عبر
استثمار الحراك الشعبي.
وفي السياق ذاته، تحدثت وسائل إعلام تابعة
للمعارضة السورية عن تعرض مخازن أسلحة للحرس الثوري الإيراني، شرقي البلاد، لغارات
جوية، يعتقد أن مقاتلات إسرائيلية نفذتها.
ونقلت صحف عبرية، من بينها "تايمز أوف
إسرائيل" عن تلك المصادر، في 4 كانون الأول الجاري أيضا، أن المخازن كانت في
مطار الحمدان العسكري بمنطقة البوكمال الحدودية مع العراق.
— Linda Marie Lovison (@lilo623) December 6, 2019
ورغم رفض جيش الاحتلال التعليق على نشاطه في سوريا، إلا أن الصحيفة أشارت إلى ترجيح مسؤولية إسرائيل عن العديد من الضربات المماثلة مؤخرا، بالتزامن مع تأكيدها رسميا العزم على توسيع عملياتها في المنطقة لصد الأنشطة الإيرانية التي تستهدفها بشكل مباشر.
وعملت إيران بشكل حثيث خلال الاسابيع والأشهر
الماضية للسيطرة على الحدود بين العراق وسوريا وفتحها، وخاصة في البوكمال، وقد
أعلن البلدان بالفعل إعادة تشغيل المنفذه الحدودي بالمنطقة ذاتها نهاية أيلول/
سبتمبر الماضي، ما أثار قلقا إسرائيليا.
وقرب المياه اليمنية في بحر العرب، ضبطت
البحرية الأمريكة كمية كبيرة من أجزاء صواريخ إيرانية موجهة، على متن زورق، يعتقد
أنه كان في طريقه إلى جماعة الحوثي الموالية لطهران، بحسب ما كشف مسؤولون أمريكيون
لوكالة "رويترز"، الخميس.
وبحسب المصادر الأمريكية المطلعة، فإن الشحنة
هي الأكثر تطورا على الإطلاق، مقارنة بما جرى ضبطه في المنطقة على مدار السنوات
الماضية، وقد تكون تلك الصواريخ مشابهة لما تم استخدامه في الهجوم على منشأتي شركة
"أرامكو" بالسعودية، منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأعلن الحوثيون آنذاك مسؤوليتهم عن الهجمات،
إلا أن المملكة أكدت عدم امتلاك الجماعة صواريخ كاللتي استخدمت في تنفذها، متهمة
طهران بتنفيذها بشكل مباشر.
اقرأ أيضا: الرياض تنفي تنفيذ هجوم أرامكو من اليمن وتتهم إيران (شاهد)
2. عنصر
جديد في اللعبة
كشف تقرير لمجلة "نيوزويك" قبل أيام
عن ملاحظة القوات الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط تزايد تحليق طائرات
"درونز" قربهم، يعتقد أنها إيرانية.
وأوضح التقرير أن تلك الطائرات تبين أنها تقوم
بجمع معلومات وتحديد إحداثيات تواجد القطع العسكرية الأمريكية، ونقلها على الفور
إلى مراكز التحكم في إيران.
كما أشار إلى أن تلك الطائرات هي في الوقت ذاته
"انتحارية"، حيث تنفجر في حال ضبطها، ما يحرم الجانب الآخر من الاطلاع
على بياناتها، ويجعلها أداة هجوم في الوقت ذاته.
ونقلت "نيوزويك" عن مصادر عسكرية أن
تلك الاستراتيجية الإيرانية الجديدة باتت تشكل هاجسا متزايدا للقوات الأمريكية،
ووضعتها في مربع الدفاع، وبات على عناصرها البقاء في حالة حذر شديد.
ولفت التقرير إلى أن إيران عملت منذ عام 2014 على
تطوير هذه الطائرات، ولا سيما فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو ما قد يثير
جدلا في واشنطن إزاء تقييم استراتيجية البلاد في المنطقة خلال السنوات الماضية،
وسبل استعادة السيطرة على الموقف.
اقرأ أيضا: سباق تسلح جديد بالمنطقة عبر "الدرونز"
3. توسيع
معادلة الصراع
كشفت إيران، في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن مساع
لإجراء مناورات بحرية مشتركة مع كل من الصين وروسيا في المحيط الهندي، قبل أن تعلن
في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عن تحديد الفترة من 22 كانون الأول/ ديسمبر
الجاري، إلى 20 كانون الثاني/ يناير المقبل، موعدا لإجرائها.
