هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتبر عدد من الحقوقيين إنشاء بوابة إلكترونية لتلقي معلومات جديدة بشأن مقتل الباحث والطالب الإيطالي جوليو ريجيني، خطوة
مهمة وجيدة لقطع الطريق على مراوغة نظام السيسي في تقديم أي معلومات بشأن هذه
القضية.
وأوضح الحقوقيون خلال حديثهم لـ"عربي21" أن أهمية هذه الخطوة
تأتي في ظل عدم تقديم أي أشخاص متهمين للعدالة، وبالتزامن مع تفضيل الحكومة
الإيطالية الصفقات التجارية مع الحكومة المصرية على حساب الوصول للحقيقة في هذه
القضية.
وأضافوا أن "إنشاء هذه البوابة يعكس إصرار فريق الدفاع وأسرة
ربجيني على الوصول إلى الحقيقة، خاصة في ظل تأمين الشهود أو أي شخص يدلي بمعلومات".
وهذا من شأنه وفقا للحقوقيين أن يشجع على التعاون مع هذه البوابة
والوصول إلى الحقيقة التي ستضع نظام السيسي في مرمي العقوبات، وتكشف ما تقوم به
الأجهزة الأمنية المصرية من تعذيب ممنهج طال الشاب الإيطالي.
وكان فريق الدفاع عن الباحث الإيطالي جوليو ربجيني وأسرته بالتعاون مع
صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية قرروا إنشاء بوابة إلكترونية لجمع المعلومات عن هذه
الجريمة، بهدف كشف الحقيقة.
وقالت الصحيفة: "إن النظام المصري قتل خمسة من مواطنيه الأبرياء،
متهما إياهم زورا وبهتانا بقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك لطمس حقيقة
المسؤولين عن هذه الجريمة".
اقرأ أيضا: رسالة من والدي ريجيني إلى السيسي.. هذا ما جاء فيها
وصرحت "لاريبوبليكا" بأنها "قررت بالتعاون مع عائلة القتيل
توفير أداة تسمح بفتح طريق بديل للتعاون المؤسسي من خلال تصميم منصة إلكترونية
مؤمنة تحمل اسم "ريجيني فايلز" (Regenifiles) يمكن لأي شخص أن يمدها بمعلومات
أو مستندات مفيدة عن جريمة قتل ريجيني بطريقة لا يمكن حتى لمن يدير أو يقرأ
التقارير المنشورة تحديد هوية المرسل".
وذكّرت الصحيفة بمرور 46 شهرا على حادثة اختطاف الباحث الإيطالي في جامعة
كامبريدج جوليو ريجيني بالعاصمة المصرية القاهرة على أيدي عناصر جهاز الأمن
المصري.
وتابعت بأنه في تمام الساعة 7:41 مساء من يوم 25 كانون الثاني/يناير 2016
خرج ريجيني من منزله بحي الدقي للالتقاء بصديق له كان بانتظاره في ميدان التحرير.
وكان ريجيني قد دخل ميترو الأنفاق تمام الساعة 7:51 مساء، حيث كان هناك
تواصل للمرة الأخيرة بين هاتفه النقال وإحدى المحطات المركزية للهواتف المحمولة في
المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فمنذ تلك اللحظة دخل جوليو ريجيني في الثقب الأسود لنظام
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد عثر على جثته بتاريخ 3 شباط/فبراير 2016
ملقاة على قارعة الطريق السريع الممتدة بين القاهرة والإسكندرية دون ملابس، وتظهر
على جسده علامات تدل على تعرضه للتعذيب لأيام قبيل قتله.
ولفتت الصحيفة إلى أنه طوال هذه الفترة من البحث عن الحقيقة دون جدوى حتى
الآن لم يتوقف والدا ريجيني ولا محاميته أليساندرا باليريني ولا قضاة التحقيق في
نيابة روما عن محاولة إعادة بناء ما حدث، حيث ركزت التحقيقات على الأكاذيب التي
كانت تصل من مصر بين الفينة والأخرى بهدف تضليل التحقيقات وكسب مزيد من الوقت.
وفي تعليقه على هذا الأمر، يقول الباحث الحقوقي أحمد العطار إن "إنشاء
هذه المنصة الإلكترونية شيء جيد، وذلك من أجل
الحصول على مزيد من المعلومات التي من شأنها أن تفضح المراوغات المصرية المتكررة و
الزيارات المتبادلة للنائب العام المصري والإيطالي والتي اتضح فشلها في إجبار
الجانب المصري على الاعتراف وتقديم الجناة للمحاكمة، لأن ذلك سيكون بمثابة فضيحة
عالمية".
ويضيف العطار لـ"عربي21" بأنه "ستتضح للعالم منهجية التعذيب
من قبل الأجهزة المعنية في مصر والتي أدت إلى وفاة روجينبي وهو ما تحاول جاهدة نفيه، رغم مصداقية التقارير التي
ترصد حالات التعذيب بمصر والتي راح ضحيتها الشاب الإيطالي".
وأعرب الباحث الحقوقي عن أمله بأن "تجد هذه المنصة الإلكترونية صدى لدى من
يكون لديهم معلومات تفيد في الكشف عن منفذي هذه الجريمة، وأن تشجع خاصية الاحتفاظ
بسرية شخصية مقدمي المعلومات كل من لديه معلومة لتقديمها".
