هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا، من العاصمة الفرنسية باريس، لمراسلتها لويز كالاهان، عن بيوت وقصور الأمراء السعوديين الذين عارضوا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتعرضوا للاختطاف.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذه البيوت باتت مهملة يعلوها الغبار، فيما تعيش عائلاتهم حالة من اليأس.
وتقول كالاهان إنه خلف واجهة مبنية من الحجارة الرملية، في بناية قديمة تعود إلى القرن السادس عشر في باريس، يقع بيت ربما كان سيعجب به نابليون الثالث، واصفة التصميم الداخلي للقصر الحافل بالمفروشات المذهبة والفنون الجميلة، واللوحات المعلقة على الجدران، التي تصور أباطرة المغول والمحظيات البيضاوات.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذا البيت التقليدي الفخم يعود إلى سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وهو أمير يتحدث عدة لغات، ويحمل شهادة من جامعة السوربون، ولديه مصالح تجارية في الرياض وأوروبا، مشيرة إلى أن هذا البيت هو واحد من البيوت الأربعة، التي تقدر قيمتها بـ60 مليون جنيه إسترليني، وتملكها العائلة في هذه الزاوية من باريس، وكانت الحياة فيه في الأيام العادية حافلة بالحياة، وهناك سفرجية وخدم وسائقون.
وتنوه الكاتبة إلى أنه في حديقة واحد من هذه البيوت، الذي كان يملكه سابقا عملاق السيارات الفرنسي أندريه سيترون، كان الأمير يعقد حفلة على الطريقة العربية في خيمة تستوعب 150 ضيفا، أما اليوم فالثريات غير مضيئة، والأثاث الإيطالي تغطيه طبقة من الغبار، وكومة من الرسائل التي لم يتم فتحها.
وتذكر الصحيفة أن الأمير البالغ من العمر 39 عاما اختفى في كانون الثاني/ يناير العام الماضي، عندما تم استدعاؤه إلى القصر، وتقول عائلته إنه، وهو المبارز المحترف، ضربه حرس القصر حتى فقد وعيه وأخذ إلى السجن، وهو واحد من 11 أميرا اعتقلوا، بحسب الحكومة، بعدما احتجوا على قرار دفع فواتير الكهرباء، لكن المقربين منه يقولون إن استهدافه جاء بسبب عدم انصياعه لمطالب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويكشف التقرير عن أن مسؤولين غربيين على معرفة بالقضية عبروا عن استهجانهم من السبب الذي جعل من الأمير هدفا لولي العهد مع أنه ليس من فرع مؤثر في عائلة آل سعود الحاكمة، فمع أن أمه هي ابنة الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة، وزوجته هي ابنة الملك عبد الله، الذي توفي عام 2015، إلا أن ثروته لا تعادل في أهميتها ثروة صناع القرار وأصحاب السلطة الحقيقية في المملكة.
وتستدرك كالاهان بأن اعتقاله يقدم رؤية واضحة عما يحدث لأفراد العائلة عندما يتجرأ أحدهم على مواجهة ولي العهد، مشيرة إلى أن العقارات التي يملكها سلمان في باريس ظلت فارغة لأشهر، لكن الملايين التي يقول العاملون معه إنه حصل عليها من عائلته، وكذلك العقارات في الدمام وموناكو وطائرته الخاصة، لم يتم المساس بها.
وتشير الصحيفة إلى أنه تم تجميد حساباته في السعودية، أما أرصدته في فرنسا فلا يمكن الوصول إليها، وتم التخلي عن خدمة الفريق العامل معه في أوروبا، لافتة إلى قول مقربين منه إن هناك 300 شخص في السعودية لا يزالون يتلقون رواتبهم منه.
وينقل التقرير عن محامي الأمير، إيلي حاتم، قوله عن الأمراء المعتقلين، إن السعودية تحجز حساباتهم وحسابات زوجاتهم، ومنعت زوجة سلمان وأمه من مغادرة السعودية، و"هي طريقة للضغط على سلمان.. لا تزال أرصدته في باريس، لكن ليس لدينا المال لدفع النفقات، ولا يوجد مال للعناية بالعقارات".
وتقول الكاتبة إن الأمير ووالده، الذي حاول التدخل دفاعا عن ابنه، يعيشان تحت الإقامة الجبرية في بيت يعود للحكومة في الرياض، مستدركة بأنه رغم الوضع المريح الذي يعيشان فيه، إلا أن العائلة تتحدث عن عدم اتصال المحامين بهما أو توجيه تهم لهما.
وتورد الصحيفة نقلا عن مقرب من العائلة، قوله: "يمكنه الحديث مع عائلته، لكنه خائف من الحديث صراحة، ولهذا يتحدث بالشيفرات.. إذا تمت محاكمته فإن محمد بن سلمان سيقوم بتلقين القاضي ما يقوله، ومن السهل أن توجه له اتهامات، ولا يمكنك تحقيق العدالة حتى لو كنت أفضل قاض في السعودية".
ويلفت التقرير إلى أن محمد بن سلمان أعلن قبل عامين عن حملة اعتقالات لرجال أعمال وأمراء، فيما أطلق عليها مكافحة الفساد، وهي حملة رحب بها سعوديون سئموا من فساد النخبة، إلا أن المراقبين في الغرب اعتبروها محاولة لإظهار القوة وتعزيز خزينة المملكة، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح معظم الأمراء ورجال الأعمال بعد تخليهم عن أرصدة يعتقد أنها بلغت 72 مليار دولار، وكان من بينهم الملياردير المعروف الوليد بن طلال، إلا أن الأمير سلمان لم يمنح هذا الخيار، كما يقول محاموه.
وتنقل كالاهان عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط في "هيومان رايتس ووتش" آدم كوغل، قوله: "قادت محاولات محمد بن سلمان (قلع) الفساد إلى اقتلاع من اعتبروا تهديدا لسلطته.. هؤلاء الأفراد تم ابتزازهم، وكان الاختطاف والابتزاز هو ما جرى لهم".
وتقول الصحيفة إن المملكة لا تزال تعاني من تداعيات جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الكاتب في "واشنطن بوست"، الذي قتل وقطع على يد فرقة قالت "سي آي إيه" إنها تلقت أوامرها من محمد بن سلمان، العام الماضي، عندما دخل خاشقجي القنصلية السعودية في إسطنبول.
ويجد التقرير أنه مع تركيز المجتمع الدولي على مقتل خاشقجي، إلا أن الملاحقة والاعتقال لأفراد العائلة المالكة لم يثيرا الانتباه، وتعتقد "هيومان رايتس ووتش" أن اثنين من معتقلي فندق ريتز في عام 2017 لا يزالان في المعتقل، فيما تم وضع مجموعة صغيرة من العائلات الحجازية الثرية تحت الإقامة الجبرية، وأصبحت عائلاتهم، التي تعودت على الحياة المريحة، دون مال.
وتورد الكاتبة نقلا عن مقرب من سلمان، قوله إن عائلته باعت عقارا في الرياض للحصول على المال، فيما بدأ ما تبقى لديه من موظفين بتجميد أرصدته في أوروبا، بدءا ببيع طائرته البوينغ 737-400 في سويسرا التي كان يؤجرها للأمراء في الشرق الأوسط والمليارديرات في أوروبا.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول مقرب: "إنهم يعانون بالطبع، وهم من أثرى عائلات آل سعود، لكن القسم الأكبر كان يأتي من تجارة سلمان"، لافتة إلى أن الحكومة السعودية لم تعلق على هذا التقرير بعد طلب الصحيفة منها.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)