هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد أن فرضت شركة "سينرجي" المملوكة للمخابرات المصرية، سيطرتها شبه التامة على سوق الدراما المصرية في موسم رمضان الماضي، تتجه الشركة لاحتكار الإنتاج السينمائي في عموم الدولة خلال الفترة المقبلة، بحسب فنانين ونقاد.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول قدرة الشركة على تحقيق هذا الهدف ؟ وتأثير ذلك على الفن المصري بعد دخوله مرحلة "التأميم" والسيطرة الأمنية؟ .
بعد الدراما.. الدور على السينما
وفي بيان سابق لها لم تخف شركة "سينرجي فيلمز"، نيتها السيطرة على السينما المصرية حيث قالت إنها "ستستمر فى التوسع بالإنتاج السينمائى هذا العام، بعد سنوات من اهتمامها بالدراما التلفزيونية إلى أن أصبحت الأكبر في مصر!".
وخلال العام الجاري اتضح أكثر وأكثر سيطرة شركة سينرجي على السوق السينمائي في مصر عبر إنتاج مجموعة من الأفلام ذات الإنتاج الضخم، والتي استقطبت نجوم الصف الأول، من بينها أفلام "الفيل الأزرق 2" و"ولاد رزق 2" و"كازابلانكا"، والتي نجحت في تحقيق إيرادات كبيرة بلغت في المتوسط 100 مليون جنيه لكل فيلم.
كما أعلنت الشركة عن مجموعة جديدة من الأفلام بميزانيات ضخمة تضم نجوما كبار من بينها فيلم "كيرة والجن" الذي يجمع كريم عبد العزيز وأحمد عز وفيلم "العنكبوت" بين أحمد السقا ومنى زكي، وفيلم "العارف" للنجمين أحمد عز وأحمد فهمي.
فنانون عاطلون
وكما امتلأت حسابات نجوم الدراما برسائل الشكوى من توقف صناعة الدراما في مصر العام الماضي، وتلقيهم تهديدات من جهات "سيادية" بمنعهم من العمل، فقد بدأ العاملون في مجال السينما هم أيضا في الشكوى من البطالة لتظهر بوادر تأثير احتكار سينرجي على السوق السينمائي.
وخلال الأيام الماضية عبر بعض الفنانين عن سخطهم من الأوضاع في صناعة السينما، حيث كتب المخرج يسري نصر الله عبر "فيسبوك" منشورا قال فيه إنه سيعتزل الإخراج ويبحث عن فرصة عمل "كطباخ بعدما هيمنت الشللية على الوسط الفني في مصر، مؤكدا أنه يملك خبرة 30 سنة سينما و50 سنة طبخ!".
وردت الممثلة شيرين رضا على منشور نصر الله بقولها "عار علينا كلنا لما الأستاذ يسري نصر الله يكتب بوست زي ده!! عار على كل من احتكر المهنة ووصلنا لهذه المهزلة والمستوى!"
— Shereen Reda (@ShereenReda) 15 أكتوبر 2017
وسبق وأن عبرت المخرجة هالة خليل عن إحباطها من احتكار السينما المصرية، وتساءلت عن سر تجاهلها وعدم إنتاج فيلم جديد من إخراجها رغم أن كل أفلامها حققت سابقا جوائز محلية وعالمية؟، ليرد عليها بعد أصدقائها من العاملين في صناعة السينما بقولهم إنها "لن تجد حلا لمشكلتها طالما ترفض الاندماج مع "الشلة" التي تحكم السينما المصرية الآن، وطالما تصر على التغريد خارج السرب!".
— سيدتي فن (@sayidatystars) 3 سبتمبر 2019
أما السيناريست الشاب على حلبي فكتب يقول :"بقالي فترة كبيرة بحاول اشتغل، وفي ظل المحاولات دي اتأكدت إن السوق اتقفل على "سينرجى" وطبعا محدش بيشتغل إلا رجالتهم".
كما كتب الممثلة نشوى مصطفى تسأل: "حد عنده واسطة؟ عايزة أمثل، أنا معايا بكالوريوس فنون مسرحية قسم تمثيل وإخراج بتقدير جيد جدًا ومثلت قبل كده وفيه ناس قالت إني ممثلة يجي مني!".
تدمير للإبداع
وتعليقا على هذا الموضوع قال الناقد السينمائي خالد أبو القاسم إن شركة سينرجي مارست خلال العام الماضي نشاطا احتكاريا لا تخطئه العين في مجال الدراما حيث سيطرت بنسبة تصل إلى 90% بعد أن امتلكت أدوات الإنتاج والعرض عن طريق التحكم في الإنتاج الدرامي وسيطرتها على القنوات التلفزيونية التي يتم عرض المسلسلات عليها.
وأضاف أبو القاسم، في تصريحات لـ "عربي21" أن سينريجي اتجهت الآن إلى السيطرة على الإنتاج السينمائي، وبدأت هذه الخطة عن طريق استغلال التعثر الذي تمر به كثير من شركات الإنتاج السينمائي بعد ثورة يناير وتوقفها عن العمل ومن بين هؤلاء شركة كامل أبو علي الذي توقف بعد الثورة، واكتفى بالعمل في مجال السياحة.
وأوضح أن المنافس الوحيد الآن لشركة سينرجي هو السبكي، ولكن من السهل التخلص منه ومن غيره من الشركات المتبقية تدريجيا، عبر اتباع مجموعة من الإجراءات المخالفة لقواعد المنافسة الحرة، تماما كما حدث مع شركات الإنتاج الدرامي، وتم إجبارها على الخروج من السوق.
اقرا أيضا : بعد إشادته بـ"الممر".. السيسي يحشد فناني مصر لدعم الجيش
وأشار إلى أن شركة سينرجي تستغل أسلوب الترغيب والترهيب في السيطرة على سوق السينما، حيث يؤكد القائمون عليها للعاملين في مجال السينما من ممثلين ومخرجين ومؤلفين أنهم يمثلون الدولة وأنهم سيتحكمون في السوق خلال الفترة المقبلة بما للدولة من سلطة وإمكانيات لا يمكن منافستها، ويرهبون من يخالف هذا التوجه بأنه سيجبر على الجلوس في بيته.
وحول تأثير هذا المخطط من جانب سينرجي قال خالد أبو القاسم إنه سيؤدي إلى تدمير صناعة السينما في مصر على المدى الطويل، موضحا أن السينما هي أحد أفرع الفن الذي يحتاج إلى حرية وحرية تعبير للإبداع والإمتاع، وهذا لا يحدث أبدا في مناخ الاحتكار والتوجيه والرقابة والترهيب.
وتابع: إذا أردت أن تعرف شكل السينما المصرية خلال الأعوام القليلة المقبلة،انتظر إلى الدراما التلفزيونية خلال موسم رمضان الماضي، لترى كيف أثر التوجه الأمني على القصص والمعالجات الدرامية التي قدمتها المسلسلات المختلفة وبدت وكأنها صادرة من جهة واحدة تريد تحسين صورة مؤسسات الدولة وتدافع عنها، وخاصة الأجهزة الأمنية، وتهاجم خصوم النظام وتشوه صورتهم!.
وحذر من أن هذا المناخ سيكون طارد للمبدعين ولن يبقى في السينما المصرية إلا المنتفعين الذين يقدمون موضوعات ترضى عنها السلطة، أما أي مبدع صاحب رأي مختلف فلن يسمح له بالعمل في مصر، وهذا ما رأينا بوادره مع مخرجين كبار مثل يسري نصر الله وهالة خليل وغيرهما.