هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
امتد مسلسل الاحتجاجات العمالية في مصر من شركة إلى أخرى
في أكثر من مدينة صناعية خلال الشهور القليلة الماضية، للمطالبة بإعادة هيكلة
الأجور، وتحسين ظروف العمل، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتعيين العمالة المؤقتة.
وفي قرار مفاجئ، قررت الشركة المصرية للأدوية
"إيبيكو"، إحدى أكبر شركات الأدوية، الخميس، إغلاق مصنعين تابعين لها
بمدينة العاشر من رمضان الصناعية، بمحافظة الشرقية، بعد دخول العاملين في سلسلة
احتجاجات، والإضراب عن العمل، والاعتصام بالمصنع.
وكشف موظفون بالشركة في تصريحات لـ"عربي21" أن
الشركة تتعنت في تحسين أوضاعهم، رغم تحقيقها أرباحا بمئات الملايين من الجنيهات،
وفضلت التعامل مع المحتجين والمعتصمين أمنيا، بدلا من التفاوض معهم على حقوقهم.
واستنكرت إحدى الموظفات، طلبت عدم ذكر اسمها، من قيام
قوات الأمن بمحاصرة المصنعين، والاعتداء على المحتجين، وعدم تمكينهم من دخول أحد
المصانع للعمل بدعوى الإغلاق، مشيرة إلى توقيف عدد منهم من قبل الشرطة.
اقرأ أيضا: هكذا يضغط السيسي على الإعلاميين المعارضين بالخارج
وتعرف الشركة نفسها على أنها واحدة من أفضل شركات
تصنيع الأدوية في مصر، وتم تأسيسها في عام 1980، وأول شركة تطبق قواعد التصنيع
الجيد للدواء في مصر والشرق الأوسط، وتتبع وزارة قطاع الأعمال العام (حكومية).
ويقع مقر الشركة بمدينة العاشر من رمضان على مساحة 90 ألف
متر، وتعد واحدة من أكبر شركات تصدير الأدوية أيضا، حيث تقوم بالتصدير إلى الدول
العربية وبعض دول إفريقيا وآسيا وشرق أوروبا.
أرباح كبيرة وأجور قليلة
وتحقق الشركة أرباحا طائلة، حيث أظهرت القوائم المالية
خلال التسعة أشهر الأولى من 2019، ارتفاع أرباحها بنسبة 6.1 بالمائة على أساس
سنوي.
وأوضحت في بيان للبورصة المصرية، الأربعاء، أنها حققت
أرباحاً بلغت 522.2 مليون جنيه (نحو 32.5 مليون دولار) خلال الفترة من كانون
الثاني يناير وحتى أيلول/ سبتمبر الماضي.
وارتفعت إيرادات الشركة خلال الفترة إلى 2.6 مليار جنيه
(أي نحو 161 مليون دولار)، وفق نفس البيان الخاص بالشركة.
وأظهرت مقاطع مصورة على صفحات بعض العاملين احتجاج أعداد
غفيرة من العمال والموظفين والإداريين، والذين يبلغ عددهم نحو 5040 موظفا، وفق
تقرير سابق لها للبورصة المصرية.
وبشأن مطالب العمال، أكدت إحدى العاملات، طلبت عدم ذكر
اسمها، أن "العمال عانوا الأمرين، والإدارة ترفض تحسين أوضاع العمال على جميع
المستويات سواء المالي بزيادة الأجور، أو الاجتماعي بفتح باب الترقيات، أو الصحي
بالتأمين على أسر العاملين".
اقرأ أيضا: مصر تقترض ملياري دولار عبر سندات دولية على 3 شرائح
وأضافت لـ"عربي21": الإدارة حاولت التفاوض
بحضور ممثل عن مكتب العمل (المتواطئ) مع الشركة، والمحافظة، والشرطة، على صرف
زيادات تدريجية، وتجاهل معظم المطالب، وهو ما تم رفضه، وفوجئنا بعد ذلك بقرار الإغلاق".
واستدركت بالقول: "لم يجد العمال بدا من الاحتجاج
والاعتصام أمام المصنع، فجلبت لهم الإدارة قوات المن المركزي، وقاموا بالاعتداء
على سيدات ورجال لتخويفهم وترويع الآخرين".
تواطؤ حكومي
وعلق النقابي السابق، عضو لجنة العمال بالمجلس الثوري
المصري، سيد حماد، بالقول: "ليس هذا الاحتجاج الأول لعمال شركة أدوية، فمنذ
أسبوعين تظاهر عمال شركة القاهرة للأدوية، ومن قبلهما اندلعت احتجاجات في شركتي
يونيفرسال للأجهزة الكهربائية، والشرقية للدخان".
وأوضح حماد لـ"عربي21": "استمرار مسلسل
الاحتجاجات رغم القبضة الأمنية لعمال شركات تحقق أرباحا، يكشف سوء الإدارة، وتواطؤ
الحكومة مع الشركات ضد العاملين، وحرمانهم من حقوقهم، مقابل ما تدفعه تلك الشركات
من أموال لصندوق تحيا مصر".
وطالب: "بضرورة أن تنعكس أرباح الشركات على العمال
والموظفين، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، فبعضهم لا يتجاوز أجره الحد الأدنى للأجور،
ويتقاضى 1800 جنيه نحو 110 دولار"، مشيرا إلى أن "ما أثاره رئيس لجنة
الصناعة في مجلس النواب المصري، رجل الأعمال، محمد فرج عامر، بتراجع الصناعة في
مصر، فهو بسبب ضغوط قيادات النظام عليهم للتبرع، وبالتالي يضغطون على العمال
لحرمانهم من حقوقهم".
ووصف حماد قرار الغلق ومنح العاملين إجازة لمدة أسبوع من
دون أجر "بسياسة عض الأصابع لمحاولة انتزاع تنازلات من العمال، لكن في
المقابل تحقق الشركة خسائر تقدر بنحو ثلاثين مليون جنيه في أيام معدودات، ما يعني
مزيد من الخسائر في حال استمر الإغلاق والاعتصام".