ورغم إعلان طهران أن الهدف من المناورات هو
تعزيز القدرات المشتركة في مواجهة القرصنة، إلا أن صحفا عبرية، بينها "جيروزاليم
بوست" اعتبرت أن الخطوة تأتي في إطار تحدي القوى الغربية التي شكلت مؤخرا
تحالفا بحريا لتأمين الملاحة بمضيق هرمز.
وكانت المنطقة قد شهدت تصعيدا غير مسبوق خلال
الأشهر الماضية، على خلفية هجمات استهدفت ناقلات نفط، اتهمت إيران بتنفيذها.
ومن شأن المناورات المرتقبة تعقيد معادلة
المواجهة في المنطقة، وإدخال عناصر دولية جديدة إليها، لا سيما وأن الصين تواجه هي
الأخرى مساعي "احتواء" أمريكية.
كما تعد المنطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة
لبكين، إذ تعد مصدرا مهما لموارد الطاقة لاقتصادها الكبير، وتضم محطات رئيسية في
مشروع "الحزام والطريق" الاستراتيجي، بحسب تقرير لصحيفة "ديلي
بيست" الأمريكية.
4. تحدي
حاملات الطائرات الأمريكية
أعلنت وكالة "فارس" الإيرانية
للأنباء، نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن بحرية الحرس الثوري ستستلم عددا
كبيرا من الفرقاطات السريعة، التي تشتهر بها هذه القوة، في آذار/ مارس المقبل.
وتعد تلك السفن العسكرية صغيرة وسريعة جدا،
وثقيلة التسليح في الوقت نفسه، بحسب تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"
الأمريكية، ما أثار جدلا بشأن قدرة إيران على إغراق حاملات الطائرات الأمريكية
بطرق غير تقليدية.
ولدى إيران قوتان بحريتان، الأولى هي سلاح
البحرية التقليدي، والثانية هي بحرية الحرس الثوري، التي تتمتع بقدرات
واستراتيجيات قد لا يكون من السهل على الجيوش الغربية التنبؤ بها.
وكانت إيران قد أعلنت في أيلول/ سبتمبر الماضي
أنها باتت قادرة على إغراق حاملات الطائرات الأمريكية، وهي أهم عنصر في منظومة
الهيمنة الدولية للولايات المتحدة.
وناقش عدة مراقبين أمريكيين إمكانية حدوث ذلك
السيناريو، ففي حين استبعدته بعضهم، في الوقت الحالي على الأقل، أشار آخرون إلى
وجود العديد من الحسابات التي تجعله ممكنا، لا سيما امتلاك إيران سواحل ممتدة
والمئات من الفرقاطات والطائرات الانتحارية والصواريخ الموجهة وشديدة الانفجار،
فضلا عن الألغام التي يعتقد أنه تم استخدامها في مهاجمة ناقلتين قبالة السواحل
الإماراتية مطلع العام الجاري، وغيرها من القدرات غير المعروفة بشكل قطعي، ويعتقد
أنها حصلت عليها من روسيا والصين وكوريا الشمالية.
— Iran Military (@Iran_Military) November 29, 2019
ورغم تأكيد تقرير لـ"ناشيونال إنترست" أن إقدام الحرس الثوري على محاولة إغراق مدمرة أمريكية أو حاملة طائرات ستكون له عواقب وخيمة على إيران، إلا أن تمكن طهران من تحقيق ذلك في إطار مواجهة عسكرية سيكون له صدى مدوٍ على الساحة الدولية.
وفي مقابل تلك المؤشرات، كشفت عدة تقارير عن
بحث الولايات المتحدة نشر آلاف الجنود في الشرق الأوسط، لمواجهة "التهديدات
الإيرانية"، يتراوح تعدادهم بين خمسة آلاف و14 ألفا.
وأكدت عدة مصادر تلك الأنباء، إلا أن
إدارة ترامب فضلت النفي، لا سيما وأن الأخير يتعهد لناخبيه، الذين يرجو بأن يجددوا
له في الرئاسة العام المقبل، بإعادة الجنود من الخارج.
وفي كل الأحوال، فقد أشار تقرير لمجلة
"ميليتاري تايمز" الأمريكية، الجمعة، إلى أن كلا من الولايات المتحدة
وإيران يعملان بالفعل على تعزيز قدراتهما العسكرية في المنطقة بشكل غير مسبوق،
محذرا من أن ذلك سيقود في نهاية المطاف إلى الانزلاق لمواجهة شاملة.
اقرأ أيضا: هذه هي قدرات الانتشار العسكري الأمريكي الجديد بالسعودية