هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث رئيس الوزراء الأردني السابق، طاهر المصري، عن استهداف المشروع الصهيوني لبلاده.
وفي مقال نشرته صحيفة "الرأي"، تحت عنوان "حين يكون سلاما بلا خيل..!؟"، قال المصري إن "تداعيات إجراءات إسرائيل بضم مستوطنات الضفة الغربية، وجعل القدس الكبرى عاصمة إسرائيل، وضم غور وادي الأردن الفلسطيني في الشمال، وهضبة الجولان السورية، تأتي كتطورات خطيرة للغاية، ما يجعل الأردنيين، كل الأردنيين، يتحسّسون الخطر على كيانهم وهويتهم ومستقبلهم وثقافتهم".
وتابع: "ما يفرض علينا جميعاً الوقوف سداً منيعاً، ويداً واحدة، في مواجهة ما هو قادم من مشروع صهيونيّ، أنه أكلَ بالفعل الثور الأبيض، ويستعدّ بنَهمٍ لالتهامِ الثورِ الأسود..! ذلك أنّ أي انقسام جهوي، أو غيره، في المجتمع الأردني، سوف يجعلنا لقمة سهلة في يد المشروع الصهيوني الموجه لشرق النهر، باعتباره جزءاً من وعد بلفورهم العتيد. وهو أمر تسعى إليه إسرائيل والمسيحيون الصهاينة، بانتظار أن يكملوا الإطباق على فلسطين التاريخية، ليقوموا بتنفيذ الشق الأردني من مشروعهم".
وبحسب المصري، فإن "إسرائيل وحدها التي تتحمل مسؤولية ومغامرة إفساد مفهوم (الأرض مقابل السلام)، الذي كان أساسَ تسويتَي مدريد، في الجانبين الأردنيّ والفلسطينيّ، المتداخلين عضويّاً. فلَا (أرضاً) أبقوا، ولَا (سَلاماً) حفظِوا، أو صَانوا، أو سَعوا إلى تَكريسه وتطويره وصناعته..!؟ فإغلاقُ الحدود على الفلسطينيين، وتقويض أسس تسوية الصراع، وإغلاق الآفاق في تحرّر الفلسطينيين وانعتاقهم، بتكوين دولتهم المستقلّة، هو في الجوهر إلغاء لكلّ مبادئ ومضامين التسويات التي حدثت في المنطقة، من كامب ديفيد إلى وادي عربة، مروراً بأوسلو. وعلى الطرف الإسرائيلي، ومَن يسانده، أن يتحمّل وِزرَ وجريرةَ الهاوية والجحيم، الذي تندفع إليه المنطقة..!".
وبلسان المسؤولين الأردنيين، قال المصري: "إننا شركاء أساسيون في الجزء الخاص بالتسوية النهائية، بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويَعنينا بنفس الدرجة التي تَعني الفلسطينيين أنفسهم، لأنّها مرتبطة بمصيرنا ووجودنا؛ وبعيداً عن أيّ وهم".
وتابع: "القرار الإسرائيلي الأخير، بالبدء بضمّ الأغوار الفلسطينية إلى دولة العدوان الإسرائيلي، وكذلك تصريح وزير الخارجية الأميركي الأخير بومبيو، باعتبار أنّ قرار ضم إسرائيل للمستوطنات في الضفة الغربية مسألة لا تتعارض مع القانون الدولي..!، هذان القراران، إذا قُيِّضَ لهما أن يتمّا، وأن يكتمل تطبيقهما على الأرض، فإنني أقول: إنّ ذلك سيغيّر وجه المشرق والمغرب العربيين، استراتيجيّاً، لحقبة تاريخية طويلة قادمة؛ كما أنهما، وبصرف النظر عن كارثيتهما للفلسطينيين ومستقبل قضيتهم، يَعنيان ليس فقط قطع التواصل البرّيّ المباشر والكامل مع ما تبقّى من الأراضي الفلسطينية، ومستقبل الوجود العربي فيها فحسب، بل قطع التواصل البرّي الوحيد والممكن، بين عرب المشرق في آسيا، وبين عرب المغرب في إفريقيا؛ بعد أنّ عطّل قيام دولة إسرائيل في العام 1948 ذلك التواصل عبر أرض فلسطين التاريخيّة".
وأضاف أن "إعلان بومبيو الأخير، جاء تتويجاً للإجراءات الإسرائيلية، التي تستهدف تهويد الأرض والتغلّب على مشكة الديموغرافيا، التي سارت تاريخيّاً لصالح العرب الفلسطينين".
ولفت المصري إلى أن "إسرائيل نفسها هي التي جعلت من التسويات الأولية، التي عقدتها مع أعدائها، تسويات فاشلة، وكَسيحة، وعاجزة عن الارتقاء إلى مرتبة (سلام حقيقي) بين الشعوب والدول، حيث ظلّ الأعداءُ أعداءً في الجوهر، ومتصالحين باتفاقيات تسوية في الظاهر، ومن دون القدرة على الارتقاء إلى علاقات سلام طبيعية، دولاً وشعوباً، ولهذا أسباب كثيرة يكمن جوهرها في طبيعة المشروع الصهيونيّ التوسّعية والإلغائية، ونَهمهِ المتواصل؛ والمستقرّ في أذهان الناس في الشعار العتيد: (أرضُكِ يا إسرائيلُ من الفرات إلى النيل)..!".
وأضاف: "للحق أقول: إنّه حين اتخذت حكومتي (1991)، وبتوجيه من الراحل الملك الحسين، قرارَ الموافقةِ على الذهاب إلى مفاوضات تسوية مدريد، في خريف ذلك العام، حيث اُتِّخذَ القرارُ بشكل مؤسّسيّ وديمقراطيّ؛ حينها كانت أحوال الأردن المنطقة في أسوأ مراحلهما، انقساماً واختلافاً وتشظّياً، عشية حرب الخليج الثانية؛ وكنّا نعرف، في مجلس الوزراء، وعلى الرغم من أن ذلك القرار كان مخرجاً للأردن من عنق زجاجة إقليميّ ودوليّ، أننا ذاهبون إلى خطوة في مسار على طريق تسوية قد تكون مجحفة، بحكم موازين القوى آنذاك، آملين في تطوير تلك التسوية إلى فرصة لصناعة السلام، ولكنّها، للأسف، لم تكن، وربما لن تكون، بسبب تبجّح وغرور ونَهم دولة العدوان والاحتلال الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: "العلاقة في أدنى مستوى".. ماذا يجري بين الأردن وإسرائيل؟