هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحوي المادة التالية "حرقا" لأحداث الفيلم لمن لم يشاهده بعد.
يختلف "جوكر" خواكين فينيكس عن أسلافه في الأفلام السابقة.. فلا
هو سقط في مادة كيمائية شوهت وجهه كما في نسخة "باتمان" عام 1989، ولا مجرم
يحمل ندوبا على شكل ابتسامة لا يعرف سببها كما في "فارس الظلام".
رجل وديع "يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا"، فهو ببساطة لا يستطيع
أن يمنع نفسه من الضحك لمرض ألم به، فلم يجد ربما أفضل من وظيفة المهرج الذي يختبئ
وراء الابتسامة العريضة.
يعيش "آرثر" في مدينة "غوثام" التي تعاني من مشاكل
كبيرة، كان فيها نزيلا لأحد مستشفيات الأمراض النفسية، يتعاطى 7 أدوية مختلفة لا
تفلح، ويبحث عن دواء جديد حتى لا يشعر بـ"السوء".
ويعيش مع "والدته" العجوز المريضة، التي لا تتحدث مع أحد، لكنها
تؤمن بما يقال في الأخبار، وما يعد به المرشح لمنصب العمدة، الثري "توماس
واين"، لأنهم ببساطة يقولون في الأخبار إنه سيصلح أمور المدينة "التي
ضلت طريقها".
وإن كان الاسم الأخير يذكركم ببطل غوثام "بروس واين، فهذا لأنه في
الأصل والده.
يعاني "آرثر" من التنمر في الشارع، وفي مكان العمل، ويعاني من
تجاهل مستشارته النفسية، التي زفت له خبر إيقاف الاستشارات، والأدوية، بقرار من
سلطات المدينة.
"إن تركتهم وشأنهم سيأخذون منك كل شيء"، نصيحة قدمها له زميله
بالعمل، ومنحه من أجل ذلك مسدسا يدافع فيه عن نفسه، في وقت يدفعه الجميع فيه إلى
حافة الجنون، وإن كان في الأصل "مجنونا" من نوع ما.
انطلق "الجوكر" إلى عالم الجريمة من نقطه ضعفه، ضحكه الذي لا
يمكن أن يسيطر عليه، فقتل ثلاثة من شباب غوثام الأغنياء الذين اعتدوا عليه، بعد أن
أدرك أنه في مدينة فاسدة عليك أن تأخذ
حقك بنفسك.
بعد مقتل الشبان الثلاثة، يخرج المرشح لمنصب العمدة، الثري "توماس
واين"، ليقسم المدينة الضالة إلى طبقة غنية مثقفة من المستثمرين، وأخرى من
"المهرجين" الفقراء الساخطين.
"ضلت غوثام طريقها" بالنسبة لـ"واين"،
ولـ"الجوكر" أيضا، لكن بشكل مختلف لكل منهما.
لم ينتقل "آرثر" إلى عالم الجريمة بين ليلة وضحاها، أخبر
مستشارته النفسية أنه لديه "أفكار سلبية" لكن أحدا لم يستمع.
ينزل "الجوكر" إلى الشارع ليجد نفسه بين جيش من المهرجين
الساخطين على "واين"، وينظر في وجوههم ليرى نفسه في كل واحد منهم.
أخيرا، يحصل "آرثر" على عرض مغر لرجل كل همه أن يضحك الناس على
نكاته، من الكوميدي الشهير في المدينة "موراي"، لكن يبدو أن وقت
الكوميديا كان قد فات بالنسبة لـ"آرثر"، الذي قتل "والدته"
التي عملت لدى "واين" وادعت أنها أنجبت منه "آرثر" بعد أن
اكتشف أنه متبنى، ولم يحصل من الرجل الثري على عناق الأب، بل حصل بدلا منه على
لكمة على وجهه.
ومن جملة ما عرفه عن والدته أنه تعرض للتحرش والضرب وهو صغير، وربما كان
هذا سببا في مرضه "الاضطراب العاطفي"، ليكتشف لاحقا أن حياته التي كان
يعتقد أنها "مأساة" لم تكن إلا "كوميديا" برأيه.
وإلى هنا يكون قد مر من الفيلم الجديد قرابة 80 دقيقة ليس فيها ما كان
يتوقعه أغلب المشاهدين من "الجوكر".
لم يجهز "الجوكر" نفسه ليقود ثورة في "غوثام" من
الأصل، وهو لا يؤمن بها ربما، فهو كما قال على مسرح "موراي" ليس سياسيا،
وليس مولعا بالسياسة، بل "لا يؤمن بشيء".
طلب "آرثر" حين استدعاه "موراي" ليكون ضيفا في برنامجه
الكوميدي، أن يقدمه للجمهور بصفته "جوكر" وليس "آرثر"، رغم ما
يفعله باقي "الجواكر" في شوارع المدينة من عصيان.
لم يعتلي "الجوكر" المسرح ليقدم نكاته للجمهور، بل ليعترف بأنه
وراء مقتل الشبان الثلاثة، ويضحك لكن هذه المرة ليس بسبب حالته المرضية بل لأنه يرى
الأمر مضحكا كما أخبر "مواري" الذي تلقى هو أيضا رصاصة في رأسه لقناعة
"آرثر" أنه ما جلبه إلى المسرح إلا ليسخر منه كما فعل سابقا.
وقبل أن يطلق رصاصته، أخبر "الجوكر" مستضيفه وجمهوره أن
"الكوميديا موضوعية.. وإنك تقرر الصواب والخطأ، كما تقرر إذا ما كان أمر ما
مضحكا أم لا".
لم يعجب كلام "الجوكر" الجمهور، فخاطبهم غاضبا بأنه يلومهم لأنهم
لم يلاحظوا وجوده يوما، ولو مات على الرصيف لعبروا من فوقه دون أن يكترثوا له،
ويبكون على ثلاثة شبان فاسدين لأن "توماس واين" نعاهم على الشاشة.
وقبل أن ينتهي الفيلم، كان لا بد من العودة إلى "بروس واين"
الطفل المدلل، للوالد الثري، ويذكر المشاهدين بمأساة الطفل الذي قتل والداه أمام عينيه.
في النهاية، أثار "الجوكر" تعاطف الناس الذي فضلوا إلقاء اللوم
على ظروفه، وإن كان مجرما "قانونا".
بدلا من الظهور بمظهر المجرم، ظهر "الجوكر" في نهاية الفيلم
وكأنه رمز للثورة وليس للجريمة، كما أظهرته أفلام سابقة.
انتهى الأمر بـ"آرثر" في مستشفى للأمراض العقلية، ربما يخرج منها
في جزء قادم من أفلام "باتمان"، فبروس الصغير لا بد أن يكبر، ليواجه من
كان يظن أنه "شقيقه"، لكن السؤال هو كيف سيكون الجزء الجديد من
"باتمان" بعد التعاطف الكبير مع هذه النسخة من "الجوكر"؟.