واعتبر أن "الجانب الإيطالي الرسمي لا يمانع بالتغطية على هذه
الجريمة وإغلاقه، في مقابل بعض الصفقات المربحة والتي تساعد في انتعاش حالة الركود
في الاقتصاد الإيطالي".
ومن وجهة نظر العطار فإن المسؤولية عن مقتل ريجينى تقع على عاتق السيسي
باعتباره رأس النظام وباعتبار ابنه محمود السيسى المسؤول والمتحكم الفعلي في جهاز المخابرات العامة، وخاصة في القضايا المتعلقة بأفراد أجانب أو تخص أطراف أجنبية.
ويرى أن "السلطات المصرية
تعلم هوية قتلة ريجيني وتعلم تفاصيل ما حدث معه من لحظة اعتقاله مرورا بتعذيبه
وقتله".
وأيد هذا السرد مستدلا بأن "النظام الأمني بمصر يستخدم كل الوسائل
القانونية وغير القانونية المتاحة للعمل في الآلاف من القضايا، كيف يفشل على مدار
قرابة أربع سنوات في تحديد من قتل طالب الدكتوراه الإيطالي".
اقرأ أيضا: لماذا لم تُحيي ذكرى مقتل ريجيني ملف الاختفاء القسري بمصر
أما رئيس منظمة السلام
الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد
المنصف، فيرى أن "فريق الدفاع مستمر بالملاحقة القضائية وكشف الحقيقة بخصوص المتورطين
في قتل ريجيني".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "الوضع القانوني في أوروبا
يسمح بالبحث والوصول للحقيقة على عكس ما يحدث في مصر حيث يتم قمع أي شخص يحاول
البحث عن الحقيقة، وبالتالي ففكرة إنشاء هذه البوابة شيء جيد ومرحب به لأنه يساعد
بشكل أو بآخر في كشف الحقيقة والوصول إلى الجاني".
ويعتقد الحقوقي عبد المنصف بأن "هذا التوقيت مرتبط بنظرة فريق
الدفاع والجهات الإيطالية وما شاهدوه من تعسف من جانب النظام المصري ومحاولة إغلاق الملف بأي شكل من الأشكال".
ورجح أن "القضية كان يمكن إغلاقها تماما، لكن التبريرات غير المنطقية
من الجانب المصري تشير بأن هناك مسؤولين
مصريين على علم بما جرى بها، وربما هم مشاركون في هذه الجريمة أيضا".
وأشار إلى أن خيوط الجريمة تقود إلى الحقيقة خاصة مع "وجود خلافات
وصراعات داخل الأجهزة المصرية"، متوقعا استغلال هذه الجريمة في تصفية
الحسابات مع بعض الأفراد والزج بهم في هذه
القضية ككبش فداء.
ولفت عبد المنصف إلى أن توجيه الاتهام لحكومة السيسي وأفراد داخل منظومة حكمه موجودة منذ بداية
الجريمة، حيث كانت هناك أصابع الاتهام موجهة إليه وتشير لضلوع أفراد من منظومته في هذه الجريمة.
واستدرك: "لكن التوازنات السياسية كانت تؤخر الاتهام، وها هو الاتهام
يعود مرة أخرى في ظل تمسك أسرة ريجيني وفريق الدفاع وسعيهم للوصول إلى الحقيقة".
وأفاد بأنه "بمجرد تحرك أسرة ريجيني وفريق الدفاع سوف تتحرك الحكومة
الإيطالية وإن كانت التوازنات السياسية تضع عقوبات في هذا الأمر، ولكن لن تستطيع
الدولة أن توقفه وستلتزم بما يريده فريق الدفاع".
وتقول المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن: "ربما
يعد إطلاق هذه البوابة محاولة من الرأي
العام الإيطالي وأسرة ريجيني لاستكمال طريقهم للوصول إلى الحقيقة في مقتل ابنهم".
وتضيف في حديثها لـ"عربي21": "ربما هذا الإصرار يكون ذا أثر
يمنع أي حسابات سياسية من تخطي الجريمة دون محاسبة، كما أنه يمثل ضغطا على النظام
المصري لوقف انتهاكاته التي لم تعد خافية على أحد".
وتتابع حسن: "نتمنى أن تنتصر إرادة العدالة، لأن قضية ريجيني لم تعد
قضية اختفاء ومقتل مواطن إيطالي بقدر ما أصبحت تمثل واقع حقوق الإنسان المنتهكة في
مصر والتي تعدت المصريين إلى غيرهم".
وتختتم المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية بالقول: "تعد خطوة إنشاء هذه البوابة خطوة جيدة للمساعدة
في وضع حد لهذه القضية وإحراج الطرف
الإيطالي، خاصة أن القضية لم تحسم داخل أروقة
الحكومة الإيطالية بسبب التضارب بين إرادة قضائية ووطنية تبحث عن حق مواطنها؛ وإرادة
سياسية لها حساباتها التي تجتهد السلطات المصرية في مغازلتها بعد مقتل ريجيني بالصفقات
الاقتصادية وصفقات السلاح".