أصدر النائب العام
المصري
المستشار حمادة الصاوي الأربعاء الماضي قرارا بإخلاء سبيل مئات المتهمين من
الأطفال والطلاب والنساء والشيوخ، الذين تم اعتقالهم خلال مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر
الماضي، "بعدما ثبت عدم ارتباطهم بدعوات الجماعات التي تستهدف هدم مؤسسات
الدولة".
وكانت مدن مصرية عدة شهدت
مظاهرات غاضبة استجابة للدعوة التي أطلقها الفنان والمقاول محمد علي للإطاحة
بالسيسي، أعقبها حملة اعتقالات عشوائية طالت آلاف المواطنين، بحسب منظمات حقوقية.
وتزامنت هذه القرار مع حفظ
العديد من القضايا السياسية، وإطلاق سراح المعتقلين فيها، بحسب متهمين تحدثوا لـ"عربي21"،
الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول دوافع هذه الخطوة؟ وتأثيرها على المشهد
السياسي في البلاد؟
حفظ لبعض القضايا
وقال متهمون في قضايا
سياسية، إن النيابة العامة حفظت العديد من القضايا المفتوحة منذ عام 2016، وأخلت
سبيل المتهمين فيها.
فيما أكد متهمون آخرون
يخضعون لتدابير احترازية بموجب قرارات قضائية متعلقة بقضايا سياسية، أنه تم مؤخرا
تخفيف هذه التدابير، لتصبح يوما واحدا في الأسبوع ولمدة ساعتين فقط، مؤكدين أن
ضباط الأمن الوطني أبلغوهم أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من التخفيف للقيود
عليهم.
وكان النظام قد أطلق المئات
من معتقلي مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر الماضي منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري،
بدأها بإخلاء سبيل نحو 300 شخص في اليوم الأول من الشهر، وفي اليوم العاشر أصدرت
نيابة أمن الدولة العليا قرارات بإخلاء سبيل قرابة 500 من المتهمين.
وبحسب المفوضية المصرية
للحقوق والحريات، فإن حملة الاعتقالات على خلفية أحداث 20 أيلول/ سبتمبر الماضي،
طالت 3332 شخصا.
"انعدام الشفافية"
وتعليقا على هذا التطور، قال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية عمرو هاشم ربيع، إن المشهد السياسي
في مصر "يكتنفه الغموض والضبابية في الأسابيع الأخيرة، ولا يعلم أحد ما سيحدث
في الأيام أو حتى الساعات المقبلة".
وأضاف ربيع، في تصريحات
لـ"عربي21" أنه لو كانت هناك نية واضحة لدى "الرئيس عبد الفتاح
السيسي بإطلاق الحريات لكان أعلن عن الأمر بوضوح"، مشيرا إلى أن السوابق
التاريخية في مصر تؤكد هذا الأمر، فعندما اتخذ الرئيس الراحل أنور السادات هذا
الاتجاه أعلن ذلك بنفسه، كما فعل ذلك أيضا الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أعلن عن
إجراء انتخابات رئاسية لأول مرة وفتح المناخ السياسي في البلاد، لكن هذا الأمر لم
يحدث حتى الآن، وكل ما نراه مجرد تلميحات من إعلاميين أو سياسيين مقربين في
النظام، ولا يمكن الجزم بها.
وحول الإفراج عن الأطفال
والمرضى والطلاب والشيوخ من معتقلي 20 أيلول/ سبتمبر، قال إنه "لا أحد في مصر
يعرف على وجه التحديد العدد الإجمالي للمعتقلين جراء هذه المظاهرات، مشددا على أن
استمرار هذه الحالة من انعدام الشفافية توضح أن النظام لم يغير
موقفه من الحريات".
وتابع: "من غير
الواضح ما إذا كانت المطالبات المتكررة في وسائل الإعلام التابعة للنظام؛ برفع سقف
الحريات في البلاد ومنح المصريين مزيدا من القدرة على التعبير عن رأيهم بحرية، هي
توجهات ومبادرات شخصية أم إنها تنبع من إرادة حقيقية لدى النظام؟"
ولفت ربيع إلى أنه لا يجب
إغفال أن بعض الإعلاميين الذين يطالبون بهذه الحريات، وعلى رأسهم عمرو أديب،
يعملون في وسائل إعلام مدعومة من الإمارات أو السعودية، "وقد تكون لهذه الدول
مصلحة لتخفيف الاحتقان الحالي في مصر، حتى لا تنفجر الأوضاع بسبب القمع والكبت
الذي تمارسه الأجهزة الأمنية منذ عدة سنوات".
"باب موارب"
من جانبه قال أستاذ
العلوم السياسية محمد حجازي، إن هناك مؤشرات سلبية، منها عدم رغبة البرلمان مناقشة
قوانين ضرورية لممارسة العمل السياسي والحزبي، على رأسها قوانين المحليات ومباشرة
الحقوق السياسية وقانون الأحزاب، مشيرا إلى أن تصريحات السيسي المستفزة التي أدلى
بها عدة مرات منذ مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر، أظهرت إصراره على المضي قدما في نهجه
الرافض لأي حراك شعبي، واعتباره تهديدا لاستقرار الدولة ونكرانا للجميل.
وأضاف حجازي، لـ"عربي21"
أنه لو كان النظام جادا في توجهه، لبدأ بالإفراج عن الدكتور حسن نافعة ورفاقه من الرموز السياسية
التي يتم اتهامها بالإرهاب أو الخيانة، "فقط لأنها طالبت بالإصلاح وليس تغيير
النظام".
وأشار إلى أن النظام يعلم
جيدا أن المناخ العام في مصر "مغلق بالضبة والمفتاح"، وهو ما يهدد
بإمكانية الانفجار في أي وقت، لذلك يبدو أنه يهدف فقط إلى "مواربة"
الباب وليس فتحه تماما، حتى يتمكن فقط من تمرير الموجة الحالية من الغضب الشعبي.