هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتب سبنسر بوكات-شليندل، تحت عنوان "هل حان الوقت لحذف تطبيق أوبر من هواتفنا المحمولة؟"، يتساءل فيه عما إذا كان تقليل مديرها من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي هو القشة الأخيرة.
ويجيب ليندل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "عندما تجرح من حكم يلدغك بمرارة، فمن منا، في وقت أو آخر لا يخطئ ويحمل منشار العظام ضد ناقديه؟، وهذا هو مفاد ما قاله مدير شركة (أوبر) دارا خسروشاهي عن المساهم الذي يملك خمس أسهم شركته، السعودية، في الوقت الذي قالت فيه المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي رتب جريمة اغتيال صحافي (واشنطن بوست) خاشقجي العام الماضي".
وينقل الكاتب عن خسروشاهي، قوله في مقابلة مع موقع "أكسيوس": "أعتقد أن الناس يرتكبون أخطاء"، وقارن جريمة فظيعة بحادث دهس ارتكبته واحدة من سيارات "أوبر" التي تقاد بشكل ذاتي وقتلت امرأة في أريزونا، "وهذا لا يعني عدم مسامحتهم، واعتقد أنهم تعاملوا مع الأمر بجدية" أي السعوديين.
وتشير ليندل إلى أنه "بعد ساعة من المقابلة اكتشف خسروشاهي عظم ما قال، واتصل مع (أكسيوس) ليتراجع عن كلامه، وأصدر لاحقا بيانا قال فيه إن مقتل جمال خاشقجي كان (شنيعا ويجب ألا ينسى أو يبرر)، لكن كلامه كان متأخرا، لأن هاشتاغ احذفوا (أوبر) كان منتشرا على (تويتر)، والسؤال هو هل علينا مقاطعة (أوبر)؟ وهل يمكننا تحقيق شيء من هذه المقاطعة؟".
ويلفت الكاتب الى التغريدة التي كتبتها محررة مقالات خاشقجي في "واشنطن بوست" كارين عطية، التي قالت فيها: "أي شخص يستخدم (أوبر) عليه أن يفكر في عواقب كلام دارا خسروشاهي"، وأضافت: "لو قتل أحد المستثمرين الكبار في (أوبر) شخصا فهذا لا يهم، فممثل نظام إجرامي يمكنه الحفاظ على مقعده في مجلس إدارة الشركة، وعندما تكون غنيا فجريمتك تصبح (خطأ)".
ويعلق ليندل قائلا: "بالنسبة لعطية فإن تصريحات خسروشاهي هي (القشة الأخيرة) للشركة التي انتقدت دائما بكونها (عديمة الضمير)، فدعوات مقاطعة (أوبر) تعود إلى 2017، عندما اتهمت الشركة بالاستفادة من إضراب سائقي السيارات الذين احتجوا على قرار الرئيس دونالد ترامب منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وبعد عام قامت مهندسة بارزة بتقديم الشركة للمحاكمة بتهمة التحرش، ما أكد صورة الشركة بأنها معادية للمرأة".
وينوه الكاتب إلى أن أستاذة الحكم في كلية كولبي، لورا سي، كتبت تغريدة علقت فيها، قائلة: "للذين يريدون مقاطعة (أوبر) هي وسيلة لتسجيل اعتراضهم على ما يرونه من ميل الشركات المتعددة الجنسيات لزيادة أرباحها على حساب القيم الديمقراطية الليبرالية، ففي الشهر الماضي اعتذر دارل موري من نادي كرة السلة الوطني للسلطات الصينية؛ لانتقادها على معاملة المتظاهرين في هونغ كونغ، في وقت دافع فيه مدير شركة (نتفليكس) عن قرارها منع حلقة من حلقات الكوميدي حسن منهاج البث في السعودية، حيث قال: (نحن لسنا في مجال قول الحقيقة للسلطة)".
ويذكر ليندل أن صحيفة "نيويورك تايمز" ردت في افتتاحيتها على اعتذار نادي كرة السلة الوطني، قائلة: "لقد كشفت الكثير من الشركات الأمريكية أن قيمها للبيع، ولا تقوم بالمساومة كثيرا حول السعر، فالشركات هي التي تخلق الدول مهما كانت تعتقد أن مديريها ينظرون لعملياتهم على أنها دولية، واختارت الشركات العمل بناء على القانون الأمريكي، وتحصل على ثمار عملها في الولايات المتحدة، ولهذا فإن عليها الالتزام بالقيم الأمريكية".
