هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكثر من 7 ملايين ناخب في تونس يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.. غير أن هذا الرقم من المسجلين قابله عزوف وامتناع عن الذهاب لمكاتب الاقتراع، لأسباب مختلفة ترصدها "عربي21"، في هذا التقرير.
وبحسب مؤشرات أولية، فإن الأسباب تتراوح بين ملل من الوعود الانتخابية للأحزاب، وعيش واقع صعب خاصة اقتصاديا، وانعدام الثقة في الأحزاب السياسية لكثرتها، ورغبة من الناخبين بمعاقبة الأحزاب بسبب حالة الاستقطاب وملف الفساد والفقر.
اقرأ أيضا: انتهاء الاقتراع بانتخابات تونس التشريعية والنهضة تعلن الفوز
ويرى نشطاء عديدون، أن الشعب التونسي عاقب كل من حكم منذ الثورة، أو كان جزءا من الحكم بغض النظر عن توجهاته الفكرية.
ولم تتخط نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، نسبة الـ42 بالمائة، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي مشاركة يحق وصفها بالضعيفة ودون المأمول.
موقف الناخب
تقول سلوى المواطنة البالغة من العمر 33 سنة، والمتحصلة على شهادة عليا، لـ"عربي21": "ليس لي ثقة في السياسيين، والمرشحون لا يبحثون سوى عن مصالحهم وعن الأموال وعن الكراسي".
أما الشاب فهمي البالغ 27 عاما، والعاطل عن العمل وهو خريج جامعي، فقال لـ"عربي 21": "سأختار من لا أعرفهم، هناك 1500 قائمة، وكل مرشح يقول: أنا الأفضل، لن أصوت.. أكره السياسة".
ملل من الوعود
ويرى أستاذ التاريخ والمحلل السياسي منذر بن يوسف في حديث لـ"عربي21"، أن "عوامل عدة تقف وراء عزوف الناخب، لعل أهمها ملله من السياسة والسياسيين، ووعودهم التي لم يتحقق الكثير منها على أرض الواقع".
وقال ابن يوسف: "التونسي سئم من تردي الخدمات، وخاصة في الصحة والنقل، وتدهور واقعه الاقتصادي، بسبب الغلاء، فاتخذ قرارا بعدم التصويت وعقاب الأحزاب، وبعدم الاكتراث بها على الرغم من وجود قائمات مستقلة".
ورد المحلل السياسي عبد المجيد العبدلي على سؤال لـ"عربي21" عن أسباب عزوف الناخب التونسي بالقول: "التونسي مل الوعود الزائفة والشعارات لتسع سنوات، وهو ينتظر ماذا تحقق، هل تحققت الوعود السابقة على اختلاف أصحابها؟ السياسي يتمتع بالمناصب ويزيد من نفوذه، والمواطن البسيط يعيش في حرمان وغلاء".
صعوبة الإقناع
فيما تتحدث منسقة مشروع ملاحظة الحملات الانتخابية في منظمة "أنا يقظ"، فدوى العوني، لـ"عربي21" عن أن العزوف يعكس "انعدام الثقة في الأحزاب، وعدم الرغبة في المشاركة في الحياة السياسية".
وقالت: "السياسي في تونس يقر بوجود صعوبات مادية وعدم تحقق كل ما نادت به الثورة، على الرغم من نجاح الديمقراطية والحفاظ على ثورة الشعب ولكن ذلك لا يكفي لإقناع الناخب للذهاب إلى صندوق الاقتراع، فهو يفضل العزوف وعدم الاقتراع".
اقرأ أيضا: هل عاقب التونسيون الأحزاب في الانتخابات الرئاسية؟
ويقول القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي، لـ"عربي21"، إن "العائلات السياسية في تونس تعاني من حالة تشتت باختيار من يمثلها، ما يؤدي إلى خلق ضبابية عند الناخب، وفي أحيان كثيرة يمتنع عن التصويت بدعوى من أصدق ومن أختار".
ولاحظ المكي أيضا أن "الخطاب السياسي المتشنج وتبادل الاتهامات بين الأحزاب السياسية وضرب الخصوم، من بين الأسباب الأخرى التي عمقت أزمة العزوف عن الانتخاب".
واختلفت المواقف والأسباب التي تقف وراء عزوف الناخب التونسي على الرغم من دعوة المنظمات والأحزاب في العديد من المرات إلى ضرورة التوجه إلى صناديق الاقتراع، ورغم جهود هيئة الانتخابات التي تقول إنها لم تتوقف عن الحملات الترويجية بأهمية المشاركة، وخاصة من فئة الشباب الذين قاموا بالثورة لأجل تغيير واقعهم.
وفي كل محطة انتخابية تعيش على وقعها تونس، يتأكد العزوف ويتعمق، لا سيما أن الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، شهدت كذلك نسب مشاركة قليلة.