ويقول الكاتب إن "هذه ليست هي المرة الأولى التي تعتذر فيها (أوبر) وتعد بأنها ستصحح مسارها، فكتب المعلق فرهاد نانجو في (نيويورك تايمز) في عام 2017، (نأمل بأن يحدث هذا)، وحتى نكون منصفين فقد قام خسروشاهي بجهود كبيرة لتصحيح أخطاء من سبقه، ترافيسك كلانيك، لكن تعليق نانجو يدعو لأكثر من الأمل: (هناك تطبيق أوبر على هاتفك، وفكر مرتين حول النقر عليه؛ لأنه لو بقيت أوبر رهيبة فيجب علينا ألا نلوم إلا أنفسنا، وهناك الكثير من الرهانات، فالمشاركة في الركوب هي صناعة ومنفعة مدنية، وهي فكرة كبيرة يجب ألا تترك لشركة اسمها أوبر الآن)".
ويستدرك ليندل بأن "المقاطعة قد لا تؤدي إلى نتيجة، كما قالت حنا لونسبرو في عام 2017، وناقشت بأن المقاطعة لن تغير من سلوك (أوبر)، بما في ذلك معاملتها للعاملين فيها، الذين لا يحصلون على ضمانات".
وتنقل الصحيفة عن لونسبرو، قولها: "(أوبر) هي الشركة الوحيدة التي تجبر العالم على العودة للعمل بالقطعة، الذي ينتمي إلى الثورة الصناعية (وهي فترة لا تعرف بالممارسات التقدمية في العمل)، ومن حق الساسة شجب شركات مثل (أوبر)، لكن تجنب استخدام التطبيق لن يحل المشكلات التي يمثلها الاقتصاد الحر، وبدلا من ذلك علينا استخدام قوتنا -زبائن وعمال ومساهمين- لإجبار شركات التكنولوجيا على تغيير سلوكها والنماذج التجارية التي تعمل من خلالها".
ويشير الكاتب إلى أن لونسبرو تنتقد أداة المقاطعة لأنها تعود للفرد نفسه، والتغيير يحتاج لجهد جماعي، لافتا إلى أن أولدين ويكر كتب في مجلة "كوارتز" قائلا إن "ظاهرة الضمير الاستهلاكي هي (كذبة)؛ لأنها تأخذ قوتنا (المواطنين)، مع أنها أخلاقية وحركة شجاعة، لكنها تجفف حساباتنا في البنوك وإرادتنا السياسية، وتحرف أنظارنا عن اللاعبين الحقيقيين في السلطة، وتركز طاقتنا بدلا من ذلك على فضائح صغيرة للشركات الكبرى".
ويقول ليندل إن "هذا كله لا يعني أن علينا عدم مقاطعة (أوبر)، ويجب أن يكون هذا بداية عمل سياسي حقيقي، وكما قال أندرو كوكينز وشين أوكين في (ذا فيرج): (لقد أبدت أوبر نفسها تصميما لتحقيق الأرباح)، ونجت من عدة فضائح وتحديات ومقاطعات واحتجاجات، ولو نظرنا للصورة بشكل أوسع لرأينا أن استثمار السعودية في أوبر (3.5 مليار دولار) لا يقارن بحجم مبيعات السلاح التي باعتها إدارة باراك أوباما لهذا البلد المتهم بانتهاك حقوق الإنسان (112 مليار دولار)، واستخدم بعض هذه الأسلحة في حرب اليمن، وهناك الوقود الأحفوري من السعودية بقيمة 23 مليار دولار، الذي استوردته أمريكا، واستمرار إدارة دونالد ترامب في دعم ولي العهد السعودي".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "حذف تطبيق (أوبر) واستبداله بتطبيق (ليفت) لا يحل المشكلة؛ لأن الأخيرة ليست غريبة على المال السعودي، وتلقت الشركة عام 2015 استثمارا بـ248 مليون دولار من أمير سعودي آخر، وهو الوليد بن طلال، الذي أكد العام الماضي أن محمد بن سلمان بريء من دم خاشقجي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)